; مؤتمر الوفاء أمل ورجاء | مجلة المجتمع

العنوان مؤتمر الوفاء أمل ورجاء

الكاتب د. محمد البصيري

تاريخ النشر الثلاثاء 15-نوفمبر-1994

مشاهدات 14

نشر في العدد 1125

نشر في الصفحة 66

الثلاثاء 15-نوفمبر-1994

 لا يختلف اثنان من أبناء الخليج العربي على أهمية وحيوية دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية وضرورة قيام هذا المجلس الهام بأداء دوره على أكمل وجه وفي أفضل صورة، ولعل أهمية مجلس التعاون تنبع من أنه الإطار العام الذي يجب أن تنضوي تحته جميع السياسات التعاونية والتنسيقية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والإعلامية. وغيرها من الأمور التنظيمية والتي تساهم في نهضة ونماء دول وشعوب الخليج والجزيرة العربية، فنحن نعيش في عصر التكتلات والتجمعات السياسية والاقتصادية والأمنية على مستوى جميع قارات العالم وبات من المؤكد أن المستقبل لن يكون أمنا للدول الصغيرة والضعيفة ولن يكون المثل هذه الدول الكرتونية أي دور يذكر في السياسة الدولية أو حتى الإقليمية ما لم يكن هناك من تنظيم أو تنسيق أو إطار يجمع هذه الدول الضعيفة والصغيرة ويقوي من مركزها الإقليمي ومركزها الدولي التفاوضي في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية ونشهد هذه الأيام بروز أوروبا الموحدة اقتصاديًا وفي طريقها للوحدة السياسية أيضًا وظهور كتلة دول أمريكا الشمالية الاقتصادية «نافتا» المكونة من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وكذلك صعود نجم كتلة دول جنوب شرق آسيا أو ما تسمى بكتلة النمور وفي بعض التسميات دول العالم الثاني بعد أن أصبح معدل النمو الاقتصادي في هذه الدول يضرب الأرقام القياسية وبمعدلات لا تقل عن ١٢ سنويًا. 

والأمثلة على ظهور التكتلات والمجاميع السياسية والاقتصادية والأمنية في العالم عديدة وليس هذا المقال هو مجال ذكرها أو الإسهاب في أهدافها ونتائجها ولكن ذكرنا لها من باب التذكير ولفت الانتباه. ومجلس التعاون لدول الخليج العربي منذ إنشائه قبل أكثر من ثلاثة عشر عامًا وهو يحاول جاهدًا أن يوجد له اثرًا واضحًا في مجالات التعاون الخليجية المختلفة إلا أنه لا يزال بعيدًا عن تحقيق آمال وطموحات دول وشعوب المنطقة ولا يزال المواطن الخليجي العادي لم يلمس أثرًا واضحًا ومباشرًا أو إنجازًا في حياته اليومية يمكن أن يرجع سببه إلى وجود مجلس التعاون فكل القرارات والتوصيات ترسم من أعلى السلطات وتدور في أروقة المجلس ومؤتمراته المتعددة على كل المستويات وتبقى حبيسة الأدراج ورهينة الأوراق ولا تجد لها أثرًا على الواقع نقول ذلك لا يهدف غرس الإحباط وزرع التثبيط وكسر النفوس والهمم العالية، ولكن لشحذ العزائم، ورفع المعنويات، وتحريك الجمود والركود الذي يخيم على بعض النفوس. 

ونحن نعيش هذه الأيام أجواء مؤتمر الوفاء لمجالس الشورى، والأمة والوطني لدول مجلس التعاون، ونتفاعل مع فعالياته ونستذكر وقفة أهل الخليج الشرفاء شعوبًا وحكومات مع الحق والعدل ورفع الظلم الذي وقع على أهل الكويت من طاغية العراق وزبانيته، لابد لنا من وقفة نستشرف فيها ملامح المستقبل والأخطار التي تهدد هذه المنطقة الحساسة من العالم والمطامع التي تحيط بنا نحن دول هذه المنطقة من كل حدب وصوب لابد من تفعيل دور شعوب المنطقة جنبًا إلى جنب مع دور قادتها وحكوماتها فالمسئولية مشتركة، والمصير واحد، وآن الأوان كي يقوم كل طرف بواجبه ومسئوليته وإسهاماته في الذود عن حمى هذه البقعة من العالم ولاشك أن كل طرف مكمل للطرف الآخر ولا غنى لأي أحد منهما عن الآخر. 

ونتمنى لمؤتمر الوفاء لمجالس الشورى والأمة والوطني للدول الخليجية العربية أن يكون على مستوى الطموح والآمال المعقودة على هذه النخبة من ممثلي شعوب الخليج العربية، وأن يكون هذا المؤتمر بداية الانطلاقة الشعبية في المسيرة الخليجية التعاونية والمساهمة في تفعيل وتكميل وتسريع ديناميكية القرار في مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومحاولة كسر جمود تلك القرارات وتحريكها وإنزالها إلى أرض الواقع كي يشعر بها المواطن الخليجي البسيط كما شعر بها أثناء المحنة عندما انصهرت شعوب الخليج العربية في بعضها البعض وتحطمت كل البرلمان الأوروبي الفوارق المصطنعة وتقاسم الناس رزقهم وأمنهم وظهرت أروع صور الحمية والنصرة والإيواء والإيثار والتضحية بين الناس. لقد ذكرت في مقالة سابقة منذ أكثر من عام، أن الحاجة أصبحت ملحة لإنشاء برلمان خليجي على غرار البرلمان الأوروبي يجمع مثل هذه النخبة التي تجتمع عندنا هذه الأيام في مجلس برلماني خليجي مكمل لدور مجالس ومؤسسات مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويعطي الصورة والروح الشعبية للقرارات والتوصيات الصادرة عن مجلس التعاون الخليجي. 

بغير هذا البرلمان الخليجي الشعبي سيبقى دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية قاصرًا ومفتقدًا لأحد أجنحته الرئيسية وروافده الشعبية فآمال وطموحات أبناء الخليج وهم يرون الأخطار المحيطة بهم من كل مكان لن يرضيها سوى طريق الوحدة الخليجية الكاملة والوقت يمر بسرعة فائقة والمتغيرات الدولية والإقليمية متسارعة ومتصارعة ومتضاربة ولا يمكن التنبؤ بمستقبلها القريب ناهيك عن مستقبلها المتوسط والبعيد فليكن مؤتمر الوفاء فرصة لإعلان مثل هذا البرلمان أو على الأقل مناقشة الفكرة والمشروع ورفع التوصية المؤتمر قادة دول المجلس المزمع عقده في 19 ديسمبر القادم في البحرين. 

والله يوفقكم لما يحبه ويرضاه.

 

الرابط المختصر :