; نظرة إلى بعيد مستقبل الكويت إلى أين؟ | مجلة المجتمع

العنوان نظرة إلى بعيد مستقبل الكويت إلى أين؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 05-سبتمبر-1972

مشاهدات 14

نشر في العدد 116

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 05-سبتمبر-1972

لاتزال الكويت تسير منطلقة في اتجاه التغيير لتستكمل الدفعة القوية المفاجئة التي أحدثها الانفجار البترولي العنيف في واقع المنطقة الجغرافي والاجتماعي نستعمل هذا التعبير لنعبر عن «تلقائية» التغيير الذي يحدث في الكويت وعن عفوية الانتقال المرحلي الذي تنقصه مقادير كبيرة من التخطيط والعمل الإداري.
يتحدث بعض الناس بسذاجة عن التطور الذي يحدث في الكويت. حتى لقد أصبح تعبير «الكويت ينمو» شعارًا تجاريًا وحافزًا يشحذ أحلام المغامرين والمستثمرين   وكذلك السواح. 
إن التغير التلقائي العفوي الذي حدث في معالم الكويت ليس إلا تغيرًا مظهريًا.
 إنها زوبعة   أحدثها الانفجار البترولي ستخمد حتمًا إذا جفت آبار النفط وسيجد هؤلاء المندهشون أنفسهم وجهًا لوجه أمام الكويت القديمة بمظاهرها وتقاليدها مع الآثار الطفيفة التي تركها «عهد النفط الذهبي» في مفردات الكلام وبعض الممتلكات الشخصية.
ومثلما يتهم شبابنا المتفرغ بأن تقدميته وعصريته لم تتعد مظهره «الخنفسي» فإن تقدم الكويت ونماءها لم يتعد المظهر العصري.  
ومع ذلك فإن فتور القيم الأصيلة وانفلات بعض قطاعات المجتمع روحيًا وثقافيًا يعتبر في حد ذاته تطورًا سلبيًا يؤدي إلى تغيير عميق الجذور في كيان المجتمع الكويتي وسواءً استمر هذا التطور السلبي أو ذلك التغيير السطحي أو حدثت صحوة جديدة «مثل الاتجاه نحو التصنيع» فإن الكويت ولا شك تقف على مفترق الطرق وتستعد لمواجهة غد جديد لم يفكر الناس فيه بجدية ولم يختاروا شكله بأنفسهم. 
إلى أين سيقودنا هذا الاندفاع؟
نحن الآن على حافة الانتقال والخيارات المطروحة محددة وواضحة، وعلينا أن نحسم أمرنا باتخاذ قبلة واحدة نتحمل مسؤولية اختيارها.
علينا أولًا أن نحدد شخصيتنا هل نحن أمة مسلمة أصيلة تنتمي لأجيال الإيمان الخالدة وتكمل تاريخها الناصع بتبني الدعوة الإلهية وربط الإنسانية بحبل الله المتين؟ هل ننتمي «لأمة محمد» عليه الصلاة والسلام التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتكون خير أمة أخرجت للناس؟
أم نحن امة مبتورة الجذور أمة ضائعة بلا تاريخ وبلا ماض وبلا عقيدة وبلا شخصية أمة منجرفة أمام تيارات المدنية الغربية منهزمة أمام جبروتها تابعة لها فكرًا وروحًا؟
●     تلك هي القضية الأولية التي تحتاج إلى حسم باكر حتى نرسم معالم أمتنا ونوحد إطارها الذاتي وكيانها الراسخ.  
بعد ذلك فإن المجتمع الكويتي بدأ يتفاعل الآن في بوتقة الظروف الجديدة وبدأت طبيعة العلاقات الاجتماعية وعناصر التركيب الاجتماعي تأخذ شكلها وطابعها فأي مستقبل سنسمح به ونقبله.
 هل تصبح الكويت مجتمعًا طبقيًا يشكل الأغنياء فيه طبقة مترفة ومتحكمة ويبقى العمال والفقراء طبقة مقهورة ومظلومة ثم تعشش أفکار التخريب وروح العقد في أحشائه.
هل تصبح الكويت بلدًا مثل هذه البلاد التي تتحكم فيها شعارات مجنونة فتحدث من التخريب في مقدرات الأمة ما أحدثته هناك وتسوم الناس ذلًا وقهرًا.
أم ستصبح الكويت بلدًا إسلاميًا تهيمن عليه العدالة والحرية والسلام وتحكم علائقه أخلاق الإسلام الراقية وشريعة السماء السمحة العادلة؟
هل يندفع شبابنا الذي بدأت تنهشه أمراض الحضارة إلى آخر الشوط فنصبح غدًا أمة من الهيبيين ومدمني المخدرات والمجرمين والفاشلين؟ أم يستيقظ شبابنا على نداء المسؤولية ويقف على رجليه بصلابة وقوة مستلهما روح الإيمان وأخلاق الإسلام وعزة الماضي ليتحمل أمانة جيله بروح جديدة رغم كل ما يراد به وما يراد له؟
إنها قضية «الثورة الثقافية» التي تدور رحاها في صمت داخل الكيان الاجتماعي    وتشارك فيها عناصر واعية بما تفعل وعناصر غافلة لا تعرف ما تفعل وعاجلًا أو آجلًا ستنحسم المعركة إما لمصلحة الانتماء الأصيل لحضارة الإسلام أو الاستسلام لحضارة الاستعمار وثقافته.
ولما استيقظ الناس على الحقيقة المرعبة حقيقة نضوب النفط الذي هو آت لا ريب فيه بدأوا يتحدثون عن التصنيع كبديل للثروة النفطية في المستقبل.  
لقد ظلت الكويت طيلة الفترة الماضية سوقًا استهلاكية لمنتوجات الخارج، ولم يكن النفط إلا موردًا لشراء ما نحتاج إليه وما لا نحتاج إليه جميعًا ولم تأخذ التنمية الوطنية نصيبًا من الاهتمام يوازي الفجوة التي سيحدثها نضوب النفط والتي لا يسدها إلا التطور الإنمائي المنضبط.
فما هو الطريق الذي ستأخذه التنمية الاقتصادية هل تسير على طريق التطور الرأسمالي؟
أم تتأثر بالتوجيه الاشتراكي؟
أم أن الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتخطيط الواعي المتزن المحكوم بحدود الدين الأخلاقية سيجد طريقه إلى عقولنا وقلوبنا لتقوم النهضة الوطنية على أسس سليمة من قواعد الإسلام ومبادئه؟  
هل ستصبح الصناعة المرتقبة ميدانًا لمغامرات المستثمرين بحثًا عن الإنتاج الأكثر ربحًا فتقوم صناعات الآيس كريم وأدوات التجميل والملابس الحريرية؟ أم سيتجه التصنيع إلى إنشاء أمة قوية تنتظرها رسالة كبرى وبناء شعب جديد أمامه قضایا حاسمة عليه أن يتصدى لها؟
إنها معركة قادمة   
ونحن نعرف أن بعض الناس تهمهم نتائجها ويعملون بخبث ومكر لجر الكويت إلى مصير مظلم.   
وإذا كنا جميعًا حكامًا وشعبًا نأخذ مواقعنا في هذه المعركة فنحن مسؤولون مسؤولية كاملة وبينة أن نضع جهودنا في مصلحة التحول إلى الإسلام وفي سبيل الانتصار لمستقبل الكويت المسلم والأمة الكويتية المسلمة. 
 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل