; لماذا جماعة الإخوان المسلمين؟! | مجلة المجتمع

العنوان لماذا جماعة الإخوان المسلمين؟!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1978

مشاهدات 18

نشر في العدد 391

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 21-مارس-1978

لقد فطر الإنسان على استطلاع الغيب المجهول، ولذلك تكثر في لغاته أدوات الاستفهام مثل: متى؟ وأين وكيف؟ ومن أین وإلی أین ..؟ يسأل بها عن الزمان والمكان، والمبدأ والمال والذوات والأحوال.. إلخ وتأتي: لماذا؟، في نهاية المطاف سؤالًا عن حكمة الأشياء، وأسبابها و بواعثها، وغاياتها ..!

والسؤال هنا عن الإخوان المسلمين. يتهم في أوانه تصحيحًا لحقبة مروعة من التزوير الفكري التي ليست على أمتنا طريقها، وضربت عليها ليلًا طامسًا من أباطيل الإلحاد وأضاليل الطغيان: ولقد أفاض مؤسس الجماعة الإمام الشهيد حسن البنا -رحمه الله- في الإجابة على هذا السؤال في أحاديثه وخطبه ومقالاته ورسائله، وربما كان هذا السؤال هو أكبر الأسباب التي دفعت بإخوانه من بعده ليخوضوا معارك هائلة في ميدان الفكر والواقع جميعًا وسيق من أجله المؤمنون

جيلًا بعد جيلًا إلى أعواد المشانق، وأعماق المنافي والسجون ، أو أحوال التشريد والتعذيب  ﴿فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾:

وحين كان الطغيان في عنفوانه ..رأی کثیر من الناس أن هذا الثبات الأشم ضرب من الغلو الجامع، وأن العقل يقتضي المهادنة، وأنه لا ضرورة للإصرار على جماعة معينة.. إلخ

ولكن المسألة - في موازين الإيمان - لها وجه آخر يختلف عن هذا تمامًا، وقد عرفه المرسلون والمسلمون على امتداد التاريخ، وربى القرآن عليه محمدًا وأصحابه، ثم جعلها كلمة باقية في عقبه إلى يوم الدين لا خيار منها، ولا محيص عنها، مادمنما جادين في دعوى الإيمان، وفي شرف الانتساب للإسلام، على ما نوجز بيانه في الفقرات الآتية إجابة عن السؤال:

  • أولا - فريضة دينية:

فمند درج الإنسان على الأرض جعل الله تعالى هذا الدين شرعته ومنهاجه، حتى تطاول الزمان وتفرقت البشرية في شعاب الأرض، وغشيها ليل الجاهلية الثقيل، وحينئذ بعث الله رسله مبشرین ومندرين، ليقارعوا الجاهليات الطارئة، ويردوا الناس إلى خطهم الاصيل ﴿ صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ﴾ فما هي خطة رسل الله عز وجل التي شرعها لهم، وعلمهم إياها؟ هل أقام واحد منهم دين الله بالدعوة المرسلة ؟!

هل اكتفى بالموعظة المجردة، والأماني الطيبة، كلا .. بل كانت سنة كل منهم أن يريد الأتباح ويجمع المؤمنين والمؤمنات في أمة واحدة تسعى سعيها لإقامة دين الله في أرض الله أو تهلك دون ذلك، ولتقرأ قول الله -عز وجل- ﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ.. ﴾

والآية الكريمة تصريح علنى بوحدة الدين الإلهي وأمر جازم بإقامته ونهى عارم عن التفرقة فيه ثم هى فى النهاية تعطى المؤمنين نذيرًا واضحًا بما ينتظرهم من عنت المشركين، ليكون ذلك حافزًا جديدًا يستحثهم على التجمع ويؤكد النهي

  • النهي عن التفرق ..!

وبهذا الدين الحق، وبالأمة المقيمة له، القائمة عليه نازل رسل الله كل طواغيت الجاهلية وشعبها وانتزعوا منها زمام الحياة. ليكون الدين كل لله، مهما مستهم - في سبيل ذلك - الباساء والضراء. وزلزلوا زلزالًا شدید ..!!

ولم يكن محمد -صلى الله عليه وسلم- بدعا من الرسل - بل كان أولاهم بالتزام هذه الخطة حيث شاء الله تعالى له أن يكون خاتم الرسل أن يكون دينه عالميًا يظهر على الأديان كلها ومن ثم نجد القرآن الكريم يرسم له الطريق.

الرابط المختصر :