; نافذة تحليلية على دستور الثورة «يحفظ كرامة المصريين» | مجلة المجتمع

العنوان نافذة تحليلية على دستور الثورة «يحفظ كرامة المصريين»

الكاتب محمد جمال عرفة

تاريخ النشر السبت 05-يناير-2013

مشاهدات 11

نشر في العدد 2034

نشر في الصفحة 24

السبت 05-يناير-2013

قراءة سريعة للدستور الذي اختاره المصريون، تكشف أنه يعد بحق «دستور الثورة»، فهي المرة الأولى التي يتضمن فيها دستور مصري مواد تسمح بمحاكمة رئيس الجمهورية، ومحاسبته على ذمته المالية، وتنزع منه صلاحيات كثيرة تعطيها للحكومة والبرلمان، كما لم يكن هناك نص في أي دستور سابق يحمي الحريات كما هي في الدستور الحالي، ولم يكن هناك نصوص تتيح الحقوق الاجتماعية للفئات المهمشة كما هي في الدستور الحالي.

نصوص الدستور تحافظ على هوية الدولة وتحصن الحريات وتحاسب رئيس الجمهورية وتراقب ذمته المالية

دور كبير للبرلمان ورئيس الحكومة في إدارة شؤون البلاد.. وحريات أكبر للصحافة وعدم مراقبتها وإصدار الصحف بالإخطار.

إطلالة «المجتمع» على نصوص الدستور تكشف بالفعل أنه من أفضل الدساتير التي صاغها المشرع المصري.. فالمادة الثانية منه تنص على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع.. أما «المادة ۲۱۹» فتشرح هذه المادة، وتنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة.

حقوق الأقباط

بعكس ما يدعي البعض من أن الدستور الجديد ينتقص من حقوق الأقباط، فقد تضمن نصوصا لم يكن يتخيلها غلاة المسيحيين، فهي المرة الأولى التي ينص الدستور فيها على تحاكم المسيحيين إلى شريعتهم، بل وحريتهم في بناء دور العبادة، وهو المطلب الملح لدى الأقباط من عشرات السنين، حيث تنص «المادة ۳» من الدستور على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيس للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».

أما «المادة ٤٣» فتنص على أن «حرية الاعتقاد مصونة وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للأديان السماوية؛ وذلك على النحو الذي ينظمه القانون».

ولأن الأزهر مؤسسة إسلامية عريقة، فالدستور ينص لأول مرة على استقلاله ويرد له اعتباره ومكانته، حيث تتضمن «المادة ٤) «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم، ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية».

ولأن الحرية حق أصيل، فقد أعطى الدستور لأول مرة حريات غير محدودة؛ فتنص «المادة ۸» على «تكفل الدولة وسائل تحقيق العدل والمساواة والحرية، وتلتزم بتيسير سبل التراحم والتكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع، وتضمن حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتعمل على تحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين؛ وذلك كله في حدود القانون.. أما «المادة ٣٤» فتنص على أن «الحرية الشخصية حق طبيعي؛ وهي مصونة لا تمس».

كما كان للمرأة نصيب في الدستور الجديد، وضمن لها حقوقًا ضاعت وسط الزحمة؛ حيث ينص الدستور لأول مرة علي احترام المرأة والاهتمام بها «أمًّا وأختًا وبنتًا وزوجة»، «المادة ۱۰» تنص على أن «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذي ينظمه القانون، وتكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام، وتولي الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة».

أما العمال والفلاحين فهما عصب المجتمع، وقد كفل الدستور لأول مرة لهما حقوقا سياسية واجتماعية واقتصادية، وتتضمن «المادة ۲۷» من الدستور أنه «للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وفي أرباحها، ويلتزمون بتنمية الإنتاج والمحافظة على أدواته وتنفيذ خطته في وحداتهم الإنتاجية، وفقا للقانون، ويكون تمثيل العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام في حدود ٥٠٪ من عدد الأعضاء المنتخبين في هذه المجالس، ويكفل القانون تمثيل صغار الفلاحين وصغار الحرفيين بنسبة لا تقل عن ٨٠٪ في عضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية».

أما «المادة ٦٦» فتتضمن أنه «تعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة، ولكل من لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي».

مراجعة ميزانية الجيش

ولأول مرة ينص الدستور على مراقبة ميزانية القوات المسلحة فتنص «المادة ۱۹۳» على أن «ينشأ مجلس للأمن القومي يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويضم في عضويته رئيس مجلس الوزراء، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ووزراء الدفاع، والداخلية، والخارجية، والمالية، والعدل، والصحة، ورئيس المخابرات العامة، ورئيسي لجنتي الدفاع والأمن القومي بمجلسي الشورى والنواب، وللمجلس أن يدعو من يرى من ذوي الخبرة والاختصاص الحضور اجتماعاته دون أن يكون لهم صوت معدود، ويختص بإقرار إستراتيجيات تحقيق الأمن في البلاد، ومواجهة حالات الكوارث والأزمات بشتى أنواعها، واتخاذ ما يلزم نحو احتوائها، وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومي المصري سواء في الداخل أو الخارج والإجراءات اللازمة للتصدي لها على المستوى الرسمي والشعبي، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى وقواعد أداء عمله».

ولم يغفل الدستور حقوق المعاقين وتضمنت «المادة ۷۲» منه أنه «تلتزم الدولة برعاية ذوي الإعاقة صحيًّا واقتصاديًا واجتماعيًا، وتوفر لهم فرص العمل، وترتقي بالثقافة الاجتماعية نحوهم، وتهيئ المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم».

الرئيس الديكتاتور!

ولأول مرة ينتقص الدستور من صلاحيات رئيس الجمهورية بنسبة لا تقل عن ٤٠٪، وأصبح البرلمان ورئيس الحكومة شركاء في الحكم فتتضمن «المادة ١٥٣» «إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية السلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء.. أما «المادة ١٤٥» «يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلسي النواب والشورى، وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها؛ وفقًا للأوضاع المقررة، وتجب موافقة المجلسين بأغلبية ثلثي أعضائهما على معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة أو تحمل الخزانة العامة للدولة نفقات غير واردة في موازنتها العامة، ولا يجوز إقرار أي معاهدة تخالف أحكام الدستور».

وتنص «المادة ۱۳۹» على أنه «يختار رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء ويكلفه بتشكيل الحكومة وعرض برنامجها على مجلس النواب خلال ثلاثين يوما على الأكثر؛ فإذا لم تحصل على الثقة يكلف رئيس الجمهورية رئيسا آخر المجلس الوزراء من الحزب الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب؛ فإذا لم تحصل حكومته على الثقة خلال مدة مماثلة، يختار مجلس النواب رئيساً لمجلس الوزراء ويكلفه رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة، على أن تحصل على الثقة خلال مدة أخرى مماثلة،

وإلا يحل رئيس الجمهورية مجلس النواب، ويدعو لانتخاب مجلس جديد خلال ستين يومًا من تاريخ صدور قرار الحل.

وفي جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع المدد المنصوص عليها في هذه المادة على تسعين يومًا، وفي حالة حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته وبرنامجها على مجلس النواب في أول اجتماع له».

مراقبة ميزانية القوات المسلحة لأول مرة.. وحق الأقباط في ممارسة شعائرهم وبناء الكنائس

أما «المادة ١٤٠» «يضع رئيس الجمهورية، بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها، على النحو المبين في الدستور».

ولأن القضاء المصري هو حصن العدالة، فالدستور لأول مرة يجعل للسلطة القضائية حق انتخاب شيوخ القضاة في المحاكم المختلفة، والرئيس يصدر قرار التعيين فقط. وكان للسلطة القضائية نصيبها من الدستور الجديد، فجاءت «المادة ١٦٨» «السلطة القضائية مستقلة، تتولاها محاكم القضاء، وتصدر أحكامها وفقا للقانون، ويبين القانون صلاحياتها، والتدخل في شؤون العدالة أو القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم.

وتضيف «المادة ۱۷۰» أن «القضاة مستقلون، غير قابلين للعزل، لا سلطان عليهم في عملهم لغير القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات.

ويحدد القانون شروط وإجراءات تعيينهم، وينظم مساءلتهم تأديبيًا، ولا يجوز ندبهم إلا ندبًا كاملًا، وللجهات وفي الأعمال التي يحددها القانون؛ وذلك كله بما يحفظ استقلال القضاء وإنجاز أعماله».

عزل الرئيس

ولأن الشرعية للشعب وهو صاحب الرأي الأول والأخير، فالدستور يجبر الرئيس ولأول مرة على أنه إذا دعا لاستفتاء لحل البرلمان وجاءت نتيجة الاستفتاء «لا»؛ يصبح منصب رئيس الجمهورية فارغًا.. و«المادة ۱۲۷» تتضمن أنه «لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا بقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، وإذا لم توافق هذه الأغلبية على الحل، يتعين على رئيس الجمهورية أن يستقيل من منصبه».

الرابط المختصر :