; مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري وحوار عن: «الأقصى» في رمضان... | مجلة المجتمع

العنوان مفتي القدس الشيخ عكرمة صبري وحوار عن: «الأقصى» في رمضان...

الكاتب مصطفى صبري

تاريخ النشر السبت 23-أكتوبر-2004

مشاهدات 14

نشر في العدد 1624

نشر في الصفحة 40

السبت 23-أكتوبر-2004

اتقبل الله طاعتكم

  • مسيرتي مع الأقصى امتداد لمسيرة والدي.
  • ذكريات مهمة لا أنساها خلال زيارة السادات للقدس.
  • الخوف من الانهيار الطبيعي للمصلَّى المرواني وهْم صهيوني يحاول تهيئة الناس لما هو أسوأ.
  • الاحتلال يفرض مزيدًا من التشديدات لمنع الناس من الوصول للأقصى لأنه يغتاظ من تدفق مئات الآلاف كالبحر المائج في أيام الجمع الرمضانية.

قبل التحدث معه وزيارته كانت المواضيع التي سأطرحها عليه تتزاحم، فموضوع مدينة القدس يحتاج إلى مجلدات حتى تتضح الصورة، فهي قلب العالم الإسلامي وقبلة المسلمين الأولى، الشيخ الدكتور عكرمة صبري يستعرض في حوار مع المجتمع وضع المسجد الأقصى وذكرياته معه ومخططات بني يهود ضده.

القدس تسكن القلب: سكن القدس وهو في العاشرة من العمر مع والده الذي كان قاضيًا شرعيًّا فيها وقتها. يقول الشيخ عن تلك الحقبة: مدينة القدس لها طابع خاص يمتاز عن سائر المدن والقرى الفلسطينية. والذي يعيش في هذه المدينة ينجذب إليها ولا يغادرها ويصبح جزءًا منها، فهي تسكن قلبه وعقله ومشاعره وأحاسيسه وبخاصة حينما يدخل المسلم باحات المسجد الأقصى المبارك، فإن لهذا المسجد هيبة في قلوب الذين يزورونه.

أمنية تتحقق:

يتحدث المفتي عن حلم كان يراوده منذ الصغر بأن يكون عنصرًا فاعلًا في الأقصى، ولم يكن يدر في خلده أن يصبح في يوم من الأيام خطيبًا للأقصى إلا أن الله سبحانه وتعالى قد هيأ الأسباب لذلك.

وعن دور والده في تحقيق هذه الأمنية قال الشيخ: حثني والدي على طلب العلم الشرعي وكان يعرض علَيَّ العمل في سلك القضاء، إلا أن ميولي كانت تتجه إلى التعليم إضافة إلى ميلي إلى الفتوى في الأحكام الشرعية حيث كنت أمارس الفتوى بجانب وظيفتي الرسمية في وزارة الأوقاف عندما كنت مديرًا عامًا للوعظ والإرشاد.

الابن.. على خطوات أبيه:

يشير مفتي القدس إلى دور والده الشيخ سعيد صبري في الحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس الشريف قائلًا: بعد احتلال القدس عام ١٩٦٧م اجتمع والدي مع العديد من رجالات القدس وشكلوا الهيئة الإسلامية العليا التي أترأسها الآن من أجل الحفاظ على مقدسات المدينة، بحيث أخذوا العبرة مما حصل بالأوقاف الإسلامية في مناطق فلسطين المحتلة عام ٤٨؛ بحيث اعتبرت الأملاك الوقفية هناك تابعة لدائرة أملاك الغائب ووضعت حكومة الاحتلال اليد عليها، لذا كانت فكرة والدي إيجاد هيئة اعتبارية لمنع دائرة الأملاك الصهيونية من وضع اليد عليها، وبهذه الطريقة أنقذت الأملاك الوقفية في القدس والمقدسات من الضياع. واليوم تواصل الهيئة الإسلامية مشوارها في الحفاظ على المقدسات.

منزلان للمفتي: أجاب المفتي مبتسمًا عن سبب تنقله بين منزلين باستمرار قائلًا: هذا ليس من باب الترفيه بل هو من ضمن المعاناة اليومية التي أواجهها أنا وعائلتي، فوزارة الداخلية «الإسرائيلية» تشترط على كل شخص يحمل هوية القدس السكن ضمن أسوارها وحدودها، وكل من يسكن خارجها تسحب هوية المواطنة منه، لذا أضطر لهجرِ بيتي في الرام القريبة من القدس «إلا أنها خارج حدودها التنظيمية» وأضطر للسكن بالإيجار داخل حدود المدينة لتفويت الفرصة على الاحتلال.

تشديد.. فوق تشديد:

مفتي القدس يقول عن وضع المسجد الأقصى في شهر رمضان: هناك مزيد من التشديدات لمنع الناس من الوصول للأقصى لأن الاحتلال يغتاظ ولا يرتاح لمئات الآلاف التي تتدفق إلى الأقصى كالبحر المائج في أيام الجمع الرمضانية.

وأضاف: الآن تثار مشكلة المصلَّى المرواني وهي مفتعلة وليست حقيقية وهي من ضمن مخططات للسيطرة على الأقصى وإفساح المجال لسلطات الاحتلال للتدخل في المسجد الأقصى، وقد كان المخطط اليهودي هو دخول المصلى المرواني من خارج المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية، مستغلين هجران المسجد المرواني في السابق، إلا أنه في عام ١٩٩٦م تم ترميمه وصيانته وأصبح طوال الوقت مفتوحًا حيث أعيد فتح بواباته وكان هذا الترميم عائقًا أمام السيطرة الصهيونية.

خوف من انهيار.. أم اطمئنان؟

مفتي القدس يطمئن المسلمين بأن الخوف من الانهيار الطبيعي للمصلى المرواني وهْمٌ صهيوني من أجل التهيئة إلى ما هو أسوأ، فالشقوق في الجدار الجنوبي والشرقي تمت معالجتها والآن الترميم جار في الجدار الشرقي وحاولت سلطات الاحتلال عرقلة الترميم وطالبوا بالإشراف مع الأوقاف إلا أن طلبهم رفض والعملية مستمرة.

وأضاف: هناك خطر حقيقي للسيطرة عليه ومحاولة هدمه بشكل متعمد، فمن حيث الإنشاء والبنية لا يوجد خطر وهذا ما أكدته بعثة المهندسين المصريين والأردنيين وقالوا: الوضع الإنشائي لا يدعو إلى القلق.

السادات.. والأقصى:

عند سؤاله عن زيارة السادات للأقصى -وكان المفتي وقتها خطيب المسجد الأقصى في خطبة عيد الأضحى المبارك وهو الذي ألقى الخطبة- يقول المفتي: نحن أهل فلسطين لم نكن نتوقع أن السادات سيأتي إلى فلسطين والناس وقعوا في حيرة حول تفسير زيارته وكانت الأمور غامضة. وقبل مجيئه بيوم واحد إلى القدس حضر وفد مصري رفيع المستوى للتحضير للزيارة واجتمعوا مع رئيس مجلس الأوقاف في حينه المرحوم حلمي المحتسب. وفي سياق الحديث طلب الوفد المصري أن يطلع على خطبة عيد الأضحى، الأمر الذي رفضه الشيخ حلمي واعتبرها سابقة خطيرة وأبلغهم قائلًا: إننا لا نسمح لأحد أن يتدخل في شؤون خطيب الأقصى فهو أمير نفسه. ثم أردف قائلًا للوفد: إذا أصررتم على الاطلاع على خطبة العيد سنمتنع عن أداء صلاة العيد فتراجع الوفد عن هذا المطلب.

الوفود.. تترى:

يستطرد المفتي ذكرياته عندما كتب خطبة العيد حيث سيكون أكبر رئيس دولة عربية بين يديه في زيارة مفاجئة ويقول: عندما كنت أحضر للخطبة لليوم التالي كانت الوفود الشعبية من المواطنين تتوافد على منزلي لتذكيري بضرورة أن تكون الخطبة قوية وتقديم طروحات وأفكار لإضافتها في الخطبة واستمرت الوفود بالقدوم حتى الساعة الثانية عشرة.

يضيف المفتي: بعدها جلست وحدي وشرعت بكتابة الخطبة من الساعة الثانية عشرة حتى الساعة الرابعة صباحًا ولم أنم في تلك الليلة لأن الأمر يحتاج إلى استحضار للمعلومات وركزت فيها على موقف سيدنا عمر بن الخطاب حينما قدم إلى بيت المقدس فاتحًا- ومشيًا على الأقدام وكذلك موقف صلاح الدين الأيوبي الذي حرر الأقصى من الصليبيين.

الصعود للمنبر:

عندما توجهت للأقصى كانت التشديدات الأمنية تفوق التصور والذي زاد من حُزني وألمي حرمان المصلين من أداء الصلاة، لم يتعرض لي أحد أثناء توجهي للمسجد الأقصى، وعند صعودي إلى المنبر كان السادات أمامي مباشرة إلا أنني طوال الخطبة لم أنظر إليه وكان نظري موجَّهًا إلى المصلين ولم أشعر برهبة أو خوف أو تلعثم بل كانت ثقتي بنفسي عالية والخطبة قوية.

وعندها سألته: لم تنظر إليه، لكن ماذا قلت له أثناء الخطبة؟ قال المفتي: قلت له الأقصى أمانة في عنقك أنت وفي أعناق الحكام، وأنتم عليكم مسؤولية تحرير الأقصى وإنهاء الاحتلال.

وعن شعور السادات وقتها قال المفتي: كان يتصبب عرقًا ويكثر من مسحه وعرفت ذلك عندما شاهدت شريط التصوير لأني لم أنظر إليه وقت الخطبة إضافة إلى أنني تعرضت للحريق الذي تعرض عليه الأقصى.

إعمار المسجد الأقصى:

يقول المفتي: تدفق الشباب المؤمن للأقصى في تزايد وهذا يبعث على التفاؤل والأمل، كما أن المتعلقين بالمسجد الأقصى في تصاعد مستمر، وهذا كما قلت يغيظ الصهاينة ويجعلهم يتخبطون.

وعن دور أهلنا في فلسطين المحتلة عام ٤٨ قال المفتي: إخواننا كانوا ولا يزالون عونًا لنا وداعمين للمسجد الأقصى المبارك وساهموا مساهمة فعالة من خلال إعمار المسجد بالمصلين أو بصيانته، والمسجد المرواني من أعمالهم وبصماتهم البيضاء.

وأضاف ومن المساهمات الفعَّالة لأهلنا في فلسطين المحتلة عام ٤٨ برنامج البيارق لنقل المصلين من أماكن سكناهم إلى الأقصى على مدار الأسبوع.

استهداف:

يقول المفتي عن هذه القضية: وضعي في دائرة الاستهداف واضح من خلال استدعائي إلى التحقيق عدة مرات في أعوام ۲۰۰۱ و۲۰۰۲ و۲۰۰۳ و٢٠٠٤م بحيث تثار ضدي قضية التحريض ويناقشوني فيما ورد في خطبة الجمعة ويطلبون منِّي عدم التدخل في السياسة ويهددونني بأنني أحمل هوية القدس وعليَّ الالتزام بقوانين الدولة.

وعن لقائه مع حسن نصر الله أمين عام حزب الله في لبنان قال المفتي: حاولت سلطات الاحتلال إدانتي من خلال لقائي مع حسن نصر الله في مؤتمر عقد في بيروت بشأن مدينة القدس، إلا أنهم فشلوا في ذلك باعتبار أن المؤتمر عام ويدعى له كل الشخصيات وبالصدفة كان مقعد الشيخ حسن نصر الله بجانبي حتى إن الشيخ نصر الله قال: أخشى أن يصيبكم الضرر من خلال التقاط الصور معي، لأنه يعرف عقلية اليهود وطريقة تفكيرهم.

كلمة للأمة عبر المجتمع:

أقول من خلال مجلة المجتمع الدولية للأمة الإسلامية: الأقصى في خطر وليس هذا العرض من قبيل التهويل هذا أمر واقعي، وكما هو معلوم فإن الأقصى يمثل جزءًا من عقيدة الإيمان في العالم، والمسلم في فلسطين ليس له أكثر من أي مسلم في العالم والمسؤولية واحدة ومشتركة، وأطالب الحكومات والشعوب والأنظمة بأن تكون جاهزة لإنقاذ الأقصى.

معلومات مهمة:

تبلغ مساحة الأقصى ١٤٤ دونمًا مربعًا «144 ألف متر مربع» وهذه المسافة محصورة بين أسواره المباركة، أما عدد أبوابه فهي على النحو التالي: من الجهة الغربية باب الغوائمة، باب المجلس.. باب الحديد، باب القطانين، باب المطهرة، باب السلسلة، باب المغاربة، ومن الجهة الشمالية باب الأسباط، وباب حطة، وباب فيصل.. ومن الجهة الشرقية باب مغلق يعرف بباب الرحمة وهو مغلق من زمن صلاح الدين الأيوبي، أما عدد مآذنه فيصل إلى أربع مآذن وهناك تخطيط لإقامة مئذنة خامسة.

الرابط المختصر :