; تشريع الله أولى بالاتباع | مجلة المجتمع

العنوان تشريع الله أولى بالاتباع

الكاتب د. جاسم المهلهل آل ياسين

تاريخ النشر الأحد 17-مايو-1992

مشاهدات 55

نشر في العدد 1001

نشر في الصفحة 50

الأحد 17-مايو-1992

في قوانين الأرض سمات البشر، الذي يسنون هذه القوانين، وهم يعتريهم عدم الإحاطة بكل جوانب الحياة، فالغفلة عن بعض الجزئيات كثيرًا ما تحدث لمشرعي البشر مما يجعلهم يعودون إلى قوانينهم يعدلونها ويضيفون إليها ويحذفون منها، وبخاصة حين تستجد أمور لم تكن في حسبانهم، لأنهم لا يعلمون الغيب، ولا يحيطون بكل شيء علمًا، ويجهلون كل ما هو آت، ولا يعلمون كثيرًا مما فات، وتغيب عنهم نوازع البشر ونوازل القدر، فيظهر التهلهل في قوانينهم، والتلفيق في دساتيرهم، إلى جانب أنهم لا يرون من الكون إلا الرقعة التي يعيشون فيها، فهم يجهلون كثيرًا من البيئات المكانية والزمانية، مما يجعل قوانينهم محدودة الأثر، لا تعرف عمومًا ولا شمولًا، وهي إن أنصفت فئة أضرت بأخرى، إذ لا يمكن لمشرعي هذه القوانين أن يتجردوا تجردًا تامًّا أمام كل حدث وأمام كل إغراء، وأمام كل هوى لفرد أو لطائفة أو لفئة لسبب أو لآخر، ولذلك نجد قوانين الأرض- غالبًا- ما تكون لها ضحايا، وتسمع عن أن فلانًا ضحية القانون، وكيف يكون قانونًا لا ينصف؟ وكيف يكون للقانون ضحايا؟ إنه الخلل الذي يصيب البشر فهم ينامون ويتعبون، وينسون، ويهرمون، وتصيبهم الأمراض، وتعتريهم الأحزان يفرحون تارة ويحزنون أخرى، ويغضبون ويرضون، وفي كل تلك الأحوال تختل موازين العدل فينعكس الأمر على البشر ظلمًا وعنتًا وقهرًا ولو أردنا أن نعد لك الكثير من مواضع الخلل في قوانين البشر المستخدمة حتى في بلادنا الإسلامية لعددنا الكثير، ولكنا نكتفي بنموذج يغني عن غيره، ويقدم الدليل على ما نقول.

في القوانين المعمول بها في بلاد الإسلام والتي نقلوها عن قوانين الغربيين، تجد أن القاضي عليه أن يكف حكمه عن المرأة التي ثبتت عليها جريمة الزنا طالما رضي زوجها بذلك، فليس للقاضي أن يحكم على هذه الجريمة بشيء، ويصير الأمر وكأن لم يكن، ثم لا يهم بعد ذلك- عند الناس- أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وأن تختلط الأنساب، وتداس الأعراض، وتصبح كلمة الشرف كلمة «هلامية» لا مدلول لها ولا قيمة وهذا القانون المعمول به في بلاد المسلمين يخالف مخالفة صريحة منهج الله الذي يقول: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (النور: 2).

وهذا نموذج لمخالفة صارخة بين قوانين الأرض وقوانين الله، فضلًا عن عديد من القوانين المتعلقة بكثير من شئون الحياة في مجال المعاملات وغيرها.

فأين قوانين الأرض من قوانين الله التي لا تعرف المحاباة ولا تعرف الزيغ ولا تميل مع الهوى لأن مشرعها هو الله رب العالمين، الغني عن الناس أجمعين لا واسطة بينه وبين خلقه ولا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يعجزه شيء، وهو عليم بخلقه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ (الملك: 14) فكان تشريعه أعظم التشريع وأنسب التشريع وأعدل التشريع للناس أجمعين؟

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 512

26

الثلاثاء 20-يناير-1981

نشر في العدد 2064

25

السبت 03-أغسطس-2013