العنوان ما زالت الكلمة محور الإعلام .. المجتمع في يوبيلها الفضي.. كلمة حق وعرفان
الكاتب إبراهيم المصري
تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1995
مشاهدات 13
نشر في العدد 1142
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 21-مارس-1995
الذكرى السادسة والعشرون لصدور مجلة المجتمع أجدها فرصة للحديث عن الإعلام في عالمنا العربي، ذلك أن كثيرًا من الناس فقدوا ثقتهم بكل القيم، وبصدقية الإعلام على وجه الخصوص؛ لأن الإعلام تحول إعلانًا وترويجًا وتسويقًا لكل المنكرات القائمة ابتداء من منكر مصادرة الحريات، ومرورًا بالمنكرات السياسية التي ترتكب باسم الواقعية، وانتهاء بالمنكرات الأخلاقية المعروفة، وكما أن الإنسان الملتزم يجد نفسه هذه الأيام مضطرًا لأن يبذل جهده وماله وعرقه ودمه أحيانًا دفاعًا عن كرامته وأرضه وعرضه، فينبغي أن يؤدي واجب الدفاع عن الحريات في بلده، وأهمها حرية الإعلام في أن يقول كلمة الحق دون أن يخشى في الله لومة لائم، وأن يسدد المسار، ويلفت إلى الأخطاء؛ لأننا بتنا في عالمنا العربي في قاع الهاوية، ولن يستطيع من بيدهم الأمر أن يدفعونا إلى ما هو أبعد من قعر هذه الهاوية.
الإعلام بهذا المعنى -وفي مفهومنا نحن المسلمين الملتزمين- هو «البلاغ».. وهو يحمل قداسة البلاغ ووجوبه، وهو الذي يخاطب الله به رسوله حين قال: ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ (الشورى: 48)
وطالما نحن نتحدث عن المجتمع، فلا بد من كلمة عن الصحافة قالوا إن وسائل الإعلام المستحدثة، مرئية ومسموعة، قد أنهت دور الإعلام المقروء، بسبب الأمية المتفشية في العالم العربي ولسهولة تناول الإعلام الإذاعي والتلفزيوني، لكني أقول بأن بلدًا كلبنان -مثلًا- فيه ما يزيد عن مائة وخمسين محطة إذاعية، وحوالي خمسين محطة تلفزيونية، فضلًا عن الموجات الفضائية العربية والأجنبية، كل هذا لم يستطع إنهاء دور الصحيفة اليومية أو المجلة الأسبوعية.
كذلك فإن هيئة الإذاعة البريطانية، بموجاتها الإذاعية والمتلفزة عبر العالم وجدت نفسها مضطرة لإصدار «مجلة» باللغة العربية منذ أسبوع؛ لأن المهم في الإعلام ليس الصورة الملونة ولا الأغنية الرائجة، ولا الورق المصقول، بل الأهم من كل هذا هو الكلمة، أن تكون حرة وصادقة وملتزمة سواء خرجت حية من فم خطيب أو ناطقة عبر إذاعة أو مصورة عبر موجة متلفزة، أو مكتوبة على ورق، ولقد بقيت الكلمة هي محور الإعلام، وهي ما ينبغي التركيز عليه كي نستعيد ثقة الناس بوسائلنا الإعلامية بصدقها وأمانتها، وإن لم نستطع استعادة هذه الثقة فعبثًا نحاول.
عفوًا إذا كانت قد استغرقتني هذه الهموم لأنها تغيب عنا نحن العاملين في هذا الميدان إلى جانب الهموم اليومية كارتفاع سعر الورق ومشاكل التوزيع، وضيق هامش الحرية في معظم أقطارنا العربية.
بقي أن أقول للزميلة «المجتمع»، عمرًا مديدًا. ورأيًّا سديدًا، ونموذجًا فريدًا في الإعلام الإسلامي إن شاء الله، وكل عام و«المجتمع» وأسرة تحريها وقراؤها بخير..
المجتمع في يوبيلها الفضي.. كلمة حق وعرفان
بقلم: الدكتور أحمد يوسف
مدير المؤسسة المتحدة للدراسات والبحوث واشنطن
في عالم إسلامي عريض ممتد، أثخنته الجراح وأدمته المآسي، حتى أثقلت عيناه بدموع الشكوى ونداءات الألم والحسرة، وأنات الأمهات الثكلى وآهات العذارى في الهم تشقى وحشرجات المستضعفين تطفح عبراتها حرى.. كانت «المجتمع»، شريان الخبر والصورة، تنقل للمسلمين في كل مكان أحوال إخوانهم في مواطن الشدة والأزمة والمعاناة، فتتفاعل بالدعم والمناصرة قلوب المسلمين وجيوبهم.. فكم من المآسي والنكبات التي حطت رحالها على ديار المسلمين حملت «المجتمع» همها، وانتفضت معبأة مشاعر المسلمين من أجلها.. فكانت محطة خير، وقاطرة إغاثة، وبلسم شفاء.. وكم عدوان على المسلمين عرت فيه «المجتمع»، هوية المعتدين عن دوافعهم....
وكم من أقلية مسلمة ألقت عليها صفحات «المجتمع» التعريف، وقاربت مع شعوبها خطوط الأخوة والأنتماء والهوية، وكانت لهم بمثابة بوصلة الرشد والاهتداء.. وكم من جراح في أفغانستان وفلسطين والبوسنة والشيشان كانت لها المجتمع -أقلامًا وصفحات- بلسما ودواء.
فلــ «المجتمع» في يوبيلها الفضي عاطر التحية والعاملين فيها جميل السلام.. فلقد طالعنا على صفحاتها بواكير ثقافتنا الإسلامية وتوجهاتنا الحركية، وتعرفنا من خلالها على خريطة الوجود الإسلامي والصحوة الإسلامية، وكبرنا معها لتشهد عمارتها لنهضة إسلامية إعلامية في مجالات التحليل والمتابعة والتغطية الميدانية للخبر والأحداث في لغة موضوعية بعيدة عن نعرات المواطنة والحدود، لغة تجمع ولا تفرق وتمد بين حبل المودة والوصال.. لقد كانت «المجتمع»، كمجلة هي الصحيفة الرسمية لجيل الصحوة الإسلامية، والناطق الرسمي باسم هذا الجيل فهنيئًا لجمعية الإصلاح الاجتماعي بهذه الرسمية، ودعاؤنا بتعاظم هذا الجهد بما يرفع مكانة العمر ويباركه ويزكيه.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل