; مكتبة المجتمع: شروط النهضة | مجلة المجتمع

العنوان مكتبة المجتمع: شروط النهضة

الكاتب جمال الحسن

تاريخ النشر الثلاثاء 24-أكتوبر-1972

مشاهدات 15

نشر في العدد 123

نشر في الصفحة 22

الثلاثاء 24-أكتوبر-1972

تأليف: مالك بن نبي

ترجمة: دكتور عبد الصبور شاهين وعمر كامل مسقاوي

تقديم: المهندس جمال الحسن

طبع الكتاب طبعته الأولى باللغة الفرنسية عام ١٩٤٨ بالجزائر وكانت طبعته الثانية في القاهرة عام ١٩٥٧ باللغة العربية، ثم طبعة أخرى في عام ١٩٦٠.

يقع الكتاب في ٢١٦ صفحة ويحتوي على مقدمة الطبعة الفرنسية بقلم الدكتور عبد العزيز الخالدي ومقدمة الطبعة العربية بقلم المؤلف. وينقسم الكتاب إلى بابين: الباب الأول: الحاضر والتاريخ.

يعتبر المؤلف أن الحركة الحضارية مرت في خط سيرها بأدوار ثلاثة هي دور البطولة ودورة السياسة والفكرة ودور الوثنية.

 وفي دور البطولة لا يلتفت الأبطال إلى حل المشاكل التي مهدت للاستعمار وأدت إلى تغلغله في البلاد. أما في دورة السياسة والفكرة فإن الأفكار تنطلق وتتلاقى وتتصارع، وأعطى لذلك مثلًا هو حركة الإصلاح التي قام بها علماء الجزائر فكانوا طليعة للنهضة الجزائرية الصحيحة حيث اعتمدوا فكرة التغيير والعودة إلى الإسلام إلا أن السياسيين استطاعوا أن يحرفوا خط حركة الإصلاح حين التقوا معهم في مؤتمر عام ١٩٣٦.

أما دور الوثنية، فقد كانت الوثنية ضاربة أطنابها قبل عام ١٩٢٥ حيث الأقطاب يتصرفون بالكون وبدأت الوثنية تتحطم على يد حركة الإصلاح حتى كان المؤتمر الجزائري عام ١٩٣٦ حيث عادت أوراق الحزور مرة ثانية إلى الشعب باسم جديد هي أوراق الانتخابات.

● الباب الثاني: المستقبل.

 

من التكديس إلى البناء:

عندما بدأ العالم الإسلامي يتململ ناهضًا من نومه دخل أول أمره صيدلية الحضارة الغربية طالبًا الشفاء من مرضه دون أن يعرف ما هو الدواء. وبذلك بقي طيلة خمسين عامًا يتخبط طالبًا العلاج بأدوية مختلفة. وفي نفس ذلك الوقت بدأت اليابان أيضًا تتجه نحو النهضة إلا أن اليابان نجحت في الوصول إلى أهدافها ولما يصل بعد العالم الإسلامي وذلك لأن العالم الإسلامي لم يتجه الاتجاه السليم فقد كان همه وعمله أن يكدس منتجات الحضارة الغربية، وذلك التكديس لا ينتج حضارة أبدًا.. إن هذا الواقع يستدعي دراسة الأسلوب السليم من أجل بناء الحضارة. والواقع أن لذلك قانونًا محددًا تنطبق عليه الصيغة الكيمياوية التالية:

ناتج حضاري = إنسان + تراب + وقت.

أما العامل المساعد في إتمام هذا التفاعل الكيماوي فهو الفكرة الدينية.

  الدورة الخالدة:

من الملاحظ أن كل أمة في الأرض تنتابها فترات من النهضة والتخلف مع مرور الزمن بحيث يمكن رسم منحنى خاص بذلك. ومن الضرورة بمكان أن تحدد الأمة مكانها على ذلك المنحنى في كل فترة من فترات الزمن فتتعرف بذلك على عوامل النهضة أو السقوط وحتى يصبح تخليقها لمستقبلها سليمًا. ومكان الأمة الإسلامية الآن في مرحلة بدء النهضة؛ فهل لديها أسباب التقدم؟

وبمعنى آخر: هل المبدأ القرآني سليم في تأثره التاريخي؟

وهل يمكن للشعوب الإسلامية تطبيق هذا المبدأ في حالتها الراهنة؟

وفي شرح جميل يجيب المؤلف على هذه الأسئلة حيث الفكرة الدينية هي العنصر الضروري لبناء أية حضارة على وجه الأرض حتى حضارة الشيوعيين باعتبارها أزمة للحضارة المسيحية، فالدين ضرورة في كل زمان وكل مكان.

 ويسترسل المؤلف بعد ذلك في إثبات أن العدة الدائمة للحضارة الإنسان والتراب والوقت ثم الأثر العميق للفكرة الدينية في تكوين الحضارة باعتبارها العامل المساعد الوحيد على تفاعل العناصر الثلاثة السابقة. ثم بدأ بدراسة هذه العناصر عنصرًا عنصرًا بتفصيل.

العنصر الأول: الإنسان..

إن دراسة مشكلة الإنسان وكيفية تأثيره في المجتمع تقتضي دراسة الأمور الثلاثة الآتية:

١ - توجيه الثقافة.

٢ - توجيه العمل.

٣ - توجيه رأس المال.

 

● توجيه الثقافة:

إن المقصود من كلمة توجيه هو تجنب الإسراف في الجهد وفي الوقت من أجل إنتاج معين، وأما المقصود بالثقافة فمجموعة الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي يلقاها الفرد منذ ولادته. والثقافة معنى تاريخي؛ فهي كل ما يعطي الحضارة سمتها الخاصة ويحدد قطبيها العقلي والروحي وأما معنى الثقافة في التربية فهي المركب الاجتماعي الذي يتألف من العناصر التالية:

ا - دستور الأخلاق لتكوين الصلات الاجتماعية.

ب - دستور الجمال لتكوين الذوق العام.

ج - منطق عملي لتحديد أشكال النشاط العام.

د - الفن التطبيقي الملائم لكل نوع من أنواع المجتمع.

ويتوسع المؤلف في شرح كل أمر من هذه الأمور معطيًا الأمثلة الحية على ذلك مما يضفي على الدراسة روحًا وحيوية ووضوحًا. وهي في واقعها تُعطي الصورة العملية لكيفية البناء الحضاري.

 توجيه العمل:

إن المقصود بذلك في مرحلة التكوين الاجتماعي أن تنتظم الجهود الجماعية في خط سير واحد منسق بما في ذلك جهود الراعي وصاحب الحرفة والتاجر والطالب والعالم بحيث يصنع كل منهم في كل يوم لبنة جديدة في بناء متكامل جميل.

أما اعتبار العمل وسيلة خاصة لكسب الحياة فيجب أن يكون ذلك نتيجة تابعة.

 توجيه رأس المال:

ويقصد المؤلف برأس المال كل مال متحرك في محيط أكبر من محيط الفرد الذي يملكه وأقصى من المقدار الذي تحدده حاجياته الخاصة. ومن ذلك يتضح أن المقصود في توجيه رأس المال هو الكيفية وليس الكمية؛ لذلك فهو يدعو إلى تحويل الثروات الخاصة إلى رأس مال فعال. ويجب أن يمنع تركيز رؤوس الأموال في أيدي فئة قليلة من الناس الأغنياء، بل يجب أن يساهم الشعب مهما كان فقيرًا.

بعد ذلك يشرح المؤلف مشكلة المرأة وكيف يمكن وضعها في موقع تؤدي فيه دورها الصحيح كمساهمة في الحضارة وملهمة لذوق الجمال والأخلاق. ثم يشير إلى مشكلة الزي وضرورة إيجاد زي مناسب لرجال النهضة ونسائها. أما عن الفنون الجميلة فقد شرح المؤلف دورها كداعية إلى الفضيلة منضبطة بالأخلاق مؤثرة في الأنفس تأثيرًا صالحًا.

 العنصر الثاني: التراب

تكلم المؤلف فيه عن قيمة التراب الاجتماعية وهي قيمة مستمدة من قيمة مالكيه لذلك فإن التراب في العالم الإسلامي على شيء من الانحطاط، وأعطى المؤلف مثلًا لذلك أرض الجزائر وأعطى الحلول التي يمكن أن تنهي أزمة تلك الأرض.

 

العنصر الثالث: الوقت

ويبرز المؤلف هنا دور الوقت كعنصر هام من عناصر الحضارة بضربه لذلك مثل الإجراء الألماني بعد الحرب العالمية حيث برزت ظاهرة الحاجة إلى الوقت.

 الاستعمار والشعوب المستعمرة ومشكلة التكيف:

وينهي المؤلف كتابه ببحث عن الاستعمار باعتباره وثيق الصلة بالتخلف الذي أصاب العالم الإسلامي ثم عن ظاهرة القابلية للاستعمار التي تجعل شعبًا يتقبل الاستعمار وشعبًا يرفضه. أما عن ظاهرة التكيف التي كانت سببًا للاتجاهات الإصلاحية المختلفة فقد أعطاها المؤلف شرحًا كافيًا.

 تعليق:

قالوا: إذا أردت أن تعرف قيمة الكتاب فاقرأه فإذا خرجت بجديد فالكتاب قيّم. وكتاب شروط النهضة يخرج منه القارئ بأمور جديدة عديدة مما يجعل قراءته ضرورية لكل المنادين بالإصلاح فالقادة والمفكرون وكل من يعني بأمور الأمة مدعو إلى قراءة هذا الكتاب؛ فكأني به يمحو السحر عن العيون والقلوب؛ هذا السحر الذي أصاب الأمة بصورة عامة فجعل الرؤية قائمة وترك الحليم حيرانًا.

الرابط المختصر :