العنوان معادلة صعبة لميلاد مجلة
الكاتب محمد الراشد
تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1995
مشاهدات 16
نشر في العدد 1142
نشر في الصفحة 15
الثلاثاء 21-مارس-1995
عندما تضع مجلة المجتمع، أقدامها على أعتاب السنة السادسة والعشرين فإنها تتجاوز بذلك خمسًا وعشرين سنة من جهاد القلم المبارك في تفاعل حركة الدين مع الحياة، وهي في مسيرتها التاريخية إنما رسمت الحالة العامة للمسلمين في مختلف مراحلها خلال ربع قرن مضى، ولم تفتر لحظة عن الدفاع عن قضاياهم، وتعبر عن آلامهم، وتخاصم من يخاصمهم، وتحسن إليهم في محنهم حتى أصبحت مجلة كل المسلمين في العالم، تحملت في سبيل ذلك أكثر من خمس وخمسين قضية رفعت ضدها، وصبرت على أذى خصومها من العلمانيين وجور المكابرين، والأعداء الحاقدين.
لقد كانت رعاية الله قبل كل شيء تحف هذا العمل، والعلم النافع للمسلمين، وكانت جهود مخلصة وقلوب صادقة خلف هذا السفر العظيم من تاريخ الفكر والتحليل والثقافة الإسلامية تلكم هي جهود من تعاقبوا على رئاسة تحريرها من الأخوة الزملاء والعاملين لقد كان لكل منهم بصماته الواضحة في توجيه مساراتها نحو أهدافها الإسلامية.
فالأخ مشاري البداح أبو أسامة والذي تولى رئاستها في نشأتها الأولى 17 مارس 1970م حتى نهاية 1975م استطاع أن يضعها هو وزملاؤه من العاملين بين مصاف المجلات الإسلامية حيث بدأ الفكر الإسلامي يتفاعل مع حركة المجتمع، على صفحاتها.
وانتقل السيد بدر القصار (أبو أحمد) والذي تولى رئاستها منذ يناير عام 1976، وحتى اكتوبر 1979م، ليضعها إصدارًا متكاملًا يتفاعل فيه فقه الدعوة مع قضايا المجتمع الإسلامي، حتى تمدد في عطائها المتزايد مع عالمية فكرتها وتأثيرها في السياسات المحلية، قام الأخ الدكتور إسماعيل الشطي (أبو عبد الله) بدور متميز في هذا المجال منذ أكتوبر 1979م وحتى عام 1992م.
كما أثمرت جهود الأستاذ محمد البصيري أبو عبد الله في 15/12/ ١٩٩٢م، وحتى كتابة هذه السطور لتحقق عالميتها وتخترق في تأثيرها أسوار السياسة الدولية ولتتسع نطاق توزيعها لتشمل أكثر من 120 دولة إسلامية وغير إسلامية، ويرتفع رصيدها من القراء ليكونوا أكثر من ربع مليون قارئ.
وقد كان خلف كل هذه الجهود المباركة رعاية العم عبد الله علي المطوع (أبو بدر) -حفظه الله- ورعاه والذي ظل طوال هذه الفترة يساند أبناءه رؤساء التحرير والعاملين في المجلة بخالص جهده وتوجيهه منذ نشأتها الصحفية حتى شبت ونمت وأينعت.
لقد كانت المجتمع، وهي تتحرك بحركة الفكر الإسلامي تتعامل مع معارك صعبة وتتصادم مع مصالح متضاربة، وكان القفز فوق هذه المعادلات والانثناء حولها وتحمل تبعات ما ينتج عن ذلك جهادًا صعبًا، وعملًا معقدًا؛ فالتعامل مع مخاطر السياسة الدولية (على سبيل المثال) وتبيان أثرها السلبي على بلاد المسلمين في المنطقة، والوقوف مع المسلمين في قضاياهم العادلة، ونقد سياسة الكيل بمكيالين، والوقوف مع قضايا حقوق الإنسان والحريات والعدالة احتاج منا -وما زال- إلى جهود بالغة ولغة مناسبة حتى نأمن وصول الكلمة الصادقة والرأي المتزن لقارئنا وحتى تتكيف مع عدم مخالفة قوانين الصحافة، ونأمن فجر الخصومة، وتأليب الحاسدين، وحتى تصل مطبوعتنا بسلاسة وسلامة إلى منازل قرائنا الكرام، إنها رحلة شاقة وصعبة منذ التفكير بالكلمة وصياغتها وإخراجها وطباعتها وإصدارها طيلة خمس وعشرين سنة.
وإذا كانت تلكم جهود إدارتها، فإن كتابها الذين ساهموا في الكتابة فيها منذ نشأتها إلى اليوم منهم من قضى نحبه بخاتمة سعيدة، وطواه الزمن تحت الثرى وتبقى أثره وعلمه في الناس، ومنهم ما زال يمتطي صهوة جواد الكلمة، ويقارع ويصارع أفكار العلمانية، ويدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، ولهؤلاء الأموات منهم والأحياء والذين نتمني لهم عملًا صالحًا مقبولًا أدوار لم تكن بخافية على أحد، إنه تاريخ الكلمة الصادقة المجاهدة لحركة الدين في المجتمع الإسلامي.
أما قراؤها الكرام الذين تابعوها منذ صغرهم فقد كبروا معها، وأيقنوا أهميتها ورسمت كلماتها في قلوبهم أبلغ الأثر الإيماني وأنارت عقولهم بفكرها المتميز وألهيت عواطفهم ومشاعرهم تجاه إخوانهم وتواصلهم من خلال صفحاتها بالمسلمين في كل مكان، لقد كبروا معها وكبرت عواطفهم وشعورهم الإيماني وعقولهم.
وكبرت معهم «المجتمع»، لتصبح «قصة»، تتلوها أجيال الصحوة الإسلامية عن جهاد مجلتهم في بحار اضطراب السياسات الدولية المتعاقبة وخصومة الكثير من المنافقين والعلمانيين وجور السلاطين ممن لا يرتضي تطبيق شريعة الله أو أن يضع للعدل وحق الإنسان في الحياة والكلمة الحرة اعتبارًا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
هل بدأ الصراع بين البرهان والإسلاميين مع تراجع حميدتي.. أم تسعى قوى غربية للوقيعة بينهما؟
نشر في العدد 2181
31
السبت 01-يوليو-2023