; لن تعيش الفطرة بغير إيمان - حين ضلوا عن عبادة الله عبدوا الشيطان. | مجلة المجتمع

العنوان لن تعيش الفطرة بغير إيمان - حين ضلوا عن عبادة الله عبدوا الشيطان.

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 27-يونيو-1972

مشاهدات 32

نشر في العدد 106

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 27-يونيو-1972

- لن تعيش الفطرة بغير إيمان.

- حين ضلوا عن عبادة الله عبدوا الشيطان.

﴿۞ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾

 (سورة يس: 60-61-62) صدق الله العظيم.
السِّحر- الدِّين البديل:

هذا هو العنوان الذي اختارته مجلة «تايم» الأمريكيَّة في عَدَدها الصادر يوم 19-6-1972 لموضوع الغلاف، والعنوان يشحذ الإنسان للتفكير، ليس فقط في الدِّين البديل، وإنما في الضياع الماحق الذي جعل من السحر والشعوذة وعبادة الشيطان دينًا بديلًا للإنسان الأمريكيّ، النموذج الحي المتطور لإنسان القرن العشرين والحضارة الغربيَّة المعاصرة.

ولم يعد هذا الدين البديل -عبادة الشيطان- ظاهرة مضحكة أو تقليعة عابرة، لكنَّه أصبح واقعًا ثابتًا، وليس أَدَلّ على ذلك من أنَّه فَرَض تأثيره على مادة الأدب والفن في القصة والسينما وغيرها، حتى إنَّنا في الكويت شهدناه في فيلم تلفزيونيّ.

إنَّ هذه الظاهرة والتي تنتشر بسرعة عظيمة تحمل من الدلائل على قصور الحضارة الغربيَّة ما يكفي لإدانتها إدانة كاملة، ذلك أنَّ الذين يعتنقون هذا «الدِّين الجديد» هم في الغالب من صفوة العلماء ورجال الفلسفة والفن الذين لم يجدوا في دِين «العِلم» و «العَقل» ما تطمئن إليه قلوبهم، وما يروي الظمأ الروحي الذي يكاد يخنق أنفاسهم.

ومن طبائع النفس البشريَّة أن الإنسان حينما يجدّ في البحث حتى يصيبه اليأس والسقوط المعنوي فإنه يتشبث بأي أمل ولو لم يكن مُقنعًا، وهذه هي الحالة بالنسبة لِعَبَدة الشيطان في أمريكا وأوروبا، لقد جرَّبوا كُلَّ شيء، كُلَّ الأديان الاصطناعيَّة والآلهة التي خلقها الإنسان، وأخيرًا استسلموا للشعوذة والدجل.

إنَّهم جادُّون في البحث عن إله -تلك سُنَّة الفِطرة- إنَّ المجال مفتوح أمام المسلمين؛ ليأخذوا زمام المُبادرة، ويتبوَّأوا مكانهم الذي اختاره الله لهم، أُمَّة مُعَلِّمة ورائدة وأستاذة تستطيع قيادة البشريَّة في طريق الهُدى والخير طريق الإسلام.

قالت «التايم» الأمريكيَّة:

إنَّها ليلة السبت ضابط حربيّ شابٌّ، وزوجته يستقبلان مجموعةً من الناس في منزلهم المريح الذي يقوم في حَيٍّ سكنيّ في «لويس فيل»، وتضم مجموعة الضيوف الذين ارتدوا ملابس رياضيَّة نظيفة: موظف كمبيوتر، موظف مخزن، معلم طلاب، رئيس في جامعة «لويس فيل القريبة» جميعهم نزلوا على السلالم إلى حجرة نشاط ذات أرضيَّة من «الفينيل».

تُرى هل جاء هؤلاء للعب ا«لبريدج»؟ أو إنَّهم أعضاء في لجنة خيريَّة جاؤوا للاجتماع؟ أبدًا؛ فإنَّ منتصف الليل ليس هو الوقت المناسب لشيء من هذا أو شيء من ذلك، وعلى الباب الأمامي للبيت كان هناك شعار برتقالي اللون رُسمت عليه مذراة سوداء، وفي الطبقة الأولى تجمَّع صاحِبَا البيت وضيوفهما ووقفوا بوقار وخشوع أمام مذبح مغطى بستار أسود اللون، وعلى الجدار المواجه لهم كانت تبدو صورة رأس ماعز تطل من قلب نجمة خماسيَّة الزوايا، وقد أُحيطت بحروف بحريَّة، وما لبث أحد الرجال أن قال: «في هذه الليلة انتُخِب واحدٌ مِنّا كاهنًا لإبليس، أيُّها الشيطان العظيم هل ترى من الملائم أن نكلف وارلوك شاي بأن يكون كاهنًا لك على الأرض هذه الليلة؟»

وبعد هذا قام الرجل بتلاوة بعض التعاويذ الشيطانيَّة باللاتينيَّة أولًا ثم بالإنجليزيَّة، وأتبع ذلك بسحب سيف عن الحائط وملامسة الرجل الذي انتُخِب كاهنًا به على كتفه الأيمن أولًا، ثم على كتفه الأيسر، وما لبث رجل آخر أن ألقى بشيء من البخور وبعض البنزين في الموقد، فارتفعت ألسنة اللهب حتى كادت تصل إلى السقف.

الرقص العاري في كاليفورنيا:

ففي مدينة «أوكلاند بولاية كاليفورنيا» مثلًا، لا يكاد القمر يصبح بدرًا كاملًا حتى يتجمع عَدَد من طلاب الجامعة وطالباتها وغيرهم من المثقفين الجامعيين في منزل بأحد الأحياء، وينزعون كُلَّ ملابسهم، ويأخذون في الرقص والتلوي كالثعابين وأداء ما يسمى رقصة السحرة، وفي «نيوجرزي» يقوم موظف استقبال في أحد الفنادق الكبرى «بخنق» دميَّة بخيوط يشدها حول عنقها، ثم «يقتلها» بغرز دبابيس في أماكن حساسة من جسدها، وذلك في محاولة «سحريَّة» لإجبار منافسه في الفندق على تقديم استقالته.

وفي «شيكاغو» يلتقي ما يتراوح بين ۷5 شخصًا و۱۰۰ شخص من مدراء المكاتب والأطباء والصيادلة والممرضات والموظفين ليلة واحدة أسبوعيًّا في «معبد طريق الشيطان»؛ لتعلُّم السحر من کاهن وكاهنة للشيطان.

واستطردت مجلة «تايم» تقول: «والواقع أنَّ هستيريا عبادة الشيطان أصبحت موجة جنونيَّة تشمل الولايات المتحدة بأسرها، وقد ظهرت بوادرها الأولى قبل عدة سنوات عندما اجتاحت أمريكا الرغبة في رصد النجوم ودراسة العلوم الفلكيَّة، ولكنَّها اليوم تشمل كُلَّ شيء من عبادة الشيطان، وتعلُّم السحر إلى العلوم الفلكيَّة والفضائيَّة.

إقبال على كُتُب السحر

وقد اشتد الإقبال في السنوات الأخيرة على المكتبات التي تَتَخَصَّص في بيع كُتُب السحر والتنجيم، والتي تقدم -في الغالب- دراسات للراغبين في ذلك، ومن أشهر هذه المكتبات مكتبة مركز علم ما وراء الطبيعة في «سان فرانسيسكو» التي تبيع ٦٥ بالمئة من مجموع ٢٥ ألف كتاب حول السحر وأعمال التنجيم كُلَّ شهر.

وبالإضافة إلى ذلك يُقَدِّم المركز دراسات حول التنجيم والسحر وخاصة السحر اليهودي، وقد ألحق بالمركز متجر لبيع العباءات التي يلبسها السحرة والكرات البلوريَّة والبخور وبعض المواد الأخرى المصنوعة من الأعشاب التي تستخدم في أعمال السحر، وفي معظم المكتبات حلَّت كُتُب السحر والكُتُب الخاصة بعباءة محل الكتب الدينيَّة التقليديَّة الأخرى.

وخلال السنوات الأخيرة أصدرت دور النشر الأمريكيَّة الكبرى عشرات من الكُتُب الخاصة بالسحر، وكان العَدَد الذي صدر منها في العام الماضي وحده مُذهلًا حقًّا، وطوال هذه السنة أيضًا كان كِتاب «الإنذار» لـ«وليام بلاتي» الذي يتحدث عن السحر أكثر الكُتُب رواجًا في الولايات المتحدة طوال ٥٢ أسبوعًا متوالية، وقد امتدت العدوى إلى السينما، وبدأ المنتجون يزوِّدون السوق بأفلام الرعب والسحر، لكن الاهتمام يتجاوز الكُتُب والأفلام؛ فهناك عَدَد متزايد من الجامعات في مختلف أنحاء الولايات المتحدة بدأ يقدم برامج دراسيَّة في السحر والتنجيم.

وعلى صعيد تجاري يقال إن السحرة الأمريكيين الجدد استطاعوا أن يُحقِّقوا ما عجز الكيماويون العرب الأوائل عن تحقيقه، وهو تحويل المعادن الأساسيَّة إلى ذهب، وللسحرة أيضًا مجلتهم الشهريَّة الخاصة، وهي مجلة «صناعة السحر «.

رحلة سحريَّة إلى بريطانيا:

وقد تحدثت هذه المجلة في أحد أعدادها الأخيرة عن «رحلة سحريَّة» إلى بريطانيا بواسطة طائرات أمريكيَّة تبلغ تكاليفها ٦٢٩ دولارًا، وتشمل هذه الرحلة زيارة إلى مركز بريطاني للشفاء بواسطة علم النفس، وقضاء يوم كامل مع رئيس أقدم مؤسسة للسحر في بريطانيا.

ومِمَّا لا شك فيه أنَّ الرحلة إلى أوروبا وخاصة إلى بريطانيا تنسجم انسجامًا كاملًا مع هستيريا عبادة الشيطان، والإقبال على تعلم السحر في أمريكا، فلقد كانت بريطانيا هي المقر التقليدي للأشباح في الغرب، وقد عادت صناعة السحر إلى الانتعاش في بريطانيا أخيرًا، لدرجة أنَّ الكنائس الإنجيليَّة والكاثوليكيَّة أوصت كُلَّ كاهن بتعيين أشخاص خاصين لطرد الشياطين.

ولقد انتشرت العدوى إلى فرنسا أيضًا، وهناك برنامج إذاعي شعبي جدًّا حول السحر تقدمه «مدام سولیل» كُلَّ أسبوع من رادیو باريس، ويقال إنَّ «القداديس السوداء» أي عبادة الشيطان تمارس حاليًا في «باريس وليون.»

ويقول الصحفي الألماني «هورست كنوت» إنَّ ما لا يقل عن ۳۰۰ ألف رجل وامرأة في ألمانيا الغربيَّة يمارسون نوعًا من أنواع السحر والتعبُّد للشيطان، وإنَّ أكثر من ۷۰۰ ألف شخص آخر يتعاطفون مع «العلوم السريَّة«.

كما أنَّ «سويسرا» تعجُّ بأعمال السحر، وقبل سنوات جرى تعذيب فتاة سويسريَّة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة بحجة أنَّها «ملبوسة»، وينبغي إخراج الأرواح الشريرة منها.

ولا يقل الإيطاليُّون عن غيرهم إيمانًا بالسحر، ولكن المراكز الرئيسيَّة لتعاطي السحر التي كانت تقوم في الجنوب الزراعي انتقلت إلى الشمال الصناعي، ولم يَعُد الفلاحون هم المؤمنون بها الممارسون لها، بل الأطباء والمحامون وأفراد الطبقات الأرستقراطيَّة، وينظر الكاتب «أوين راشليف» الذي يدرس السحر وعلم التنجيم في جامعة «نيويورك» نظرة قاتمة إلى الحركة كلها، ويقول: «إن معظم المشتغلين بالسحر دجَّالون على الصعيد الثقافي أو على الصعيد المالي، أو إنهم مصابون بلوثة في عقولهم.«

وعلى الرُّغم من ذلك فلا يمكن اعتبار السحر مجرد شيء تافه، فإنَّ البشر بدؤوا يمارسونه منذ زمن طويل، وهو لا يقل عَراقة عن الدِّين نفسه، بل إنَّه في بعض الأماكن أصبح بديلًا للدِّين أو مُكملًا له على الأقل.

وعلى أيَّة حال فإن جزءًا كبيرًا من السحر يمثل محاولة ضعيفة من الإنسان لكي يصبح قادرًا على السيطرة على العالم المحيط به .

تراث من بابل:

فإنَّ علم التنجيم الذي يُقبل عليه اليوم ملايين الناس في أنحاء شَتَّى من الأرض إنَّما هو تراث مباشر جاء من الكَهنة الفَلَكِيين في بابل، وحتى عندما انتشرت المسيحيَّة في أوروبا، ظلَّ عَدَد كبير من سُكَّان الأرياف فيها يحافظون على تقاليدهم وخرافاتهم الوثنيَّة القديمة، ويمزجونها مع معتقداتهم الدينيَّة، ويلاحظ أنَّ كلمة وثني اللاتينيَّة «باغان» اشتقت في الأصل من كلمة «باغانوس» اللاتينيَّة أيضًا التي تعني ساكن الأرياف، ومضت قرون طويلة عاشت فيها المسيحيَّة والأعمال السحريَّة جنبًا إلى جنب، كما لا تزالان تتعايشان حتى اليوم في معظم أقطار «أمريكا» اللاتينيَّة، وخلال العصور الوسطى ظهرت فكرة الشيطان، ولم يكن الشيطان اختراعًا مسيحيًّا، وأغلب الظن أنه كان من اختراع بلاد ما بين النهرين، حيث صُوِّر للمرَّة الأولى كمخلوق مجنح مزوَّد بقرنين من رأسه ومخالب في يديه ورجليه، وقد أُطلق على هذا الشيطان اسم« بازوزو» «ملك الأرواح الشريرة في الهواء» الناقل لميكروب الملاريا.

وفي العهد الأول للكنيسة المسيحيَّة كان رجال الدين يُزَهِّدون الناس في العالم الأرضي، ويقولون إنَّ الشيطان هو حاكمه.

ولم يبدأ رجال الدين المسيحي بمحاربة أعمال السحر والشعوذة بوصفها أعمالًا شيطانيَّة إلا بعد قرون عديدة، غير أنَّ قمع أعمال السحر بعنف وقوة وإعدام وإحراق الذين يمارسونها لم يبدأ إلا في القرن الثالث عشر، وفي ذلك الوقت كانت معظم آثار الوثنيَّة قد اختفت وانقرضت، ولكن بعض أعمال السحر أصبحت أكثر اتسامًا بالشر، فقد بدأ الناس يستحضرون الأرواح الشريرة أو أرواح الجن لإيذاء خصومهم، وعُرف السحر يوم ذاك باسم «السحر الأسود».

والأغرب من هذا والأعجب أن البشر بدؤوا يعقدون محالفات مع الشيطان في أوقات المِحن والأزمات والكوارث بشكل خاص لإبعاد شره عنهم، وهذا ما حدث عندما اجتاح الطاعون أو الموت الأسود القارة الأوروبيَّة.

ولكن الكنيسة هبَّت لمحاربة السحر، ومات عشرات الألوف من الناس الذين اتُّهموا بممارسته، بما فيهم حتى أولئك الذين كانوا يمارسون ما يسمى «السحر الفاضل»، وهم أشخاص كانوا يعتقدون أنَّ أرواحهم تفارق أجسادهم أثناء نومهم، وتتوجه إلى الحقول لكي تحارب الأرواح الشريرة.

وبلغ السحر الأسود في «فرنسا» ذروته في عهد «لويس الرابع عشر» خلال القرن السابع عشر.

کتاب خاص لعبدة الشيطان

وعلى الرُّغم من ذلك كُلِّه فإنَّ الشيطان لا يزال يُغري الكثيرين ويجتذب إليه ملايين العابدين.

ولهؤلاء كِتاب خاص يقلب آيات الإنجيل رأسًا على عقب، فهو يُستهل بمقدمة جاء فيها «طوبى للأقوياء؛ لأنَّهم سيملكون الأرض، من ضربك على خدك الأيمن، فلا تَتَرَدَّد في صفعه على الخد الأيسر».

وقد ورد ذلك في «إنجيل الشيطان» الذي ألفه «أنطون جاندور لافي» وهو «الكتاب المُقَدَّس» المعتمد اليوم في كنيسة الشيطان القائمة في «سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة» وقد أنشأها «لافي» الذي كان في الأساس مدربًا لحيوانات السيرك هذه «الكنيسة» في عام ١٩٦٦، ومنذ ذلك الحين تأسست فروع عديدة لها في مختلف أنحاء أمريكا، ولا يَعِد المنتمون إلى هذه «الكنيسة» الشيطان مخلوقًا غير عادي «سوبر» بل رمزًا لإشباع أنانيَّة الإنسان، وهو في الواقع ما يعبدونه، وهم يقولون: إن الأشخاص الذين يؤمنون بأن الشيطان مخلوق غير عادي أو روح شريرة مخطئون.

وتعترف حكومة ولاية «كاليفورنيا» رسميًّا بكنيسة الشيطان التي أنشأها «لافي» «٤٢ سنة» وتحميها، وفي البداية كان المؤسِّس ينشر أرقامًا عن عَدَد المنتمين إلى «كنيسته هذه»، لكنه توقَّف عن ذلك عندما ارتفع مجموع عدد الأعضاء إلى عشرة آلاف شخص.

وبالإضافة إلى كنيسة «لافي» التي تعتبر أشهر كنائس الشيطان، وتنشر عددًا من المجلات والمطبوعات التي يقرأها مئات الألوف من الأشخاص، هناك كنائس شيطانيَّة أخرى في الولايات المتحدة، مثل «كنيسة يوم القيامة» التي تضع في هياكلها تماثيل ذهبيَّة لرأس الشيطان جنبًا إلى جنب مع تماثيل السيد المسيح ويهوذا «أي الله عند اليهود».

وتقول مجلة «تايم»: إن عابدي الشيطان الأكثر انغماسًا في الشر والفسق من هؤلاء نادرًا ما يشيرون إلى أماكن وجود هياكلهم أو عَدَد الأعضاء المنضمين إليها، ويفضلون ألَّا يبحثوا في هذا الأمر، وإذا عُرف السبب بَطُلَ العجب.

الجنس أساس للطقوس الغريبة.

فإن «مارسیلو تروزي» أستاذ علم الاجتماع في جامعة «ساراسوتا» بولاية فلوريدا يقول: إن الجنس هو الأساس الذي تقوم عليه هذه الطقوس الشيطانيَّة السريَّة.

ولعل أشهر هذه الجماعات حتى الآن «أسرة تشارلز مانسون» التي قتلت الممثلة الأمريكيَّة «شارون تيت» وغيرها، ولكن بين الحين والآخر تظهر أنباء في الصحف عن جماعات مماثلة أخرى لا تقل خطرًا عن هذه العصابة.

ففي «نيويورك» قام رجال البوليس خلال فصل الربيع الحالي بالتفتيش عن عَبَدة الشيطان بعد اكتشافهم لحادث سرقة في أحد المقابر، وفي «میامي» أقدمت امرأة من عبدة الشيطان في الثانية والعشرين من عمرها على قتل عشيقها «٦٢ سنة» في الصيف الماضي بعد أن طعنته بمدية حادة ٤٦ مرة، وعندما أصدر أحد القضاة حكمه عليها بالسجن سبع سنوات وقفت في قاعة المحكمة تُصَلِّي شكرًا للشيطان؛ لأنَّ القاضي أصدر عليها حكمًا ضعيفًا، وقالت إنَّها استلذت كثيرًا بقتل عشيقها، وفي شهر نيسان الماضي استطاعت الفرار من السجن، ولم يُعثر عليها بعد.

في عام ١٩٢١م كتبت «مارغريت موري» عالمة سلالات الشعوب البريطانيَّة مقالًا ذكرت فيه أنَّ السحر هو في الأساس من مخلَّفات عبادة الطبيعة في أوروبا خلال الوثنيَّة، ومع أنَّ عَددًا من العلماء تحدُّوا نظريتها هذه في ذلك الوقت، فإنَّ عددًا كبيرًا من «السحرة البيض» في هذه الأيام يؤمنون بنظريتها، ويقلدون السحر الوثني أكثر من تقليدهم للسحر الشيطاني، ويقول هؤلاء السحرة إنَّهم يستمدون قوَّتهم المزعومة من العوامل الأخيرة في الطبيعة، ويستخدمونها لشفاء الأمراض وحل النزاعات وتحقيق الخير للآخرين، وباستطاعة «السحر الأبيض» كذلك أن يبتكر وسائل لمحاربة السحر الأسود الشرير.

ومعروف أنَّ الذين يمارسون السحر الأسود يستمدون قوتهم المزعومة من عناصر الظلام والشر في الطبيعة أي من الشيطان، ويمارسونه في العادة لمصلحتهم، إما بقصد الحصول على شيء أو للقضاء على الأعداء.

أشهر ساحرات أمريكا:

ولعلَّ أشهر ساحرات «أمريكا» اليوم هي «سيبيل ليك» التي تعيش حياة مريحة جدًّا شبيهة بحياة أصحاب الملايين في ولاية «فلوريدا»، وتدَّعي «سيبيل» أنَّها استطاعت جمع الملايين من وراء بيع كتبها، وهي تتباهى بأنَّها ورثت علم السحر عن آبائها وأجدادها، وخاصة جدها الأكبر الذي عاش في عام 1134.

وتقول «سيبيل» إنَّ السحر قوَّة، ومن المؤسف أنَّ القوة في «أمريكا» تؤدِّي إلى الفَساد؛ فالناس يحبُّون أن يستعملوا السحر لتحقيق مصالح شخصيَّة وأهداف أنانيَّة.

وهي تعتبر السحر الأبيض دينًا هدفه صيانة الحياة، أما السحر الشيطاني فإنه مرادف للموت.

وتبدو «كنيسة» «إيدان كيلي القائمة في خليج سان فرانسیسكو» أكثر اهتمامًا بالتمتع بلذائذ الحياة من أي شيء آخر، ويتبع رئيس هذه الكنيسة «كميلي» «٣١ سنة» -وهو مؤلف كتب في الفيزياء- نوعًا من السحر يُطلق عليه اسم طريقة «غاردينيريان» نسبة إلى موظف جمارك بريطاني متقاعد يُدعَى «جيرالد غاردينر» أسَّس هذه الطريقة في بريطانيا خلال الأربعينات.

وتجري الطقوس الرئيسيَّة لهذه الطريقة مرة كُلَّ شهر عندما يكتمل القمر ويصبح بدرًا، وإذا جَرَت الطقوس داخل بيت مغلق لا في الحديقة، فإنَّها تمارس دون ثياب بالمرة، وهي تبدأ برقصة يؤديها الرجال والنساء العراة الذين يحومون في دائرة، ولا تلبث الكاهنة أن تخرج من مكانها في الدائرة وتقف في الوسط.

ويقول «كيلي» إنَّ هذه الرقصة هي رمز للتقمُّص الذي يعود إلى ستة آلاف سنة، وهناك عدة درجات في هذه «الكنيسة» أعلاها مرتبة ما يسميه «كيلي» «الطقس العظيم»، وهو عبارة عن عمليَّة جنسيَّة تجري أمام الجميع ترافقها طقوس ومراسيم خاصة.

استحضار الأرواح:

يبقى نوع آخر من السحر هو استحضار الأرواح عن طريق وسطاء يستطيعون استدعاء الأرواح من العالم الآخر والاتصال بهم، ولكن هذا ليس إلا جزءًا من الأعمال التي يقومون بها، فإنَّ الكثيرين بينهم يمضون فترة كبيرة من أوقاتهم في شفاء المرضى، وهم يستعينون بالأرواح في هذا السبيل، ويعتبر فن المعالجة الروحيَّة موهبة ورد ذكرها في الإنجيل لدى التحدث عن مقدرة السيد المسيح العجائبيَّة في شفاء المرضى وإحياء الموتى، وقد بنى كثير من القديسين شهرتهم على شفاء المرضى، ولا يزال حتى الآن عدَدَ ٌمن رجال الدين يمارسون هذا العمل الطيب.

ومن بين هؤلاء الراهبة «بوني غيهمان» «٣٢ سنة» التي أسَّست جمعيَّة خاصة للدراسات الروحيَّة في «أورلاندو» قبل سنتين، حيث تُقَدِّم خدمات دينيَّة وتدريبًا للوسطاء الروحيين، ولأولئك الذين يحبون أن يتعلموا كيف يشفون المرضى، كما تقوم بمعالجة الذين يزورونها في مركز الجمعيَّة.

وقد بلغت شهرتها حَدًّا كبيرًا إلى درجة أنَّ عددًا من أشهر الأطباء الأمريكيين يرسلون إليها بعض مرضاهم؛ للحصول علي رأيها في كيفيَّة معالجتهم، وهي تفعل ذلك عن طريق العمل الروحي.

وفي أيام الأحد تقف على المذبح، ولا يلبث صوتها أن يرتفع لتقول: إنَّني أخاطب السيدة ذات الرداء الأبيض الجميل، إن الأرواح طلبت مني أن أنقل رسالتها إليك، وهي تقول لكِ: «لا تقلقي فإنَّ ظهرك سيشفى»، ثُمَّ تلتفت إلى امرأة أخرى، فتقول: إنَّ زوجك قدَّم طلبًا للحصول على وظيفة جديدة، لقد أبلغتني الأرواح أنَّ كل شيء سيكون على ما يرام.

وعلى الرُّغم من انتشار عبادة الشيطان، فإنَّ الكنيسة في الولايات المتحدة لا تشعر بالقلق من ذلك، وقد ذكر عالم اللاهوت «جون نافون» في محاضرة له بجامعة جورجيا أخيرًا: أنَّ عبادة الشيطان في الوقت الحاضر هي عبارة عن لعبة من ألعاب السحر، وبكلام آخر إنَّها حصيلة ثقافة مجلات مثل مجلة «بلاي بوي»، وهذه العبادات تميل إلى استخدام الشيطان كشكل من أشكال التسليَّة.  

الرابط المختصر :