; مذكرة جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى المسؤولين حول جامعة الكويت | مجلة المجتمع

العنوان مذكرة جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى المسؤولين حول جامعة الكويت

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 13-أبريل-1971

مشاهدات 43

نشر في العدد 55

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 13-أبريل-1971

الجامعة في دائرة الضوء

مذكرة جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى المسؤولين حول جامعة الكويت

إيقاف تيار التدمير الاجتماعي واجب ديني وقومي

 

- «إن الأمر من الخطورة بحيث لا يمكن السكوت عليه، ومن الوضوح بحيث يقتضي اتخاذ إجراءات حاسمة تطمئن الأسر الكويتية على مستقبل فتياتها وفتيانها، وتحفظ للجامعة مكانتها، ووقارها العلمي».

 

بعثت جمعية الإصلاح الاجتماعي بمذكرة عن جامعة الكويت إلى سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، وسعادة رئيس مجلس الأمة، وأصحاب السعادة الوزراء، والسادة أعضاء مجلس الأمة، وفيما يلي نص المذكرة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسرنا أن نكون على صلة بكم؛ يذكر بعضنا بعضًا فيما ينفع بلادنا، ويمضي بنا معًا- وبالمجتمع كله- خطوات رشيدة؛ لإحراز أنصبة أوفى من التقدم والرقي.

ونبعث إليكم بهذا الخطاب اليوم اهتداءً بحقائق أو مسؤوليات ثلاث هي موضع اتفاق تام من الجميع؛ لأنها حقائق لا قيام للمجتمع الحي المستنير إلا بها:

الحقيقة الأولى: إننا -بهذا الخطاب- نفي بمسؤوليتنا تجاه ديننا الذي يوجب علينا اتخاذ موقف إيجابي من أي منكر يقوم في المجتمع علانية.

الحقيقة الثانية: إن الإسلام حملنا مسؤولية دقيقة نحوكم، وهي واجب تقديم النصح لكم كمسؤولين عن أمور هذه البلاد.

 الحقيقة الثالثة: إن المجتمع الكويتي من حقه علينا -ومن حق أجياله القادمة- أن نقدم له ما نستطيع من جهد وخدمة لرد المخاطر الاجتماعية والخلقية عنه.

وموضوع هذا الخطاب هو جامعة الكويت، لقد قامت في الكويت جامعة علمية كنا نعلق عليها آمالًا كبارًا في صياغة أجيال تكون أحسن مستوى وأقدرعلى تحمل المسؤولية من جيل الهزيمة وسقوط القدس، أجيال تبني البلاد بعقلها وعلمها، وتصون البناء بأخلاقها وفضائلها وما قام في أذهان المخلصين، ولا كان من أهدافهم ما يريده البعض اليوم بالجامعة هو أن تتبنى خط الهدم الاجتماعي المستتر وراء الرقص والاختلاط لم يقم هذا الفهم في تصور المخلصين؛ لأنهم يدركون أن المجتمع الكويتي في حاجة إلى العلم لا الرقص، إلى المعامل لا المراقص، وأن أبناء الكويت- من الجنسين- يمكن أن يتفوقوا في التكنولوجيا، وأن يساهموا في تطوير الذرة، وفي إنجازات جديدة في الطب والهندسة إلخ، دون اختلاط بين الجنسين، إذ ليس هنا صلة علمية -قط- بين التقدم العلمي وبين الرقص والاختلاط.

إن ما يريده بعض الناس بالجامعة- وبالمجتمع كله من قبل ومن بعد- قد تجاوز الباعث الخفي إلى العمل المعلن، وإذا كان بعض الناس يرى من حقه ممارسة خطئه وتطبيقه في جرأةٍ فإننا نرى من حقنا مكافحة هذه الأخطاء، وتنبيه الأمة كلها وحثها على محاربتها.

إن الاختلاط ممنوع في الجامعة، ولم يكن مجلس الأمة مخطئًا حين قرر هذا المنع، بيد أن حماس بعضهم للاختلاط والرقص، وتشجيع الملابس القصيرة دفعه إلى تخطي كل شيء الإسلام، وتقاليد المجتمع النابعة من عقيدته وقيمه، ومجلس الأمة.

ولقد ثابر هذا الفريق ودأب على بلوغ أهدافه حتى استطاع إنشاء مسارح يتدرب فيها الشباب الكويتي- من الجنسين- على الرقص والغناء والتمثيل، وحتى استطاع القيام برحلات مختلطة لا تليق أبدًا.

ويقينا أنه لا الإسلام، ولا العلم، ولا الكويت، ولا الشباب نفسه ينتفع بالمعنى الحقيقي للتعبير من هذا النشاط المريب، والمنتفع الوحيد بهذا النشاط هم خصوم الإسلام الذين يريدون هدم مجتمعاته من الداخل وفك ترابطه الخلقي والنفسي؛ تمهيدًا للسيطرة عليه بأيسر مقدار من الجهد والتكلفة!

إن هناك مخاطر واضحة يجلبها إلى بلادنا هذا النشاط الغريب في الجامعة:

1- الخطر الأول هو استدراج المجتمع للبعد عن الإسلام وضوابطه، ولا يستطيع هذا الفريق الذي يأخذ بنظرية «التدرج» أن يقول للناس اليوم اتركوا الإسلام وانسخوا تعاليمه وأخلاقياته، وإنما يتدرج رويدًا رويدًا لبلوغ أهدافه.

وإذا سكت الناس عن مسارحه ورقصه في الجامعة سيقفز غدًا خطوة أكبر وهكذا.

والبعد عن الإسلام يعني حرمان المجتمع من ضماناته الحقيقية، يعني مسخ شخصيته تمامًا توطئة لغزو عقائدي واسع النطاق، ويعني- وهذا هو الأخطر تعريض المجتمع لعقاب الله ونقمته، وكأي من رجال عاشوا في مجتمعات  كان يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان أسرفوا على أنفسهم، وأرادوا جر المجتمعات إلى الانحراف فبدلوا نعمة الله كفرًا وأحلوا قومهم دار البوار، وإذا كان الناس ينسون عصيانهم لله فإنه سبحانه لا ينسى، وهو الذي يقول في كتابه الكريم: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ* وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ* وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ﴾. (القمر:51)

2- الخطر الثاني: إتلاف العلاقة بين الجامعة والمجتمع، ذلك أن تزايد إصرار البعض على دفع الجامعة في طريق شائكة خطرة ينتج عنه احتمالان، إما أن يقود هذا التيار الجامعة والمجتمع إلى كارثة اجتماعية ماحقة، وإما أن ينفر المجتمع من الجامعة، وينظر إليها نظرة فيها ريبة وسوء ظن، والاحتمالان خطران ومدمران.

3- الخطر الثالث هو: جر الشباب الكويتي إلى الضياع، الذي يعانيه شباب العالم من جراء الاختلاط والرقص، وموجات الانحلال التي طحنت في قسوة خصائص الشباب وعزائمه ومواهبه، وأسلمته للمخدرات يلهي بها نفسه عن واقعه المحزن المرير، إنه لو لم يكن من الزواجر التي تنهي عن الاختلاط والرقص والانحلال إلا تجربة الشباب الضائع في أوروبا وأمريكا وغيرها لكفى؛ لأنها تجربة بلغت من الخطورة والفتك حدًا جعل رجال الكنائس ورؤساء دول كبيرة يمنحون الأسبقية من اهتماماتهم وبرامجهم الإصلاحية لمعالجة انحرافات الشباب.

والصحافة الغربية في الفترة الأخيرة تعبر في جزع أليم عن خطورة نتائج الاختلاط والانحلال على المستقبل، فلماذا يصر أناس هنا على جر شبابنا إلى الانتحار، وهم يرون الشباب الذي سار في نفس الطريق قد انتحر؟؟

إن الأمر من الخطورة بحيث لا يمكن السكوت عليه، ومن الوضوح بحيث يقتضي اتخاذ إجراءات حاسمة تطمئن الأسر الكويتية على مستقبل فتياتها وفتيانها، وتحفظ للجامعة مكانتها، ووقارها العلمي.

والتشديد على إدارة الجامعة في التزام حماية الطلاب من موجات الاختلاط والرقص وكل مظاهر الانحلال، وتكليف هذه الإدارة بتنبيه بعض الأساتذة الذين يشجعون النشاط المستورد تحت اسم الحضارة بالكف عن ذلك، هذه كلها إجراءات يمكن أن تأتي ثمارها، وتجعل الجامعة حقيقة مصدرًا هائلًا للخبرة الفنية والكفاءات العلمية، ومركزًا كبيرًا لتخريج مسؤولين في المستقبل على كافة المستويات، وبنفس المنطق ولنفس السبب ينبغي أن تشمل هذه الرعاية بعثاتنا في الخارج، إذ لا بد من رعاية دقيقة لطلابنا جميعًا، وإذا كان الطلاب هنا تحت السمع والبصر ومن الممكن أخذ المبادرة لحمايتهم إثر نشوء أي ظاهرة خطرة عليهم فإن الطلاب في الخارج لا بد من مضاعفة الرعاية لهم؛ لأنهم يعيشون في بيئة خطرة ضج أبناؤهم أنفسهم من فسادها، ولأنهم سفراء فوق العادة لبلادهم وتصرفاتهم محسوبة على هذه البلاد.

 إن الأمة تتطلع إليكم وإلى موقفكم الحاسم في أمر يهمها؛ لأنه مرتبط بمستقبل أبنائها.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

رئيس الجمعية

 

الرابط المختصر :