العنوان مصــر: الحالة الاقتصادية.. إلى أين؟
الكاتب علي عليوة
تاريخ النشر الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
مشاهدات 806
نشر في العدد 2101
نشر في الصفحة 34

الثلاثاء 01-نوفمبر-2016
مصــر:
الحالة الاقتصادية.. إلى أين؟
تقرير: علي عليوة
جاءت تصريحات عدد من المسؤولين المصريين بأنهم على وشك إصدار قرار بـ «تعويم الجنيه» بمثابة تحدٍّ جديد للاقتصاد المصري؛ لأنه يعني المزيد من التدهور للعملة المصرية أمام الدولار الذي كان سعره في عهد الرئيس المدني المنتخب د. محمد مرسي 6.5 جنيه، ووصل الآن لأكثر من 15 جنيهاً! إلى جانب «رفع الدعم» عن الوقود والسلع الأساسية التي لا غنى للغالبية العظمى من المصريين عنها؛ التزاماً بالشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي لمنح مصر قرضاً قيمته 12 مليار دولار لإنقاذ الاقتصاد بعد أن زادت الديون المحلية على 3 تريليونات جنيه والديون الخارجية لأكثر من 100 مليار دولار.
ويعلل المراقبون الاقتصاديون على أن هذه القرارات تعني المزيد من الغلاء الذي بات يطحن قطاعات واسعة من المصريين؛ فارتفاع سعر الدولار نتيجة تعويم الجنيه سيجعل سعره يصل لأكثر من 20 جنيهاً؛ وبالتالي يؤدي إلى مضاعفة أسعار السلع والخدمات؛ لأن مصر تستورد معظم احتياجاتها من الغذاء والدواء من الخارج بالدولار؛ وبالتالي ستصبح الحياة شبه مستحيلة أمام غالبية المصريين في ظل ثبات الرواتب وانتشار البطالة بين الشباب خاصة خريجي الجامعات.
كما أن رفع الدعم الحكومي كاملاً عن السلع الأساسية وفي مقدمتها الوقود والغاز والكهرباء والمياه سيشكل مزيداً من الضغط الاقتصادي على المصريين الذين زادت معاناتهم في الشهور الأخيرة حين تم رفع الدعم بشكل جزئي عن هذه السلع؛ وهو ما أدى لظهور أصوات احتجاجية تنذر بأخطار جديدة لا يدري أحد نتائجها على استقرار مصر.
ويرى الخبراء أن الحكومة اتخذت عدة قرارات ساهمت في ضياع أموال مصر؛ مما عجل بدفعها لدائرة القروض؛ فقد أنفق 20 مليار جنيه على حفر تفريعة قناة السويس، وكان المتوقع أن هذا المشروع سيدر على مصر عشرات المليارات من الدولارات سنوياً، ولكن بعد إتمام الحفر تراجع إيراد القناة بدلاً من أن يزيد؛ مما أرغم هيئة قناة السويس للبحث عمن يقرضها 300 مليون دولار لسداد ما عليها من ديون! كما أن مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية تمخض عن الفشل الذريع، ومع أزمة الدولار هربت الكثير من الاستثمارات من مصر، وسبب حادث سقوط الطائرة الروسية مع استمرار حديث الإعلام المصري عن الإرهاب ضرب السياحة؛ وخسرت مصر أحد المصادر المهمة للدولار، كما حدث تراجع ملحوظ في تحويلات المصريين العاملين في الخارج من الدولار.
ومع تفاقم أزمة تراجع موارد مصر من العملة الصعبة (الدولار) ونقص التمويل من جانب البنوك اضطر 7 آلاف مصنع للإغلاق وإنهاء عمل مئات الآلاف من العمال، وفق ما أوردته جريدة «مصر العربية» بتاريخ 6 يوليو 2015م.
ويرى المراقبون أن هناك تفاوتاً في توزيع الموازنة العامة للدولة حيث زادت رواتب الشرطة والجيش والقضاة 6 مرات متتالية، بما يعادل مليارات الجنيهات سنوياً على حساب باقي فئات الشعب، وعلى حساب مخصصات التعليم والصحة التي تناقصت بشكل أثّر سلباً على الفقراء الذين ازدادت معاناتهم.
سياسة الاقتراض وأثرها
من جانبه، حذر مصطفى عمارة، الكاتب الصحفي والباحث في الشأن الاقتصادي، في تصريحات لـ«المجتمع»، من تعويم الجنيه الذي هو شرط رئيس من شروط قرض صندوق النقد الدولي، مؤكداً أنه يعني المزيد من المعاناة للغالبية العظمى من المصريين الذي يعيشون ظروفاً صعبة بسبب الغلاء الفاحش للسلع الأساسية الذي سيتضاعف بعد التعويم، لافتاً إلى أن المطلوب إجراء إصلاح حقيقي للمنظومة الاقتصادية، وجعلها تقوم على الإنتاج وليس الاستيراد والقروض، ومواجهة الفساد الذي يلتهم معظم موارد الدولة، واسترداد المال المنهوب بالخارج.
وشدد مصطفى عمارة على أن قروض صندوق النقد الدولي تمثل شكلاً جديداً من أشكال الاستعمار؛ وهو «الاستعمار الاقتصادي»، بعد أن انتهت حقبة الاستعمار العسكري بالغزو الأمريكي للعراق عام 2003م، لافتاً إلى أن من خصائص هذا النوع من الاستعمار أنه يرهن القرار الوطني لرغبات وأوامر هذا الصندوق من تخفيض قيمة العملة المحلية ورفع الدعم عن السلع الأساسية.
ولفت إلى أنه في حالة عدم سداد هذه القروض – يضيف – فإن سيف رهن أصول الدولة أو بيعها للدول الدائنة سيصبح الخطر الحقيقي الذي يهدد الدولة المَدينة، وهو ما تنتظره مصر في حالة عدم سداد قروض صندوق النقد الدولي التي تبلغ 12 مليار دولار.
وأكد أن شروط صندوق النقد الدولي مدمرة، فمن بينها تعويم الجنيه، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، ورهن أو بيع بعض أصول الدولة للجهات الدائنة لضمان سداد القروض التي تحصل عليها الدولة المدينة، لافتاً إلى أن عدداً من الدول التي اعتمدت على الاقتراض من هذا الصندوق وبتلك الشروط المجحفة أعلنت إفلاسها بدلاً من أن تقوم من كبوتها وتتحسن أحوالها.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

