العنوان ليس بالقانون والبوليس وحدهما.. تُقاوَم الشيوعيّة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 31-أغسطس-1971
مشاهدات 22
نشر في العدد 75
نشر في الصفحة 3
الثلاثاء 31-أغسطس-1971
ليس بالقانون والبوليس وحدهما.. تُقاوَم الشيوعيّة
في أسبوع واحد تناقلت وكالات الأنباء والصحافة ثلاثة تصريحات لثلاثة من المسئولين العرب.. تلتقي هذه التصريحات في رفض الشيوعية والتنديد بها.. وتحذير الشباب منها.
· في الكويت قال رئيس وزراء الكويت بالوكالة ووزير الدفاع والداخلية «الشيخ سعد العبد الله» لجريدة «النهار» اللبنانية إن حكومته لا يمكن أن تسمح بنشاطات شيوعية في الكويت ولا يمكن أن تسمح بقيام أحزاب، وقال: «نحن لن نتعرض لأي شخص يعتنق مبدأ أنه حر في اعتناق المبدأ الذي يريد.. أما إذا وصل الأمر إلى حد بعث دعوته ونشر مبادئه بالتحريض أو بالترغيب، فإننا لن نسكت وسنتدخل ونضرب».. وأوضح الشيخ سعد أنه يقول مثل هذا الكلام کي لا يصيب الكويت ما حصل في بعض الدول العربية.
· وفي اليمن هاجم الفريق حسن العمري رئيس وزراء اليمن مبادئ الماركسية وقال: «نحن عازمون على توسيع مشروع محو الأمية الذي قطع شوطًا بعيدًا داخل الجيش».
على أساس أن ينطلق التوجيه من عقيدة إسلامية وواقع يمني لا بأفكار مستوردة من الخارج، فالشعب اليمني لا يقبل الأفكار المستوردة التي تغاير واقعه، وعلى الشباب أن يكون لديهم الفكر الكبير والنظرة العميقة والاعتبار بما يجري في بعض البلدان العربية.
· وفي البحرين قال وزير خارجية البحرين «الشيخ محمد المبارك»: «إن شعب البحرين شعب مسلم، وإنه يرفض الأفكار الشيوعية.. والمذاهب المستوردة».
ومن قبل ندد الرئيس الليبي معمر القذافي ولا يزال يندد بالشيوعية والشيوعيين.. وفي السودان شنت حملة مركزة على الشيوعيين... إلخ.
ونحب أن نقول في البداية، إنه ليس هناك خلاف بين المخلصين لدينهم وأمتهم وأوطانهم، في أن الشيوعية تمثل خطرًا ماحقًا، وكارثة مفجعة ضد الإنسان.. والقيم والحقيقة.. بل يسرنا أن نرى يقظة تشحذ انتباه الأمة وتركزه على الثغرات التي يدخل منها الذل والهوان.. نعم يريح كل مؤمن أن يدرك المسئولون أن:
· الشيوعية قد أنزلت ببلاد عربية الفتن والزلازل الاجتماعية، وجلبت عليها البؤس والنحس.
· وأن الشيوعية أصبحت مبررًا «فلسفيًا» لاستعمار مصلحي دولي بشع.. كل ذلك حسن ومطلوب، لكن لا بد من المصارحة حتى نصل إلى حلول جادة وعملية لمواجهة هذا الخطر وإنزال الهزيمة به.. وتأمين مستقبل الأمة من تياراته ومضاعفاته.
إن الإجراءات القانونية، والإجراءات البوليسية لا تجدي -وحدها- في مكافحة الشيوعية، فالشيوعية إلى جانب أنها «حركة» وتنظيم وإستراتيجية وأسلوب هـي كذلك عقيدة وفكرة.. وبمـا أننا لا نملك قانونًا ولا أجهزة بوليس، فإننا نتحدث فيما يمكننا الحديث عنه، نتحدث عن رسالتنا.. عن الجانب العقائدي والفكري في القضية.
إن تربية الفرد تربية عقائدية صلبة هي الضمانة الوحيدة والأكيدة التي تحميه من الغزو الفكري والعقائدي وتمده بالثبات والاعتزاز أمام أي زحف عقائدي آخر.
لقد رأينا مثقفين وأساتذة في الجامعات وطلابًا و...و... يسقطون في مخالب الشيوعية فتفترسهم افتراسًا.. يتم هذا في الوقت الذي يعلن فيه فلاسفة شيوعيون عالميون إفلاس المذهب الماركسي.. وفقدانه لمبررات وجوده!! لماذا يقبل هؤلاء على مذهب أدبر عنه فلاسفته؟؟ إنهم ما اعتنقوا المذهب الشيوعي لنفاسة الحق الذي يتضمنه، ولا للقناعات اليقينة بصوابه وحكمته فهو عار من كل ذلك.. ولكنهم اعتنقوه بسبب «الخواء» العقائدي والفكري داخـــل نفوسهم.. وهذا الخواء نتيجة لفشل مناهج التربية.. وبرامج التوجيه في بلادنا منذ فترة طويلة.
· إن مناهج التربية الضعيفة، ستتسبب في انتشار الشيوعية.
· إن برامج الإعلام المحطمة للقيم والأخلاق سبب في انتشار الشيوعية.
وبمعالجة هاتين الوسيلتين تتبدى الجدية المخلصة في تطهير البلاد من الشيوعية عقيدة وفكرًا، فينبغي وضع مناهج التربية تبني شبابًا عقائديًا يخلع الشيوعيين من شيوعيتهم ويهديهم إلى الإسلام.. لا أن ينخلع هو من دينه ليزيد عدد البائسين.. بائسًا جديدًا!!
وينبغي وضع خطة إعلامية تشغل الشباب بشئون الفكـر وقضاياه في جد ووعي ومسئولية لا أن تشغله بما يضعف مقاومته أمام غزو العقائد والأفكار والتيارات المناوئة.
جربوا يا رجال.. ربّوا الشباب على عقيدة الإسلام، وابنوا شخصيته على أساسها القوي ثم انظروا: كيف يستطيع رد الغزو بصلابة.. ونقـل المعركة العقائدية والفكرية إلى داخل أرض الخصوم.
﴿وَمَن يَرۡغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبۡرَٰهِۧمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفۡسَهُۥۚ وَلَقَدِ ٱصۡطَفَيۡنَٰهُ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ إِذۡ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسۡلِمۡۖ قَالَ أَسۡلَمۡتُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ وَوَصَّىٰ بِهَآ إِبۡرَٰهِۧمُ بَنِيهِ وَيَعۡقُوبُ يَٰبَنِيَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ﴾.
وإذ نقول بضرورة التربية العقائدية والفكرية للأجيال كي تستطيع أن ترد الغزو وتعتز بما لديها من عقيدة وفكر، فإننا نعني الالتزام الجاد بالإسلام الحقيقي.. فمجرد طرح شعارات إسلامية لمواجهـة الشيوعية خطة فاشلة.. والاقتصار على إثارة العواطف الدينية وحدها عمل قصــير العمر.. ضعيف المقاومة.. ونشر إسلام مزيف مغامـرة ماحقة.. فالمذاهب الهدامة تنشط في مجال التدين المغلوط، بل تتخذ منه سببًا للتشكيك في حقيقة الدين كله، ومن ثم فلا مناص من أمرين معًا.
· تقديم الإسلام -كما أنزله الله- للناس.. دون تزيد.. ودون إنقاص.. ودون تزييف.
· وأن يكون هذا العمل لوجه الله.. لا خدمة لهذا ولا ذاك.. وما لم يقترن العمل بهذا الإخلاص والتجرد وابتغاء وجه الله وحده، فإنه ولا شك حابط: ﴿لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾.
· ومن الوسائل المجدية في إيصاد الأبواب بقوة أمام التيارات الشيوعية: المبادرة بإصلاح الأخطاء وتطهير المجتمع من الفساد.. فلقد برع الشيوعيون في استغلال الأخطاء والمفاسد الموجودة لإشعال الفتنة الطبقية واستغلال الشعور بالظلم.
- والإبقاء على الأخطاء والمفاسد.. إنْ هو إلا إبقاء لمبررات الوجود الشيوعي.
- والتثاقل عن القيام بخطة إصلاحية شاملة.. هو تثاقل عن مكافحة الخطر الشيوعي، وهناك بعض الدول العربية حرمتها الظروف السيئة من كثير من خيرات الحياة في المال والتعليم والصحة والتصنيع والعمران.. مثل هذا الوضع تستغله الشيوعية الدولةي أسوأ استغلال وتحاول أن تفرض نفوذها من خلال العون المسموم المقدم لهذه الدول الفقيرة.
فلماذا لا تنظم الدول العربية الغنية حملات متواصلة لتقديم العون بسخاء لبلد كاليمن -مثلًا- وبذلك تحمي اليمن من الشيوعية.. وتحمي نفسها.. وتقدم خدمة للإسلام والأجيال القادمة؟
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
برقية جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر وزراء التربية العرب في ليبيا
نشر في العدد 3
113
الثلاثاء 31-مارس-1970