; هل لرئيس الدولة في الإسلام مخصصات؟ الحلقة العاشرة | مجلة المجتمع

العنوان هل لرئيس الدولة في الإسلام مخصصات؟ الحلقة العاشرة

الكاتب د. عبد الله فهد النفيسي

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1981

مشاهدات 24

نشر في العدد 547

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 20-أكتوبر-1981

 هل لرئيس الدولة في الإسلام مخصصات؟ وهل هذه المخصصات -إن وجدت- لتكفي رئيس الدولة شخصيًا، أم أنها لعشيرته وقبيلته وحاشيته ومهرجيه وغلمانه كما حصل في العهدين الأموي والعباسي، وكما يحصل اليوم في عهد ملوك الطوائف؟ لندع عمر بن الخطاب يتحدث في ذلك لا سواه؛ فقد أخرج ابن سعد في طبقاته كلمات الفاروق وهو يتحدث عن ذلك فيقول: «إنها حلتان: حلة في الشتاء، وحلة في القيظ، وما أحج عليه وأعتمر من الظهر، وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم، ثم أنا بعد ذلك رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم».[1]

 وها هو أبو بكر يسارع إلى السوق صبيحة يوم استخلافه، وعلى رأسه أثواب يريد أن يتجر فيها، وقد كاد يفعل، لولا أن منعه عمر وأبو عبيدة ليفرغ لأمور المسلمين، إذ قالا له: كيف تصنع هذا وقد وليت أمور المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالوا: نفرض لك. ففرضوا له كل يوم شطر شاة[2] وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي بكر بن حفص قال: قال أبو بكر -لما احتضر- لعائشة -رضي الله عنها-: «يابنية، إنا قد ولينا أمر المسلمين فلم نأخذ لنا دينارًا ولا درهمًا، ولكنا أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا، ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا، ولم يبق عندنا من فيء المسلمين قليل ولا كثير، إلا هذا العبد الحبشي، وهذا البعير الناضح، وجرد هذه القطيفة، فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر».[3]

 فلما مات أبو بكر أرسلت بذلك إلى عمر، فقال عمر: رحمك الله يا أبا بكر، لقد أتعبت من جاء بعدك. وأخرج عن أبي أمامة بن سهيل بن حنيف قال: «مكث عمر زمانًا لا يأكل من مال بيت المال شيئًا حتى دخلت عليه في ذلك خصاصة، فأرسل إلى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستشارهم، فقال: قد شغلت نفسي بهذا الأمر، فما يصلح لي فيه؟ فقال علي -كرم الله وجهه-: غداء وعشاء يا أمير المؤمنين، فأخذ بذلك عمر».[4]  

 وأخرج ابن سعد عن ابن عمر أن عمر الخليفة بن الخطاب كان إذا احتاج -وهو خليفة- أتى صاحب بيت المال «أبا عبيدة بن الجراح»، فاستقرضه، فربما أعسر، فيأتيه صاحب بيت يتقاضاه فيلزمه، فيحتال له عمر وربما خرج عطاؤه فقضاه.[5]

 وقد تعددت الروايات في هذا الموضوع تضييقًا وتوسيعًا، لكنها كلها متفقة بأن تحديد المخصصات للخليفة لا يقوم بها الخلفية نفسه، والأمر الثاني أن المخصصات له شخصيًا، ولا يستلم من بيت المال مخصصات أحد من عائلته، أكثر من أي أعطية لأي مسلم من مستحقيها. والخليفة فرد من أفراد المسلمين له حق في بيت مالهم كسائر الناس، فيأخذ منه ما يأخذ منه سائر الناس وله أجرة عمله في بيت مال المسلمين، لكنه لا يتصرف في بيت المال كيف شاء. ومع أن المسلمين كانوا قد فرضوا لكل من أبي بكر وعمر مقدارًا من المال نظير تفرغه للقيام بمهام الخلافة، إلا أن كلًا منهما كان يأخذ ما يحتاج إليه فعلًا من هذا المقدار المفروض له، ليسد ضروراته ويتورع أخذ ما زاد عن حاجته، فيرد ما بقي من هذا المقدار الذي فرضه له المسلمون إلى بيت المال.

[1]  ابن سعد, ج ۳، ص ۱۹۷

[2]  انظر القسطلاني، جـ 5، ص ٥٠

[3]  انظر السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص ۷۸

[4]  انظر السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص ۱۳۹

[5]  انظر السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص ١٤١

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 19

96

الثلاثاء 21-يوليو-1970

نشر في العدد 21

33

الثلاثاء 04-أغسطس-1970

نشر في العدد 28

24

الثلاثاء 22-سبتمبر-1970