; نصارى لبنانيون وأقباط مصريون شاركوا في إنتاج الأفلام: صورة «الإسلام» في السينما المصرية | مجلة المجتمع

العنوان نصارى لبنانيون وأقباط مصريون شاركوا في إنتاج الأفلام: صورة «الإسلام» في السينما المصرية

الكاتب عبد الرحمن سعد

تاريخ النشر الثلاثاء 15-سبتمبر-1998

مشاهدات 13

نشر في العدد 1317

نشر في الصفحة 50

الثلاثاء 15-سبتمبر-1998

  • الأفلام تحتفي بالأضرحة والمجاذيب ولا تعترف بالحجاب وتحشر الرقصات والمشاهد الخليعة تحت ستار أن الإسلام طهر البشرية منها.

  • في السينما: خالد بن الوليد «يحب» ليلى ويخبرها أنه انتصر دون أن يخوض معارك حقيقية.

على الرغم من أن السينما العالمية رصدت أعلى الميزانيات لإنتاج القصص الدينية، وقدمت عشرة أفلام عالمية عن شخصية السيد المسيح عليه السلام، و17 فيلمًا عن مريم العذراء «وفيها الكثير من التجاوزات من وجهة النظر الإسلامية»، واحتفت بقصص التوراة والعهد الجديد عن الأنبياء وحوارييهم، والاضطهاد الروماني، وحياة من يسمونهم بالقديسين وعلاقة الناس بالدين، إلا أن السينما المصرية لم تقدم طوال تاريخها سوى ۱۲ فيلمًا دينيًا فقط وعندما أنتجت هذه الأفلام، تاه بعضها في أروقة الأدراج وكادت نسخة ظهور الإسلام أن تتحلل، في حين توقفت المؤسسات الإنتاجية العامة والخاصة عن إنتاج مثل هذه الأفلام منذ أكثر من ربع قرن.

أما «صورة الإسلام» في هذه الأفلام، فهي مأساة بكل المقاييس، كشفت أبعادها المثيرة دراسة رائدة للباحث والناقد والسينمائي محمود قاسم، وحملت عنوان: «صورة الأديان في السينما المصرية»، وصدرت حديثًا عن المركز القومي للسينما التابع لوزارة الثقافة المصرية، وذلك في إطار سلسلة «ملفات السينما».

الظهور.. والرسالة !!

في البداية تحصر الدراسة الأفلام الدينية في اثنى عشر فيلمًا هي - بحسب تاريخ عرضها على الجمهور : «ظهور الإسلام» لإبراهيم عز الدين عام ١٩٥١م، و«انتصار الإسلام»، لأحمد الطوخي ١٩٥٢م، و «بلال مؤذن الرسول» لأحمد الطوخي١٩٥٢ م، و« السيد البدوي » لبهاء الدين شرف ١٩٥٣م و«بيت الله الحرام»، لأحمد الطوخي ١٩٥٧م.

 و «خالد بن الوليد» لحسين صدقي ١٩٥٨م، و« الله أكبر» لإبراهيم السيد ١٩٥٩م، و«شهيدة الحب الإلهي» لعباس كامل ١٩٦٢م، و«رابعة العدوية» لنيازي مصطفى ١٩٦٣م و«هجرة الرسول» لإبراهيم عمارة ١٩٦٤م، و«فجر الإسلام» لصلاح أبو سيف ۱۹۷۱م، و«الشيماء» لحسام الدين مصطفى۱۹۷۲م.

كما أن هناك فيلمًا تليفزيونيًا عرض سينمائيًا هو «عظماء الإسلام»، ومن الأفلام العربية فيلم «مولد الرسول» لأحمد الطوخي، الذي أخرجه في لبنان عام ١٩٦٠م وفيلم «الرسالة» لمصطفى العقاد الذي أخرجه بأموال عربية أمريكية. 

وبالنظر إلى هذه المجموعة القليلة من الأفلام نلاحظ أنه تم إنتاج أغلبها في فترة معينة يمكن تسميتها فترة خصوبة هي عقد الخمسينيات (۷) أفلامثم الستينيات (۳) أفلام وفيلمان فقط في السبعينيات.

أول فيلم ديني تم إنتاجه بعد مرور ربع قرن تقريباً على ميلاد السينما المصرية، ثم استمر النشاط طوال عشرين عاماً ليتوقف منذ أكثر من ربع قرن.

شخصيات .. ووقائع:

تنقسم هذه الأفلام إلى قسمين: أفلام حول شخصيات دينية أياً كانت الفترة التي عاشتها.

 وأفلام عن البعثة المحمدية سواء عنها كلها - وهذا شيء غير موجود تقريباً - أو عن مرحلة من مراحل البعثة.

الأفلام قدمت من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم «خالد بن الوليد»، و«بلال» كما قدمت «الشيماء» واثنين من الشخصيات الصوفية هما: «السيد البدوي» و«رابعة العدوية».

وفي أغلب هذه الأفلام - عدا الشيماء - كان على الفيلم تتبع الشخصيات منذ ميلادها وحتى وفاتها، بحيث تتبع طفولتها ونشأتها، ومرحلة التحول من الوثنية أو الضلال إلى الإيمان، أو مرحلة الإعداد الديني كما في حالة السيد البدوي ورابعة العدوية التي أسموها «شهيدة الحب الإلهي».

أما الأفلام التي تتناول وقائع تاريخية معينة مرتبطة بالبعثة المحمدية، فقد تدرجت من فيلم «بيت الله الحرام» الذي يتناول أحداث ما قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ثم «ظهور الإسلام» و«فجر الإسلام» و «هجرة الرسول» ثم فيلم آخر تتم أحداثه إبان البعثة هو انتصار الإسلام، وفيلم عن خلفاء الرسول الأربعة هو: «عظماء الإسلام».

خيال.. وافتعال:

هذه الأفلام إما أن تهتم بحدث بعينه تقف عنده، وتختلق له الشخصيات المناسبة، أو أنها تبتدع شخصية غير موجودة أصلاً في التاريخ لكنها تستلهم حدثًا جليلاً هو البعثة نفسها بحيث يدور الفيلم في فلك هذا الحدث، إلا إن المعالجة تتسم بحدة الخيال وعدم الالتزام بالواقع.

وتتباين أهمية هذه الأفلام بحسب موهبة المخرج الذي قدمها .

وقد اشترك أحمد الطوخي في كتابة السيناريو والحوار لثلاثة أفلام منها، وامتلأت أعماله بالمبالغة وعدم الإقناع، والعبارات الرنانة، والفجوات في تسلسل الأحداث، والتمثيل المفتعل، أما حسام الدين مصطفى فقد كسا فيلمه «الشيماء» بالحركة.

وقدم إبراهيم عمارة عملاً فنيًا هزيلاً دارت أحداثه في الاستديو، وخان التوفيق عباس كامل، الذي لم يقترب قبل «شهيدة الحب الإلهي» من أي فيلم تاريخي أو ديني، وعرفت أفلامه بأنها من طراز الكوميديا الساذجة.

من طه حسين للشرباصي:

الكثير من هذه الأفلام مأخوذ من نصوص أدبية، أو اشترك في كتابتها بعض الأدباء، سواء بالنسبة لتأليف القصة أو السيناريو، وليس لأي كاتب من هؤلاء - فيما يرى محمود قاسم - ذنب في الصورة الساذجة التي ظهرت في بعض هذه الأفلام، فأول هذه الأفلام: «ظهور الإسلام» مأخوذ من رواية إسلامية عن «عمار بن ياسر» كتبها طه حسين في عام ١٩٤٩م، أما نجيب محفوظ فقد أعد السيناريو لفيلم «الله أكبر»، وتم تحويل فيلم «رابعة العدوية» عن رواية لسنية قراعة، وكتب عبد الحميد «جودة السحار» قصة وحوار فيلم «فجر الإسلام» بينما كتب علي أحمد باكثير قصة فيلم «الشيماء» وشارك الأديب صبري موسى في إعدادها للسينما. 

وشارك بيرم التونسي في كتابة حوار فيلم «السيد البدوي»، وأغنيات فيلم «بلال» كما اعتمدت السينما على فقهاء وعلماء الدين للمشاركة في كتابة الكثير من هذه الأفلام مثل الشيخ أحمد الشرباصي الذي كتب حوار فيلم «خالد بن الوليد»، أما المخرج حسين حلمي المهندس فقد شارك في كتابة سيناريوهات «هجرة الرسول» و «خالد بن الوليد».

أقباط.. ويهود:

واللافت للنظر أن عددًا من هذه الأفلام الدينية أنتجه نصارى لبنانيون، أو أقباط مصريون فحلمي رفلة هو منتج فيلم «رابعة العدوية»، كما أنتج شارل نحاس فيلم «السيد البدوي»، وقام إلياس خوري بإنتاج فيلم «بلال مؤذن الرسول»، وقام أيضًا بتوزيع العديد من هذه الأفلام خارج مصر، بينما أسهم إلياس خوري في إعداد الديكور بالفيلم نفسه، وفي أفلام أخرى مثل «خالد بن الوليد»، و«السيد البدوي» إلى جوار زميله شارفنبرج وفي رؤية هاني الحلواني - في دراسته عن الإسلام في السينما المصرية، فإن الأفلام الدينية المصرية قد أغفلت الدور التآمري لليهود في مناهضة الرسالة، ومحاولاتهم للنيل من صاحبها وإن كان اليهود في هذه الأفلام صورة مشوهة ورديئة لشيلوك شكسبير، أي: التاجر اليهودي الجشع ماديًا، والذي تكمن مقاومته للدين الجديد في حرصه على مكاسبه المادية فقط.

وهذه - في حد ذاتها - مغالطة تاريخية، فاليهود قبل كل شيء يؤمنون برب لهم وحدهم هو رب إسرائيل، وأنهم شعب الله المختار، كما ترجع مقاومتهم لهذا الدين إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس منهم ثم يأتي في مرحلة تالية خشية اليهود من عواقب انتشار هذا الدين وتأثيره عليهم اقتصاديًا واجتماعيًا بما يدعو إليه من مبادئ.

كانت هذه صورة اليهود في خمسة من الأفلام الاثنى عشر التي أنتجت قبل عام ١٩٥٧م... ورغم اشتداد العداء بين اليهود والعرب اهتمت السينما في موضوعاتها التالية بالتركيز على الأشخاص مثل «خالد بن الوليد»، و«رابعة العدوية»، و«الشيماء» و«ظهر اليهودي»، بدون إشارة إلى كينونته بشكل واضح، وذلك في شكل التاجر في فيلم «بلال بن رباح»، إذ أقرض مؤذن الرسول مبلغًا من المال لمدة معينة على أن يصير بلال عبدًا له ولزوجته إذا لم يسدد دينه، لكن الله خيب ظن اليهودي.

ومع أنه قد يتبادر إلى الذهن أن هذه الأفلام الدينية مليئة بالخشوع والتقوى إلا أن العكس هو الصحيح.. إذ إنها تزخر بعدد كبير من الرقصات الخليعة، ومشاهد الفجور مهما بلغت جدية القصة وتقول الدراسة إنه حشر مثل هذه الرقصات تحت ستار أن الإسلام قد ظهر ليطهر البشرية من مثل هذه الخلاعة، بدا ذلك واضحًا في «فجر الإسلام»، إذ يظهر قوم يعيشون في مجون حقيقي وراقصة تمتطي رجلاً أثناء استعراض خليع وهكذا لا يكاد يوجد فيلم ديني مصري واحد يخلو من الرقص.

وفي فيلم «رابعة العدوية»، قدمت وقائع الليالي الماجنة التي قيل إن رابعة عاشتها في النصف الأول من حياتها وتنافست رابعة ونساء أخريات

على كسب قلوب الرجال في ليالي الهوى.

 أما فيلم «السيد البدوى»، فقد قامت راقصة بالرقص أمام مجموعة من طالبي المتعة في الغار نفسه الذي يتعبد فيه البدوي في أثناء غيابه وأدت فاطمة بنت بري الكثير من الرقصات قبل أن يقوم البدوي بالتصدي لها، وهدايتها.

وفي كثير من هذه الأفلام تم تجاهل المعارك الحربية، باعتبار أنها مرتفعة التكلفة في إنتاجها. وتحتاج إلى خبير معارك .. وما قدم من معارك بين المسلمين والمشركين انتصر فيها المسلمون جاء أغلبها شكليًا، حيث نرى مجموعة من المتحاربين يتبارزون فوق الجياد بالسيوف، فلا نكاد نعرف من فيهم المشرك ومن فيهم المؤمن.

وعلى سبيل المثال تغاضت السينما المصرية عن المعارك الشهيرة التي ارتبطت باسم «خالد بن الوليد»، وبدلاً من المعركة رأينا شخصية الصحابي الجليل «خالد بن الوليد» يأتي إلى حبيبته وبشكل افتعالي يخبرها أنه انتصر في إحدى المعارك الحربية، ثم يأتي بعد قليل ليخبرها بأنه انتصر في معركة أخرى.

التعذيب.. بالأمريكاني ! ومن جهة أخرىامتلأت هذه الأفلام بمشاهد التعذيب والصراخ والعويل، لكي تعكس المعاناة التي عاشها المسلمون الأوائل حين كان الدين ضعيفاً، ويحتاج إلى سند وقوة، وبخاصة أن الأفلام التي تم إنتاجها كانت تدور حول المستضعفين المسلمين مثل «بلال بن رباح»، وأيضًا شخصية «هاشم» ابن شيخ قبيلة الحارث في فجر الإسلام، وهناك أيضًا تعذيب رابعة بحبسها في غرفة معزولة، وتعذيب مماثل لشخصية بلال في انتصار الإسلام، وفي فيلم «هجرة الرسول» تعاني حبيبة وفارس وهما من العبيد المؤمنين بالدين الجديد من أسيادها الذين يعرضونها على صنوف التعذيب والإيذاء، كما نرى اشتداد تعذيب المؤمنين في فيلم «الله أكبر» وهو تعذيب جماعي تجيء فيه مشاهد التعذيب مليئة بالقسوة، للكشف عن شدة الإيمان الذي دخل في القلوب.

والغريب - كما تقول الدراسة - إنه يتم تعذيب المسلمين في الكثير من هذه الأفلام على طريقة تعذيب من يسمون بالآباء الأوائل من النصارى في الأفلام الأمريكية والإيطالية عن طريق الصلب.

وقد تم صلب شخصية بلال في «انتصار الإسلام» و«بلال مؤذن الرسول»، كما أن هناكمشاهد تعذيب كاملة في فيلم «الله أكبر» مأخوذة عن فيلم «ملك الملوك» الأمريكي، على اعتبار أن التعذيب في الأفلام الأمريكية كان جماعيًا، في حين كان فرديًا بالجزيرة العربية، إذ كان التعذيب يتم فيها للعبد الواحد الذي دخل في الإسلام.

بين الفصحى والشامية:

أما لغة هذه الأفلام، فقد تفاوتت بين العربية الفصحى كما في «فجر الإسلام» و«بلال» و«انتصار الإسلام،» و«ظهور الإسلام» و «الله أكبر» و«الشيماء»، والمزيج من العربية والعامية كما في فیلم «رابعة العدوية» باعتبار أن أحداثه دارت في العراق، أما فيلم «السيد البدوي»، فقد غلبت عليه اللهجة الشامية حتى في المشاهد التي تدور بمكة بينما غلبت العامية على أحداث الفيلم.

أخيرًا تطرق الباحث إلى السينما المصرية عمومًا - بعيدًا عن هذه الأفلام المتخصصة - معربًا عن استيائه من أن هذه السينما - في مجملها - لا تعترف بوجود حجاب المرأة في حياتنا وتتجاهله عن عمد، كما أنها تحتفي احتفاءً عجيبًا بالأضرحة والمجاذيب غير أن لهذا حديثًا آخر.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 1135

30

الثلاثاء 24-يناير-1995

نشر في العدد 1218

37

الثلاثاء 24-سبتمبر-1996