; متى تصدر مجلة الدعوة المصرية ؟( 723 ) | مجلة المجتمع

العنوان متى تصدر مجلة الدعوة المصرية ؟( 723 )

الكاتب عمر التلمساني

تاريخ النشر الثلاثاء 02-يوليو-1985

مشاهدات 12

نشر في العدد 723

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 02-يوليو-1985

 

  • حزب التجمع الشيوعي يصدر 15 صحيفة ودورية بينما تَلْقَى الحركة الإسلامية كل هذا العنت في سبيل الحصول على ترخيص مجلة شهرية؟
  • إلى أين تتجه مصر، يا حكومة مصر؟!!

هل تصدق أن حكومة مصر مشغولة الآن باتخاذ قرار تعتبره أخطر من قرار طرد الخبراء الروس والانفتاح الاقتصادي وافتتاح قناة السويس بل وعبور الجيش المصري في حرب رمضان 1393ه!!! 

ولذلك فهي مشغولة «بالتأنِّي» في إصداره واتخاذ كل التدابير اللازمة لتجنب آثاره!! أنه قرار السماح لجماعة الإخوان المسلمين بتأسيس الشركة الإسلامية للصحافة والنشر والتوزيع حسب القانون والدستور، ولذلك تُعقد الاجتماعات وتفتتح المؤتمرات، وتقام الدراسات والبحوث وتخرج الوفود من أجل هذا الأمر الجلل، والحدث الخطير وهو إصدار مجلة الدعوة لسان حال جماعة الإخوان من جديد طبقًا للدستور والقانون هل رأيت كم هي «محقَّة» في موقفها «المتأني» في نفس الوقت الذي كان حاسمًا وسريعًا من قضية تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد ومغلق باب المناقشة فيه في جزء من إحدى جلسات مجلس «الأنس»!! 

على أنه من الصعب الآن بعد أن تكشفت النوايا تحديد موعد لهذا الإصدار الجديد.. هل بعد ثلاثة أشهر.. أم ستة.. أم تسعة أم سنة.. أم أكثر ... الله أعلم!

«القصة من أولها!!»

والبداية كانت صدور قانون الصحافة رقم 148 لسنة 1980م، الذي قال عنه

 الصحفي المشهور الأستاذ مصطفى أمين أنه أعجب قانون عرفته الصحافة في العالم وأنه ليس له مثيل في أي دولة متحضرة تحترم شعبها، وقال عنه نقيب الصحفيين السابق الأستاذ صلاح جلال أنه وضع خصيصًا من أجل مجلات الدعوة والاعتصام والمختار الإسلامي، والدعوة على وجه الخصوص!! ولم تنتظر الحكومة انتهاء ترخيص الدعوة بوفاة الشيخ صالح مصطفى عشماوي صاحب الترخيص، ولكنها صادرت المجلة وسحبت ترخيص صدورها في قرارات سبتمبر 1981م واعتقلت جميع محرريها، وفي أول حكم يصدره القضاء لإدانة قرارات سبتمبر، قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية الخاص بسحب ترخيص إصدار مجلة «الدعوة» كان ذلك في فبراير 1982م وحاول الشيخ صالح عشماوي جاهدًا تنفيذ الحكم وإصدار المجلة دون جدوى.. رغم أن أحكام القضاء الإداري لا بد وأن تنفذ، ولكن الحكومة استخدمت قانون الطوارئ في الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء، وظل الشيخ صالح عشماوي يسعى جاهدًا حتى تمكن من افتتاح مقر المجلة في يناير 1983م أي بعد حوالي 11 شهرًا من صدور الحكم لصالحه، وظل يحاول -دون جدوى- حتى وافاه الأجل ولقى ربه عز وجل دون أن يتمكن من تنفيذ الأحكام القضائية التي توالت تؤيد حق صاحب الدعوة في إعادتها للصدور، وكانت وفاته في ديسمبر 1983م وكانت إدارة المجلة قد تلقت وعدًا من المسئولين بالحكومة بإصدار المجلة في مارس 1984م ولكن وفاة الشيخ صالح عشماوي صاحب ترخيص الإصدار، جعلت وعود المسئولين في حِلّ؛ لأن قانون الصحافة ينهي بذلك عودة المجلة للإصدار.. عندئذ قرر الإخوان إصدار «الدعوة» من خلال قانون الصحافة الذي ينظم الطريق لإصدار الصحف من جديد.. كان ذلك في يناير 1984م، وتقدموا بطلب إلى المجلس الأعلى للصحافة -الجهة المختصة بإصدار الصحف- للحصول على نموذج عقد تأسيس الشركات التي تصدر الصحف من خلالها حسب نص القانون وفوجئوا بأن هذا «النموذج» لم يتم إعداده حتى ذلك الوقت رغم مرور أكثر من أربع سنوات على صدور قانون الصحافة!! فرفعوا الأمر للقضاء للمطالبة بالحصول على عقد تأسيس الشركة، وبعد عام كامل تمكن الإخوان من الحصول على هذا العقد أي في يناير 1985م، وفي تلك الفترة حاول الإخوان الجمع بين قانون الصحافة وقانون الشركات المساهمة وتقديم أوراق الشركة بناء على ذلك ولكن هذه المحاولة لم تفلح ولم تقبلها إدارة الشركات.. وجاء نموذج عقد تأسيس الشركة غاية في البيروقراطية والتخلف ووضع العراقيل التي لا توصف، مثلًا: رأس المال لا يقل عن 100 ألف جنيه مصري ولا تزيد مساهمة أي فرد هو وأسرته «الزوجة والأولاد القصر» عن خمسمائة جنيه!! وضرورة تقديم صحيفة الحالة الجنائية لكل مساهم وكذلك موافقة الجهة الإدارية التي يعمل بها المساهم وبذلك تستطيع الحكومة أن تمارس الضغوط كما تشاء، وكذلك تقديم إقرار بأن المساهم يتمتع بكامل الأهلية ولم تصدر ضده أحكام القِيَم وليس موضوعًا تحت الحراسة... إلخ!!.

وفي أقل من أسبوعين تقدَّم الإخوان بطلب قيد الشركة الإسلامية للصحافة والنشر والتوزيع والتي ستصدر من خلالها «الدعوة» بإذن الله، بعد أن نفَّذُوا كل المستحيلات المطلوبة.. وأثناء مراجعة الأوراق في إدارة الشركات تُوفي أحد المساهمين وهو الأستاذ المستشار المرحوم محمد السماري، عضو مجلس إدارة الشركة المؤقت، فطلبت إدارة الشركات اختيار مساهم آخر.. كل ذلك لإضاعة الوقت وتأخير الموافقة على الشركة قدر الاستطاعة.... ورغم أن القانون قد حدد مدة الموافقة على الشركات الجديدة بمدة ستين يومًا أي شهرين، ورغم أن وكيل المؤسسين قد تقدم بالأوراق في 5/2/1985م إلا أنه حتى الآن لم تتم الموافقة على الشركة، وآخر الطلبات التي قدمت للعرقلة وإضاعة الوقت كانت مضحكة... فوكيل المؤسسين كان قد تقدم بإقرارات تمتع المساهمين بكامل الأهلية وأنه لم تصدر ضدهم أحكام بالعزل السياسي ولم يوضع أي منهم تحت الحراسة.. إلا أن إدارة الشركات رأت أن هذه الصيغة ليست هي الصيغة التي حددها القانون.. وإن كانت لا تختلف معها، ولذا يلزم إعادة كتابة إقرارات أهلية من جديد حسب نص القانون...!!!.

أما الطلب الثاني الأكثر غرابة، فهو أن يقوم المؤسسون بتقديم طلبات إلى المدعي العام الاشتراكي تفيد باستعلامهم عن صدور أحكام من محكمة القيم ضدهم أم لا.. وهو نفس هدف الطلب الأول!! فهل رأيت في دولة متحضرة يحدث مثل هذا؟ ونسأل لماذا لا يتم رفع الأمر إلى القضاء لإقرار الشركة لأن القانون قد حدد شهرين فقط بينما مضى ما يقرب من خمسة أشهر؟ يأتي الرد أن حبال القضاء طويلة، والعطلة القضائية بعد شهر ونصف مدتها -ثلاثة أشهر- وربما تحصل على الموافقة على الشركة قبل هذه المدة الطويلة.. ولا داعي للدخول في قضايا ضد الحكومة؛ لأننا حتى ولو حصلنا على حكم لصالحنا، فالمنفذون هم المحكوم ضدهم!!

«صحف اليسار وصحف الحركة الإسلامية!» 

وبعد الموافقة على الشركة وتسجيلها رسميًّا يأتي بعد ذلك دور المجلس الأعلى للصحافة حيث أوجب القانون ضرورة إخطار المجلس بالعزم على إصدار الصحف، وينظر المجلس في الأمر خلال 40 يومًا، فإن لم يرد اعتبرت الصحيفة قائمة قانونًا.. ولكن لا بد من إقرارها في جلسات المجلس، وهي عادة تتم كل ثلاثة أشهر، وما أدراك فربما تتأخر إلى أربعة أو خمسة أو أكثر، ما دام الأمر متعلقًا بمجلة الدعوة الناطقة بلسان جماعة الإخوان المسلمين في مصر!!.

بقي أن نقول إن عدد صحف اليسار في مصر الآن تصل إلى ما يقرب من 15 صحيفة ومجلة ودورية، بينما تلاقي الحركة الإسلامية كل هذا العنت في سبيل الحصول على ترخيص بإصدار دورية واحدة تصدر شهريًّا!! وفي النهاية نتساءل: إلى أين تتجه مصر يا حكومة مصر؟!!.

 

الرابط المختصر :