; المجتمع التربوي (1060) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع التربوي (1060)

الكاتب د.عبدالحميد البلالي

تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1993

مشاهدات 13

نشر في العدد 1060

نشر في الصفحة 46

الثلاثاء 03-أغسطس-1993

وقفة تربوية

متى تقف الحركة على قدميها؟؟

في زيارتي لإحدى دول الخليج سئلت عن تقييمي للحركة الإسلامية في العالم وأدائها في الوقت الحالي؟ واعترف بأنني لست مؤهلًا للإجابة على هذا السؤال الصعب الذي يحتاج إلى آخر أكثر تجربة، وأعمق علمًا، وأوسع اطلاعًا، ولما كان السائل يلح بمعرفة رأيي المتواضع، ذكرت له كلمة سمعتها عام 1977م فيما أتذكر للأستاذ المفكر محمد قطب أثناء زيارته لدار الرعاية في لندن حينما وصف الحركة الإسلامية وكيفية وصولها للهدف الذي رسمته بقوله فيما معناه: «ما زالت الحركة تكبو وتقف وتكبو وتقف وتكبو وتقف حتى يأتي اليوم الذي تقف فيه دون كبو، وحينها نقترب من موعد النصر» وهي من أدق الكلمات التي سمعتها في حياتي في هذا الموضوع، فالحركة ما هي إلا مجموعة بشرية تخطئ وتصيب، وهي قد رسمت لها أهدافًا تريد تحقيقها، ويأتي على رأسها «إعادة حكم الله للبشرية» بعد أن سلب في معظم بقاع العالم الإسلامي، وأمام هذا الهدف سيقف خصوم كثيرون منهم أعداء حقيقيون لهذا الهدف سواء من بني جلدتنا، أو من غيرهم، يخافون عودة الإسلام لكي لا يخسروا هيمنتهم على الشعوب. 

ومنهم من لم يفهموا الإسلام على حقيقته، أو فهموه من خلال الصنف الأول، فلذلك هم يعادون كل من يرفع هذا الشعار ليس عداءً للدين بقدر ما هو التباس بالفهم. وآخرون ليسوا أعداء للدين ولا لحملته، ولكنهم يخافون فقدان الكثير من المكتسبات التي يحصلون عليها في ظل الأحكام الوضعية.

وهؤلاء الخصوم لن يقفوا مكتوفي الأيدي لأطروحات وتحركات الإسلاميين بل سيتحركون بكل ما استطاعوا من قوة لإيقاف هذا المد. وبالتالي سيحدث الصراع الذي يختلف في شدته ونوعه من موقع لآخر. 

وعندما يستفيد الإسلاميون من أخطائهم في التعامل مع هؤلاء الخصوم فإنهم يقتربون من الوضع الذي أشار إليه الأستاذ محمد قطب وهو «عدم الكبو» وكلما أغفلوا الاستفادة من أخطائهم كلما استمر مسلسل الكبو حتى حين.. ومن الخطأ الفادح أن نصنف جميع الناس الذين يرفضون طرحنا بأنهم أعداء، وبالتالي نخطئ بالتعامل معهم، وهذا من الأمور التي تجعلنا نستمر بالكبو، وإلى أن نفهم بما يتلاءم معها، ونترك التعميمات، فإننا سنستمر بهذا الارتداد أو الجمود على ما نحن عليه.

أبو بلال

شروط الصحبة والصداقة

أخي المسلم: إذا أردت أن تصاحب إنسانًا، فعليك أن تطلب شروط الصحبة والصداقة، فلا تؤاخ إلا من يصلح للأخوة والصداقة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخال».

فإذا طلبت رفيقًا، فراع فيه خمسة خصال:

أولًا: العقل: فلا خير في صحبة الأحمق، فإلى الوحشة والقطيعة يرجع آخرها، وأحسن أحواله أن يضرك، وهو يريد أن ينفعك، والعدو العاقل خير من الصديق الأحمق. قال علي رضى الله عنه: 

فلا تصحب أخا الجهل

وإياك وإياه

فكم من جاهل أردى 

حليمًا حين آخاه

يقاس المرء بالمرء

إذا ما المرء ما شاه

ثانيًا: حسن الخلق: فلا تصحب من ساء خلقه، وهو الذي لا يملك نفسه عند الغضب والشهوة، واصحب من إذا قلت صدق قولك وإن حاولت أمرًا أمرك، وإن تنازعتما في شيء آثرك.

إن أخاك الحق من كان معك

ومن يضر نفسه لينفعك

ثالثًا: ألا يكون حريصًا على الدنيا: لأن صحبته سم قاتل، لأن الطباع مجبولة على حب الاقتداء، فمجالسة الحريص تزيد في حرصك ومجالسة الزاهد تزيد في زهدك، فانظر أيهما أردت.

رابعًا: الصلاح: فلا تصحب فاسقًا مصرًا، لأن من يخاف الله لا يصر على معصية كبيرة، ومن لا يخاف الله لا تؤمن غوائله، قال تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ (سورة الكهف: 28).

خامسًا: الصدق: فلا تصحب كذابًا، فإنك منه على غرور، فهو كسرابيقرب منك ما بعد، ويبعد منك ما قرب.

فإذا عقدت الصحبة، فعليك أن تقوم بآدابها، لكي تبقى صحبة إيمانية لأنك يا أخي، مسئول عن هذه الصحبة ويكفينا في ذلك قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اصطحب اثنان قط إلا وكان أحبهما إلى الله تعالى أرفقهما بصاحبه».

وإليك بعض هذه الآداب، الإيثار بالمال، فإن لم يكن هذا فبذل الفضل من المال عند الحاجة، والإعانة بالنفس، وكتمان السر، وستر العيوب والسكوت على تبليغ ما يسوؤه من مذمة الناس إياه، وحسن الإصغاء عند الحديث، وترك المماراة فيه، وأن يدعوه بأحب أسمائه إليه، وهكذا، وفي الجملة أن تعامل أخاك بما تحب أن يعاملك به، فمن لا يحب لأخيه مثل ما يحب لنفسه فأخوته نفاق، وهي عليه وبال في الدنيا والآخرة. 

وختامًا: «الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين».

هذا ما أحببت تلخيصه من كتاب لأبي حامد الغزالي، أرجو أن ينفع الله به.

عبد الخالق القرني 

السعودية – أبها

الرابط المختصر :