العنوان مواقف (48)
الكاتب فتى الخليج
تاريخ النشر الثلاثاء 23-فبراير-1971
مشاهدات 47
نشر في العدد 48
نشر في الصفحة 9
الثلاثاء 23-فبراير-1971
«ما من مؤمن يفارق الدنيا يحب أن يرجع إليها ساعة من نهار، وإن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد، فإنه يحب أن يرد إلى الدنيا فيقاتل في سبيل الله، فيُقتَل مرة أخرى».
«ما من جريح يُجرَح في الله، إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمي جرحه، اللون لون دم والريح ريح مسك».
«انظروا إلى عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو، فإنهما كانا متصافين في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد».
«ادفنوهم حيث صرعوا»
الدم والمسك والسلام معالم المواقف البطولية التي وقفها الصحابة في غزوة أحد، دم جادوا به في سبيل تأسيس دولة الإسلام الفكرة والمنهج وأرض الطليعة والصف الأول.
المسك والدم رائحتهما في أنف المسلم واحدة، الدم المهدور في رحاب الفكرة وجلال العقيدة كالمسك في جماله وحلاوته وندرته، والسلام والحب والتصافي بين المؤمنين يدوم ويستمر حتى في ظلمة اللحد وغيبية الموت، الحب الصافي كان دستور العلاقات بين أفراد ذلك الجيل الفريد، جيل الصحابة، حب بذاته أيضًا فرید، تعالى عن كل وشائج الأرض والطين وسما في علو السماء وطهرها، فكان حقًا حبًا في الله، ومن ثمرات ذلك الحب جاءت أخوة، وبذرت وشيجة عجز الطغاة أن يستأصلوها من صدور الأجيال المسلمة، فظل استشعارها وتأصيلها قوة تهز انتفاش الطغيان وانتفاخه فوق کل أرض نمت فوقها شجرة التوحيد.
إثبات الوجود الإسلامي فوق كل الأرض وتحت كل سماء يتحقق من اختلاط ذرات الرمال بقطرات الدم المسك.
حيثما يستشهد المسلم يجب أن يدفن ويختلط ولحمه وسفيف عظامه مع تراب الأرض التي من فوقها لقي ربه، ويشهد شاهد من بعد بأن الإسلام وجنوده ومجاهديه وصلوا تلك الأرض وشرعوا في محاولة رفع الراية، الراية السيدة الرافضة لكل اضراب الوصاية والمشارفة، الأرض التي روتها قطرات المسك أرض مقدسة، يجب أن نحج إليها حجًا ونستشعر قدسيتها كلما ذكرنا الله الذي في سبيله تقدمت فأبلت، شهداؤنا منذ أول غزوة حتى آخر محكمة أمن دولة، رسل حرية وقوة وعزة، فلتكن ذكراهم حافز اشتعال وقوة لهيب واحتراق تدفع المسيرة الإسلامية إلى الأمام، دومًا إلى الأمام.
من أجل أن نصل إلى كبد الحقيقة، علينا أن نسائل أنفسنا بصدق وتجرد: من أجل ماذا كانت تلك الدماء، واليتامى والأرامل والشهداء؟ من أجل ماذا تشرّد الشريد، وتغرّب الغريب، ولوحق الشباب ورفعت الأعواد؟ من أجل ماذا أهينت نفوس عزيزة وديست کرامات عظيمة وهانت على عظماء كرامة العمر والأيام فرضوا بنصيبهم من البلاء والابتلاء في سبيل الله ومنهجه وطريقه؟ من أجل ماذا ألهبت السياط ظهر الكريم، ووضع الحجر فوق صدر بلال وسكب الروث فوق رأس الرسول صلى الله عليه وسلم؟ من أجل ماذا سفكت دماء عمر وقطعت أطراف مصعب وصفعت أسماء؟ من أجل ماذا؟ كل ذلك الجواب أوضح من نور الشمس في رابعة النهار.. كان كل ذلك من أجل أرض لنا تكون، ودولة لنا تكون، وراية لنا تكون، وحياة لنا تكون، إن الصفحات الناصعة في تاريخ حركة الإسلام الجهادية التي كان في طليعتها الصحابة، لتؤكد لنا اليوم بأن لا سبيل إلا واحد، ذلك هو السعي والاستمرار والمثابرة في السعي بأن تكون لنا أرض، فوقها لنا دولة، لها راية نعيش ونستأنف الحياة التي من أجلها كل ذلك.
فتى الخليج
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل