; ماذا قال خطيب المسجد الأقصى للمجتمع؟ | مجلة المجتمع

العنوان ماذا قال خطيب المسجد الأقصى للمجتمع؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 08-مارس-1988

مشاهدات 16

نشر في العدد 857

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 08-مارس-1988

 

المجلة: ما هدفكم من زيارة الكويت؟

الشيخ البيتاوي: نحن وقد حضرنا إلى الكويت من أجل جمع الزكاة والصدقات بالدرجة الأولى من أبناء مدينة نابلس وقراها ومخيماتها وأبناء الضفة والمحسنين بالكويت، ثم الاتصال بالدوائر المالية والرسمية كبيت الزكاة ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

 وهذه الزيارة ليست الأولى بالنسبة للجنة زكاة نابلس، أما أنا شخصيًّا فلم أحضر إلى الكويت منذ عشر سنوات ولكن زملاءنا باللجنة يزورون الكويت كل سنة، هذا وتوجد لجنة مفوضة من أبناء نابلس المقيمين بالكويت وهم يعملون لتسهيل جمع الزكاة وتوصيلها إلى مقر اللجنة في نابلس.

المجلة: كان لأمير الكويت تصريحات طيبة أشاد فيها بأبناء الشعب الفلسطيني وبثورتهم المباركة في الأرض المحتلة. فما رأيكم في تصريحات سمو أمير الكويت حول هذا الموضوع؟ وهل مواقف باقي الحكام العرب والمسلمين مشابهة؟

الشيخ البيتاوي: قال -صلى الله عليه وسلم-: «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» ونحن نشكر سمو أمير الكويت -حفظه الله- كما نشكر أي شخص وأي جهة وأي حاكم قدم أي عون مادي أو معنوي لشعبنا الفلسطيني المسلم في فلسطين، ونحن نشكره ولكننا نأمل من سائر حكام العالم الإسلامي وشعوبه أن يتحدوا ويحرروا الأرض المقدسة، ولا نرضى منهم جميعًا إلا بنخوة المعتصم.

المجلة: هل تصل أموال الزكاة التي تُرسل إلى فلسطين لمن يستحقها فعلًا؟

الشيخ البيتاوي: تأسست لجنتنا منذ عشر سنين. وهي في الواقع تتلقى الزكاة من أبناء مدينة نابلس المقيمين في دولة الكويت والخارج بارك الله بهم ومن خلال اللجنة المفوضة عنا بالكويت، وكذلك تحصل اللجنة على تبرعات وصدقات من بعض المحسنين والجهات الإسلامية بالكويت حرسها الله وحماها.

المجلة: هل هذه اللجنة خاصة بمنطقة نابلس فقط؟

الشيخ البيتاوي: في الواقع هي خاصة بمنطقة نابلس، لكن مجال خدماتها أوسع فهي تخدم أي فقير فلسطيني وأي مريض يمكن أن يعالج مجانًا في المستوصف الإسلامي التابع للجنة بدون أن يُسأل من أي منطقة؛ هو كذلك تساعد اللجنة الطلبة الفقراء في فلسطين كلها حتى في قطاع غزة.

المجلة: هل خدمات اللجنة تقتصر على المستوصف والمعونات المادية فقط؟

الشيخ البيتاوي: لجنة الزكاة تعمل في مجالات متعددة، منها أن اللجنة ملتزمة بدفع معونة شهرية لحوالي 1200 أسرة بانتظام من خمسة دنانير إلى 40 دينارًا في الشهر حسب كبر الأسرة وصغرها، فهي أولًا تلتزم عادة بمساعدة هذا العدد في الوضع الطبيعي ولكن في الأعياد والحالات الطارئة يتضاعف هذا العدد، فنحن مثلًا ندفع 15 ألف دينار أردني شهريًّا على هذه الأسر الفقيرة، لكن في هذا الوضع غير الطبيعي في الظروف الحالية التي تمر بها فلسطين حيث أضرب عن العمل صغار المهنيين، فقد اضطرت اللجنة أن تضاعف عطاءها على الفقراء فهي أولًا تساعد العائلات الفقيرة وثانيًا تسهم في مجال التعليم فتسدد الأقساط الدراسية للطلبة سواء كانوا في المراحل الإعدادية أو الثانوية أو الجامعية، دون التمييز بين طلبة في قطاع غزة أو منطقة الخليل أو جنين أو غيرها ونحن عندنا كشوف بعدد الأسر الفقيرة نجمعها بعد بحث اجتماعي.

كذلك عندنا مستوصف صحي يعمل فيه حوالي 15 طبيبًا وممرضًا وقد تم إنشاء هذا المستوصف بتمويل إخواننا في الكويت الشقيق وبمساعدة وزارة الأوقاف وبيت الزكاة الكويتي، ويعمل فيه أطباء تدفع وزارة الصحة الكويتية راتب طبيب واحد وصندوق إعانة المرضى الكويتي راتب طبيبين وعندنا أيضًا لجنة تحفيظ القرآن الكريم وبدأوا بحفظ ثلاثة أجزاء.

المجلة: ما رأيكم في الانتفاضة التي تشهدها فلسطين هذه الأيام؟

الشيخ البيتاوي: إن الانتفاضة في الحقيقة هي قضية كل المسلمين، فمن الواجب على كل المسلمين أن يقفوا بجانب إخوانهم في فلسطين؛ وأقل الواجب أن يدعموا هؤلاء الناس الذين وصلوا من الفقر إلى درجة المجاعة، ونحن نفخر بهذه الانتفاضة ونحرص على استمراريتها وتصعيدها حتى ندحر المحتلين، فالشعب الفلسطيني عنده عزم وتصميم.

المجلة: ما هي أسباب هذه الانتفاضة المباركة التي عمت جميع أنحاء فلسطين المحتلة؟

الشيخ البيتاوي: أسباب الانتفاضة تعود أولًا وأخيرًا إلى «الاحتلال» وممارسات الاحتلال الظالمة التي تمثلت في ترويع الناس فالجيش يداهم الناس والبيوت في الساعات المتأخرة من الليل لمجرد الترويع، ويعمل الاحتلال على تجويع الناس فالوظائف الآن لا تتوفر إلا قليلًا؛ والموظف يعين الآن بثلث راتب كما يمارس الاحتلال سياسة تعطيل المدارس والمعاهد والجامعات بغية تجهيل الأجيال الفلسطينية الصاعدة، كذلك فهم ينتهجون سياسة هدم البيوت؛ إن اليهود قد هدموا عدة آلاف من البيوت خاصة في القرى، فالإنسان القروي لا يُسمح له ببناء بيت إلا بتصريح والسلطات الإسرائيلية تمتنع عن إعطائه هذا التصريح إلا نادرًا جدًّا وبعد دفع رسوم وبعد متاعب كثيرة. وحين يكون القروي لا يملك إلا غرفة واحدة وعنده عشرة من الأطفال فإنه يضطر أن يبني بيتًا دون رخصة، لكن تأتي السلطات الإسرائيلية وتهدم هذا البيت الذي مكث صاحبه عدة سنوات يجمع لبنائه، وقد وصل الظلم في إسرائيل إلى أن تطالب السلطات صاحب البيت المهدوم بدفع أجرة هدم بيته وقدرها 400 دينار. إذًا هم هدموا البيوت وروعوا الناس وأغلقوا الجامعات، وفرضوا الضرائب الباهظة على التجار التي تصل أحيانًا إلى 20 ألف دينار أو 35 ألف دينار فهذه السياسة الظالمة لإسرائيل هي التي فجرت الانتفاضة الشعبية، وهم يمارسون سياسة الابتزاز، فمثلًا إذا كان الواحد عنده قريب يعيش خارج فلسطين ويريد أن يستخرج له بطاقة زيارة فإنه يستحيل أن يحصل عليها إلا بعد عدة طلبات تصريح والسبب الوحيد هو ابتزاز أموال الناس، فكم يدفع آلاف الناس الذين يتقدمون بطلبات تصاريح زيارة لخزينة الاحتلال؟ لذلك وإذا خرج الفلسطيني إلى الأردن ثم عاد بعد يوم بثوب يلبسه غير الثوب الذي خرج به لأخذوا عليه ضرائب جمركية. إذًا هذا الظلم الذي وقع على كافة الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى أن الشعب الفلسطيني قد يئس من معظم الأنظمة العربية الموجودة في الساحة، لقاء في لقاء وكم زيارة في زيارة لكن المحصلة صفر بالنسبة للشعب الفلسطيني من هنا وجد الشعب الفلسطيني أنه لا بد أن يدافع عن نفسه، فبدأ بهذا الأمر البسيط جدًّا وهو ثورة الحجارة، وفي الواقع كان للمسجد الأقصى الفضل في تفجير الوضع، لأن اليهود حاولوا أكثر من مرة اقتحام المسجد الأقصى للصلاة فيه ومن ثم حاولوا هدمه لإقامة هيكلهم المزعوم مكانه، وكنا نحن القضاة الشرعيين ووزارة الأوقاف وكافة فئات الشعب الفلسطيني المسلم هي التي تتصدى للجيش الإسرائيلي، وهي التي تجرح وهي التي تُضرب. وهي التي تُعتقل، ثم انفجرت الانتفاضة في غزة. فتجاوبت معها باقي الأراضي المحتلة حتى شملت كل المدن والقرى والمخيمات، وما يظهر من أنباء الانتفاضة في الإعلام العربي والإسلامي. لا تغطي سوى 1% مما يجري من أحداث داخل فلسطين المحتلة والآن فإن آخر ما وصل إليه التعذيب الإسرائيلي هو أنهم يحملون الشباب في الطائرة ثم يسقطونهم إلى الأرض، وقبل أيام طمروا الشباب بالجرافات؛ إذًا فكثرة الضغط يؤدي حتمًا إلى الانفجار، والشعب الفلسطيني اليوم عازم على ألا يتوقف عن هذه الانتفاضة مهما كان الثمن.

المجلة: قلوب المسلمين اليوم مع أهل فلسطين، فإلى أي مدى استطاع المسلمون أن يُترجموا عن هذا الشعور؟

الشيخ البيتاوي: شعورنا هو أن المسلمين عامة مقصرون تقصيرًا عجيبًا جدًّا تجاه الأهل في فلسطين، ومع الأسف فالناس خارج فلسطين «حتى الفلسطينيين أنفسهم» في عالم آخر تمامًا، وإذا استمر هذا الموقف السلبي من المسلمين تجاه قضية فلسطين فقد يسبب ذلك انتكاسًا. فإذا لم يدعم إخواننا المسلمون إخوانهم الفلسطينيين فالأمر سيزداد تفاقمًا، إن العامل الفلسطيني مُضرب عن العمل منذ ثلاثة أشهر، والحالة الاقتصادية مشلولة تمامًا والإسرائيليون خسروا اقتصاديًّا وتوقفت مصانعهم عن العمل بسبب الانتفاضة، وإلى جانب هذا فإن مصالح المسلمين وتجارتهم توقفت ولكن ﴿إِن تَكُونُواْ تَألَمُونَ فَإِنَّهُم يَألَمُونَ كَمَا تَألَمُونَ وَتَرجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرجُونَ﴾ (النساء:104) ومع كل المشقة والمتاعب التي يعاني منها الشعب الفلسطيني فالكل يشترك في هذه الانتفاضة كبارًا وصغارًا ورجالًا ونساء ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه وحده الذي يقود هذه الانتفاضة، إن كل الشعب الفلسطيني نزل إلى الشوارع لمواصلة الانتفاضة والدليل أن العساكر إذا داهموا بيتًا يتصدى لهم الكبار والصغار والرجال والنساء في المنطقة. لذلك نأمل أن لا تكون هنالك مزاودات من البعض.

المجلة: فضيلة الشيخ، ألا ترون أن الانتفاضة جرت كثيرًا من الشعب الفلسطيني إلى الإسلام وإلى التمسك بتعاليم الإسلام وتطبيق السلوك الإسلامي بحيث شملت الصحوة الإسلامية داخل الأرض المحتلة سائر شعب فلسطين؟

الشيخ البيتاوي: أنا -بحكم عملي كعضو في الهيئة الإسلامية في القدس- أزور القدس وأتردد عليها وأصلي في المسجد الأقصى في أوقات مختلفة وأقرر لكم هنا أنه قبل الانتفاضة كان لا يتجاوز عدد المصلين في صلاة الفجر في المسجد الأقصى حوالي 50 مصليًّا، بينما بعد الانتفاضة وصل عدد المصلين في صلاة الفجر إلى 300 مصلٍ، وقس على ذلك في بقية المساجد، لقد عَمَرَت كل المساجد الآن بفضل الانتفاضة، أما أكذوبة «أن الدين أفيون الشعوب» فقد سقطت.

المجلة: إذا كانت العودة للتمسك بشعائر الصلاة واحدة من مظاهر الصحوة الإسلامية في فلسطين، فهل هناك مظاهر أخرى للصحوة؟

الشيخ البيتاوي: في الواقع أنا واكبت منذ تخرجي من الجامعة عام 1968 الساحة الفلسطينية، وأضرب لك أمثلة على هذه الصحوة الإسلامية التي تشهدها فلسطين اليوم، فمثلًا أنا زرت في عام 1970 مدينة الناصرة ومدينة عكا وصليت جمعتين في مسجد الجزار ومسجد السلام في هاتين المدينتين، ولم يتجاوز حينذاك عدد المصلين ثلاثين شخصًا، بين شيوخ وكهول وأطفال. ولم يكن في المدينتين سوى مسجد واحد لكل منهما، أما الآن فقد بُني في كل منهما خمسة مساجد تقريبًا، وهذه المساجد تكتظ الآن بالمصلين. وقد دعيت مرة لإلقاء محاضرة في مسجد السلام بالناصرة ولم يتسع المسجد لعدد الحاضرين على ضخامة المسجد، وهذه السنة حضرت مهرجان الفن الإسلامي في كفر قاسم وقد استمر حوالي أسبوع تقريبًا، وما أتصور له مثيلًا على مستوى العالم الإسلامي، فقد كان يحضر هذا المهرجان حوالي عشرة آلاف مسلم يوميًّا. وكانوا يخرجون من المسجد إلى ساحة كبيرة لأداء الأناشيد والمسرحيات الإسلامية حول التراث الإسلامي.

ومن ناحية أخرى أذكر أنني عندما رغبت في الزواج من فتاة محجبة عام 1970 لم أجد واحدة محجبة في نابلس كلها، أما الآن فتوجد في فلسطين آلاف الفتيات المحجبات في الجامعة الإسلامية في غزة وفي جامعة بيرزيت التي أُسست لتصبح مؤسسة تبشيرية، ثم يأتي الشيوعيون ليعزفوا فيها على معزوفة الشعارات الفارغة ومع ذلك توجد في هذه الجامعة اليوم ما يزيد عن 400 طالبة محجبة من أصل ثلاثة آلاف طالب وطالبة تقريبًا، وفي جامعة النجاح أكثر من نصف الطالبات متحجبات، وفي كلية الدعوة كذلك، وقد بدأ الحكم العسكري في الأراضي المحتلة يستغرب من الأمر، وهذا دليل على أن السلطات متضايقة من هذه الظاهرة وأقول أننا عندما نصلي الجمعة في المسجد الأقصى وخاصة في رمضان فإن المشهد لا يختلف عن مشهد موسم الحج في الحرم المكي أو الحرم المدني.

المجلة: سمعنا عن الأفراح الإسلامية في بعض مدن فلسطين المحتلة، فما هي طبيعة هذه الأفراح؟

الشيخ البيتاوي: الأفراح الإسلامية هي من الوسائل الضخمة التي استقطبت آلاف الشباب لقد حضرت أنا شخصيًّا عشرات الأعراس الإسلامية في بلد مثل الناصرة وشفا عمرو وأم الفحم «أم النور» وفي نابلس. ويحضر في العرس الإسلامي حوالي خمسة آلاف شخص فأحيانًا نضطر إلى أن نزوج كل عروسين أو ثلاثة عرسان في آن واحد. وبرنامج العرس الإسلامي كالتالي: يبدأ العرس بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم يبارك كل الحاضرين للعريس بصوت واحد وبالسنة المعهودة: «بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير» ثم تبدأ الأناشيد الإسلامية الجميلة جدًّا التي تتناسب مع الزواج وتدعو إلى الزواج، ثم يبدأ مجموعة من الدعاة في إلقاء دروس دينية تناسب الجو العام، وكل واحد منهم يطرق جانبًا معينًا، فمثلًا بعضهم يطرق موضوعًا يتعلق بأمر الزواج وآخر يتحدث عن الخمر والمخدرات إذا كان العرس في منطقة تنتشر فيها الخمور والمخدرات مثلًا، وفي بعض الأعراس مَثّلوا مسرحية حول الاحتلال الإسرائيلي ركزوا فيها على وسائل إفساد اليهود للشباب عن طريق الحشيش والأفيون.

المجلة: هل تعتقد أن رسالة المسجد في فلسطين المحتلة حققت ذاتها رغم كل وسائل الهدم الاجتماعي والعقائدي التي مارسها الاحتلال وروجها اللادينيون بين أبناء شعب فلسطين؟

الشيخ البيتاوي: المساجد في فلسطين المحتلة هذه الأيام أعمَر بكثير مما كانت عليه قبل عدة سنوات وحتى في الأرض المحتلة قبل عام 1948 في كفر قاسم وفي أم الفحم التي أصبحت أم النور. ولنضرب لكم مثلًا من نابلس التي أعيش فيها. نابلس قبل عام 1967 كان فيها 15 مسجدًا. الآن وبعد حوالي 20 سنة أصبح عدد المساجد 45 مسجدًا، علام يدل هذا؟ وقس على ذلك في كل المدن وكل القرى.

الشعب الفلسطيني شعب مسلم رغم الوسائل الخبيثة التي استخدمها المحتلون لصد الناس عن الإسلام كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ (الأنفال:36) فاليهود استخدموا وسائل الخمر والحشيش ونشرها بينهم واستخدموا سلاح العهر «الزنا» وتجد كل المومسات لها ارتباط بالمخابرات. واستخدموا نشر الفكر الشيوعي وأعلنها صريحة بأن الحزب الشيوعي الفلسطيني ينظم ويخطط له الحزب الشيوعي الإسرائيلي «راكاح» فرغم هذه الوسائل الدنيئة إلا أن الناس يعودون للإسلام وأبرز مظاهر ذلك كثرة إنشاء المساجد، كثرة الفتيات المتحجبات انتشار التيار الإسلامي القوي جدًّا في الجامعات.

المجلة: في السنوات الماضية. رُفعت في الساحة الفلسطينية شعارات ثورية كالاشتراكية وهي شعارات لا تمُت إلى الإسلام بصلة. فأين هذه الشعارات الآن؟

الشيخ البيتاوي: هناك بعض الشعارات ضعُفت كثيرًا، فعلى سبيل المثال كان للحزب الشيوعي ثقل في الأرض المحتلة عام 1948 وخاصة في أم الفحم «أم النور حاليًّا» حيث تحول أهلها من الفكر الماركسي إلى الإسلام. وقد أصدر الحزب الشيوعي بهذه المناسبة بيانًا بعنوان «خسائرنا» أعلن فيه أن نسبة من تساقط من الحزب الشيوعي في أم الفحم وحدها وصل إلى 90 شخصًا في يوم واحد، حيث كان عندنا عرس إسلامي اشترك فيه فضيلة الشيخ أحمد الحاج علي والشيخ أحمد أبو فؤاد وأبو زيد والفقير لله تعالى والشيخ عبد الله نمر وكثير من الشباب الإسلامي، وكان الاحتفال في الساحة العامة بمكبرات الصوت لكل البلد من المغرب حتى منتصف الليل وكان الاحتفال ملاصقًا لمقر الحزب الشيوعي في أم الفحم وعندما استمع الشيوعيون إلى ما قيل في الاحتفال الضخم شاء الله أن يشرح صدور العشرات منهم إلى الإسلام.

وأعرف شخصًا ما في منطقة الناصرة، انضم في الحزب الشيوعي منذ عشرين عامًا. شاء الله أن نحيي عرسًا إسلاميًّا في منطقة الناصرة، تعرفنا عليه فسألناه ما الذي جعلك تعود إلى الإسلام بعد عشرين عامًا في الحزب الشيوعي فقال: أنا حضرت أكثر من احتفال إسلامي ولم أكن أعرف أن الإسلام فيه نظام اقتصادي وعدالة وأخلاقيات. فشرح الله صدري. والآن هو حرب على الشيوعيين.

الشيوعيون ينظمون الشباب أولًا عن طريق الجنس - كاليهود لأن الذي أسسهم يهودي- يستدرجون الشباب في سن المراهقة باسم التقدم والسلام وضد الإمبريالية. إلخ ولكن في البداية يربطونه بالجنس مع الفتيات ويخربونه خُلقيًّا ثم يربونه عقائديًّا.

لذلك فالتيارات غير الإسلامية تتلاشى - كالموديلات. والموديل في علم الاجتماع آني. فالأفكار غير الإسلامية مؤقتة ولا بد أن يرجع الناس إلى الأصالة وهو الإسلام. فالشعب الفلسطيني شعب مسلم وإذا انحرف عن الإسلام في مرحلة معينة نتيجة ظروف داخلية وعالمية فإنه الآن يعود إلى الإسلام بقوة ولن تستطيع قوى الأرض أن توقف عودة الفلسطينيين وبالذات الذين هم في الداخل إلى الإسلام الذي هو دين الله.

المجلة: لو اتفقت القوى الكبرى على حل للقضية الفلسطينية حلًّا لا يرضي طموحات شعب فلسطين. فكيف تتوقعون أن يواجه شعب فلسطين هذا الحل؟

الشيخ البيتاوي: نحن كمسلمين نقول: إن كل فلسطين من البحر إلى النهر هي أرض إسلامية ولا يجوز التفريط بشبر واحد من فلسطين. وإذا عجز الشعب الفلسطيني أو الأمة الإسلامية في هذه الأيام عن إعادة فلسطين إلى الإسلام وتحريرها فلسوف يُخرج الله -عز وجل- من أصلابنا من يحررها من أعدائها الصهاينة كما حرر المسلمون فلسطين من الصليبيين في عهد صلاح الدين وكما حررها المماليك من التتار. كان المسلمون أكثر انقسامًا من هذه الأيام وعندما جاء الصليبيون، وحدّهم الله -عز وجل- بالإسلام وكان الصليبيون أقوى بكثير من اليهود؛ هذا هو موقف الإسلام؛ إنه لا يساوم على شبر واحد من فلسطين فأنا كمسلم، وكفلسطيني لا فرق عندي بين مدينة أريحا ومدينة يافا وحيفا ونحن نقول: يجب أن يلتزموا بالمبادئ التي انطلقوا منها عام 1965 وهي تحرير كامل التراب الفلسطيني.

المجلة: ماذا تطلبون من الشعب الفلسطيني في الخارج؟

الشيخ البيتاوي: نحن نطلب من الشعب الفلسطيني في الخارج أولًا أن يعود لإسلامه بقوة كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ﴾ (الحديد:16) فالأمة الإسلامية نُكبت هذه النكبة بسبب معاصيها لأن الله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئًا، ونحن عندما أعرضنا عن الإسلام منذ نصف قرن أو أكثر حصدنا هذه المأساة وهي احتلال أرض المسلمين وتشريدهم.

وقد حذرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «وما نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم.»

وننصح الشعب الفلسطيني كذلك ألا ينخدع بأي طرح، بأي فكر، بأي حزب، بأي توجه غير التوجه الإسلامي وإلا فإن المحنة ستطول وقد تضيع فلسطين -لا سمح الله- إلى الأبد كما ضاعت الأندلس، ولكننا بقدر ما نعود إلى الإسلام بقدر ما نكون قريبين من تحرير فلسطين. نحن عائدون للإسلام، هناك تحول قوي للإسلام في فلسطين، وأملنا في الله كبير أن يأتي الوقت قريبًا لتخليص البلاد والعباد من المحتل فنحن ننصح شعبنا بتقوى الله وأن يبتعد عن مظاهر الترف هذا الوباء الذي انتشر في كثير من البلاد العربية أصاب شعبنا الفلسطيني. تجد إخواننا الذين في عمان يعيشون حياة ترف عجيبة بينما أهله يعيشون حياة الضنك، فنحن نطالب الشعب الفلسطيني أن يهتم بقضيته وأن يترك اللامبالاة. وتنصح كل أهل بلد أن يبعثوا لأقاربهم الفقراء في الأرض المحتلة. وعلى سبيل المثال من أهل بلدنا في الكويت حوالي 500 رب أسرة، فلو تعاونت هذه الأسر الفلسطينية لاستطاعت أن تسهم في تخفيف المعاناة عن الناس الفقراء في فلسطين، وأنا متأكد أن آلاف الأسر الفلسطينية في فلسطين يمضي عليها شهر ولا تأكل اللحم ربما يكتفون بفرخة ثمنها دينار أو نصف دينار فالرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر».

إننا ننصح ألا يميل المسلمون إلى الترف، وأن يبتعدوا عن المعاصي لأننا دفعنا ثمن المعاصي. فالأمة نُكبت هذه النكبات سنة 1948 وسنة 1967 لأنها أعرضت عن ذكر الله، والله عز وجل يقول: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ (طه:124)

المجلة: ماذا تطلبون من المنظمات الفلسطينية خارج الأرض المحتلة؟

الشيخ البيتاوي: نحن نطلب منها -وإن كان هذا الطلب لا يُلبى- أن تترك الأيديولوجيات غير الإسلامية، فكل شعب يريد أن يحرر بلده يجب أن يتبنى عقيدة الشعب فالثورة الجزائرية انطلقت باسم الإسلام وحررت الجزائر من فرنسا، والثورة الفيتنامية تبنت عقيدة الشعب وهي الماركسية وقد حررت الأمريكان، فأنا أستغرب جدًّا كيف أن الكيان الصهيوني يقوم على أساس عقائدي ديني فتجد في الجيش الإسرائيلي اليهودي العربي واليهودي الروسي واليهودي الأوروبي. وأسموا دولتهم باسم ديني «إسرائيل». وأطلقوا على برلمانهم اسم «كنيست» من الكنيس، ويشترطون على رئيس الدولة أن يكون حافظًا للتوراة عارفًا بما فيها. المناهج التعليمية في الكيان الإسرائيلي تقرر 12 حصة دينية في الأسبوع. إذًا هؤلاء يحاربوننا على أساس عقائدي، ويجب أن نحاربهم بالعقيدة الإسلامية ولا نتبنى غيرها. فنحن شعب مسلم يحتاج إلى عقيدة إسلامية.

المجلة: ماذا تطلبون من حكومات العالم الإسلامي؟

الشيخ البيتاوي: إن الله سائلهم عن هذه المسؤولية. نقول هذا الكلام ونرجو أن يصل إليهم: القضية الفلسطينية قضية إسلامية فواجب كل المسلمين -الشعوب والقادة- أن يعملوا كل جهدهم كي ينقذوا فلسطين.

المجلة: جزاكم الله خيرًا يا فضيلة الشيخ ونبتهل إلى المولى جل شأنه أن ينصر إخواننا على عدوهم، وأن يؤيدهم بكل وسائل الانتصار المنشود وإلى الملتقى ثانية داعين المولى أن نزوركم في الأقصى وما ذلك على الله بعزيز والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الرابط المختصر :