; من النشاط الإسلامي في أوروبا نموذج من الندوة الشهرية في مسجد بلال | مجلة المجتمع

العنوان من النشاط الإسلامي في أوروبا نموذج من الندوة الشهرية في مسجد بلال

الكاتب مراسلو المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 22-أبريل-1975

مشاهدات 54

نشر في العدد 246

نشر في الصفحة 19

الثلاثاء 22-أبريل-1975

آخن- ألمانيا

عقد لقاء

يمثل الندوة الثقافية الشهرية المعتاد عقدها في مسجد بلال بمدينة آخن بألمانيا الغربية، وقد سافر عدد من الإخوة المسلمين من الدنمارك لحضور هذه الندوة، وأمضوا عدة أيام في جو إسلامي بين إخوة مسلمين من جنسيات مختلفة.. ونحب هنا أن ننقل إليكم موجزًا لأهم ما جرى في هذا اللقاء وللنشاطات المختلفة التي تقوم بها الجماعات الإسلامية في أوروبا.

وقد بدأت الندوة بمحاضرة قيمة ألقاها الدكتور محمد حميد الله أستاذ الدراسات الإسلامية، وكانت المحاضرة بعنوان: منزلة القرآن بالنسبة للكتب السماوية، وألقيت باللغة العربية مع ترجمة فورية باللغة الإنجليزية وكان مضمون هذه المحاضرة يدور حول القرآن الكريم وكونه هو الكتاب الهادي الوحيد البعيد عن الشكوك في فحواه ونصه ومصدره حتى أن غير المسلمين أنفسهم لا مفر لهم من قبول ثبوته وقدسيته فالقرآن دائم وأبدي ولا يتغير بتغير الأزمنة.

وأضاف الدكتور حميد الله أن هناك سؤالًا قد يتبادر إلى الأذهان وهو: لماذا لا نطبق جميع الكتب المنزلة طالما ثبت وجود كتب أخرى منزلة؟ ولماذا أصبح القرآن وحده هو الكتاب السماوي الوحيد البعيد عن التحريف؟؟

وإجابة على هذا السؤال أعطى الأخ المحاضر بعض الأمثلة عن بعض الصحائف التاريخية في الحضارة الصينية وفي الديانة البوذية وفي حضارات الهنود والبراهمة فقال: إن هذه الصحائف قد كتبها بعض أتباع الحكماء الذين كانوا يعيشون في هذه الأزمنة والذين لم يثبت كونهم أنبياء تاريخيًّا رغم وجود بعض الأحكام في عقائدهم تشابه بعض أحكام الشريعة الإسلامية مثل الوحدانية للرب والبعث بعد الموت والجنة والنار، ونظرًا لعدم اهتمام الناس بحفظ هذه الصحائف فقد أرسل الله- سبحانه وتعالى- كتابًا مقدسًا مصونًا.

وإذا وصلنا إلى التوراة التي أنزلها الله- سبحانه وتعالى- على سيدنا موسى عليه السلام فقد حرقت بأيدي العدو المستعمر في ذلك الوقت وقام أتباع موسى- عليه السلام- بعد ذلك بكتابة توراة جديدة حفظًا لتراثهم وهي التوراة الموجودة الآن بين أيديهم والتي ليست ذات دلالة ثابتة: ثم نجد بعد ذلك الإنجيل الذي قام الحواريون بكتابته من ذاكرتهم بعد وفاة سيدنا عيسى- عليه السلام- بستين عامًا وذلك لتفاديهم كتابة شيء يسهل سرقته أو حرقه مثل كتاب اليهود، ويتعجب الأخ المحاضر؛ كيف أن الكنيسة تقبل الإنجيل ككتاب منزل من الله- تعالى- رغم نقصه.. ثم ذكر الدكتور حميد الله نبذة تاريخية عن القرآن الكريم وأوضح في نقاط موجزة؛ كيف أن القرآن كان يتلى فوريًّا عقب نزوله على الرسول- صلى الله عليه وسلم- لجمع من الصحابة وتناقله بعد ذلك جيلًا عن جيل، وكانت وصاية الرسول- صلى الله عليه وسلم- لأمته حفظ القرآن، وتلاوته في الصلاة يوميًّا تساعد على حفظه، وقد استمرت فترة نزول الوحي مدة ٢٣ عامًا، ولا نجد اليوم أحد من المسلمين يختلف عن الآخرين في كلمة زائدة أو ناقصة في هذا الكتاب الكريم، فكتابة المصحف وتلاوته ثم حفظ ما فيه كان من الأسباب التي نقلته إلينا محفوظًا مصونًا عن التحريف، وفي كثير من الدول في يومنا هذا تعطى شهادة لمن يتأكد حفظهـم للقرآن الكريم بدون أخطاء وفي اليوم التالي كان أول فقرات البرنامج موضوع ألقاه الأخ حبيب زين العابدين من مكة عن الهجرة في الإسلام فأوضح لنا أن الهجرة تنقسم إلى أنواع عديدة؛ أولها الهجرة من الشرك إلى الإيمان وهي الهجرة التي يحتاج إليها المسلمون حقيقة فنحن في كثير من سلوكنا ننسى واجباتنا وننسى أن نهاجر إلى الله- تعالى- وأن نعيش صورة واقعية من الحياة الإسلامية، وهناك نوع آخر هو الهجرة من الأذى والعذاب وعدم استطاعة تطبيق الشرائع وهي الهجرة التي قام بها نفر من المسلمين في بداية البعثة المحمدية؛ وهي الهجرة التي يلزم على كل مسلم القيام بها في أي وقت من الأوقات إذا توفرت شروطهـا ومتمماتها، فعلى المهاجر دائمًا أن يهاجر متى وحيث يكون المصلحة للإسلام والمسلمين وعليه أن يرجع إلى بلده متى زالت أسباب الأذى والعذاب. والنوع الثالث من الهجرة هو هجرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة لإقامة الدولة الإسلامية وإيجاد الحياة الإسلامية، وهذه الهجرة ملزمة للجميع ومن تأخر عنها في ذلك الوقت اعتبره الإسلام من المقصرين في حقه. وقد بين لنا الأخ المحاضر أن هناك معاني وحكمًا كثيرة تظهر لنا إذا درسنا السيرة النبوية بتمعن، فنستطيع أن نجد الحكم السياسية والحربية والروحية متكاملة معًا بالإضافة إلى حسن اختيار الرسول- صلى الله عليه وسلم- لصاحب الطريق وهو الصديق- رضي الله عنه، وكذلك بين لنا دور المرأة الحيوي الذي قامت به أسماء بنت أبي بكر، والتضحية التي قدمتها في سبيل نجاح المخطط الذي رسمه الرسول- صلى الله عليه وسلم.

وقد قام الأخ عصام العطار مدير المركز الإسلامي بآخن بالتعليق على المحاضرة بقوله: إن مفهوم الإسلام الحقيقي يظهر أن هناك وعدًا من الله- تعالى- بالخير والرضوان وهناك أيضًا وعد منه تعالى بالتمكين في الدنيا والاستخلاف في الأرض، فالمسلمون في بداية الأمر طلبوا الآخرة فجاءت الدنيا تسعى من ورائهم، ثم أخذوا اليوم يطلبون الدنيا والمادة وحدهما فخسروا الدنيا وخسروا رضوان الله عليهم، وسواء طلبنا الدنيا أو الآخرة فلن نستطيع الفوز ونحن جالسون في مكاننا، بل يجب علينا أن نتحرك على الصعيد الاقتصادي والسياسي، وعلى الصعيد الفردي والجماعي لكي نكون قد حققنا الإيمان والعمل الصالح معًا، فالذين يدعون توفر الإيمان في قلوبهم ثم يجلسون معطلين عن العمل في مجال الدعوة لا يقومون بما افترضه الله عليهم، والدليل على ذلك حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».

ثم تلت محاضرة الأخ حبيب زين العابدين بعض الأسئلة التي قام بالإجابة عليها.

وبعد ذلك قام أعضاء الأمانة العامة لاتحاد الطلبة المسلمين بإعطاء صورة موجزة عن النشاطات التي قام بها الاتحاد خلال العام الماضي وكان من بين هذه النشاطات القائمة هو الندوة الشهرية التي بدأ تنظيمها في عام ۱۹۷۲ وهي تقام شهريًّا، والغرض الأساسي منها هو مساعدة الإخوة الحاضرين على فهم الموضوعات الإسلامية المطروحة وتدريبهم على تحضيرها بأنفسهم، وموعد هذه الندوة هو يوما السبت والأحد في نهاية كل شهر، وقد روعي أن يوضع برنامج هذه الندوات مسبقًا ولمدة عام كامل حتى يكون الإخوة على علم بالموضوعات التي سوف تطرح ومتى، وتنقسم موضوعات الندوة إلى محاضرات عن موضوعات عامة تهم المسلمين، على سبيل المثال: مشاكل المسلمين في العصر الحديث- الأمور الاقتصادية في الإسلام- قضيـة إسرائيل- الزكاة في الإسلام- الجهاد- القانون الإسلامي.. إلخ.. كما تحدد أيضًا موضوعات في المناسبات الدينية مثل رمضان والحج.. إلخ، كما تعد فقرة أخرى من الندوة للأحداث التي تواجه المسلمين في الوقت الحاضر مثل موضوع بنجالادش وقضية البترول.. ويراعى أيضًا عرض بعض الموضوعات الروحية في الندوات، مثل الإخلاص والمسئولية والصدق والأمانة.. إلخ- هذا وقد اقترح أحد الإخوة الحاضرين طبع هذه الموضوعات وتوزيعها على الإخوة حتى تكون بمثابة مرجع عند الحاجة.

فالندوة الشهرية للمركز الإسلامي في آخن هي باختصار عبارة عن مؤتمر شهري تتاح فيه الفرصة للإخوة الحاضرين للمعيشة معًا في جو إسلامي روحي يتعارفون فيه ويتعلمون شئون دينهم.. ويتراوح عدد المشتركين في الندوات الشهرية ما بين ۸۰- ۲۰۰ مسلم ومسلمة يحضرون من مسافات بعيدة رغبة منهم في المشاركة، وهذا يعطي الندوة طابعًا جديًّا، ويخلق لدى الحاضرين شعورًا بالمسئولية، ويشجع الآخرين على الحضور، حيث إن التلاقي والمناقشة يلعبان دورًا حيويًّا في بناء الفرد المسلم لا يقل أهمية عن الدور الذي يلعبه الاطلاع الفردي وقراءة الكتب.

وقد يدعى لحضور الندوة والمشاركة في عرض موضوعاتها بعض الشخصيات الإسلامية بين حين وآخر حيث يكون لحضورها فاعلية كبيرة لدى الحاضرين.

هذا وقد تحدث أعضاء الأمانة العامة للاتحاد أيضًا عن مجلة «الرائد» التي يصدرها الاتحاد، وهذه المجلة التي تحاول أن تظهر الوجهة السياسية للحركة الإسلامية وتقول الحق في جميع الأحوال دون خوف أو تردد، كما تقوم بعرض انعكاسات الحركات الإسلامية في ألمانيا وخارجها، وهي مجلة ذات موارد مالية محدودة ويحاول القائمون عليها الاستقلال عن جميع الجهات الرسمية أو التنظيمية، وقد صدرت أول ما صدرت منذ أعوام في ثوب متواضع مبسط ما زال هو الطابع المميز لها حتى الآن..

ثم جاء بعد ذلك دور المنظمات الطلابية الإسلامية التي حضرها ممثلوها إلى هذا اللقاء بعرض أوجه نشاطات هذه الجمعيات على اختلاف أنواعها، حيث إن الثلاثاء كان مخصصًا للاجتماع السنوي للممثلين في أوروبا وأمريكا. وقد بدأ ممثل وفد الدنمارك بعرض سريع للنشاطات والمشاكل التي تجري في الدنمارك وأعطى نبذة عن الحركات الهدامة التي تحاول عرقلة النشاط الإسلامي هناك.. ثم تحدث ممثل عن اتحاد الطلبة المسلمين بأمريكا وكندا وهو الدكتور جمال البارزنجي من العراق والذي يعمل حاليًّا في الاتحاد بأمريكا والذي يعتقد أن نشاط المسلمين في ألمانيا الغربية بصفة عامة وفي مدينة «آخن» بصفة خاصة نشاط جيد وأنه يلزم لتقدم هذا العمل إعطاء جهود زائدة من جانب الأفراد، ومحاولة إفهام الرأي العام أن الإسلام هو نظام حياة متكامل، وهذا ما يقومون به في أمريكا، وأضاف قائلًا: إن هدف الاتحاد في أمريكا هو في الدرجة الأولى إعطاء فكرة سليمة للطلبة المسلمين الوافدين للدراسة عن الإسلام حتى يكونوا دعاة ومصلحين عند عودتهم إلى بلادهم بدلًا من أن يعودوا إليها متأثرين بالحضارة الغربية الزائفة..

وأوضح الأخ الدكتور أن الاتحاد بأمريكا يتكون من جهاز متكامل من الموظفين والمعاونين على درجة عالية من الثقافة والوعي الإسلامي وهناك لجنة عاملة تقوم بإدارة العمل بمختلف أنواعه، ويتوزع العمل الإسلامي هناك على عدة مجالات منها ما يتعلق بدعوة المسلمين الوافدين ومنها ما يتعلق بغير المسلمين مثل إلقاء المحاضرات في النوادي والأماكن العامة، كما أن بعض النشاط يوجه كذلك إلى طباعة الكتب والنشرات وإصدار مجلة دورية باسم الاتحاد کل ٣ شهور، كما أن لديهم برنامجًا يهتم بالمساجين من المسلمين وغير المسلمين الذين يدخل منهم الكثيرون في الدين الإسلامي، كما يقوم الاتحاد بدعوة غير المسلمين في المناسبات الإسلامية وإعطائهم نبذة عن الإسلام، والشيء الذي تحقق عندهم حتى الآن وكان له أثر فعال هو الاعتراف بالإسلام كدين رسمي في المصالح الحكومية وفي الجامعة حيث يزداد عدد المسلمين كل شهر بالمئات وهذا يبشر بالخير الكثير.

وقد تحدث أيضًا ممثل عن اتحاد المنظمات الإسلامية في إنجلترا وأيرلندا الأخ أحمد باحفظ الله، فقال: إن الاتحاد الذي يمثله ينضم إليه ٣٦ منظمة وجمعية إسلامية، وقد أصدر الاتحاد عدة منشورات وكتب من بينها مجلة «المسلم» باللغة الإنجليزية، كما أنهم قاموا بإصدار دليل الطالب المسلم في إنجلترا.. ومن بين أهداف هذا الاتحاد هو مساعدة الجمعيات التابعة له وغيرها في نشر الإسلام وفي الربط بين هذه المنظمات والجمعيات كذلك لترتيب أمورها وحل مشاكلها، ويمول الاتحاد عن طريق جمع رسوم اشتراك من الأعضاء كل سنة ومن دخل المطبوعات ومن التبرعات وغيرها.. وقد قام الاتحاد كذلك بعدة نشاطات جيدة منها إنشاء بيت للطلبة المسلمين وآخر للطالبات المسلمات الذين يفدون إلى البلاد للتعليم وخلافه.. والاتحاد مستقل تمامًا عن الجهات الرسمية والحكومية ولكنه يقبل المساعدات غير المشروطة والنصح ويقوم بإرسال مندوبين عنه إلى المؤتمرات والاجتماعات العامة.

ثم تحدث بعد ذلك الأخ أحمد الشعبان ممثلًا عن جمعية الطلبة المسلمين بإنجلترا فقال: إن جمعيته أنشئت عام ١٩٦٠، وأن اللغة الرسمية المستعملة هي اللغة العربية، وتهتم هذه الجمعية في الدرجـة الأولى بتثقيف الطلبة المسلمين الوافدين إلى إنجلترا، كذلك تقوم بإصدار مجلة «الغرباء» منذ أكثر من ١٢ عامًا بانتظام، وهي تعتبر من أقدم المجلات الإسلامية التي تصدر في أوروبا باللغة العربية، وهي تحاول إعطاء مفاهیم إسلامية صحيحة للقراء، وتصدر حاليًّا كل شهرين ويطبع منها ٢٥٠٠ نسخة كل عدد، وقد أعرب الأخ الشعبان عن أمله في أن يقوم المسلمون داخل إنجلترا وخارجها بمساعدة المجلة ماديًّا عن طريق الاشتراك فيها لكي تكون مستقلة في إصدارها عن الجهات الأخرى.

وتقوم هذه الجمعية كذلك بإعداد الأشرطة التصويرية والصوتية عن الإسلام وبيعها فضلًا عن بطاقات الأعياد التي تقوم بطباعتها محليًّا، كما يقوم أعضاء الجمعية بحضور لقاءات أسبوعية ثقافية وأخرى شهرية تقام في مدينة لندن لتبادل الآراء ووجهات النظر والتعاون في حل مشاكل المسلمين المقيمين هناك.

وجاء بعد ذلك دور ممثلين آخرين عن المركز الإسلامي بميونيخ «ألمانيا الغربية» وكذلك ممثلين عن ندوة الشباب المسلم العالمي بالرياض وعن الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، فقام كل منهم بالتعريف بنفسه وبالنشاطات الإسلامية التي يقومون بها والتي نعتذر عن سردها- رغم أهميتها- لضيق المكان.

هذا وقد انتهى اللقاء بعد ظهر ذلك اليوم بعد أن أجريت الانتخابات العامة لأمانة الاتحاد في أوروبا، وقد أعيد انتخاب الأخ الدكتور نديم عطا إلياس أمينًا لاتحاد الطلبة المسلمين في أوروبا بالإضافة إلى أربعة أعضاء آخرين للأمانة العامة.

ونحن إذ ننقل لإخواننا في إسكندنافيا بعض ما دار خلال هذا اللقاء، ندعو كل من لديه الاستعداد للمشاركة في أي نشاط إسلامي أو من يرغب في حضور أحد لقاءات الاتحاد بألمانيا الاتصال بالمركز الإسلامي بكوبنهاجن للاستفسار عن برنامج النشاط للفترة المقبلة، وذلك على العنوان المذكور بأول هذا التقرير

إعداد الإخوة: محمد عطية- فاروق حنيف

الرابط المختصر :