العنوان نجيب الكيلاني
الكاتب الأستاذ الدكتور جابر قميحة
تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1995
مشاهدات 16
نشر في العدد 1142
نشر في الصفحة 56
الثلاثاء 21-مارس-1995
هذه القصيدة التي نعرضها على قرائنا اليوم ألقاها الشاعر الدكتور جابر قميحة في احتفال جامع بالأديب الكبير نجيب الكيلاني أمام عدد كبير من أصدقائه وأحبائه ومريديه، وكانت آخر ما سمعه الفقيد العظيم من تحايا شعرية.
وقد جاءت القصيدة التي تلقتها المجلة من عدة أسابيع «ترجمة نفسية صادقة»، لحياة الكيلاني العظيم بما عمرت به من كفاح وجهاد وتضحيات في شتى الميادين، ولأن مثل هذه الحياة تبقى صفحة وضيئة ممتدة لا تنتهى ولا تنسى ولا تبلى:
رأينا نشر القصيدة كاملة كما تلقيناها، رحم الله الكيلاني العظيم.
ها هو الجمع قد أتانا حميدًا مُشرق السمت عاطر الوجدان
قد تلاقوا في شرعة الحق والفن وسامي الآداب .. والتبيان
وحداهم من السجايا وفاء کي يحیوا نجيبها الكيلاني
شاعر ناقد أديب طبيب قلت سبحان ربنا المنان
إذ حباك الكثير، فهو كريم فأتيت الثمار قبل الأوان
وبيان اليقين سام ونام وبيان النفاق ذاو وفـان
كالألى يرقصون في المهرجان ويخرون فيه لأذقان
يلثمون البساط في نشوات والولاء الخسيس للطغيان
أبدًا ما استوت عقود زجاج وعقود الياقوت.. والمرجان
أبدًا ما استوت جبال عوال شامخات الذرا مع القيعان
* * *
قد جمعت البيان والطب مَرْحَى وجعلت البحرين.. يلتقيان
بحر شعر، وبحر نثر رصين نقده والقص يستویان
وبنيك الخمسين بالقلم السيـــ ــــــــال أنجبت من رشيد وهاني
كلهم رائع جليل، بهي أسر السحر، فاتن في المباني
وكأني في غمرة الحب أرنو فإذا الخاليات مني دواني
فالإمام (3) العظيم في الفيلق الفذ يرود الجموع.. كالربان
رافعًا باليقين خير لواء بارکت زحفه يد الرحمن
هاتفًا بالجموع تتلو جموعًا من هنا يا جموع.. للقرآن
* * *
وعلى صوته صحا المشرقان ومن الصوت زلزل المغربان
وبظل اللواء كان نجيب في حشود من خيرة الشبان
وكأن العقاب تمضي انتصارًا مثل بدر يوم التقى الجمعان
يا نجيب الطريق جد طويل مائج بالذئاب والحرمان
یا ابن شرشابة (2) تمهل لتبقى في أمان وعيشة اطمئنان
ونجيب يصر أن يقطع الدر ب مليئا بالشوك والنيران
وإذا قلبه سعـير تلظى وإذا جسمه كما الصوان
إنها عزمة من الله حلت في تجاليد ذلك الإنسان
وأولو العزم يعشقون المنايا إن أريدوا للذل والإذعان
* * *
ثم صالت عصابة الإفك بالغد ر على الحق صولة الثعبان
فحضرنا جنازة النصر والقا نون والوعي والعلا واللسان
يومها مصر يتمت، وتجلت شمسها في الحداد والأشجان
إذ تولى القياد ظفر وناب وسياط وصولة السجان
فتعالى: بنوك- يا مصر- أضحوا طعمة بين فكي الذوبان
امنحيهم أثارة من حنان ولبان من صدرك الحنان
وضياء من نور عينيك على النــــــ ـــــور يطفي لواعج الأحزان
* * *
ويح قلبي لم تعد مصر مصرًا وهي كـــانـت كــــدُرة الأوطان
قطع المنسر الطريق عليها وشروها (1) للداعر القرصان
بدنانير من نضار كذوب بعد أن غمست بطين الهوان
والظلام الكئيب يروي الحكايا داميات عن شرعة الغيلان
فشهيد هوى بسوط حقير بالتقى مقلتـاه.. تلتمعان
* * *
ذنبه أنه استعاذ ونادى ربي اللهُ، إِنَّهُ مُسْتَعاني
وشهيد أبى السجود لطاغ وركوعًا لعصبة الشيطان
وشهيد بكى الحرية .. مهــــ ـــــتوكة العرض إذ دعوا للجاني
وشهيد لأنه رفض القو مية العمياء.. منهج العميان
والأباة الأحياء في ظلمة السجــ ــــــــن مع النّيرات المثـاني
هل يُضام الذي يعيش على نو ر الضحى والإسراء والفرقان؟
ومضى الطائر المهاجر يرتا د الخليج الشقيق في نیسان
يزرع الحب في القلوب ربيعًا عبقري السنا نضير المعاني
عرشه قلبه، وفي إصْبَعَيْهِ قَلَم يزدهي على التــيــجـــان
ببيان كثائر.. البركان.. وبيان كالروح والريحان
واصل الجهد والجهاد بعزم حاسم القطع، ناصع البرهان
* * *
ويعود الهزار (4) للساحة الأم ليشدو روائع الألحان
يحمل السحر والربيع فيكسو بالعبير الندي وجه المغاني
فتحيه بالحفيف غصون وخرير من دافق الغدران
وطيور قد شفها الشوق للنا زح ذابت في شدوها الفتان
رحلة طاب في الحياة مداها وأتت أكلها الثمار الدواني
كنت فيها أغر شهما.. أبيا في رعيل الفرسان والرهبان
حسبك الله، ثم فن جميل أنت حقا نجيبها الكيلاني
1- هو الإمام الشهيد حسن البنا..
2- شرشابة: اسم القرية المصرية التي ولد الأديب الكيلاني بها.
--------------------
3- شروها: باعوها.
4- طائر حسن الصوت.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
