; لماذا خسر الإسلاميون معظم مقاعدهم في الانتخابات اللبنانية؟. | مجلة المجتمع

العنوان لماذا خسر الإسلاميون معظم مقاعدهم في الانتخابات اللبنانية؟.

الكاتب طارق البكري

تاريخ النشر الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

مشاهدات 8

نشر في العدد 1216

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 10-سبتمبر-1996

لا يمكن للمراقب أن يتقصى بسهولة خلفيات ما يحدث على الساحة السياسية اللبنانية قبل أن يهدأ ضجيج المعركة الانتخابية، حتى لو كان متابعًا بشغف تفاصيل ما يجري، إلا أن توالي الأحداث، وسرعتها، وصدقها أحيانًا، لا يفسح المجال أمام كثير من التحليل والاستنتاج، خصوصًا وأن الانتخابات النيابية في لبنان -كطابع لبنان- لا يمكن الحكم عليها قبل هدوء العاصفة واتضاح الرؤية.

ولكن من المؤكد أن الانتخابات النيابية الجارية فاجأت الجميع بنتائجها في المناطق التي تمت فيها حتى الآن، إلا أن الجميع متفقون على أن المستفيد الأكبر حتى الآن هو السلطة وأنصارها، رغم الاختراقات البسيطة التي تمت في بعض المناطق والتي يمكن أن تشكل بمجموعها دورًا فاعلًا ومؤثرًا داخل مجلس النواب العتيد، وذلك لأسباب كثيرة، لا سيما وأن رموز السلطة يشيعون وعلى الملأ أن المعركة قائمة حاليًا بين ما وصفوه بالاعتدال والتطرف، مع ترك هامش واسع لتفسير معنى كلمتي الاعتدال والتطرف.

الحدث الأبرز حتى الآن هو سقوط مرشحي الجماعة الإسلامية في الشمال وبيروت حيث لم يتمكنوا من الحفاظ على مقاعدهم البرلمانية السابقة «۳ مقاعد» باستثناء النائب المنتخب خالد ضاهر الذي حول «الغصة» في اللحظات الأخيرة فرحًا سرعان ما تمثل بتجمعات عفوية لمناصري الجماعة الإسلامية في شوارع طرابلس وأحيائها.

ولكن.. ما هو سبب سقوط مرشحي الجماعة الإسلامية في الشمال «فيصل مولوي، وأسعد هرموش وبيروت «زهير العبيدي»؟

النائب المنتخب ضاهر يعزو الأمر إلى عدم وفاء أكثرية الحلفاء في لائحة الشمال الثانية، لأنهم أخذوا من الجماعة أصواتها ولم يعطوها في المقابل أي صوت، بل كان هناك إصرار على شطبها في لوائح وزعت على الناخبين وأسقطت منها أسماء مرشحي الجماعة الإسلامية.. الأمر الذي أدى إلى هذه النتيجة.

أما النائب فتحي يكن الذي انسحب من الترشيح لصالح أمين عام الجماعة الإسلامية الشيخ فيصل مولوي، فقد علق على نتائج انتخابات الشمال، معتبرًا أن فوز خالد ضاهر الذي يخوض الانتخابات للمرة الأولى عن المقعد السني في عكار دليل على أن القاعدة الشعبية للجماعة تنامت بنسبة خمسين في المائة عن انتخابات عام ۱۹۹۲م وقال يكن: «إن الأصوات التي نالها مرشح الجماعة الإسلامية في طرابلس الشيخ فيصل مولوي والتي ناهزت خمسين ألفًا، رغم الخيانات التحالفية التي نملك الأدلة القطعية عليها، ورغم أن الترشيح جاء قبل عشرة أيام من موعد الانتخابات دليل آخر على الحضور الجماهيري المؤيد للجماعة الإسلامية التي أوفت بتحالفها وكانت صادقة في عطائها».. واختتم يكن تصريحه قائلًا: «إن ذلك يؤكد أن الجماعة الإسلامية وجماهيرها المؤمنة هي المرجعية رغم كل مؤامرات التحجيم السلطوي والغدر التحالفي».

النائب الدكتور يكن لم يفصح عن المؤامرات التي استهدفت الجماعة، ولكنه وعد بتوضيح ما يحدث في الأيام المقبلة، وما حدث في الشمال حدث في بيروت.

من جانب آخر رأت مصادر سياسية موالية للحكومة أن الفشل الذي مني به مرشحو الجماعة الإسلامية تعول عليه أوساط الحكم كثيرًا لتوجيه رسائل من نوع أن تجذر «الجماعة الإسلامية» و«حزب الله» في الأوساط الشعبية ليس بالمقدار الذي يعطونه لأنفسهم، وإن حرية الانتخابات من شأنها أن تكشف هشاشة شعبية كل منها وكذلك حجمه، وموقعه داخل السلطة السياسية، مما سيحتم على حزب الله بالضرورة أن يعيد النظر بمواقفه الانتخابية.

على أن الأوساط المختلفة تعتبر أن ثمة عاملين كانا حاسمين في تحديد حجم تمثيل الإسلاميين في مجلس النواب اللبناني: الأول هو المشاركة المسيحية التي غابت في انتخابات ۱۹۹۲م، والثاني الظروف الإقليمية التي شاءت إعطاءها حجمًا معينًا في الانتخابات السابقة.

وتنفي هذه المصادر أن المقصود تحجيم الجماعة الإسلامية وإبعادها عن الساحة السياسية تمامًا، وإن كان يستشف غير ذلك بوضوح من خلال رسائل وإشارات محلية أو إقليمية ودولية.

ويشير بعض المراقبين بأن «الجماعة الإسلامية» في لبنان قد وقعت في فخ اللوائح، وأن مشاركتها في اللائحة الثانية في الشمال قد أساء إلى شعبيتها نظرًا لعدم تجانس أعضاء اللائحة، وبينهم من تتناقض أيديولوجياته مع ما تدعو إليه الجماعة.

ولا شك أن الأيام المقبلة سوف تحمل كثيرًا من المفاجآت التي ربما تبقي بعض التوازن للبرلمان اللبناني ليظل يلعب دوره على الساحة خلال الفترة القادمة..

(*) صحفي لبناني.

الرابط المختصر :