; لم تنتصر أمّة... من الأمم.. إلا بالدين | مجلة المجتمع

العنوان لم تنتصر أمّة... من الأمم.. إلا بالدين

الكاتب صالح السعد اللحيدان

تاريخ النشر الثلاثاء 23-مارس-1971

مشاهدات 13

نشر في العدد 52

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 23-مارس-1971

«هناك مَن ولدوا في بلادنا هذه ولكن عقولهم وقلوبهم تربت في الغرب ونمت أعوادهم مائلة إليه، فهم أبد تبع لما جاء به». (محمد الغزالي) من العبث أن نجد حلًا سليمًا غير -الدين- لأنها الحرب القائمة على قدم وساق بيننا وبين اليهود، وإن كان هناك من الحلول ما يمكن جعله والرضاء به غير الدين فلا حقيقة لهذا الحل من الوجهة السلمية الدائمة، وإلا فأي حرب من الحروب القديمة خمدت وطفت نارها ولو إلى حين قريب بغير الدين، ولنستعرض وإن كان لا يخفى على أحد ما سوف نستعرض من حروب قديمة قامت بين عالم قديم بالنسبة لموقفنا الراهن، أقول: فلنستعرض حرب فارس وحرب الروم وما قام بين هاتين الدولتين من حروب مفزعة مرعبة نعم : إن الأمر كذلك لقد لعبت على وجه هذه البسيطة هذه الحروب التي لا أتيقن من أن «التاريخ» قد استوفى ما وجب عليه نحو تسجيل هذه الحروب الهائلة، لقد قامت الحروب المفزعة الطويلة، ولكن لما لم يكن -الدين- الحقيقي آنذاك نجد أن الحرب سجال بين دولة فارس ودولة الروم وإن كانتا في الحقيقة قد توصلتا فيما بينهما إلى حلول لإخماد الحرب وإسكاتها إلا أنها مؤقتة بحيث إن المتفاوضين لا يقومون من جلسة « إخماد الحرب» إلا وتقوم من جديد أشد مما هي عليه قبل ذلك -كل ذلك بسبب فقدان الدين- وتحاربت اليونان مع من يجاورها من الدول القديمة في ذلك الحين الموغل في القدم ولكنها كانت الحرب الطائشة الحرب المبيدة التي أكاد أن أشبهها «بمصارعة الثيران» ذلك لأنها، والحق يقال، همجية إلى أبعد الحدود ودام الأمر كذلك ردحًا من الزمن طويلًا، كل ذلك بسبب فقدان -الدين- وثارت حروب صادقة بين بعض القبائل المسيحية، وثارت كذلك حروب متطاولة بين بعض قبائل العرب كان من ثمرتها الخراب والدمار والنهب والسلب والقتل لأتفه الأسباب وذلك قبل مجيء الإسلام بقليل من السنين –كل ذلك بسبب فقدان الدين. ولكن لما جاء الدين الإسلامي ماذا حصل؟ ما كنت لأحتاج البتة إلى هذه النبذة المختصرة عن حروب تلك الأمم الفاقدة -للدين-لولا أنني أود تذكير المسلمين والعرب منهم خاصة إلى أنه مهما يكن من أمر فلا نهاية للحرب القائمة اليوم بيننا وبين اليهود إلا بالدين الإسلامي الذي وحد العرب الغلاظ حتى صاروا إخوة أصفياء أحبة أوفياء، قادوا الجيوش، وهزموا الأمم، وشيدوا الحضارات وانقادت لهم «الدنيا» وهي صاغرة ذليلة، قلت: لا نهاية للحرب القائمة بيننا وبين اليهود إلا بالدين الإسلامي الذي فعل الفعلات في تاريخ توحيد الشعوب وتعاونت الأمم وجمع الشمل. وأرى اليوم الكثرة الكاثرة تقول: نحن نقاتل من أجل الدين نقاتل لإعادة كلمة «لا إله إلا الله» هكذا يقول الكثير اليوم وإذا ما فتشت وابتغيت الحقيقة وجدتك تنفخ في رماد وترقم على الماء، هذا هو «الحق» والحق أحق أن يتبع، ولعلي هنا أنقل لكم بعض ما جاء في الكتب الإسلامية الحديثة والتي أخبرت -في الواقع- عن سبب هزيمتنا الفكرية وهزيمتنا الروحية لنقف جميعًا على الحقيقة كما ينبغي وندرك من ثم مدى ما يحدق بنا من خطر مفزع قرب أوان انفلاته، ذكر الأستاذ محمد الغزالي شيئًا ذا بال من الخطر المحدق بنا والذي ضيق على المسلمين خناقهم قال: «هناك مصريون ولدوا في بلادنا هذه، ولكن عقولهم وقلوبهم تربت في الغرب ونمت أعوادهم مائلة إليه، فهم أبدًا تبع لما جاء به، إنهم من بلدتنا ويتكلمون بألسنتنا بيد أنهم خطر على كياننا. لأنهم كفار بالعروبة والإسلام، أعوان –عن اقتناع أو مصلحة– للحرب الباردة التي يشنها الاستعمار علينا، بعد الحرب التي مزق بها أمتنا الكبيرة خلال قرن مضى، وهم سفراء فوق العادة لإنجلترا وفرنسا وأمريكا، دول التصريح الثلاثي الذي خلق إسرائيل وحماها» وما يقال عن المصريين يقال عن غيرهم في البلاد العربية. حصوننا مهددة ويقول محمد محمد حسين في كتابه الشهير يقول: «وقد كان دعاني الذي دعاني إلى كتابة هذه السلسلة من المقالات أني رأيت الإلحاد والزندقة في هذه الأيام يشتعل ويسري سريان النار في يابس الحطب ورأيت دعاته يستفحل أمرهم في كل مكان ورأيت الناس مشغولين بالجدل والنقاش حول ما يثيرونه من موضوعات يسترون مآربهم الهدامة من ورائها تحت أسماء خلابة براقة كالنهضة والتمرد والتطور ومتابعة ركب الحياة». وجاء في مجلة المجتمع من كلمة للأستاذ المطوع قال فيها: «إن المتتبع لأحداث منطقتنا العربية والإسلامية وما يحدث فيها يرى العجب العجاب، يرى التناقضات، ويرى السير في طريق معوجة تقود إلى التيه والضياع ويرى الحكومات التي يجب أن تربي شعوبها تربية سليمة، وتأخذ منطلقها من مصدر عزتها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يرى معظم هذه الحكومات تدفع شعوبها وتوجههم إلى طريق معاكس يدفعها إلى المذاهب الهدامة والمبادئ المستوردة والإلحاد الخطير، والتفسخ الخلقي، والتطفل على موائد الشرق الملحد والغرب الكافر». هذا ما جاء في هذه الكتب فلننظر –اليوم– قبل أن نندم في الغد. من أين جاء الخطر؟ وبعد: إن الخطر الذي يهدد المسلمين ويهدد كيانهم العظيم لم يأت بتة من أناس غرباء كما أتضح من كلام الغزالي الآنف الذكر وكما يوضحه ويقره الواقع الملموس، بل هو من رجال مناوبنا من أدباء وقصاص وكتاب جعلوا أنفسهم سماسرة للغربيين يفكرون بتفكيرهم ويرون برأيهم، وكانوا بذلك سبب كفر كثير من الشباب وسبب إدخال بعض الشبه والشكوك والجدل في حيز الوطن العربي، وزاد الطين بلة أن بعض الملحدين في العصر الحديث يدافعون عن إلحادهم ويزينونه للشبيبة ورقابات الكتب في «الوطن» العربي تعرف هذا وتسكت عنه. وبعد: فقد رأينا كيف أهمل الدين الإسلامي، وما سبب ذلك؟ ورأينا تساهل كثير من الحكومات الإسلامية تجاه التيارات الحديثة الملحدة. ورأينا إقبال الشباب الضعيف على مثل هذه الكتب التي أخرجت كثيرًا منهم عن طوره. ورأينا بعد ذلك كله انهيار الأخلاق وانعدام المثالية وضياع القيم. فهل صدق قولي: بأن ترك –الدين الإسلامي– هو سبب النكبات والنكسات المتتالية أم لا نزال في شكوك حتى الساعة؟ أخوكم: صالح السعد اللحيدان الرياض: كلية الشريعة
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الزلازل.. والأسئلـة الوجوديـة

نشر في العدد 2177

26

الأربعاء 01-مارس-2023

مجتمعنا- العدد 14

نشر في العدد 14

24

الثلاثاء 16-يونيو-1970