; ماذا تريد أمريكا من الجزائر؟ | مجلة المجتمع

العنوان ماذا تريد أمريكا من الجزائر؟

الكاتب يحيى أبو زكريا

تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003

مشاهدات 23

نشر في العدد 1533

نشر في الصفحة 25

السبت 04-يناير-2003

تمديد رئاسة بوتفليقة رغم أنف العسكر مقابل تمركز أمريكي في الجزائر

بنت السلطة الجزائرية أساس تحالفها مع واشنطن على محاور عدة استراتيجية وسياسية واقتصادية وأمنية...فعلى الصعيد الاستراتيجي، فإن الجزائر التي تريد أن تتزعم المغرب العربي وحتى إفريقيا لن يتأنى لها ذلك دون دعم أمريكي قوي وفي كل المجالات، والفرق بين جزائر هواري بومدين وجزائر عبد العزيز بوتفليقة اليوم، أن بومدين كان يسعى لكي تكون الجزائر «يابان» العالم العربي انطلاقًا من المقومات الذاتية الجزائرية وليس اعتمادًا على محور موسكو أو واشنطن ،بينما بوتفليقة قرر أن يضع كل مصير الجزائر في السلة الأمريكية دفعة واحدة طمعًا في ولاية ثانية، بدأ يمهد لها من الآن رغم رفض بعض كبار الضباط التجديد له.

وطمعًا في إنهاء العنف الأعمى في الجزائر، والذي أدعت السلطة الجزائرية مرارًا وتكرارًا أنها قضت عليه، وتبين أن هذه التصريحات الرسمية تندرج في سياق الاستهلاك الإعلامي المحلي والخارجي، وقد يؤدي التحالف الأمريكي الجزائري إلى كسر شوكة الجماعات الإسلامية المسلحة الناشطة ضد النظام الجزائري وتهدد المصالح الأمريكية والغربية في الجزائر، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفكير واشنطن بالتوجه إلى الجزائر للمساهمة وبشكل مباشر في الصراع الجزائري الداخلي وإقامة قاعدة أمنية للمخابرات والأجهزة الأمنية الأمريكية في الجزائر، وإمداد الجزائر بمعدات حربية وعسكرية متطورة، وهو ما سيسمح بتكريس الدور الأمريكي المستقبلي في الجزائر، وقد يؤدي هذا الوجود الأمريكي في الجزائر إلى انفجار الصراع بين مراكز القوة في الجزائر، وخصوصًا أن بوتفليقة يتقوى بالأمريكان على الجنرالات الذين يسعون للحؤول دون توسيع صلاحياته الرئاسية وقد يترتب على ذلك إزاحة الجنرالات عن الحكم في الجزائر، وإعادة صياغة نظام سياسي جديد، وهذا ما جعل الجنرال محمد تواني يصرح إلى جريدة يومية جزائرية قائلًا: إن الجزائر لن تتحالف عسكريًا لضرب دولة أخرى. وقال في تصريحه إن الجزائر وتطبيقا للدستور في مادتيه ۲۷ و ۲۸ يحول دون أن تقوم الجزائر بهذه الخطوة.

وعلى صعيد آخر فإن الجيش الجزائري منهك في حربه مع الجماعات الإسلامية المسلحة، ولا يمكنه الدخول في حروب أخرى قد ترهق كامله وتكلفه الكثير، بالإضافة إلى أن ذلك قد يجلب عليه سخط الشارع العربي والإسلامي.

ومن جهة أخرى، فإن السلطات الجزائرية التي بادرت إلى تقديم كل ما لديها من معلومات عن عناصر جزائرية إسلامية لها علاقة بأسامة بن لادن، فإنها حصدت خيبة أمل كبيرة ولم تتعامل معها العاصمة واشنطن والعواصم الغربية بالمثل، حيث إن الجزائر طلبت من بريطانيا وبعض العواصم الغربية تسليمها عناصر إسلامية جزائرية وجاءها الرد بأن هؤلاء يتمتعون بحق اللجوء السياسي، والعواصم الغربية ليست مستعدة لتضع قوانينها جانبًا من أجل الجزائر، وبناءً عليه تبين للرسميين الجزائريين الذين باركوا الخطوات الأمريكية، وفتحوا خزائن أمنهم القومي، وأرشيفهم المعلوماتي للأمريكان، والغربيون يشعرون أنهم ابتزوا بلا ثمن ولا مقابل، ومع ذلك وافقوا أن تكون لأمريكا قاعدة أمنية في الجزائر طمعًا في التغلب على الجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر وطمعًا في الرضا عن النظام الجزائري المتورط في انتهاك حقوق الإنسان، وطمعًا في حل أمريكي الأزمة الصحراء الغربية يرضي الجزائر وجبهة البوليساريو.

 والرسميون الجزائريون عندما سارعوا إلى فتح ملفاتهم كان همهم أن يحصلوا وبشكل فوري على دعم منقطع النظير وتزكية من واشنطن للقيام بكل ما في وسعهم لاستئصال الجماعات المسلحة بالإضافة إلى الدعم المادي والعسكري وعلى الرغم من أن الرئيس الجزائري لدى زيارته.

 الأخيرة إلى مناطق الشرق الجزائري صرح بأنه أن الأوان لإنجاح المصالحة الوطنية في الجزائر، ويجب أن تترقى من الوئام المدني إلى المصالحة الوطنية إلا أن هذه التصريحات تستبطن استشعارًا عن بعد لخطورة المرحلة المقبلة وخصوصًا إذا ما استمر الوضع الأمني منهارًا في الجزائر، وتجدر الإشارة إلى أن منتدى الناتو سبق وأن أعد وثيقة تتحدث عن سبل التدخل في الجزائر فيما لو انهار الوضع عن بكرة أبيه في الجزائر. وقد أصبحت هذه التصريحات في خير كان بعد الإقرار العملي بعد التطورات الأخيرة في العلاقات مع أمريكا.

و كان يجب على الرسميين الجزائريين أن يترووا قبل أن يقدموا خدماتهم المجانية للأمريكان والعواصم الغربية، فمصر التي تربطها بواشنطن علاقات أشد عمقًا من العلاقات الجزائرية الأمريكية تروت في الإدلاء بموقفها من التحالف الدولي ضد افغانستان وأعلنت أن الصراع العربي الصهيوني إذا ما استمر على إيقاعه الحالي سيولد كوارث لا أحد يدرك عقباها. والجزائر بموقفها الحالي إنما تدعو واشنطن للتدخل في شؤونها الداخلية، وتدعوها لتكون طرفًا في صراعها الداخلي مع الجماعات المسلحة، وهذه الدعوة وإن كانت مبطنة، إلا أنها تسيل اللعاب الأمريكي خصوصًا إذا علمنا أن واشنطن ما فتئت تخطط للاستحواذ على استثمار الطاقة الجزائرية تسويقًا واستخراجًا وإشرافًا، وتكشف الإحصاءات الجزائرية الأخيرة أن الشركات الأمريكية بانت تملك حصة الأسد. في قطاع الطاقة الجزائري، فيما الشركات الفرنسية باتت تكتفي بما يلبي حاجة الاستهلاك المحلي في فرنسا وبعض الأسواق الأوروبية، والأخطر من ذلك فإن الجزائر التي تسرعت في خطوتها التحالفية مع واشنطن يبدو أنها لم تسأل عن موقف واشنطن من حق البربر في إقامة دولتهم في الجزائر .

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل