; ماذا يقول رجال القانون والاقتصاد في المرسوم رقم 57/ 82؟ | مجلة المجتمع

العنوان ماذا يقول رجال القانون والاقتصاد في المرسوم رقم 57/ 82؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 12-أكتوبر-1982

مشاهدات 13

نشر في العدد 590

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 12-أكتوبر-1982

المرسوم غير دستوري لأنه يخل بمبادئ العدالة ويخل بحقوق الناس والضمانات التي وفرها الدستور والقوانين.

* أخطر وأهم خطأ ارتكبته وزارة التجارة هو السماح ببيع الأجل للأسهم بشروط وجودها وعدمها على حد سواء.

* إذا أقر المرسوم رغم مخالفته للدستور فإنه يكون باطلًا وللمحكمة أن تقرر هذه المسألة.

* المطلوب حاليًا إيجاد مخرج لهذه الأزمة التي تضرر منها الاقتصاد الكويتي.

* يجب أن يكون هناك الجزاء الرادع، وإلا ما يمنع أن تتكرر هذه الأزمة؟

أثار المرسوم بقانون رقم 57 لسنة 1982م في شأن المعاملات بأسهم الشركات التي تمت بالأجل لغطًا واسعًا في جميع الأوساط الكويتية.. فقد اعتبره البعض عقدة جديدة مضافة إلى عقد الأزمة الاقتصادية الراهنة.. واعتبره البعض الآخر غطاء لحماية الحرامية الكبار واللصوص المحترفين.. واعتبره آخرون ثغرة جديدة تستغل لمصالح أخرى.

واتفق معظم الجادين من المثقفين والمعنيين بالأمور على أنه خرق صارخ للدستور.. واعتداء واضح على القوانين.. ولم يشذ عن هذا الرأي سوى صانع هذا القانون.. وهو الحكومة ورجالها.. وقد استخدم وزير العدل الحالي -في مجلس الأمة- جميع المغالطات لإقناع النواب بدستورية هذا القانون.. وانطلت هذه المغالطات على رجال الحكومة وبعض المساكين من النواب.. أما النواب الشرفاء -كالنائب الشجاع المحترم محمد الرشيد- فقد وقفوا بالمرصاد لمثل هذه المغالطات وفندوها.

وقد قامت مجلة المجتمع بطرح مجموعة استفسارات حول هذا القانون على رجال القانون والاقتصاد من الأكاديميين حتى لا تدع لمثل حديثي التجربة بالقانون بالاستمرار في المغالطات.. وقد استفسرت «المجتمع» من الدكتور «طعمة الشمري» أستاذ القانون التجاري بكلية الحقوق في جامعة الكويت حول هذا القانون بالآتي:

المجتمع: ما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى أزمة سوق المناخ؟

  • الأسباب التي أدت إلى أزمة سوق المناخ قد تكون كثيرة، ولكن أهمها الأسباب التالية: 

أولًا: تعطيل أحكام القانون وانعدام الرقابة الحكومية.

يخضع التعامل بالأسهم، سواء في المناخ أو في سوق الأوراق المالية «البورصة» لأحكام القانون رقم 32/ 1970 الخاص بتداول أسهم وسندات الشركات الكويتية وغير الكويتية، وإلى قانون الشركات التجارية الكويتي رقم 15/ 1960.

والقرارات الوزارية المفسرة والمنفذة لأحكام هذين القانونين، وفقًا للمادة الأولى من القانون 32/ 70 لا يجوز تداول أسهم ما يسمى بالشركات الخليجية؛ لأنه لم يرخص لحد الآن لهذه الشركات بتداول أسهمها بالكويت، باستثناء شركة الخليج الاستثمارية العقارية وشركة الخليج للتنمية العقارية المسموح بتداول أسهمها في سوق الأوراق المالية. ورغم هذا فإن تداول أسهم هذه الشركات يتم تداوله تحت نظر وعلم وتشجيع وزارة التجارة حيث يقبل الكثير من المسئولين بالدولة والمواطنون على المساهمة وشراء وبيع أسهم هذه الشركات، ويقوم الدلالون ببيع أسهمها ويصدرون نشرات بأسعار هذه الأسهم.

ولا يجوز وفقًا لقانون الشركات التجارية الكويتي تداول أسهم الشركات الكويتية -المساهمة العامة والمقفلة- قبل مضي 12 شهرًا من تأسيسها، أو صدور أول ميزانية أيهما أطول بالنسبة للمساهمين، وكذلك لا يجوز تداول أسهم المؤسسين قبل مضي ثلاث سنوات. ومع هذا فإن المساهمين والمؤسسين للشركات الخليجية والشركات المقفلة الكويتية يقومون ببيع أسهم هذه الشركات بمجرد تأسيسها. كما أن قانون الشركات يحظر على أعضاء مجالس إدارات الشركات بيع أسهمهم، أو بيع أو شراء أسهم الشركات التي هم أعضاء فيها، أو الاستفادة من المعلومات التي تصل إليهم بحكم مراكزهم عن أوضاع الشركة المالية، أو تسريب هذه المعلومات لأقاربهم ومعارفهم. ومع هذا فإن أعضاء مجالس الشركات المساهمة المقفلة «أو بعضهم على الأقل» وأعضاء مجالس الشركات الخليجية يقومون بالتصرف بأسهمهم وبالاستفادة من المعلومات التي يحصلون عليها، بحكم مناصبهم، عن أوضاع الشركات المالية، وكل هذا على خلاف أحكام القانون، وعلى خلاف مبادئ العدالة ومبادئ حسن النية، ورغم ذلك فإن وزارة التجارة لم تتحرك، على الأقل بالنسبة للشركات المقفلة الخاضعة لقانون الشركات، لوقف مثل هذا التعامل المخالف للقانون. كما أن الشركات الخليجية يجب أن تخضع لأحكام القانون الكويتي طالما أسهمها تتداول في الكويت، وألا تكون في مركز أفضل من الشركات الكويتية.

وأخطر وأهم خطأ ارتكبته وزارة التجارة هو السماح بالبيع الآجل للأسهم بشروط وجودها والعدم على حد سواء؛ فقد كانت وزارة التجارة حتى سنة 1980م تخضع البيع الآجل لقيود معقولة للحد من البيع الآجل باعتباره استثناء من الأصل العام، وهو البيع النقدي. ولكن السماح بالبيع الآجل للأسهم فتح الباب على مصراعيه أمام المضاربين مما تسبب في حدوث الأزمة الحالية وأزمة الشيكات بدون رصيد، وبانقلاب القيم والموازين حيث أصبح الأصل هو البيع بالمدة، والبيع النقدي هو الاستثناء. وهذا من واقع إحصائيات موجودة، حتى بالنسبة للسوق الكويتية، حيث أصبحت نسبة البيوع الآجلة أكبر من نسبة البيوع النقدية.

ويبدو بأن الدولة قد خضعت لضغوط أصحاب المصالح فتعطلت أحكام القانون وانعدمت الرقابة الإدارية، بل يبدو أن النصائح والاستشارات التي تقدم إليها تفتقر إلى الأمانة والصدق، فضاعت هيبة الدولة وتضرر الاقتصاد الوطني، أو ضاع الأمن الاقتصادي.

ثانيًا: فوضى تأسيس الشركات الخليجية والمقفلة

خلال فترة وجيزة تم تأسيس الكثير من الشركات الخليجية والمساهمة المقفلة وبرؤوس أموال ضخمة، مما تسبب في امتصاص السيولة النقدية من جيوب الكثير من المستثمرين في السوق، ومما دفعهم إلى «ابتكار فكرة» التمويل عن طريق البيع الأجل، وهذا كله تسبب في حدوث الأزمة أو على الأقل ساهم فيها.

ثالثًا: المضاربات المحمومة على تداول الأسهم

ارتفاع أو انخفاض أسعار الأسهم في أي سوق في العالم يعتمد على عائد السهم أو الأرباح التي يحققها، وذلك بناء على توقعات ومعلومات صحيحة ودقيقة تصدرها الشركات من حين إلى آخر. ولكن سعر السهم لا يعتمد على العرض والطلب. أما في الكويت فإن الذي يحدد سعر السهم هو العرض والطلب، والذي قد يكون مفتعلًا وغير حقيقي، حيث لا يوجد قانون ولا رقابة حكومية تمنع المضاربات الوهمية والرفع المفاجئ لأسعار الأسهم في سوق المناخ، مما تسبب في تجزئة أسهم الشركات الخليجية وتأسيس المزيد منها لإشباع الجشع والطمع الذي ترسخ في نفوس كبار المستثمرين في هذه السوق، ولامتصاص السيولة من صغار المستثمرين. هذه المضاربات المفتعلة دفعت بأسعار الأسهم إلى ارتفاع لا يتصوره عقل، مما جعل قابلية التداول لهذه الأسهم بين فئة قليلة من المضاربين. وهذا دفعهم إلى اختراع فكرة البيع الآجل لتمويل الصفقات الكبيرة ولسداد التزاماتهم. وهذا كله تسبب في عدم قدرة هؤلاء المضاربين على سداد التزاماتهم لاستحالة ذلك؛ لأن ما لهم وما عليهم يعادل ميزانية الدولة أو ميزانية عدة دول.

المجتمع: ما رأيك بالقول: إن المرسوم قد جاء معطلًا لدور القضاء والنيابة العامة ومخالفًا لبعض مواد الدستور كالمادة «50» والمادة «166» والمادة «167» من الدستور؟

  • الأصل أن النيابة العامة هي التي تتولى التحقيق في الجنايات باعتبارها الممثل العام للمجتمع، وأن القضاء هو المختص بنظر النزاعات أيًّا كان نوعها بين الأفراد أو الأشخاص. ويجوز إنشاء محاكم استثنائية لاعتبارات معينة كاختصار نفقات التقاضي، أو للسرعة، بشرط عدم المساس بحقوق الناس أو بالضمانات اللازمة لهذه الحقوق. ولا شك أنه يجوز، وفقًا للمادة 71 من الدستور، للأمير بإصدار مراسيم لها قوة القانون إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وبشرط ألا تكون هذه المراسيم مخالفة للدستور.

ولهذا لا نعتقد أن في المرسوم رقم 57/ 1982 اعتداء أو إخلال بمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة 50 لأن الأمير يمارس حقًّا مخول له دستورًا. ولكن السلطة القضائية، وفقًا للمادة 53 من الدستور، تتولاها المحاكم باسم الأمير وفي حدود الدستور، أي أن الأصل أن المحاكم هي المختصة بتولي شئون القضاء ولا يجوز لغيرها أن يتولى مثل هذه المهمة إلا على سبيل الاستثناء، وفي حدود الدستور والقوانين المرعية؛ ذلك لأن التقاضي أمام المحاكم فيه ضمانات كثيرة للمتخاصمين وإمكانية توفير العدل وتحقيق العدل واردة، فالعدل أساس الملك، خاصة وأن هناك درجات من التقاضي -محكمة كلية ومحكمة استئناف ودائرة تمييز- فإذا أخطأ قاضي في درجة من درجات التقاضي أمكن تلافي مثل هذا الخطأ في الدرجة الأعلى منها وهكذا. ولكن نجد أن المرسوم قد أغلق باب القضاء في وجه المدعين وأجبرهم على اللجوء إلى هيئة تحكيم أحكامها النهائية غير قابلة للاستئناف، رغم احتمال الخطأ في تطبيق القانون أو تحقيق العدل؛ لأن أربعة من أعضائها الخمسة ليسوا بقضاة ولا حتى برجال قانون، فكيف تكون أحكامها نهائية؟! وفي هذا ظلم واعتداء على الضمانات التي كفلتها القوانين، بالإضافة إلى الدستور للمتخاصمين، وبالتالي يكون بمرسوم «غير دستوري» لأنه يخل بمبادئ العدالة ويخل بحقوق الناس والضمانات التي وفرها الدستور والقوانين الأخرى لهم خاصة المواد 53 و164- 167. كما أن النيابة هي المخولة دستورًا وقانونًا بتولي التحقيق في الجنايات، ولا شك أن إصدار شيك بدون رصيد من جرائم الجنايات، فكيف تمنع من تولي التحقيق فيها؟! ففي هذا مخالفة دستورية لنص المادة 167 من الدستور، والتي تجيز استثناء لجهات الشرطة فقط أن تتولى التحقيق في الجنح.

يضاف إلى هذا كله أمر خطير آخر، وهو أن اللجوء إلى هيئات التحكيم لا يفرض على الأشخاص، ولكن الأشخاص بمحض إرادتهم وبكامل رغبتهم يلجئون إلى هيئات التحكيم، فكيف يفرض المرسوم عليهم اللجوء إلى هيئة تحكيم؟! حيث لا ضمانات لحقوقهم، وحيث أحكامها انتهائية، بينما يجوز للخصوم الاتفاق على جواز استئناف حكم المحكمين، وذلك وفقًا للمادة 186 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 38/ 1980 «انظر كذلك المادة 173». كما يجوز وفقًا لهذه المادة الطعن ببطلان حكم المحكمين في بعض الحالات.

المجتمع: ماذا يعني مخالفة المرسوم لإحدى المواد الدستورية؟

  • إذا صدر المرسوم مخالفًا للدستور فإنه يكون باطلًا، أو تكون المادة المخالفة للدستور باطلة. ويجوز الطعن بعدم دستورية المرسوم بعد إقراره من مجلس الأمة، أو بعدم دستورية المواد المخالفة منه أمام المحكمة الدستورية أو إثارة عدم دستورية هذا القانون أمام القضاء العادي، والذي بدوره يحيل هذه المسألة إلى المحكمة الدستورية لتقول رأيها فيها.

المجتمع: كشفت أزمة سوق المناخ عن تورط بعض المسئولين في الدولة ومجلس الأمة.. فهل تعتقد أن المرسوم جاء ليغطي على هؤلاء ويحمي كبار المتلاعبين بالسوق؟ 

  • هذه المسألة لا يمكن الجزم فيها، وإن كانت هناك بعض الشواهد تدل على أن تدخل الحكومة أتى متأخرًا بعد أن أودع بعض المضاربين السجن واتخذت ضدهم الإجراءات القانونية، ثم أوقفت هذه الإجراءات وأطلق سراحهم بدون ذكر السبب. وهذا يدل على تدخل السلطة التنفيذية في شئون السلطة القضائية، مما يعد مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة 50 من الدستور.

المجتمع: ما الآثار التي تترتب على موافقة مجلس الأمة على المرسوم إذا كان غير دستوري؟

  • لا يجوز دستوريًّا لمجلس الأمة أن يقر مرسومًا بقانون أو حتى قانون عادي إذا كان هذا القانون مخالفًا للدستور. فإذا أقر المرسوم رغم مخالفته للدستور فإنه يكون باطلًا، وللمحكمة أن تقرر هذه المسألة كما سبق وأن ذكرنا.

ويجب أخيرًا ملاحظة أن احترام نصوص الدستور والقوانين يحقق العدل الذي هو أساس الملك، ويكفل استقرار العلاقات والمراكز القانونية. وفي كل هذا مصلحة عظيمة للحاكم والمحكوم على حد سواء. كما يجب المحافظة على السمعة الطيبة التي كسبتها الكويت في جميع الحالات -السياسية والاقتصادية والاجتماعية- ولا يجوز للدولة أن تفرط في هذا كله خضوعًا لما يسمى «بمجموعات الضغط» التي تهدف إلى حماية مصالحها، سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، ومهما كانت التكلفة حتى ولو كانت المصالح الاقتصادية العليا للبلاد ومصالح الغالبية العظمى للمواطنين.

ومن هذا المنطلق يجب على الحكومة أن تشكل لجان تحقيق لتقصي الحقائق حول الأسباب الحقيقية للأزمة ومعرفة كبار المتلاعبين، وكيفية تكوين رءوس الأموال الضخمة التي يملكونها. وهل هذه الأموال لا زالت في الكويت أم تم تهريبها خارج البلاد؟. كما يجب التحقيق مع أعضاء مجالس إدارة الشركات الخليجية والشركات المقفلة، وكذلك مؤسسيها لمعرفة تصرفاتهم في الفترة السابقة على حدوث الأزمة، وهل قام هؤلاء باستغلال أموال الشركات لمصالحهم الشخصية؟ وهل استفادوا من المعلومات المتاحة لهم بحكم مناصبهم عن أوضاع الشركات؟! كما يجب التحقيق مع أعضاء مجالس إدارة المصارف «البنوك» المتورطة في الأزمة؛ لأنه يبدو أن هؤلاء قد ارتكبوا «جرائم خيانة الأمانة» وتلاعبوا بأموال المصارف.

ويجب أيضًا على مجلس الأمة أن يشكل لجانًا مماثلة لمعرفة حقائق الأمور، وتزويد الشعب الكويتي بمعلومات صحيحة ودقيقة، فالكويت قد ضاعت سمعتها، كما ضاعت الثقة في الوسط التجاري، ولا يجوز التغطية أو التستر على الأمور.

كما توجهت المجتمع للدكتور خالد البودي أستاذ المحاسبة في كلية التجارة والاقتصاد، وأحد قياديي بيت التمويل الكويتي.. فكان هذا الحوار:

المجتمع: ما هي في نظرك الأسباب الحقيقية وراء أزمة سوق الأوراق المالية الموازي المسمى بسوق المناخ؟

  • إن السبب الرئيسي وراء أزمة سوق المناخ هو ذلك التصاعد السريع في أسعار الأسهم، وخاصة أسعار البيع الآجل، والذي لا يستند إلى مبررات اقتصادية حقيقية، وإنما يعكس تكهنات وتوقعات المتداولين غير الواقعية، وفي أحيان كثيرة يرجع إلى تصرفات بعض المتعاملين في السوق التي أدت إلى ارتفاع غير طبيعي ومفتعل في الأسعار تحقيقًا لمصالحهم الخاصة. إن ما حدث لم يكن مفاجأة؛ حيث إن الحقوق والالتزامات المالية الضخمة التي نتجت عن صفقات المناخ أكبر بكثير من قدرة المتعاملين على الوفاء.

إن سوق المناخ بالتأكيد لم يكن يمثل سوقًا منتظمة لتداول الأسهم ولا تتوافر له الأركان الأساسية لهذه السوق، وإنما كان هنالك تداول يتم بدون ضوابط ومضاربات تتم بصورة عشوائية، لذلك فإن ما حدث كان متوقعًا في ظل هذه الظروف.

المجتمع: هل ترى أن المرسوم بقانون بشأن المعاملات بأسهم الشركات التي تمت بالأجل جاء كحل حقيقي ومناسب للأزمة الحالية التي يشهدها سوق المناخ؟

  • إن المطلوب حاليًا هو إيجاد مخرج من هذه الأزمة التي تضرر منها الاقتصاد الكويتي، وأن سياسة الحزم مع من كان لهم دور رئيسي في الانتهاء إلى هذا الوضع كفيلة بالحد من احتمالات تكرار ما حدث، فإذا كان تطبيق المرسوم بقانون رقم 57/ 82 يحقق ذلك، وأن اللجنة التي شكلت وفقًا لهذا المرسوم سوف تكون لها صلاحيات فعلية وحرية في العمل، فإنه قد نصل إلى حل لهذه الأزمة خاصة إذا ألقت اللجنة نظرة فاحصة ومتمعنة على الحالات المعلقة، وفرقت بين المتسبب أو المتلاعب، وبين المنجرف والمتضرر؛ حيث إن هنالك بعض الذين أغرتهم الأرباح السهلة والسريعة فاندفعوا إلى السوق وتراكمت عليهم التزامات البيع الآجل، ثم فوجئوا بما حدث وأصبحوا في مأزق، إن أمثال هؤلاء يعتبرون ضحايا هذه السوق خاصة، وأن بعضهم باع أثمن ما يملك في سبيل الكسب السريع. إن هؤلاء يجب أن ينظر لهم نظرة خاصة ولو أخذ القانون مجراه لأصبح مكانهم السجون وتشردت عائلاتهم، ونتج عن ذلك أزمة اجتماعية خطيرة إلى جانب الأزمة الاقتصادية.

المجتمع: ما رأيك بالقول: إن المرسوم المذكور آنفًا قد جاء معطلًا دور القضاء والنيابة العامة ومخالفًا لبعض المواد الدستورية كالمادة «50» من الدستور والتي تنص على مبدأ فصل السلطات بين السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية، أو المادة «166» من الدستور، والتي تنص على أن تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية للمجتمع؟

  • إن هذا قد يكون واردًا إذا نظرنا بتجرد للموضوع، ولا شك أن الفصل بين السلطات يعتبر مطلبًا أساسيًّا في ظل نظام دستوري، ولكن إذا ألقينا نظرة واقعية على هذه الأزمة لوجدنا أنها تمس قطاعًا لا يستهان به في المجتمع، كما أن الالتزامات التي نشأت كان مصدرها ظاهرة غير طبيعية، فلو أخذ القانون دوره دون معالجة خاصة للمشكلة القائمة، ففي اعتقادي أننا قد لا نصل إلى حل، وأن الأزمة سوف تستمر مع ذلك؛ فإن تطبيق المرسوم بقانون رقم 57/ 82 لحل الأزمة الحالية يجب ألا يكون منفذًا في صالح المتلاعبين، وإنما يجب أن يكون موجهًا ضدهم، وأن يستخدم الشدة تجاههم، وهذه المسئولية تقع على اللجنة وهي ليست بالمهمة السهلة، وإذا لم تتمكن اللجنة من الوصول إلى ذلك فإن عليها إعلان ذلك، وفي هذه الحالة فإنه لا مناص من اللجوء إلى القانون. إن تعطيل حق التقاضي يجب ألا يكون وسيلة للتستر على بعض الفئات المتلاعبة، ويجب أن يكون هنالك الجزاء الرادع، وإلا فإنه ليس هنالك ما يمنع أن يتكرر ما حدث في المستقبل.

المجتمع: هل تعتقد أن هذا المرسوم سيرضي جميع الأطراف المعنية والمتضررة، أم سيخدم كبار المتلاعبين في السوق وبعض الجهات المسئولة في الدولة؟

  • إن ذلك مرتبط أساسًا بمدى استقلالية اللجنة وقدرتها على استخدام صلاحياتها وتنفيذ قراراتها، وهذه تعتبر أمور أساسية في عملها. إن إيجاد حل لهذه المشكلة يعتبر مطلبًا شعبيًّا ملحًّا، والأهم من ذلك هو وضع الضوابط ودعم أجهزة الرقابة في الدولة لمنع تكرار ما حدث. إن ما حدث كان بالإمكان تجنبه عن طريق الحزم في تطبيق القوانين وباستخدام سياسات اقتصادية مدروسة أن تداول أسهم الشركات الخليجية والشركات المقفلة يعتبر تصرفًا غير قانوني، وكان بالإمكان منعه بقوة القانون، كما أن ضخ السيولة النقدية إلى الاقتصاد المحلي كان ولا زال في حاجة إلى تنظيم، بحيث لا تتراكم الفوائض النقدية في أيدي الأفراد دون وجود منافذ أو مجالات استثمارية إنتاجية، فتؤدي كما حدث فعلًا إلى تضخم في أسعار الأسهم والعقار وإيقاع الضرر بأصحاب الدخول القليلة، كذلك فإن سياسة منح الائتمان من قبل البنوك التجارية والتوسع فيها أدى إلى تفاقم الوضع؛ حيث إن البنوك دخلت بأموالها في السوق عن طريق الإقراض، وشجعت الكثيرين على التوسع، ومن ثم التورط، وأن البنك المركزي كان بالإمكان أن يصبح أكثر حزمًا ويمارس دوره الأساسي في مراقبة عمل البنوك التجارية والحد من عمليات الإقراض للمتعاملين في السوق.
الرابط المختصر :