; نماذج من التراث الغربي تنضح بكراهية العرب والمسلمين | مجلة المجتمع

العنوان نماذج من التراث الغربي تنضح بكراهية العرب والمسلمين

الكاتب د. محمد علي البار

تاريخ النشر الثلاثاء 01-يوليو-1997

مشاهدات 14

نشر في العدد 1256

نشر في الصفحة 50

الثلاثاء 01-يوليو-1997

لم يكتف المسلمون بحرية التدين والاعتقاد لكافة أفراد الدولة الإسلامية ورعاياها، بل وصلت بهم السماحة إلى حد لا يتصور، حيث كان كثير من رجالات الدولة وأصحاب المناصب الكبيرة من أهل الذمة... فكم من الصابئة والنصارى واليهود تولوا منصب وزارة المالية أو ما يوازي وزارة الصحة، بل وصل الأمر إلى رئاسة الوزراء، وهي التي كانت تدعى الوزارة، حيث تولاها للأسف في بعض الأحيان هؤلاء اليهود والنصارى والصابئة سواء كان ذلك في بغداد أو في قرطبة أو في القاهرة!!

والغريب حقًا أن نجد معظم أطباء صلاح الدين الأيوبي والذين لهم الحظوة الكاملة لديه هم من اليهود والنصارى، وعلى رأسهم موسى بن ميمون المشهور في الغرب باسم ميمونديس والذي يقول عنه اليهود :«ما بين موسی «ابن عمران» و موسى «ابن ميمون» لم يوجد أعظم من موسى»، فقد كان من كبار الأخبار وكتاب التلمود ومع ذلك كان يشغل وظيفة رئيس الأطباء في بلاط صلاح الدين الأيوبي، وقد تعلم الطب من الأطباء المسلمين وغيرهم في قرطبة والمغرب والقاهرة، حتى وصل إلى تلك المكانة المرموقة التي لم يصل إليها إلا خاصة الخاصة، حيث كان يعامل كأمراء بني أيوب. ومن هؤلاء الأطباء الذين لهم المكانة العالية في عهد صلاح الدين وبلاطه أبو سليمان داود بن أبي المنى النصراني الذي بشر صلاح الدين بفتح القدس على يديه، وطلب من صلاح الدين أن يعتني بأولاده فاعتنى بهم وجعل لهم المكانة العالية في الدولة الأيوبية، حيث خدم ابنه أبو سعيد بن أبي سليمان الملك الناصر صلاح الدين ثم خدم بعده الملك العادل وكذلك فعل أبناؤه الآخرون أبو شاكر وأبو الفضل وأبو النصر وكلهم أبناء سليمان بن أبي المنى. ومنهم أبو الفرج وأبو منصور النصرانيان، كما كان من أطبائه الحكيم إبراهيم السامري المعروف بشمس الحكماء وهو من السامرة طائفة من اليهود وسديد الدين أبو الفضل داود بن أبي البيان الإسرائيلي اليهودي، وأبو النجم بن أبي غالب النصراني. والخلاصة أن جملة أطباء الناصر صلاح الدين الأيوبي من اليهود والنصارى بلغوا اثني عشر طبيبًا يعملون في بلاطه ويجدون كل تكرمة وتجلة ومكانة حتى وصلوا إلى مكانة الأمراء أنفسهم!!

كما أن روح التسامح لدى صلاح الدين الأيوبي جعلته يرسل أطباءه المداواة أعدائه، فقد أرسل طبيبه الخاص المداواة ريتشارد قلب الأسد ملك الإنجليز، ثم توطدت العلاقة بينهما، ولكن ريتشارد غدر وخان كما هو معتاد من هؤلاء الصليبيين عندما تحين أول بادرة للغدر، وقد أكدت حادثة الغدر هذه المؤرخة الألمانية المنصفة زيجريد هونكه في كتابها «الله ليس كذلك»، ومع هذا فإن العلاقة بين السلطان الكامل الأيوبي وفردريك الثاني القيصر النورماندي قد توطدت لدرجة كبيرة حتى أن الكامل أرسل وفدًا إلى اخن عام ۱۱۷۳ ميلادية يعرض فيه أن يتزوج ابن السلطان الكامل ابنة القيصر على أن يتم تتويج ابن السلطان الكامل ملكًا على النصارى، وبذلك يحسم النزاع بين المسلمين وبين أحد الممالك النصرانية المهمة في أوروبا ... ولكن القيصر اعتذر بلباقة كما تذكر المؤرخة هونكه، وأن ذلك لم يغير شيئا في العلاقة الودية بينهما .وتذكر الكاتبة أن البابا اشتد حنقه على القيصر فردريك الثاني مما دفعه إلى تدبير مؤامرة بالاتفاق مع فرنسا في المعبد لاغتيال القيصر عند توجهه إلى نهر الأردن ليتعمد في مياهه، ثم يقوم البابا وأنصاره باتهام المسلمين بالغدر بالقيصر واغتياله، وبذلك يتخلص من القيصر الذي أقام علاقات ودية مع المسلمين، وفي الوقت نفسه يسمم العلاقات بين الجرمان والنورماند والسلطان الكامل الأيوبي حتى تعود الحرب بينهما جذعة، ولكن السلطان الكامل استطاع أن ينقذ القيصر من هذه المؤامرة وأرسل إلى القيصر الوثيقة التي تثبت الخيانة ممهورة بختم رئيس فرسان المعبد.

رسالة القيصر إلى السلطان

وقد توطدت العلاقات بينهما بعد هذه الحادثة وتعلم القيصر اللغة العربية وأجادها وقد نقلت الكاتبة الفاضلة رسالة القيصر فردريك الثاني إلى السلطان الكامل ابن أخي صلاح الدين وهي توضح مدى عمق العلاقات الودية بينهما.

وإليك نص هذه الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم

أزف الترحل بيد أن قلوبنا                         أبت الرحيل ففارقت أجسادنا

وهوت إلى كنف الصداقة عندكم                 مأسورة ثم استقرت عندنا

لا نريد أن نذكر ما نعاني من لواعج ما نكابد من الجوى، ولا ما يتملكنا من الحزن والأسى ولا الشوق المستبد إلى ما نعتقده من الصحبة الممتعة والمجالسة المؤنسة للفخر أطال الله عمره.

ومعذرة أننا هنا لم نتمالك أنفسنا ففاضت وأفضت بمكنونها، وكيف ولست سوى رجل يضطرب فيه ما يضطرب، وهو يرى أنه فرد وحيد في هذه الدنيا، ويحن إلى ساعات السكينة والصفاء ولقاء الأصدقاء..»

وهكذا يتضح أن هذا القيصر لم يكن يشعر بالصداقة الحقة إلا مع السلطان المسلم الدرجة دفعته أن يبدأ خطابه ببسم الله الرحمن الرحيم، وهو أمر يدل على مدى تأثر القيصر بالتعاليم الإسلامية وعمق مودته للسلطان الكامل الأيوبي، ولعله أسلم سرًا فهو يشكو وحدته وهو في حاشيته وبين رجاله ولو باح بذلك لتم أغتياله وتصفيته جسدياً في لمح البصر.

ويذكرنا موقف القيصر بموقف أخلاقي الأمير أوروبي معاصر هو الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا فقد دافع هذا الأمير عن الإسلام والمسلمين بقوة في بعض المحافل، وكتب المقالات وأقام المحاضرات التوضيح أثر الحضارة الإسلامية وفضلها على أوروبا والبشرية، كما أوضح أن المسلمين هم أبعد الناس عن التعصب الذميم الذي عانت منه أوروبا على مدى تاريخها، كما ذكر أمثلة لتسامح المسلمين في الأندلس وغيرها.

ولا شك أن هناك أفرادًا عديدين يتميزون برهافة الحس ونظافة الشعور وسمو الأخلاق مما جعلهم يقفون ضد هذا التيار الجارف من الحقد الأعمى ضد المسلمين نذكر منهم زيجريد هونكه التي استشهدنا ببعض كتاباتها، وروجيه جارودي والمستشرق سير توماس أرنولد وكوكبة من الكتاب والأدباء والمفكرين الذين ظهروا على مدى القرون الثلاثة الماضية، ولكن هؤلاء جميعًا لا يشكلون سوى قطرة في محيط من الكراهية والحقد الأعمى ضد الإسلام وأهله.. ومن الصنف الحاقد قادة مثل اللنبي الذي قال عند دخوله دمشق ووقوفه على قبر صلاح الدين: ها قد عدنا يا صلاح الدين.. والآن أنتهت الحروب الصليبية!!

الحقد الصليبي.. والمكر اليهودي

وقد ازداد أوار الحقد الصليبي يمده المكر اليهودي الحاقد وأجهزة الإعلام في الآونة الأخيرة وخاصة بعد أنهيار الإتحاد السوفييتي، وأنتهاء خطر الشيوعية فتحولت كل الأنظار إلى إيجاد طواحين هواء يحاربها «دون كيشوت» القرن العشرين متمثلة في المسلمين.

ولقد تجذر هذا الحقد الصليبي ضد المسلمين والعرب حتى أصبحت كلمة العربي «Arab» في القواميس اللغوية تعني فيما تعني إنسان وقح غير مؤدب ولد شوارع، فظ، وليس فيها من معنى جميل سوى الحصان العربي الذي يتسم بالجمال وتناسق الأعضاء، ورشاقة الجسم وسرعة العدو.

وقد انتشرت قبل فترة أغنية مؤداها: «قتل العرب» Killing The Arabs ولقيت رواجًا عظيمًا وبيعت منها ملايين الأشرطة وأذاعتها معظم محطات العالم.. كما انتشر شعار: ادفع دولارًا تقتل عربيًا!!

وقامت شركة من شركات التبغ الكبرى بإنتاج سجائر بإسم كرافن إيه Craven A وكلمة كرافن تعني رعديد جبان أما حرف A فيرمز إلى العرب Arab وهكذا تعني اللفظة- العربي الجبان المهزوم الرعديد الذي يتمتع الإنسان بحرقه إلى النهاية والغريب حقًا أن يتمتع العرب أيضًا بتدخين العربي الجبان المهزوم وحرقه!!

ويطلق الإسبان خاصة على العرب لفظ «المورو» وباللغة الإنجليزية Moors وتعني المتخلف الفظ الغليظ غير المتحضر، وهكذا كلما وجدوا مسلمًا في أي مكان في الدنيا أطلقوا عليه لفظ المورو، وعندما أكتشفوا جزر الواق واق وأسموها الفيلبين تيمنًا بأسم ملكهم أطلقوا على سكان الجزر المسلمين وخاصة جزيرة ماندانا و اسم المورو الذي استمر حتى اليوم.

أما البربر فيطلق على سكان شمال إفريقيا.. وبما أن هؤلاء البربر هم الذين اعتنقوا الإسلام وهجموا مع العرب على أوروبا، وأحتل طارق ابن زياد وهو من البربر، إسبانيا فكان من نصيبهم صفة البربري أي الهمجي الوحشي، وللأسف فإننا جميعًا نستخدم هذه اللفظة دون أن ندرك أبعادها ومراميها وما تمثلًا به من أحقاد مع سكان شمال إفريقيا من البرير والمسلمين الذين رفعوا راية الإسلام فوق جبال البيرنيز «في شمال إسبانيا».

أوروبا تأكل الهلال والتركي

أما كلمة التركي فلا تستحق عندهم إلا كل احتقار والتركي هو الجلف الفظ الغليظ، كما أن الديك الرومي الذي يحتفلون بأكله في أعياد الميلاد لا ينبغي أن يسمى إلا التركي.. وهناك أيضًا مسابقة الإطلاق الرصاص على التركي الحي.. وهي مسابقة مشهورة في الولايات المتحدة خاصة، حيث يستمتعون بإبادة مجموعة من الطيور المسماة التركي.

وأما الهلال «الكرواسون» فيستحق أن يؤكل كل يوم، وإذا لم يكن كذلك فعلى الأقل في المناسبات السعيدة، وقد بدأت أوروبا باكل الهلال «الكرواسون الكريسنت» بعد أن صدت النمسا جيوش الدولة العثمانية التي كانت تهدد أسوار فيينا، ومنذ ذلك اليوم والأوروبيون يبدؤون يومهم بوجبة الإفطار المصنوعة على شكل هلال!!

والحقد الصليبي والصهيوني يعد أجهزة الإعلام بالمزيد من الوقود ولتشتعل نيران الكراهية والحقد الأعمى المدمر، ويستغل بعض ماجاء في أسفار العهد القديم وسفر الرؤيا سفر يوحنا من نبوءات تتحدث عن تجمع قوى عالمية ضخمة في سهل مجيدو لتحارب قوى الظلام المتمثلة طبعا في العرب والمسلمين.

وقد كثرت الكتابات حول الحرب القادمة بين أوروبا المسيحية والمسلمين، واستخدمت في ذلك كل تلفيقات التاريخ والحقد الصليبي والصهيوني اليهودي مع ما ذكر في أسفارهم المحرفة التي تتحدث عن هر مجدون وأنهار الدماء التي ستسيل حتى تبلغ أعنة الخيل!!

وأما موقع هذا السهل، فهو أرض الشام، وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أن الروم سينقضون عهدهم مع المسلمين وسيأتون في آخر الزمان تحت ثمانين غاية «راية» وتحت كل راية أثنا عشر ألف مقاتل (960,000) فينزلون بمرج دابق... مجموعهم ويحاربون المسلمين فتقع تلك الملحمة المروعة حيث ينهزم ويفر الثلث من جند المسلمين! لهم لا يغفر الله أبدًا، ويستشهد الثلث، ويفتح الله على الثلث الباقي فيجتثون الروم أجتثاثًا ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وترتفع راية الإسلام خفاقة.

ويبدو الأمر بعيدًا بكل المقاييس عما نحن فيه اليوم من مهانة وذلة وضعف وأستكانة، ولكن الأمر بيد الله يصرفه كيف يشاء، وها هو الإسلام ينتشر بقوة في أوروبا ذاتها، وفي الحديث الذي ذكرناه أنفًا يقول الروم: خلوا بيننا وبين إخوتنا الذين تركوا دينهم، فيقول المسلمون والله لا نخلي بينكم وبينهم أبدًا.

ولا شك أن عدد المسلمين يزداد في أوروبا وأمريكا، وهذا مما يزيد في إيقاد نار الحقد والبغي والعدوان والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

إسرائيل تشارك في ندوة بتركيا عن الحملة الصليبية

إسطنبول- وكالة جهان للأنباء: اختتمت وسط الأسبوع الماضي ندوة عن الحملات الصليبية نظمتها مؤسسة التاريخ التركي، وقد تحدث في الندوة وزير الدولة التركي نامق كمال، فأكد على أن الحملات الصليبية لم تكن صراعًا بين الأديان، بل اعتداء من التعصب والبدائية ضد التسامح والحضارة، كما أشار الدكتور يوسف حلاج أوغلو رئيس مؤسسة التاريخ التركي إلى أثر الحملات الصليبية على تركيا والعالم الإسلامي، وطلب استقاء الدروس والعبر من هذه الحملات التي حدثت قبل تسعمائة عام، وأوضح حلاج أوغلو بأن الهدف من هذه الندوة هو الحيلولة دون تكرار مثل هذه الحملات من غير أن نلقي المسئولية على أحد.

اشترك في هذه الندوة ٢٢ عالمًا من المانيا والولايات المتحدة وبريطانيا والسويد ومصر وإسرائيل بالإضافة إلى تركيا.

الرابط المختصر :