; ندوة الاقتصاد الإسلامي في جمعية الإصلاح الاجتماعي | مجلة المجتمع

العنوان ندوة الاقتصاد الإسلامي في جمعية الإصلاح الاجتماعي

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 06-أبريل-1976

مشاهدات 18

نشر في العدد 294

نشر في الصفحة 16

الثلاثاء 06-أبريل-1976

في إطار الندوات، والمحاضرات الشهرية التي تقيمها جمعية الإصلاح الاجتماعي أقيمت يوم الأربعاء الماضي ندوة حول ما دار في المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي.

اشترك فيها الدكتور/ محمد فاروق النبهان- الأستاذ بكلية الحقوق والشريعة، والدكتور/ مدحت حسنين- الخبير في الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية، وأدار الندوة الأستاذ/ مشاري البداح، وقد حضر الندوة جمهور كبير من المستمعين في مقدمتهم النائب جاسم الخرافي، وبعض الأساتذة الجامعيين، وكثير من الشباب المثقف.

وفي بداية الندوة طرح الأستاذ مشاري البداح أهمية موضوع الندوة وما يثار حول الاقتصاد الإسلامي من شكوك وقدم المحاضرين إلى الحضور.

وبدأ الحديث الأستاذ محمد فاروق النبهان الذي تحدث عن الإطار العام للنظام الاقتصادي الإسلامي، وبين الفرق بينه وبين الاقتصاد الحالي من أنه ليس فرديًّا رأسماليًّا، وليس جماعيًّا اشتراكيًّا، بل هو وسط بينهما له كينونته المنفصلة، ولا يمكن مقارنته بالقوانين الوضعية، وبين أن نظرة الإسلام للمال تختلف عنها في النظم الاقتصادية الأخرى، وتعرض لهذه المسألة من الناحية القانونية؛ فالإسلام يعطي حق المال لله- عز وجل-؛ فهو المعطي، وهو المانع، فالمال بالتالي هو ملك لله- عز وجل- وما الإنسان إلا مستخلف في هذا المال ﴿وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ (الحديد: 7)، وتحدث عن الملكية في الإسلام، والضوابط التي وضعها الإسلام للملكية، وأنها يجب ألا تتجه الاتجاه السلبي بحيث تضر بالمجموع، وعلى المالك التزامات تجعل من ملكيته شرعية، وسليمة، فعليه استعمال الملكية بطريقة شرعية، وأن يخرج حق الجماعة من كفارة، وزكاة، ونفقة إلى جانب أن لا ينمي ماله بطريقة تضر المجموع كالاحتكار، والربا، والاتجار بالسلع الضارة.

ولا يعني ذلك أن الدولة في النظام الاقتصادي الإسلامي ليس لها حق التدخل؛ فهي تتدخل في الحدود التي لا تضر بالملك بحيث تحقق مصلحة المجتمع، فهي حين تتدخل؛ فلتحقيق المقاصد الشرعية، ولحماية المصالح الجماعية، ويجب ألا يكون في تدخلها ظلمًا للمالك، وإنما هي تتدخل إذا حصل ظلم من جانب المالك في حق المستهلك، أو إذا حصل المالك على المال بطريق غير شرعي، وفي حالة التدخل يجب أن يكون هناك تعويض عادل.

وفي نهاية حديثه بين الدكتور النبهان أن الخليج العربي تحفه الأخطار، والكل يطمع فيه، وليس أمام دول الخليج سوى الرجوع للإسلام لتأمن على نفسها التيارات الجارفة، فهو الضمان الوحيد لاستقرار المنطقة، ثم تحدث الدكتور مدحت حسنين عن- الاقتصاد الإسلامي، والمذاهب الاقتصادية، والتنمية في النظام الاقتصادي الإسلامي.

وقدم مقدمة أساسية ومهمة لحديثه بين فيها أن الاقتصاد الإسلامي في أساسه يقوم على- التوحيد- الذي يقوم عليه الدين الإسلامي ككل، والإسلام ينظر إلى الحياة نظرة شمولية يتداخل فيها الجانب العبادي مع الجانب الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي لذلك علينا حين ندرس الاقتصاد الإسلامي أن لا نغفل ارتباطه بالجوانب الأخرى. وأثار نقطة أخرى جديرة بالاهتمام وطرحها على شكل سؤال، وهو: لماذا لا يهتم المختصون بعلم الاقتصاد بدراسة الاقتصاد الإسلامي؟ 

- وحدد الإجابة في سببين:

۱- التعليم والتدريب الذي يمر به المتخصص في الاقتصاد، أو في أي فرع من العلوم الأخرى، فهو يأخذ الجانب العلماني في التعليم بحيث يفصل بين العلم الدين فلا مانع من أن تكون متدينًا مع كونك اشتراكي، أو رأسمالي، وبالتالي كل متخصص دائمًا ما يعجب بالنظريات التي يدرسها مع عدم إتاحة الفرصة له لدراسة النظم الأخرى وكل دراسة عن الاقتصاد الإسلامي فهي نابعة عن جهد فردي.

٢- كثير من الاقتصاديين بطبيعة التعليم ليس لديهم تمكن من اللغة العربية والفهم في الفقه بحيث تكون الكتابات الاقتصادية عن الإسلام قاصرة. ثم ذكر أننا بصدد الحديث عن الاقتصاد الإسلامي يجب أن نفرق بين شيئين هل نحن بصدد الكلام عن اقتصاد إسلامي أو- أسلمة- اقتصادنا. بمعنى هل نحن في حديثنا عن الاقتصاد الإسلامي سوف نأخذ- وكما هو حاصل- الرد على الهجوم الموجه للاقتصاد الإسلامي وبالتالي يكون حديثنا عبارة عن ردود فعل لا غير.

ثم تحدث عن أهداف التنمية في الاقتصاد الإسلامي، وأنها تختلف عنها في النظم الأخرى، فإن كانت النظم الأخرى توجه همها نحو المزيد من الدخل الفردي، ورفع مستوى الإنتاج والتصنيع، فإن التنمية الإسلامية تعتبر ذلك نتيجة وهي تسعى لإسعاد الفرد والوصول إلى الشخصية الإسلامية السوية، وفي وجود المستهلك الصالح، والمالك الصالح 

وتعرض للوضع التخلفي الحالي التي تعيشه المجتمعات المتخلفة من نقص في الموارد الطبيعية والمواد البشرية واعتماد خطط التنمية على الخارج وانتشار التبعية.

وأننا بأخذنا بالنظام الاقتصادي الإسلامي يجب أن نحقق المجتمع الإسلامي الذي من أهدافه تحقيق الاقتصاد الإسلامي ومن ثم نتخلص من التبعية وتكون لنا استقلاليتنا. وطرح عدة تساؤلات حول أهداف التنمية الاقتصادية الإسلامية. 

  • هل يمكن استعادة مكانتنا الرفيعة عالميًّا؟
  • كيف يمكن تضييق الفجوة بيننا وبين العالم؟

وبعد انتهاء الدكتور مدحت حسنين من حديثه طلب الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت الحديث حول الشمول، والتكامل، والتوازن في المنهج الإسلامي بصفة عامة، والجانب الاقتصادي منه على وجه التحديد، وأوجزها في أربع نقاط:

۱- الجانب الاقتصادي جزء من كل يشكل مع بقية الأجزاء من سياسية، واجتماعية وروحية.. إلخ, كل متكامل، ومتوازن على أساس من توازن مستقر، وبناء، وتنموي بين الجانب الروحي والجانب المادي من الحياة الإنسانية.

۲- حدد المنهج الإسلامي مركز الفرد بصورة متوازنة وفعالة، فلم يؤله الفرد ولم يطحنه في سبيل الجماعة وإنما احترمه كإنسان.

۳- ومن المنطلقين السابقين تتحدد المعالم الرئيسية للاقتصاد الإسلامي ومنها:

أ- الاحترام الشديد للعمل. 

ب- الاحترام الشديد للملكية مع التركيز على وظيفتها الاجتماعية منها للاستغلال الرأسمالي.

جـ - إيجاد التوازن بين الاستهلاك والاستثمار فنبذ الإسراف كما نبذ التقتير والبخل.

د- الدور النشط للدولة أو السلطة المركزية على أساس من التوازن والتعاون بين الحاكم والمحكوم.

وختم كلامه بقوله: يرى بعض المفكرين الغربيين الإنمائيين- ومعظمهم يهود- أن هناك مبادئ إسلامية غير مناسبة للتنمية وهذا أقل ما يقولونه، ولكن حقيقة وكمتخصص أقول بكل يقين، وبكل موضوعية: إن تخلفنا الاقتصادي يرجع بجانب أسباب أخرى منها الاستعمار إلى عدم تمسكنا بمبادئ الإسلام ومبادئ النموذج الاقتصادي الإسلامي.

وبعد كلمة الدكتور الغزالي القيمة تتالت التعقيبات والأسئلة على محاضري الندوة بشكل يدل على تفاعل الحاضرين معها، ومن أهم الأسئلة التي طرحت عدم تدريس الاقتصاد الإسلامي في الجامعات، وكان رد الدكتور مدحت حسنين بأنه حسب علمه يدرس في كلية الاقتصاد في مكة، وفي جامعة الأزهر، ودعا جامعة الكويت لتحذو حذوهما.

وفي النهاية شكر الأستاذ مشاري البداح كل من شارك في الندوة من محاضرين ومستمعين.

وبعد انتهاء الندوة طرح الرأي الذي يدعو بتدريس الاقتصاد الإسلامي في كلية الاقتصاد في جامعة الكويت على الدكتور عبد الحميد الغزالي، وحين طرحت على الدكتور/ عرفان الشافعي- رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة بالجامعة، والذي حضر الندوة فأبدى حماسه للفكرة، ووعد بدراستها، وطلب المراجع التي تبحث حول الاقتصاد الإسلامي. 

ونرجو أن تأخذ الفكرة حيز التنفيذ؛ فالكويت بلد مسلم، ومن الغريب ألا يكون فيها دراسات للاقتصاد الإسلامي خصوصًا وأن الموضوع الآن يثار على مستويات عديدة حتى على مستوى المسؤولين؛ حيث دعا الأستاذ/ عبد الرحمن العتيقي- وزير المالية، في كلمته التي ألقاها في افتتاح ندوة الاقتصاد العالمي الجديد والعالم العربي المشاركين في الندوة إلى الرجوع للاقتصاد الإسلامي. 

وعسى أن يكون في ذلك بادرة خير، وأن يوفق الله المسلمين على نصرة دينهم والعمل على إعلائه.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل