; مؤامرة خطيرة على القرآن الكريم | مجلة المجتمع

العنوان مؤامرة خطيرة على القرآن الكريم

الكاتب أبو هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 15-ديسمبر-1970

مشاهدات 20

نشر في العدد 39

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 15-ديسمبر-1970

مؤامرة خطيرة على القرآن الكريم

تقوم بها دار الهلال

مؤسسة جذورها مسيحية

بقلم أبو هالة

·       في مطلع هذا الشهر أصدرت مؤسسة «دار الهلال» القاهرية عددًا خاصًا عن القرآن الكريم، أقل ما يوصف به هذا العدد بأنه «دس للسم في العسل» وأبرز ما يُرى فيه أنه طعنات مسمومة موجّهة إلى الإسلام العظيم في كتابه المعجز؛ الذي لا محالة أن يرد الله عنه هذه السهام إنفاذًا للعهد الذي أخذه الله سبحانه وتعالى على نفسه بقوله:

﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ(الحجر: 9). ﴿وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ(التوبة: 111).

·       لكن الحفاظ عليه في نظرنا بأن يتحرك فريق من عباد الله، يسدد الله خطاهم، غضبة لله وكتابه، ودفاعًا عن رسالته ودينه؛ أن يتسربل بثيابها منافقون أو ملاحدة ينفثون سمومهم باسم الإسلام، وهو منهم براء!

·         وإذا كان منهج دراسة الآراء والأفكار يقتضي بالحتم معرفة بأصحابها؛ من حيث اتجاهاتهم وميولهم أو عقائدهم وأفكارهم، فضلًا عن أخلاقهم وسلوكهم، مثلما سلك آباؤنا وأسلافنا من أئمة الحديث- رضي الله عنهم وأرضاهم في الجنة- حتى أنشأوا علم «التجريح والتعديل» في الرواة، إلا أنه يكفي القراء معرفة «بدار الهلال» أنها مؤسسة صحفية أنشأها بعض المسيحيين الوافدين على مصر من لبنان في عهود الاستعمار الأجنبي من «آل زيدان»، جورجي، وإميل، وشكري.

وكان لجورجي زيدان مدرسة في تزييف التاريخ الإسلامي باسم الأدب والقصة، فأغرق «جورجي زيدان» السوق المصري والعربي بسلسلة روايات التاريخ الإسلامي؛ التي لاقت رواجًا في ذلك العهد، وأثّرت في كثير من عقول المفكرين الذين كانوا ناشئة؛ بهرهم الأسلوب القصصي الذي عشش في أدمغتهم حتى شبوا على ما غذوا به.

·       ولعل من الإنصاف أن نذكر أن الحركة الإسلامية في مصر كانت على وعي بهذا الاتجاه، وتصدى لتنفيذها وتدريس التاريخ الإسلامي على حقيقته «حسن البنا» بنفسه رحمه الله في حلقاته للشباب من طلائع الحركة، وغيره من رجال الأزهر الشريف.

·       وسار الوارثون «لدار الهلال» على اختلافهم مع مؤسسيها في العقيدة على نفس المنهج في صحفهم اليومية والأسبوعية والشهرية، دون تفصيل الآن لا يقتضيه المقام، ساعدهم على ذلك غيبة الشباب المسلم عن المسرح كما أشار فضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة في ندوة «لواء الإسلام».

 تفاصيل المؤامرة

أول ما يطالعك في هذا العدد مقال للمدعو «رجاء نقاش» وبعنوان «حرروا القرآن من هذه القيود».

- حتى يعيش القرآن في حياتنا أكثر مما يعيش الآن! وحتى يُتاح له أن يؤثر في نفوسنا ذلك التأثير الواسع العميق الذي استطاع القرآن أن يُحقّقه في أجيال وعصور سابقة».

 ما هي الثورة المطلوبة!

ثم ركّز على أمرين:

(۱) تغيير كتابة المصحف بالخط العصري المعروف.

(٢) ضرورة وجود تفسير عصري سهل للقرآن.

وفي ثنايا المقال طالب باستخدام السينما والمسرح والموسيقى والرسم والإذاعة والتليفزيون؛ مقتديًا بالكنائس الغربية التي امتلأت بآلاف اللوحات والتماثيل الرائعة، إلخ.

- وطالب في سبيل ذلك بثورة دينية، مثل تلك الثورة التي قادها «لوثر» في عالم المسيحية الغربية وهي الحركة «البروتستانتية» المعروفة.

وهدد في آخر مقاله بأننا إذا اكتفينا بأن نجعل القرآن مجرد «نص مقدس»!! -هكذا قال- فسوف يصعب الوصول إليه إلا لمن كان متخصصًا في القرآن والعلوم الدينية،

ولست أدري إذا كنا قد أصبحنا أعاجم في لغتنا العربية، قراءة وفهمًا في جميع المجالات، حتى تصايح الناهلون من نفس هذا الفكر «بالكتابة اللاتينية» بديلًا عنها. فما ذنب اللغة العربية عمومًا التي لم تلقَ في بلادها العربية والإسلامية ما تلقاه لغة الفرنجة؟! وما ذنب القرآن الكريم، على الخصوص إذا كانت العناية به في مجالات التربية والتعليم لم تنل ما تناله دروس الرسم والموسيقى مثلًا؟!

- ولماذا يستكثرون على القرآن أن يكون له أساتذة متخصصون يدرسونه في مراحل التعليم، ويتعهدونه في المساجد، ويشرحونه في المجامع والمنتديات، ويقومون على رقابة السلطات في تنفيذه بالمجالس النيابية.

- وإذا كان التلقي أساسًا في كل علم فلماذا يضيقون بأن يتلقى القرآن عن أهل العلم والتخصص بدراساته؟! وإذا كانت جهود التسهيل لقراءته مكتوبًا قد يسرها أسلافنا حتى ظهر اليوم طبعات المصحف الشريف مذيلة بالتعريف به وترتيله ووقفاته، وليس على من يريد القراءة إلا أن يبدأ بها.

ماذا وراء فكرة تلحين القرآن؟

وإذا كان القرآن بوضعه القديم؛ ومن خلال تدوينه على الجلود والعظام ومن تدريس الحفظة والفقهاء له، قد أثّر في مجتمع الأميين، من غير فرقة موسيقية تعزف الألحان الجنائزية أو الحربية عند آياته، حتى جعل منهم عباقرة الفاتحين، وأساتذة العالم، وأحرص البشر على تقوى الله ومخافته فضلًا عن محبته ومراقبته.

فلماذا يصرّ هؤلاء المتآمرون على المطالبة بتلحينه؟! وكأن القرآن قد نزل لساعات يترنم بها في الأفراح والأعراس؛ أو يناح به على الموتى وفي مناحات الهزائم والنكسات.

 وكأنه لم يكن دستورًا ومنهج حياة يقول فيه منزله سبحانه وتعالى: ﴿أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ(النساء: 105)، ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ(المائدة: 49)، ﴿ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ (المائدة: 15).

- ولذلك يريد «النقاش»، الثورة الدينية التي تجعل منه أناشيد أو أراجيز؛ مثلما فعلت المسيحية بإنجيلها- الذي أبعدته عن واقع الحياة- ليكون «نوتة» تصدح به الموسيقى تحت دقات النواقيس بين جدران الكنائس، مخالفين قوله تعالى: ﴿وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِۚ (المائدة: 47).

 التفسير العصري

واستمر «النقاش» يقول:

«هناك عقبة أخرى هي انعدام وجود تفسیر عصري سهل للقرآن»، وهذا يدل على جهله أو تجاهله استنادًا إلى خبث دعوته كلها.

 فالحقيقة التي يعلمها كل مسلم على صلة بالكتاب العزيز؛ أن علماء المسلمين على مر العصور لم يدخروا وسعًا في خدمته تفسيرًا للعامة والخاصة، وإلا فأي صعوبة يراها الأستاذ «النقاش» ومن على شاكلته في مثل تفسیر «شلتوت» أو «المراغي» أو التفسير الواضح «الحجازي» أو «علوان وزميله» أو «المنار» لرشيد رضا أو في ظلال القرآن «لسيد قطب» أو تفسير «وجدي»، إلخ. وهذه من التفسيرات التي ألغت في العصر الحالي وفي القرن العشرين، خالية مما يتصوره من تعقيدات اللغة وإيراد الإسرائيليات والرد عليها.

- والحمد لله لم يحظ كتاب منزل و«نص مقدس» عناية بشرحه مثل القرآن الكريم وربط آياته بالواقع الملموس في حياة البشرية، فماذا يريد بالتفسير العصري السهل إذن؟! لعله أراد تفسيرًا مصورًا بلوحات الأنبياء والمرسلين، وأنهار الجنة وزقوم النار، ومواكب الوافدين إلى بيت الله الحرام والمصلين في المساجد والواقفين أمام القضاة، والجالسين على منصة الحكم، إلخ.

 صور للأنبياء وتزييف للحقائق

أي مهزلة وسخرية بالمسلمين وعقولهم وعقيدتهم وكتابهم تصدر في بلادهم، التي تمنح الرقباء سلطات المنع لكل نقد ولو بنَّاء؛ لقول مخلوق اعتلی دست الحكم وعصى الله في رعيته! وتجاوزت بقوانين الحماية لتمنحها بطانته!

- وتتمة لموضوع التلحين والرسم للقرآن الكريم أورد الكتاب في ص ٦٠ صورة لسيدنا إبراهيم عليه السلام وفي صفحة ١٢٤ زيفوا عنوانًا لرأى أدلى به القارئ «عبد الباسط عبد الصمد» بأن «القرآن يلحن فعلًا، في حدود» وحينما تقرأ كلام الرجل تحت هذا العنوان تجده يخالف ذلك تمامًا حتى أنه قال بالحرف الواحد: «والله كفيل بأن يحفظ القرآن من فتنة التلحين» حتى «عبد الوهاب» الذي تحمس للتلحين أضاف شروطًا لا تخرج عن الترتيل بقواعد التجويد مع وقفات التدبر للمعاني وحاول أن يزيد التنغيم بالنوتة الموسيقية دون مصاحبة لآلاتها، و«السنباطي» رغم موافقته على فكرة التلحين إلا أنه أورد شروطًا قال في نهايتها: «ولن نستطيع التوصل إليها ولو حرصنا».

- هل أدرك المسلمون بعد هذا؛ الدوافع الخبيثة وراء إصدار هذا الكتاب؟!

والله المستعان.

أبو هالة

 

الرابط المختصر :