العنوان مقترحات أساسية لتقوية الاتحاد الإماراتي.. الحکام أمام مسؤوليات تاریخیة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 02-ديسمبر-1975
مشاهدات 11
نشر في العدد 277
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 02-ديسمبر-1975
استمرت الرغبة في تقوية الاتحاد مجرد «أمنية» في أعماق الحكام السبعة لاتحاد الإمارات الذي يرأسه الشيخ زايد بن سلطان حتى كان الحادث المشهور حين قتل الشيخ خالد القاسمي حاكم الشارقة السابق، فعندما أراد وزير الدفاع الاتحادي محمد بن راشد المكتوم التدخل تبلور الوضع العسكري المحزن للاتحاد فبأي صفة يتدخل؟! جيوش الإمارات مستقلة كل على حدة والوزير الاتحادي بلا سلطات فعلية على تلك الجيوش... فاضطر للتدخل بجيش دبي وتطويق الحادث.
بعد تلك الحادثة أدرك المخلصون أهمية تدارك الأمر.
أمر تقوية الاتحاد بكل أوجه القوة.. وأولها القوة العسكرية.. إننا عندما نعلم أن هذه الأعداد المتفرقة لجيوش الإمارات لا شيء إزاء المعادلات العسكرية النشطة في المنطقة «فضلًا عن الدولية»... فجيش أبوظبي يبلغ تعداده حوالي ۱۸۰۰۰ جندي يليه جيش دبي حوالي ۲۰۰۰ جندي والشارقة كذلك حوالي ۲۰۰۰ جندي أي المجموع ۲۲۰۰۰ جندي هذا في حين أن قوات ميليشيا الكتائب تربو على ٦۰۰۰۰ جندي مسـلح تسليحًا كاملًا بأحدث الأجهزة المساعدة «أجهزة الاتصالات والمناورة» فما بالك بجيوش الدول المجاورة!!
إن مبدأ التوحيد الكامل مقبول من جميع الأطراف لولا عقدة واحدة تتحكم في البعض وهي الخوف من تجريدهم من الصلاحيات التي كانوا يمارسونها قبل الاتحاد. لذا فإننا نقول بأن أية حركة تجاه تقوية الاتحاد تبدأ بزرع هذه الثقة في النفوس والعمل بنظام التكامل الذي ملخصه أن الاتحاد يحتاج إلى كل طاقات الحكام فهو يحتاج إلى التاجر الفطن بنفس القدر الذي يحتاج فيه إلى الإداري الحازم وبنفس القدر يحتاج إلى السياسي البارع... وعليه فإن استثمار طاقات الحكم عند جميع الحكام أمر يجب تثبيته
هذه واحدة «وهي حجر الزاوية في الموضوع برمته». والثانية أن تقوية الاتحاد يجب أن تلتزم بالخطوط العريضة التالية:
أولًا: السعي لإنشاء دولة مؤسسات راقية
وهي- على سبيل المثال لا الحصر:
- تقوية اختصاصات المجلس الوطني الاتحادي التشريعية حتى يمارس أثرًا فعالًا في التشريع للبلاد فيما لم يرد فيه نص «من القوانين المعاشية» لا في الكتاب ولا في السنة المطهرة.
- تقوية الجهاز الإداري عن طريق إحياء صلاحيات الوزارات الاتحادية كالدفاع والداخلية والنفط والمالية، وهذا فقط الذي يحقق الدعم المباشر للاتحاد
- إنشاء مؤسسات غير موجودة حاليًا وضرورية لضبط الإنفاق العام وفق أسس علمية... فمثلًا حتى الآن لم ينشأ ديوان محاسبة يدقق في سير المصاريف وحركة الأموال الحكومية.
- الاهتمام بوزارات الخدمات كالصحة والتعليم فهي المظهر المباشر والثمرة الأولى للاتحاد.
- إنهاء الوضع الشاذ للوزارات فلا يجوز أن نقول بعد الآن وزارة اتحادية دلالة على وجود وزارة محلية بل نقول وزارة الإسكان «على سبيل المثال» بحيث يعرف المواطن الظبياني والشارجي لمن يتجه بمعاملته الخاصة بالإسكان، ومن جهة أخرى لتوحيد التخطيط والتنفيذ على مستوى الاتحاد فكما هو معروف اقتصاديًّا أن تعدد الأجهزة المتماثلة يرهق الدولة ماليًّا.
ثانيًا- القضاء على المشاكل الإدارية والسياسية
- المشاكل الإدارية
- التشريعات المحلية يجب أن تأخذ طابع اتحادي مادامت صالحة وصادرة عن السلطة الاتحادية ويجب متابعة تنفيذ هذه التشريعات كالقضاء مثلًا.
- قانون الجنسية والجوازات وهو من المشاكل الرئيسية فهناك مجموعات سكانية كثيرة وكبيرة لم تجنس حتى الآن بسبب عجز القانون الحالي للتجنيس «كاشتراط ٤٨ سنة يمضيها طالب التجنيس وهذا لا يتفق مع حداثة الدولة ولا يجوز نقل هذا النص من قوانين أخرى دون مراعاة اختلاف الظروف المحلية والبيئية!!»
وعمومًا بقاء قطاع كبير بلا انتماء هو في حد ذاته عامل مساعد على بطء نمو الاتحاد. ولا يتعارض هذا مع النص على تحفظات على التجنيس تكفل الحماية اللازمة لمجتمع الاتحاد الذي ينتمي سكانه ،ولا يعني كلامنا هذا فتح المجال أمام الفئات التي عرف عنها الولاء لجهات خارجية وإنما يعني احتواء الذين لهم أصول عربية كأهل حضرموت وقبائل غرب فارس «قبائل الساحل الإيراني»
جـ- تخضع كثير من المشاريع إلى الارتجال بسبب غياب جهاز مخطط على مستوى علمي وعملي كافي. لذا تستلزم تقوية الاتحاد وجود مجلس تخطيط يخطط على كافة المستويات الاقتصادية والسكانية والتعليمية والهيكلية وذلك بهدف تحقيق وضوح رؤية للجهاز الاتحادي بمؤسساته الشابة.
- القضاء على المشاكل السياسية:
- من الضروري لبداية المسيرة المشتركة إنهاء الخلاف على الحدود بين بعض الإمارات، تلك الحدود التي رسمها الاستعمار لتكون لغمًا يفجر أي اتجاه اتحادي يمر فوقه.
فمثل الخلاف الذي نشب حول العين الكبريتية المكتشفة حديثًا «بين الفجيرة ورأس الخيمة» مثل هذا الخلاف لا يجوز أبدًا أن يؤدي إلى مجرد سوء تفاهم فضلًا عن إشهار السلاح كما حدث قبل مدة بسيطة فمدخول هذا البئر سيصب في مالية الاتحاد ويتوزع في الجسم الاتحادي الأم ولا يهم المرء حين يمضغ الطعام التفكير فيه فهو سيقوى كل الجسد و«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»
- يجب على الجميع تجاوز التفكير المحلي في توزيع الوظائف وهذا أمر هام فالملاحظ حاليًا أن كل مسؤول يحرص على ملء إدارته بأقربائه التابعين لإمارته!! حتى أصبحت الوزارات عبارة عن تجمعات قبلية يضيع فيها أي عمل إصلاحي فنيًّا كان أم إداريًّا.
جـ- من الضروري الإسراع بدمج الإذاعات ومحطات التلفزيون فلم يعد بالإمكان السير بالوحدة بين المكاتب وإهمال الرأي العام الذي هو معبأ فطريًّا للوحدة فكلهم يحفظ قول الله تعالى ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء:92)
وبعد، فإن هذه المقترحات أكثر من ضرورية وعلى رأسها تكريس الثقة بين الحكام أنفسهم بالمستقبل الزاهر البعيد المدى للأجيال القادمة وتوطين الثقة بينهم على أن الاتحاد للجميع قوة. ونقولها بصراحة، فهي مسؤولية الشيخ زايد بن سلطان الذي كان الدافع الأول لقيام الاتحاد فهو مدعو اليوم إلى رعاية ترعرعه بتحقيق هذه المقترحات. وإننا إذ نؤكد هذه المقترحات نقول أن الربع الأخير من هذا القرن الحاسم في تاريخ هذه المنطقة فبدءًا من عام ١٩٧٥ ستمتحن الدول النفطية وتظهر النتيجة حال نضوب النفط ولن يكون الضمان أبدًا هو توفير بديل للنفط......
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل