; مواجهة «العدالة والتنمية» بأساليب مشبوهة | مجلة المجتمع

العنوان مواجهة «العدالة والتنمية» بأساليب مشبوهة

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 01-أكتوبر-2016

مشاهدات 16

نشر في العدد 2100

نشر في الصفحة 50

السبت 01-أكتوبر-2016

 

مواجهة «العدالة والتنمية» بأساليب مشبوهة

ينتظر المغاربة بشغف نتائج الانتخابات المقبلة التي تعتبر منعطفاً في المسار الديمقراطي؛ إما بإعلان السير قدماً فيه، أو إعلان رِدّة ديمقراطية لا يريدها أحد من الشرفاء والغيورين على الوطن.

ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية بالمغرب، اشتدت الحملة المسعورة ضد حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، واستعملت جميع الوسائل، وسلكت كل السبل من أجل التشويش عليه، وتشويه سمعته؛ لمنعه من ترؤس الحكومة المقبلة، ومنع عبدالإله بن كيران، الأمين العام للحزب، والمناضل القوي، من ولاية ثانية.

آخر هذه الوسائل مسيرة احتجاجية خرجت منتصف سبتمبر الماضي بمدينة الدار البيضاء للمطالبة برحيل رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران، قبل أيام قليلة من الانتخابات البرلمانية، وذلك بعد دعوات مجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي.

رئيس الحكومة نصح مناضلي حزبه والمتعاطفين بعدم التعليق على هذه المسيرة، وتجاهلها كأنها لم تكن، مشيراً إلى أن جهات من المفترض أن تلتزم الحياد ولم يسمها تقوم بالتعبئة لها.

أما مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، المنتمي للعدالة والتنمية، فتبرأ من كل ما يمكن أن يشوب العملية الانتخابية من شبهات التزوير والفساد، بعدما تم قطع صلة التنسيق بينه وبين وزير الداخلية (الوزيران يشرفان دستورياً على الانتخابات)، هذا الأخير خرج عن صمته، وقدم تبريراً لعدم التنسيق هذا كون الوزارة لم تتوصل بأي طلب لتنظيم المسيرة، ورأت عدم منعها تجنباً لأي انفلات أمني.

تعبئة مضللة

جاءت مسيرة البيضاء رغم كل التعبئة التي صاحبتها باهتة،  في حين كان منظموها يتوقعون أن تكون «مليونية»، وكشفت التقارير الإعلامية التي واكبت هذا الحدث الذي أسال الكثير من المداد، تورط بعض رجال السلطة والمنتخبين من خصوم العدالة والتنمية خاصة حزب الأصالة والمعاصرة، في استعمال نفوذهم من أجل التعبئة للمسيرة، واستغلال جهل وأمية بعض المواطنين لنقلهم إلى مدينة الدار البيضاء، ومنهم من قيل له: إنها مسيرة ضد الإرهاب، أو مسيرة للدفاع عن الوحدة الوطنية، أو مسيرة للتضامن مع فتاة مغربية وقع لها مشكل في دولة أجنبية.

وانقلب السحر على الساحر، وباتت المسيرة في مواقع التواصل الاجتماعي محل حملة واسعة للتهكم بالمنظمين، ونشر فيديوهات للمشاركين يتبرؤون من كل فعل ضد رئيس الحكومة، ويكشفون من عبّأهم، ومنهم مرشحون للانتخابات البرلمانية باسم حزب الأصالة والمعاصرة.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل خرج العديد من المناضلين المعروفين بالاستقامة من مختلف التيارات للتنديد بالمسيرة، واعتبارها نكسة خطيرة في المسار الديمقراطي للمغرب، كما الحديث عن عدم رضا الملك نفسه عنها.

واعتبر الكثير من هؤلاء أن المنظمين أرادوا أن يأخذوا المغرب إلى المجهول، بتسخير موارد الدولة ومؤسساتها لخدمة مصلحة حزب معين هو الأصالة والمعاصرة، بل إن رئيس الحزب الليبرالي الذي عبر سابقاً عن مقاطعته للانتخابات عاد ليدين هذه المسيرة، ويدعو إلى التصويت للعدالة والتنمية رداً على التحكم الذي يزداد تغولاً، ورداً على من يريد انتحار الديمقراطية المغربية، وعلى إرادة مكشوفة للالتفاف على إرادة الناخبين.

ابن كيران يحتج على ذاته!

والمثير عن هذه المسيرة التي وصفت بالمهزلة أن أمناء عامين لأحزاب المعارضة، منهم أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة ألياس العماري، وإدريس لشكر، الكاتب العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، وعدداً من أبواقهم الإعلامية، قالوا: إنها من تدبير العدالة والتنمية، بما أنه هو المستفيد الأول منها بعد التعاطف معه الذي لقيه، وهو ما جر على العماري، ولشكر أيضاً موجة من السخرية والتهكم، ومن الجمل التي اشتهرت للتهكم على خصوم العدالة والتنمية: «هؤلاء الإسلاميون من طينة غريبة، فأردوغان يحاول الانقلاب على نفسه، وابن كيران يحتج على ذاته ويطالبها بالرحيل»!

وتأتي هذه المسيرة المفبركة في ظل تنامي الحملة المضادة ضد حزب العدالة والتنمية حتى لا يعود لرئاسة الحكومة، وهي من الأدوات غير الشرعية وغير القانونية التي استعملت ضده، ومن هذه الأدوات حملات لتشويه قيادييه في ملفات أخلاقية في عرف الجميع أنهم برآء منها، كما لجأ الخصوم إلى جر أحد أبرز النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى القضاء بسبب تدوينة قديمة تحكم فيها على من ينشر الترهات على حائطه، كما تم اللجوء إلى تزوير الحقائق في ملفات شائكة مثل الادعاء بالزيادة في الأسعار وهي غير صحيحة، وتضخيم الأرقام فيما يخص اقتطاعات التقاعد وتبخيس إصلاحه وإصلاح صندوق المقاصة، واستغلال مراجعة مادة التربية الإسلامية ونسبها إلى الحزب، بالرغم من أن ذلك بأمر من الملك إلى وزير التربية الوطنية ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وقد وصل الأمر إلى الادعاء بأن الحكومة حرفت آية من القرآن في أحد الكتب المدرسية، كما تمت فبركة صور لعرس تركي باذخ ونسبه لعرس ابنة الوزير نجيب بوليف البسيط والعادي في الأعراس المغربية.

هذه الحملة تمت بتنسيق إعلامي غير مسبوق يخوف من الزيادة في قوة العدالة والتنمية عدداً وتنظيماً بالنظر إلى النتائج الباهرة التي حققها في الانتخابات الجماعية التي أدت إلى توليته تسيير جميع المدن الكبرى، وركزت الحملة على تقارير مفبركة  تقول: إنه قد يصبح خطراً على الدولة، فيما قياديون يعتبرون أن ذلك من المضحكات المبكيات، وأنها تسعى فقط إلى إضعافه في تنافس انتخابي غير متكافئ.

محاولات مشبوهة

من الناحية العملية، بدأت سلسلة من الإجراءات للحد مما سمي «هيمنة العدالة والتنمية»، ومنها خفض عتبة النجاح من 6 – 3% من الأصوات؛ مما يعني «بلقنة» المشهد السياسي وفقدانه لعدد من المقاعد في المدن الكبرى، وأيضاً تشتيت الكتلة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية بحذف مكاتب تصويت وإبعاد أخرى عن المواطنين الذين سيدلون بأصواتهم.

وقالت وزارة الداخلية: إنه تم حذف مكاتب قليلة لم تتعد الـ200 من أصل 40 ألف مكتب تصويت، كما منعت الداخلية استطلاعات الرأي بعدما أظهرت هذه الأخيرة تفوق الحزب الإسلامي على منافسيه فيها، فيما تم اللجوء أيضاً إلى توقيف عدد من أنشطة الجمعيات التي يعتقد أنها موالية لحزب العدالة والتنمية، وأنها مصدر قوته في الانتخابات، ومنها منع المساعدات الرمضانية، ومنع توزيع الأضاحي، ومنع الأنشطة الكشفية والتجمعات الشبابية، بل وصل ذلك إلى الجماعات المحلية التي يسيرها العدالة والتنمية حيث منعت التجمعات الثقافية، وأيضاً توقيف أشغال البلدية.

وكان آخر هذه التضييقات منع أحد السلفيين من الترشح على لوائح العدالة والتنمية بعد اتهامه بتهم بنيت على حملة إعلامية ضده، كما تراجع أحد رجال الأعمال المعروفين عن الترشح باسم الحزب وغادر المغرب، كما تراجعت إحدى المذيعات المشهورات والتي تقدم برامج في القناة الأمازيغية، وكان لترشيحها رسالة واضحة للحزب لدعم هذه اللغة الوطنية، بعدما كان يتهم بعدائها.

ورغم كل ذلك يعتقد العديد من المتتبعين أن كل تلك الحملات تصب في صالح الحزب الإسلامي بعد ظهور زيف حقائقها، وإن كانت مؤثرة لدى فئة من المواطنين الذين ينصبون العداء أصلاً إلى الحزب

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

حَديث صَريح للشيخ محمد أبو زهرة

نشر في العدد 2

1044

الثلاثاء 24-مارس-1970

مع القراء

نشر في العدد 1

931

الثلاثاء 17-مارس-1970

مع القراء 1

نشر في العدد 2

936

الثلاثاء 24-مارس-1970