العنوان نحو إصلاح جذري في جامعة الكويت (الحلقة 5)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 15-فبراير-1977
مشاهدات 18
نشر في العدد 337
نشر في الصفحة 16
الثلاثاء 15-فبراير-1977
حين يكون فكر «المستشرقين» مادة للتربية الإسلامية!!
في الحلقة الرابعة من هذه الدراسة قلنا: إن أفكارًا علمانية ومعادية للإسلام تسود في جامعة الكويت تحت اسم: المناهج الدراسية..
وفي الحلقة الرابعة أيضًا قدمت بعض النماذج من هذه الأفكار المعادية للإسلام. ومن هنا نعتبر هذه الحلقة- الخامسة- استمرارًا في عرض ونقد تلك الأفكار.
في مذكرته- الفكر التربوي في الحضارة الإسلامية- التي يدرسها لطلبة قسم التربية- يقول الدكتور محمد جواد رضا- وهو في نفس الوقت عميد كلية الآداب والتربية بجامعة الكويت:
«ويسلم المسلمون «بالحديث». لقد أدرك المسلمون بعد التوسع الهائل للإسلام أنه لا يمكن حل الكثير من المشاكل الاجتماعية والقانونية بالرجوع إلى القرآن وحده لأن الوحي لم يتطرق إليها. وقد وجد المسلمون الحل لهذه المشاكل في الحديث. وتعتبر الأحاديث أقوال النبي نفسه أو أقوال صحابته الأولين الذين كانوا يعرفون أفكاره, وكانوا لذلك حججًا في النقل عنه وكانت الأحاديث تنقل في بادئ الأمر شفاهًا فقط، ولكنها دونت في القرن الثالث للهجرة وأصبحت المصدر الثاني من مصادر الفكر الإسلامي بعد القرآن «ص ٦».
والزعم بأن الحديث دون في القرن الثالث الهجري، إنما هو زعم باطل. فقد ثبت علميًا أن الحديث دون في رأس المائة الأولى من الهجرة.
وإن عمر بن العزيز- رضي الله عنه- أمر بتدوين الحديث في خلافته. والثابت أنه كلف أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم- عامله على المدينة- وابن شهاب الزهري بكتابة الحديث, وجمع السنن. واتفق العلماء على أن تدوين الحديث وقع على رأس المائة الأولى في خلافة عمر بن عبد العزيز وقالوا: «أما ابتداء تدوين الحديث فإنه وقع على رأس المائة من خلافة عمرو بن عبد العزيز». «راجع» «تدريب الراوي» و«قواعد التحديث» و«إرشاد الساري».
ونرجح أن جواد رضا قد تعمد تأخير تدوين السنة لكي يصل إلى هدفه المذكور في نفس الفقرة وهو: إن السنة كانت نتيجة لحاجات اجتماعية وقانونية، أو أن تطور المجتمع الإسلامي قد دفع المسلمين إلى البحث عن مصادر أخرى للتشريع. فمن الواضح أنه متأثر جدًا بفكر المستشرقين الذين زعموا نفس المزاعم.
● فالمستشرق «جولد تسيهر» -مثلًا- يكذب ويقول- عن السنة- نفس مقالة الدكتور جواد رضا:
«كانت تطورات التفكير الإسلامي ووضع الأشكال العملية له وتأسيس النظم كل ذلك جاء نتيجة لعمل الخلف التالين. ولم يكن كل هذا بدون كفاح داخلي وتوفيقات، وهكذا يظهر غير صحيح ما يقال من إن الإسلام في كل العلاقات جاء إلى العالم طريقة كاملة، بل على العكس فإن الإسلام والقرآن لم يتمما كل شيء وكان الإكمال لعمل الأجيال اللاحقة»- ص ٤٤- من كتاب «العقيدة والشريعة» لمؤلفه جولد تسيهر.
«القرآن نفسه لم يعط من الأحكام إلا القليل، ولا يمكن أن تكون أحكامه شاملة لهذه العلاقات غير المنتظرة مما جاء من الفتوح، فقد كان مقصورًا على حالات العرب الساذجة ومعنيًا بها، بحيث لا يكفي لهذا الوضع الجديد» «ص ٤٤ المصدر السابق».
قارن قول هذا المستشرق: «ولا يمكن أن تكون أحكامه شاملة لهذه العلاقات غير المنتظرة مما جاء من الفتوح».
يقول جواد رضا: «لقد أدرك المسلمون بعد التوسع الهائل للإسلام أنه لا يمكن حل الكثير من المشاكل الاجتماعية والقانونية بالرجوع إلى القرآن وحده».
● ويقول- جولد تسيهر-: «من ناحية التطور الديني الذي نعني به هنا لا يهمنا «الحديث من ناحية شكله النقدي وإنما يهمنا من ناحية التطور، كما أن صحته وقدمه تجيء متأخرة عن معرفة أن الحديث تتجلى فيه جهود الأمة الإسلامية في عملها الشخصي الخالص ونرى ذلك كله من الأمثلة الكثيرة للأغراض التي لم تكن موجودة في القرآن ص ٥١ العقيدة والشريعة «لجولد تسيهر».
وهو نفس المعنى الذي ذهب إليه جواد رضا عندما قال: «وقد وجد المسلمون الحل لهذه المشاكل في الحديث».
لا عجب!
فعميد كلية الآداب والتربية بجامعة الكويت كثير الرجوع إلى كتب المستشرقين ومشوهي التاريخ الإسلامي، فهو يرجع كثيرًا إلى كتابات «فیلیب حتى» -مثلا- ويذكر حتى ملاحظاته الطريفة!
يقول جواد رضا «من الطريف أن تلاحظ أن الأستاذ فيليب حتى يقرر أن الفكر الإسلامي نجح في «التوفيق بين عقيدة التوحيد- وهي أعظم مآثر الشعوب الإسلامية- وبين الفلسفة اليونانية- وهي أعظم مآثر الشعوب الهندية الأوروبية القديمة», أي أن الفكر الإسلامي «نجح!» في التوفيق بين التوحيد الخاص وبين الوثنية والشرك.
ومن أراد أن يعرف أكثر عن عداوة فيليب حتى للتاريخ الإسلامي فليرجع إلى كتاب «مع الله» للشيخ الغزالي فصل «مقاومة الهدامين».
إن أفكار الناس محكومة بمصادرها ومراجعها وبناء على ذلك فإن أفكار جواد رضا محكومة بكتابات فيليب حتى وغيره من مشوهي التاريخ الإسلامي.
السنة دين وليست ابتكارًا
يمر المستشرقون ومن شايعهم- من بلاد العروبة- کجواد رضا- على أن السنة أو الحديث النبوي إنما ابتكره المسلمون، أو هو وليد الحاجة والتطور الاجتماعي.
وهذا إفك عظيم.
فالسنة:
١- التزام بمقتضى الإيمان بالله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ﴾ (سورة النساء: 136) والإيمان بالرسول- الذي هو فرع عن الإيمان بالله- يقضي بالالتزام بما قاله الرسول- صلى الله عليه وسلم- أو فعله أو قرره.
٢- الأمر القرآني بوجوب طاعة الرسول: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا﴾ (المائدة: 92) ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ (الحشر: 7).
٣ - قول الرسول- صلى الله عليه وسلم- «ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه».
«تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: «كتاب الله وسنتي».
«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ».
٤- الإجماع، فقد أجمعت الأمة على العمل بالسنة «راجع بتوسع كتاب «أصول الحديث» للدكتور محمد عجاج الخطيب».
اتضح مما سبق أن محمد جواد رضا يستغل «المناهج الدراسية» ليلقي في أذهان الطلبة شبهات المستشرقين وأراجيفهم وأكاذيبهم.
والسؤال هو: لماذا يتاح المجال في جامعة الكويت لأمثال هؤلاء الذين يحملون أفكارا معادية للإسلام؟
وهل من التربية الإسلامية أن تقدم كلية الآداب والتربية هذا الضلال لطلبتها؟
وهل من شروط التعاقد- بين الجامعة والأساتذة- توجيه الطعن إلى الإسلام؟
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة -بإذن الله-.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
اليهود بين أمة الإسلام والأمم الأخرى (6) - اليهود وأمة الإسلام.. الأمس والغد
نشر في العدد 2118
15
الأحد 01-أبريل-2018