; نقاط .. جلستان مع أربكان | مجلة المجتمع

العنوان نقاط .. جلستان مع أربكان

الكاتب أحمد عز الدين

تاريخ النشر السبت 10-مارس-2001

مشاهدات 12

نشر في العدد 1441

نشر في الصفحة 27

السبت 10-مارس-2001

زار الكويت مؤخراً الزعيم السياسي التركي الأشهر نجم الدين أربكان. وقد ألحت م على إجراء حوار معه، لكنه اعتذر بشدة، واعتذاره مقبول ومفهوم.. فالرجل الذي تطارده النيابة العامة على كل كلمة يتفوه بها، والذي سبق أن حوكم لأنه ألقى محاضرة كان عنوانها الإسلام والعلم والذي سبق أن أثيرت ضجة حول تصريحات له أدلى بها في مصر، لا يريد أن يستفرغ جهده في الخروج من قضية للدخول في غيرها.

خلال الزيارة كان للبروفيسور أربكان جلسات عدة تسنى لي حضور اثنتين منها، قدم خلالهما أربكان عرضاً منطقياً مرتباً للأحداث التي مرت بها تركيا منذ بداية القرن الماضي، وحتى تركه السلطة في انقلاب دستوري، نفذه رئيس الجمهورية السابق سليمان دميريل.. ولا أنقل هنا كلاماً عن أربكان يمكن أن يُحاسب عليه غير أنه إذا أضاف المستمع إلى ما قال أربكان ما يسمع ويرى مما يحدث في تركيا هذه الأيام، يدرك أن هذه الأمة إنما تدفع - في زمن ضعفها - ثمن ما حققته في زمن عزها وقوتها من انتصارات على أوروبا وحماية بيضة الإسلام.

لقد أقحمت تركيا في الحرب العالمية الأولى دون أن يكون لها ناقة في الحرب ولا جمل، ولكن الحرب التي كانت الهزيمة فيها أمراً حتمياً لدول ضعيفة كانت الوسيلة المثلى لتحقيق ما تحقق من انتزاع ما تبقى من أراض في حوزتها وحصرها في الأناضول، وجزء بسيط من أوروبا، واحتلال أراضيها ليتم منحها الاستقلال مقابل شرط غال جداً وهو الحرب على الإسلام التي لا تزال مستعرة الأوار حتى اليوم.

وطوال ثلاثة أرباع القرن يعمل تحالف الفساد السياسي والعسكري والاقتصادي على تدمير كل أمل في نهوض تركيا وحين حقق أربكان في ظرف سنة واحدة نجاحاً اقتصادياً لم تشهده تركيا في عقود من الزمن كان الثمن هو عزله.. فالإنجاز الإيجابي غير مرغوب ولا مطلوب خاصة إذا جاء على يد حزب الرفاه الإسلامي.. بل كوفئ أربكان بحل حزبه وتقديمه وعدد من رجاله للمحاكمات.

يحدث هذا مع أربكان بينما يبقى أجاويد رئيساً للوزراء ويتسبب في مشكلة مع رئيس الجمهورية تكون نتيجتها كارثة اقتصادية بكل المقاييس، فالرئيس نجدت سيزر انتقد في جلسة مجلس الأمن القومي عجز الحكومة عن معالجة قضايا الفساد والقضاء عليه، فما كان من رئيس الوزراء إلا أن ترك الاجتماع وظل طوال اليوم يوجه النقد لرئيس الدولة.

وكان من نتيجة ذلك أن انهار الاقتصاد التركي وخسر البنك المركزي 7.6 مليار دولار في يوم واحد، وتخطى الدولار الأمريكي الواحد حاجز المليون ليرة، ووصل إلى 1.2 مليون ليرة، بعد أن كان يساوي ٩٠ ألفاً فقط قبل أن يترك أربكان السلطة عام ١٩٩٧م.

عبرة مهمة يستوحيها المستمع لحديث أربكان وهي أنه يمكن الوصول لقمة العمل السياسي وهو استلام السلطة - كما حدث معه - ولكن الحفاظ عليها يحتاج إلى سلاحي الاقتصاد والإعلام، ولعل الحركات الإسلامية الإصلاحية التي لا تستحي أن تعلن أنها تسعى للسلطة - فهذا ليس عيباً بل قد يكون واجباً إذا لم يوجد من يرغب في الإصلاح وفق شرع الله - لعلها تستوعب هذا المعنى، وتتحرك على الأصعدة كافة حتى يمكنها البقاء على القمة. إذا وصلت إليها.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل