العنوان موقفنا من تاركي الصلاة
الكاتب عبد الرحمن البرغوثي
تاريخ النشر الثلاثاء 16-فبراير-1971
مشاهدات 49
نشر في العدد 47
نشر في الصفحة 15
الثلاثاء 16-فبراير-1971
جاء الإسلام فألغى كل قرابة لا تقوم على أساس الوقفة في الصلاة وأبطل كل صلة لا تنبثق عن تنظيمه للحياة المادية والاجتماعية والمعنوية فلا إخاء في دين ولا مودة في قربى ولا رابطة في وطن ولا صداقة في شيء إلا بعد صلاة فقال عز وجل: ﴿فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ﴾ (سورة التوبة: 11). وعلى هذا الشرط انتظم الصف وكانت الوحدة فكانت خير أمة أخرجت للناس كما أثنى الله تعالى على رسوله وأصحابه وأشاد بفضلهم وأعلى ذكرهم في كتابه الكريم ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ (سورة الفتح:29)
فكل من لا يقف في الصف ويستنكف عن الانتظام فيه لا يركن إليه ولا يعتمد عليه ولا يوثق به، لقوله جل وعلا ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾ (سورة هود: 113). كما نفى حقيقة الإسلام وصحة الإيمان عمن تقرّب وتودّد إلى تارك صلاة ولو كان من أقرب المقربين ﴿لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾. ولذلك أمر المسلم أن يكون في السراء والضراء والعسر واليسر مع الصادقين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾. كما كان القرشي مسئولًا عن الحبشي والعربي مسئولًا عن العجمي والرومي وكل جنس انتظم في صف الصلاة فقد اشترط الله تعالى لنصرة المسلمين أن يكون معهم ما أقاموا الصلاة وكانوا وحدة في جميع مواقف الحياة، ﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ۖ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ﴾ كما بيّن لمن يجب أن تكون المودة وبمن تكون الصلة بعد الله ورسوله حتى تستقيم الحياة ويسود الحق والحرية والمساواة ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ *وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
ولذلك حذر الرسول -عليه الصلاة والسلام- من صحبة تارك الصلاة «لا تصاحب إلا مؤمنًا ولا يأكل طعامك إلا تقي» كما بيّن أن سبيل الإيمان بالله تعالى ومفتاح باب القربات إليه ونیل مرضاته بغض تارك الصلاة ومقاطعته وعدم مجالسته وتأیيده وانتخابه «تقربوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وألقـوهم بوجوه مكفهرة». فمن أحب ورشّح وانتخب من لا يقيم صلاة فهو عند الله تارك صلاة ولو صلى وصام وزكى وحج، لقوله عليه الصلاة والسلام: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»
وصدق الله العظيم إذ يقول: ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ﴾. (سورة الأعلى:9)
عبد الرحمن البرغوثي