الثلاثاء 19-سبتمبر-1978
قلب القرآن حياة العرب زمن البعثة النبوية رأسًا على عقب، وقد أنزله الله بلغة هذه الأمة؛ منبهًا للعقول الغافية، ومثيرًا للأحاسيس الكامنة؛ فيثير فيها ما يعلمها حقيقة أنها بين يدي بشير ونذير ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (الزخرف:3) ﴿كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (فصلت:3-4)
وقد قضى الرسول- صلى الله عليه وسلم- حياته يبلغ عن الله كتابه الذي أنزل، ويربي المؤمنين، ويقاوم الكافرين، ويدأب على نشر الدعوة؛ حتى تؤتى ثمارها في الآفاق، ولا شك أن القرآن الكريم هو مهادها وبناؤها, ومع أن القرآن كتاب معجزة، إلا أنه يقوم على إيقاظ المواهب العليا في الإنسان، فهو أشبه بالأحداث الجليلة التي تعرض لك؛ فتحملك على التفكير بأصالة وبصر، ويميز الأستاذ محمد الغزالي بين توجيه القرآن, وتوجيه غيره؛ فيقول: والفارق بين توجيه العرب بالقرآن، وتوجيه اليهود بنتق الجبل، كالفارق بين صوت الإنسان يهدي العاقل إلى الطريق، وسوط العذاب يلسع الدابة البليدة؛ لتمضي إلى الأمام، فلا تسير خطوة إلا رمت بعجزها إلى الوراء خطوات, وقد عرف العرب هدي الطريق وسبل الحق والرشاد بهدي القرآن الكريم، الذي كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يهتدي به في دعوته، وفي هذا يقول شاعر الرسول عبد الله بن رواحه:
وفينا رسول الله يتلو كتابه
إذا انشق مكنون من الفجر طالع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا
به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه
إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
- المجاهد الحق
رباه القرآن فشب على الكلم الطيب، واهتدى بهدي الرسول؛ فسار على سنته في مقارعة الباطل, وبين عينيه الشهادة أو النصر فحسب إذا سمع دعوة الداعي لبى النداء، طاهر القلب وصادق العهد، تراه ودودًا ثم تراه في الوغى أسدًا شرسًا, وهو من قوم هم- أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، وقد رسم الشاعر الإسلامي يوسف العظم صورة حية لهذا النموذج المجاهد في الأبيات التالية بعنوان- المجاهد الحق-:
بارك الله في الجهاد خطاه
حين لبى الفداء لما دعاه
ففلسطین دربه للمعالي
وحمى المسجد الطهور حماه
طاهر القلب والضمير نقي
صادق العهد بالدما يرعاه
وادع كالحمام في حرم البيت
وكالليث يستباح شراه
حملت راحتاه نارًا ونورًا
وبه المؤمنون باهوا وتاهوا
فإذا اقبل الزمان توارى
وإذا زاغت العيون تراه
لو لغير الإله ذلت جباه
لانحتت عند راحتيه الجباه
- مواقیت الإحرام
تختلف مواقيت الإحرام المكانية في الحج باختلاف الجهة التي يقدم منها الحجيج؛ فلكل جهة مكان يحرم فيه قاصدو البيت الحرام للحج أو العمرة, وقد نظم أحد القدماء في تلك المواقيت هذه الأبيات:
وإحرام حج من مواقيت خمسة
لطيبة وقت «ذا الحليفة» وأقصد
والشام والمصري والغرب «جحفة»
ولليمن المثالي «يلملم» فأرصد
وخذ «ذات عرق» للعراق ووفده
و «قرنا» لوفد طائفي ومنجد
وتعيينها من معجزات نبينا
لتعيينه من قبل فتح المعدد
- لغة- الغلط الفصيح
تكثر الزهور في فصل الربيع
تكثر الأزهار في فصل الربيع
هذه طاقة من الورود جميلة
هذه طاقة من الأوراد جميلة
ظلم القوم بعضهم البعض
ظلم القوم بعضهم بعضًا
استعوض المظلوم حقه
استعاض المظلوم حقه
اشتمل الكتاب بكذا وكذا من الفصول
اشتمل الكتاب على كذا وكذا من الفصول
أعاب المدرس کسل تلميذه
عاب المدرس کسل تلميذه
أشغل فلان مناصب عدة
شغل فلان مناصب عدة
- حسان بن ثابت.. وقصيدته الهمزية يوم فتح مكة..
بقلم: محمد هدى قاطرجي
كان الشعر رفيق الحركة الإسلامية الأولى, يترجم الفتوحات العسكرية, وينقلها قطعًا أدبية غراء؛ لتتناقلها العرب في أنحاء الجزيرة العربية، وتقرأ فيها سطور المغازي والفتوحات والأحداث القائمة بين دار الإسلام ودار الكفر والشرك والعناد.
وحسان بن ثابت هو أبرز الشعراء زمن الدعوة الإسلامية في عصر النبوة, ذخر شعره بحركة الدعوة، ونقل إلينا كثيرًا من الأحداث بلغة الشعر التي كانت هي وسيلة الإعلام الأولى آنذاك, وقد أبدع يوم فتح مكة قصيدة غراء في ديوان حسان بن ثابت، ولعلها أجود ما كتبه بعد إسلامه، وهي قصيدته الهمزية الشهيرة التي رواها ابن هشام في سيرته، ومطلعها:
عفت ذات الأصابع فالجواء
إلى عذراء منزلها خلاء
والقصيدة لوحة واحدة ترسم لنا موقف حسان بن ثابت يوم الفتح، وتحمل إلينا بعض الأحداث. فها هو يرسم فيها لوحة الجيش الإسلامي العنيد المخيف، الذي يبث الهول في قلوب المشركين، ويزرع الرعب في ربوع مكة، ويفتخر على كفار قريش بما أعطاه الله للجيش الإسلامي من قوة، مؤكدًا عزم جماعته على خوض النزال في قوله:
عدمنا خيلنا إن لم تروها
تثير النقع موعدها كداء
ينازعني الأعنة مصغيات
على أكتافها الأثل الظماء
تظل جيادنا متمطرات
يلطمهن بالخمر النساء
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا
وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يوم
يعين الله فيه من يشاء
ويلاحظ بروز أسلوب الإرعاب الذي يؤديه حسان في المعركة، ذلك أنه كان يعلم- كشاعر- دور الشعر في الحدث الحربي، وهو هنا يقارع قريشًا بالكلمة معبرًا عن تصور إسلامي للمعركة- يعين الله فيه من يشاء- كما أنه يخيف قريشًا بصورة جبريل، ذلك الملك الذي تنتقل عبره صور الرعب إلى أهل مكة على أنه قوة إلهية خارقة لا قبل لأحد بها:
وجبريل رسول الله فينا
وروح القدس ليس له كفاء
ويتوسل حسان بن ثابت بالمعاني القديمة التي تؤثر في قريش كقبيلة أو عشيرة تقوم حياتها على العصبية, ويستغل الشاعر هذه المعاني في وضع قریش أمام مفارقات الإيمان والكفر؛ فيناقشهن بموقفهم من دعوة محمد الإلهية المؤيدة بنصر الله، ثم يسلط عليهم عبر قصيدته سيف الحرب وسيف الهجاء، يقول:
وقال الله قد أرسلت عبدا
يقول الحق إن نفع البلاء
شهدت به فقوموا صدقوه
فقلتم لا نقول ولا نشاء
وقال الله قد سيرت جندا
هم الأنصار عرضتها اللقاء
لنا في كل يوم من معد
سباب أو قتال أو هجاء
فنحكم بالقوافي من هجانا
ونضرب حين تختلط الدماء
ويستمر.. حسان في حربه فيرد على شعراء قريش الذين تناولوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالهجاء، وفي سياق ذلك يعلن حسان دخوله حرب الهجاء؛ ابتغاء مرضاة الله، وهذا ما لم تعرفه قريش من ذي قبل, فشعر الهجاء عند القبائل كان يهدف إلى نصرة القبيلة والعصبية, أما حسان، فهو يهدف إلى نصرة الداعية المعلم محمد- صلى الله عليه وسلم-، حيث تفتت القبلية العنصرية على لسانه، ويؤكد ذلك أنه يتناول شخصية قريبة من رسول الله، هي شخصية أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم النبي- صلى الله عليه وسلم- الذي هجا النبي- عليه السلام-، يقول حسان في معركة الهجاء يوم الفتح:
ألا أبلغ أبا سفيان عني
مغلغلة فقد برح الخفاء
بأن سيوفنا تركتك عبدًا
وعبد الدار سادتها الإماء
هجوت محمدًا فأجبت عنه
وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء
وهنا يعلن حسان بن ثابت ولاءه للدعوة وقائدها، مؤكدًا مواصلة العزم على خوض النزال في معركة الجهاد بما أعطاه الله من موهبة، متحديًا قريشًا في معركة الهجاء التي يكافح فيها عن رسول هذه الدعوة.
من يهجو رسول الله منكم
ويمدحه وينصره سواء
قال أبي ووالده وعرضي
لعرض محمد منكم وفاء
لساني صارم لا عيب فيه
وبحري لا تكدره الدلاء
وهكذا خاض شاعر الرسول حسان بن ثابت معركة الإسلام يوم الفتح الأعظم، محاربًا هجاء، لا يبتغي من وراء ذلك إلا وجه الله- سبحانه-.
- ولادة..
للشاعر الإسلامي عبد الله عيسى السلامة
خلي يديك فلست من أسراكِ
أنا يا حياة علوت فوق علاكِ
خلي يدي فلي منى كونية
تلهو ببعض ذيولهن مناك
خلي يدي فإن شوقي واسع
يحبو ويدرج في مداه مداك
لا تضربي قيدًا على حريتي
رحب أنا كمدارج الأفلاك
سام أنا حتى الخيال يكل عن
دركي ويعيي العقل عن إدراكي
أنا إن حبوت على ثراك فإن ذا
قدري، وإن صنعت خطای خطاك
وإذا تسربلت الزمان فغانمًا
أنا فيه مثل النور في الأسلاك
قلب الوجود أنا وزهر حقوله
وشذاه نفح من شذاي الزاكي
فخذي من الأشواك ما نثرت يدي
وحذار ثم حذار من أشواكي
أنا عالم حي يجالد عالمًا
ميتًا، بنته على ثراك دماك
أحنو عليه وقد تمدد كالقتيـ
ـل يلفه كفن من الأشراك
فيصيح بي والدود ينهش قلبه
ويقيم لي في السر نهر شباك
يا ويحه، أيعاف سر حياته
ويعب خمرة سمه الفتاك
أنا مثله من نبع جسمي جسمه
وهواه دون هواي بعض هواك
فإليك يا دنيا عصارة مهجتي
صبي سلامتها على قتلاك
لا تعجبي مني فإن مطامحي
في الله فوق مطامح النساك
قدر أنا آنا، سر أنا، بحر أنا
للفلك للحيتان للأسماك
أعرفت من هذا الذي أنجبته
فتجاوزت دنياه كل دناك
لا تعجلي، فإذا الخلائق في الضحى
سألتك: من هذا الذي ناجاك
فتبختري سلفًا وقولي: مسلم
وكفاك فخرًا ما سمعت كفاك
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل