الثلاثاء 17-نوفمبر-1981
الخمر: يحرمها المجلس ويشربها مصطفى كمال
الذي حدث أن صادرت الحكومة بالفعل الخمور، إلا أن أصحاب النفوذ من كبار رجال الدولة استولوا لأنفسهم على جزء من هذه المقطرات رغم أنها مصادرة وفي ذمة الدولة ونقلوها إلى منازلهم، ومن بين هؤلاء الذين فعلوا هذا: دلاور، مدير شرطة أنقره في عهد مصطفى كمال، وفطين الذي أصبح فيما بعد واليًا على بورصة أنتج كل منهما أفخر وأجود أنواع خمر الراقي، وتاجرًا فيه وكل منهما من أقرب المقربين لمصطفى كمال.
والواقع أنهما لو لم يكونا من أقرب المقربين إليه لما تاجرا في الخمر في الوقت الذي حرمها مجلس الأمة.
وبلغ بهما الأمر أنهما كانا ينتجان لمصطفى كمال خمرًا خاصةً.
وبمرور الأيام أصبح دلاور هذا من أغنى أغنياء البلاد لأنه زور وثائق تمليك عندما كانت وزارة الإسكان توزع الأراضي والأملاك على المهاجرين فحصل من جراء تزويره هذا على خمسة عشر أو عشرين منزلًا ودكانًا، كما حصل على عدة مزارع بجوار أنقرة.
الشيوعيون أيضًا حرموا الخمر في الفترة الأولى من حكمهم.
وذهبوا في تنفيذ هذا إلى حد بعيد جدًا، أوصلوه إلى الحكم بالإعدام، أما مصطفى كمال فلم يمر عليه يوم بلا خمر.
هناك أمثلة في التاريخ على تحريم الخمر الأمريكيون حرموها ثم أعادوها والواقع أن الخمر نكبة للبشرية.
إن الخمر تقضي على صحة الإنسان ودماغه وذريته.
الجيش الأخضر والبلشفية
كان أهم ما يشغل مصطفى كمال في هذه الأثناء ثلاثة مسائل: الجيش الأخضر، والتنظيم الشيوعي، وإقامة البلشفية في تركيا.
كان أحيانًا يقول: «إن إنقاذ البلاد لن يتم إلا بالبلشفية».
وسرعان ما التف حوله مجموعة الشيوعيين حقي بهيج ويونس نادي وعدنان وتوفيق رشدي وعدة أشخاص أخريين أعدوا البرامج وطبعوها ولبسوا على رؤوسهم القالباق من القطيفة الحمراء.
وأذكر أن توفيقًا كان شيوعيًا متحمسًا.
في صفحة ٢٣٩ من خطابه الرسمي يقول مصطفى كمال أنه لم يكن هو الذي فعل هذا.
وهذا كذب «كما أراه»
لأن هذا كان من عمله «وأنا أرى» أنه مسكين فقد كان يتصور أن البلاد لم تكن تتحرر إلا بالشيوعية.
حاولت أنا في ذلك الوقت أن أفتح مدارس لتكوين دعاة قوميين وضعت برامجها ورآها هو مناسبة.
لكن لم يأمر بتنفيذها.
وبينما الحال على ذلك إذا بمجلس الوزراء يجتمع، وبدأ مصطفى كمال حديثه قائلًا: «أيها الأخوة تعلمون أنني مشغول منذ فترة طويلة بالتنظيم الشيوعي.
وجهزت كل شيء فيه وسنكون جيشًا أخضر كقوة متكاملة.
وأن هذه البلاد لا يمكن أن تقوم من كبوتها إلا بالبلشفية وها هو ذا الوقت المناسب قد جاء.
هيا اتخذوا القرار سأخطر العالم بأن تركيا قد أصبحت بلشفية.
يقصد مصطفى كمال بكلمة الجيش الأخضر، قوات أدهم.
لم يصدر أي صوت في المجلس من أي أحد منا، ربما من الدهشة.
بعد حين سأل فوزي عن رأيه، فقال فوزي «موافق» وبسرعة أخذ يسأل الآخرين.
لا أحد يقول شيئًا فقال هو «أي مصطفى كمال إذن فالقرار جماعي» وفورًا قلت له: «لا» القرار لم يتم بعد.
استمع إلي.
وبدأت أتكلم في اضطراب مدهش: «الشيوعية لن تدخل هذه الأمة.
أي إقطاعي أو أي مصنع موجود لدينا حتى نقول بالشيوعية؟
هل تغلق الدكاكين؟
أين الطبقة البرجوازية الصغيرة، وما هي؟
هل هي أصحاب رأس المال الذي يبلغ المائة أو المائتي ليرة؟! إذا قضيت على هؤلاء فالبلاد تصبح خواء.
كما أن الأمة تفهم أن البلشفية هي الإلحاد.
ونحن محاطون بالأعداء.
والأمة نفسها ضدنا.
وبالتالي ففي وضع كهذا الوضع الذي نحن فيه نجد أن من الخطر العظيم القيام بانقلاب مثل الذي تقوله.
وبهذا الإعلان فإننا سنجد الأمة بكاملها ستتحرك ضدنا.
يجب ألا تدفع البلاء إلينا دفعًا.
كما أن الإنجليز أعداء أشداء للبلشفية.
وإن الإنكليز الذين لم يحركوا ضدنا حتى الآن أي جيش أو أي قوة سيتحركون ضدنا بالتأكيد إذا أصبحنا شيوعيين.
وإذا وصل الإنكليز إلينا، انتهينا ماذا نعمل؟
لم يحدث خطأ ضخم مثل هذا الخطأ في العالم.
وسيحاكمنا التاريخ.
قلت هذا وضربت المائدة بقبضة يدي، وقلت: وإذا كنت مصرًا على إعلان هذا الإعلان فأنا لن أعمل معك».
ونتيجة لاعتراضي هذا لم يتخذ حينها قرارا بهذا الشأن، واصلت حديثي قائلًا: «يلزم قانونًا أن نعرض المسألة على مجلس الأمة.
وإذا لم تعرض أنت المسألة على المجلس سأقدمها أنا وأنا ذاهب الآن للمجلس.
سأحرض المجلس على القيام بثورة، وسأعمل على منع قرارك هذا بلساني وقلمي وقوتي وروحي وكل ما أملك، وأنا عدو لك.
وإني ضدك في أول صف في المعارضة.
وسأثير الأمة كلها عليك».
كانت شدتي هذه في غاية الخطر لأن هذا الرجل يمكن أن يفعل كل شيء... لا سيما وأن أدهم الشركسي الآن في صفه وهو رجله وقوته البلشفية.
وقف رأفت بعدي، ورأفت هو وزير الداخلية وقال بشدة: «إني أوافق على كلام رضا نور فكلامه صحيح إنكم لا تستطيعون بلشفة تركيا».
وعلى هذا قال مصطفى کمال: «إذن نترك هذا الموضوع» وتركه.
وبذلك نجت الأمة من هذا البلاء المدهش.
وقدر مصطفى كمال قيمة هذا فيما بعد.
إن خدمتي هذه لأكبر خدمة للأمة التركية.
وداعيًا لفخري.
ينقلب ضد البلشفية
رأى مصطفى كمال بعد قليل أن كلًا من أدهم الشركسي وصديقه توفيق ورشدي قد أصبحوا أقوياء الجانب بسبب الجيش الأخضر، ثم وجد أن موقعه ومنصبه سيطيران منه بسببهم فاضطر مصطفى كمال وألغى الجيش الأخضر والتنظيم.
وعانى في هذا عناءً كبيرًا، ومن هنا يبدأ الخلاف بين مصطفى كمال وأدهم الشركسي ذلك الخلاف الذي انتهى بانتقال أدهم الشركسي إلى صفوف أعدائنا اليونانيين والمسألة كلها عبارة عن تنافس وقضية المنصب.
الشعب يكرهنا
التمردات والثورات التي تديرها إستانبول ضدنا تزداد وتقوى.
التمردات ضدنا تسير جنبًا إلى جنب مع اعتداءات اليونانيين من أزمير.
وأول حركة قوية ضدنا كانت حركة أنظافور، قام بضرب مناطق بانديرما وكونن وكير ماستي وقرجابك وبيغا.
وهزم العصابات الموالية لنا عدة مرات.
وأخيرًا انهزم أنظافور، وهرب ثم قتل، وانتهى أمره.
وبينما الأمر على ذلك، إذًا بكل من أحنا بازار، ودوزجه، وخندق وبولو، وكرده، ونالليخان تتعرض للقصف، كان هذا أهم ما واجهنا من ثورة وتمرد.
اشترك في هذا التمرد الرجال الذين أرسلهم السلطان والقوات الانضباطية، وكان قائد هؤلاء هو سليمان شفيق.
وقد أنزل جنودًا في إزمير، وأكثر هؤلاء الجنود والضباط من الشركس والألبانيين وأمثالهم من العناصر غير التركية وكان الأهالي الذين قاموا بالثورة ضدنا غالبيتهم من الشراكسة وخاصة الأباظيين. وامتدت النيران من أضابازاري حتى الشرق ضربوا حيدر بك المتصرف في بولو وسجنوه.
أرسلنا بعض زملائنا من مجلس الأمة إلى بولو لكي يوقفوا هذا العمل.
ثم أرسلنا الأميرلاي محمود بك بقوة نظامية. لكن الأهالي أعدوا له كمينًا أوقعوه فيه ثم قتلوه وأسروا كل قوته.
ساءت الأحوال، وأرسلنا للأهالي المتمردين قوة أخرى برئاسة القائم مقام عارف بك فهزموه أيضًا.
استطاع عارف تدعيم قوته، ومع ذلك هزموه وقتلوه أثناء وجوده في خيمته ليلًا. وأصبحت قواته صفرًا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلمن اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا حول اعتقالات الإسلاميين في مصر
نشر في العدد 545
11
الثلاثاء 29-سبتمبر-1981