; من لأفغانستان بعد الله | مجلة المجتمع

العنوان من لأفغانستان بعد الله

الكاتب الدكتور علي جريشة

تاريخ النشر الثلاثاء 03-يوليو-1979

مشاهدات 17

نشر في العدد 452

نشر في الصفحة 31

الثلاثاء 03-يوليو-1979

حقائق أليمة عن جهاد أفغانستان!

المجاهدون لا يجدون الطعام فيأكلون أوراق الشجر أيامًا ثلاثة!

في لقاء قدري مع بعض مجاهدي أفغانستان وقفت على الحقائق التالية:

1- إن مجاهدي أفغانستان بدأوا بأربعين، وبلغوا اليوم حوالي 60 ألف مقاتل، يسيطرون- بفضل الله- على أكثر من نصف أفغانستان

2- إنهم يعيشون حياة الشظف والتقشف، حتى ليمضي عليهم أيام ثلاثة لا يجدون من الطعام إلا أوراق الشجر.

3- إنه لا توجد دولة إسلامية ولا غير إسلامية تقدم أي عون لهم.

4- إن بعض الدول الإسلامية تقوم بدور خطير حربا للجهاد الإسلامي في أفغانستان:

 بعضها اشترك مع التآمر الدولي في محاولة إجهاض جهاد أفغانستان أو الإغراق به.

 بعضها يتعقب المجاهدين في أراضيه، فيفتش، ويقبض عليه، ويحاكم ويسجن، وقد قبض على أحد المجاهدين ووجد في جيبه 4 رصاصات فحكم عليه بالسجن سنتين، هكذا في بلد إسلامي!!

 بعضها يدعي المساعدة، ليقدم عونًا ماليًا، لا يمكن أن يقال إنه جهد دولة أو أمة، إنه أشبه بجهد فرد أو أفراد لا يتجاوزون اليد الواحدة، بل إنه قد لا يساوي ما ينفقه فرد من السفهاء في ليلة صاخبة من لياليه الحمراء أو السوداء!

5- إن ما يحتاجه المجاهدون هو نصف مليون ريال يوميا، ولمدة شهر واحد، أي حوالي 15 مليون ريال، تقريبًا ما يكفي لرصف شارع من الشوارع!

6- إن روسيا- التي تشارك أفغانستان في الحدود بحوالي 1000 ميل، تشارك في المعركة ضد المجاهدين المسلمين، بحوالي ثلاثة آلاف ضابط وخبير روسي، تم حتى الآن قتل خمسمائة منهم، أكثرهم برتبة «جنرال»، وأن روسيا بما تتميز به من غباء سياسي قد تدخل المعركة بثقل كامل، فقد انتقمت طائراتها لمقتل ثلاثمائة خبير وضابط بإبادة قرية كاملة، كان القتلى فيها عشرة آلاف مسلم ما بين شيخ وطفل وامرأة ورجل!،.

7- إن مسلمي أفغانستان الذين التقت جماعاتهم وأحزابهم تحت راية الجهاد الإسلامي، مصممون على خوض المعركة والاستمرار فيها، حتى ينالوا إحدى الحسنيين: النصر أو الجنة، وإن قلوبهم لا تعرف اليأس ولا الهزيمة مهما كانت ضراوة العدو وشراسته.

8- إن مجاهدي أفغانستان وقادتهم إذا أعلنت روسيا دخول المعركة، فسوف يطلبون متطوعين من جميع أنحاء العالم الإسلامي، والأمة الإسلامية الناظرة إلى جهاد أفغانستان نظرة الإعجاب سوف لا تضن بفلذات أكبادها أن تقدمهم لمعركة الشرف والكرامة ضد أعتى عدو كافر لها على وجه الأرض!

وبعد هذه الحقائق..

نحاول بهدوء أن نناقش موقف الحكومات الإسلامية، لننتهي إلى موقف الأمة الإسلامية، فالحكومات الإسلامية مترددة أو متخاذلة عن مد العون للمجاهدين الذين لا يحتاجون أكثر من نصف مليون ريال لمدة شهر واحد، ولها في ذلك حجج كثيرة.

أولاها- التعلل بالخلاف الموجود بين قيادات الجهاد في أفغانستان، وهو خلاف زال، أو في طريقه إلى الزوال بحمد الله، ومهما كان، فلن يحقق آمال أعداء الإسلام أن يصير بأس المجاهدين بينهم شديدًا، أو أن يخربوا بيوتهم بأيديهم ويسلموا بلادهم ودينهم للعدو الكافر المتربص بهم، ولن يقعوا فيما وقع فيه إخوتنا في إريتريا، إن شاء الله.

وأيًا كان الوضع، فجهاد أفغانستان اليوم له قيادته الشرعية التي تعرفها الدول الإسلامية إن صدقت مع الله أو مع نفسها فترة!

ثانيها- بعد المسافة على بعض الدول، أو الاحتجاج بأنها ليست مجاورة، أو أن المجاورة أولى، وهي حجة متهافتة، فلم يعد في عصر الفضاء شيء بعيد، كذلك فالأقدر أولى بأن يقدم المساعدة قبل الأقرب، والأقرب عليه التزامات أخرى وكثيرة.

ثالثها- الخوف من بطش الدب الروسي الأحمق.

- ولعل هذه هي العلة الصحيحة في كل التصرفات، لعل هذه علة غل أيدي القادرين عن أن تمتد لمساعدة إخوانهم الذين يأكلون أوراق الشجر، بينما فريق منهم يعالج نفسه من التخمة، وتمتلىء قماماتهم بما يكفي حاجة المجاهدين!

ولعل هذه علة قيام بعض الدول بالقبض على المجاهدين، وتفتيشهم، وتعقبهم، والحكم على بعضهم بالسجن سنتين لحيازته أربع رصاصات!

- لعل هذه علة تلك المعاملة المهيئة التي يلقاها المجاهدون حين يقبض عليهم، والتي تصل إلى حد الإرهاق الجسدي بالأشغال الشاقة التي تفرض عليهم في سجون البلد الإسلامي القريب، ومعها في بعض الأحيان بل كثير من الأحيان التعذيب الجسدي والمعنوي كذلك!

لعل هذه علة ذلك «التقاعس» بل «التخاذل» بل المشاركة للعدو في حرب المسلمين على هذا النحو الخسيس!

 وأوجه خطابي للمتقاعسين، والمتخاذلين، والمشاركين، فأقول بعون الله:

- إنه بمنطق الإيمان، ما ينبغي أن يجتمع في قلب مؤمن خوف من الله وخوف من مخلوق:﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ﴾ (سورة التوبة: 13)

﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (سورة آل عمران: 173)

والآيات كثيرة في المعنى، كافية وكفيلة، أن تثبت الإيمان في القلوب المواجفة، وأن تدفع الخوف والهلع عن النفوس المرتجفة، !

- وبمنطق المصلحة الذاتية، ما ينبغي التقاعس، ولا التخاذل، ولا المشاركة، .

لأنه إذا تمكنت الشيوعية من أفغانستان -لا قدر الله- فلن تقف عند حدودها، بل ستمتد، طامعة فيما بعدها، أرضًا، وبترولًا، ومقدسات!

وتحركات الشيوعيين المحليين، وتاريخ الشيوعية الدولية، مؤكدًا لذلك، وحسبي هذه الإشارة للألباء أو لأولي الألباب!

- ومن ثم فإنني أقول لهذه الدول أو لتلك الحكومات، . أراضيكم نفسها مهددة، شعوبكم نفسها مهددة، أنظمتكم نفسها مهددة، لأنه يوم تتمكن الشيوعية لن تبقي عليكم، فأنتم في نظرها رجعيون، بل قمة الرجعية!!

 وبعد، .

- فإذا تأخرت الدول الإسلامية، فلن يقبل منها المجاهدون عونًا ولا مساعدة،

إنهم يخاطبون -منذ اليوم- الشعوب الإسلامية، يطلبون منها العون، ويطلبون منها المتطوعين إذا ارتكبت روسيا حماقتها، ويطلبون منها بعد ذلك أن يكون لها موقف، من التقاعس والمتقاعسين، من التخاذل والمتخاذلين، من التآمر والمتآمرين.

- والمجاهدون المنتصرون -بإذن الله- لن ينسوا يدًا امتدت إليهم بالعون، أو يدًا امتدت إليهم بالإثم والعدوان، أو يدًا، تقاعست، أو تخاذلت، أو تأمرت.

ولكل مكانه، ولكل حسابه!

 أما روسيا، المساندة للحكم الشيوعي المتهاوي، فأمامها عدة خيارات:

- أن ترفع يدها، فقط، ومن ثم تتغير نظرة المجاهدين لها.

- أن تبقي على تدخلها، فالقتل لأعز أبنائها من «الجنرالات»، و «الخبراء».

- أن تدخل المعركة مع النظام الشيوعي، فلسوف تنتقل المعركة- بإذن الله- إلى أرضها.

﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ (سورة الصافات: 173).

﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (سورة الشعراء: 227).

الرابط المختصر :