العنوان هل يكرر قياصرة روسيا مأساة المجر وتشيكوسلوفاكيا مع رومانيا؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 17-أغسطس-1971
مشاهدات 38
نشر في العدد 73
نشر في الصفحة 20
الثلاثاء 17-أغسطس-1971
وهم يمارسون سياسة الوصاية والاحتلال
هل يكرر قياصرة روسيا مأساة المجر وتشيكوسلوفاكيا مع رومانيا؟
في سلسلة الانقلابات الاجتماعية
الزوج «ربة» بيت يغسل الصحون!!.
والزوجة «شغالة» تعطيه المصاريف!!
إعداد: قسم الترجمة.
عندما توقفت طائرة الرئيس الروماني نيكولاي تشاوتشيسكو في مطار موسكو في يونيو الماضي، وهو في طريق عودته من رحلة إلى بكين تقدم إليه مستقبلوه السوفيت وقادوه إلى غرفة خاصة بالمطار، وهناك قيل له إن الغرض من إحضاره إلى هذه الغرفة؛ هو تناول طعام الغداء مع رئيس الوزراء السوفيتي أليكسي كوسيجين.
ولكن اتضح بعد قليل أن الموضوع الرئيسي ليس الغداء أو مجر اللقاء؛ ولكن شخصية الرئيس الروماني نفسه.. ويعتبر تشاوتشيسكو أول زعيم شيوعي في أوروبا الشرقية تتاح له زيارة الصين بعد الانقسام العقائدي بين موسكو وبكين.. وقد وجد تشاوتشيسكو المعروف عنه الاستقلال في التفكير نفسه هدفًا لموجة من الشتائم والانتقادات الروسية الشديدة.. وقال له كوسيجين مهددًا في غرفة المطار: «إن صبرنا ليس بدون حدود»..
وعندما عرف في الأسبوع الماضي بأن رحلة الرئيس الروماني إلى الصين كانت بغرض المساعدة لتمهيد الطريق لاعادة العلاقات الأميريكة الصينية، كان صبر موسكو قد انتهى بالفعل..
وقد توقع المراقبون أن يكون اجتماع الكوميكون في بوخارست مجالًا للصدام، ومهاجمة رومانيا، وإيقاف رئيسها عند حده..
والكوميكون؛ هو المجلس الاقتصادي لدول الكتلة الشرقية، ويشابه السوق الأوروبية في غرب أوروبا، ولكن قبل بداية الاجتماع بقليل.. بدأ الرئيس الروماني إجراءات سريعة يائسة لتفادي الصدام..
فما هي طبيعة هذه الإجراءات؟ كما فعل تشاوتشيسكو في الماضي.. فقد سعى إلى تجديد ولائه وتمسكه الشديد بالماركسية اللينينية؛ ولذلك بدأ في التضييق الأيديولوجي في رومانيا بشكل ملحوظ.. وقد أصدر قرارًا بالتوسع في تطبيق الشيوعية اللنينية بصورة حازمة على الحياة الثقافية والفكرية في رومانيا.. كما دعا إلى زيادة برامج التدريب السياسي والأيديولوجي في المدارس والمصانع، ثم أخيرًا تشديد الرقابة على الصحف..
وفي الحال اختفت الأفلام الغربية من دور السينما، وأعلن التلفزيون الروماني إلغاء حلقات المسلسلة الأمريكية «القاهرون» وألغت وزارة الداخلية تأشيرة الإقامة لفرقة موسيقى الجاز البريطانية، وأمر الشباب والفتيات بالتخلي عن تقليد أساليب الحياة الغربية المفسدة والمنحطة.. وأخيرًا كما هي العادة في البلدان الشيوعية.. أجرى الرئيس الروماني تطهيرًا لكل من يشتبه في ميولهم التحررية في مكاتب الحزب الثقافية والأيديولوجية.
ولا يستطيع أحد الحكم على مدى فَعَّالية تنفيذ هذه الإجراءات في التخفيف من نقد الحزب الشيوعي السوفيتي.. ولكن موقف الرومانيين خلال اجتماعات السوق الأوروبية لدول الكتلة الشيوعية كان مختلفًا تمامًا.. لأنه على الرغم من شدة الضغط السوفيتي عليهم لقبول اقتراح التكامل والتلاحم الاقتصادي بين دول الكتلة الشرقية؛ إلا أنهم فعلوا تحت أحسن الشروط المناسبة لهم ولظروفهم.. فطبقًا لاتفاقية بوخارست سيتم التكامل الاقتصادي، وهو اصطلاح تعتبره رومانيا وسيلة لتغطية السيطرة الاقتصادية السوفيتية بخطوات تدريجية على فترة تمتد إلى عشرين عامًا.. والأدهى من ذلك أن البيان المشترك الذي صدر في ختام اجتماعات الكوميكون احتوى على إشارة خاصـة لمبدأ السيادة القومية، وذلـك بفضل مجهودات تشاوتشيسكو خلف الكواليس..
وبعد ذلك لا يمكن القول بأن الزعيم الروماني قد تعدى مرحلة الخطر في نظر السوفيت؛ لأنهم ما زالوا ينظرون إلى سياسته الخارجية وعلاقاته المتحررة مع العالم الغربي كمظهر للردة، والخروج على طاعتهم، كما أنها تمثل تهديدًا خطيرًا لمصالح روسيا الحيوية..
وكنتيجة لمحاولته في التمهيد لزيارة نيكسون للصين، فإن الرئيس الأمريكي يضغط على الكونجرس الآن حتى يمنح رومانيا تخفيضات جمركية تمنحها أمريكا لأي دولة في العالم.. ومثل هذه الحركة ينظر إليها الروس باستياء شديد؛ لأنها تزيد من ارتباطات أمريكا الاقتصادية في أماكن أخرى من أوروبا الشرقية..
وربما كان أكثر ما يسبب الإزعاج للسوفيت هو اتصالات رومانيا بيكين.. فقد بدأت الصين تكتسب ثقلًا اقتصاديًّا ودبلوماسيًّا أكبر، فإن الروس يتخوفون من أن تحاول الصين جر علاقاتها الودية مع رومانيا، وألبانيا، ويوغوسلافيا إلى مجالات من الصراع قد تفسدها، وحتى تكتسب الصين نفوذًا أكبر في الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية.. وقد علق أحد الدبلوماسيين على هذه المخاوف السوفيتية قائلًا: «إن عودة الصين إلى الانفتاح مرة أخرى، وتزايد حديث دول البلقان الشيوعية عن ضرورة التعاون.. فإن السوفيت ولا شك سوف يقدمون على بعض التصرفات التي تعيد إليهم نفوذهم وسلطانهم، ولا أستبعد أن يقع ذلك غضونَ الأشهر القليلة القادمة..»
وإذا حاول السوفيت إخضاع رومانيا وتأديبها، فلا شك أنه لا تنقصهم الأسلحة والوسائل لتنفيذ ذلك.. وبالرغم من جهود رومانيا لإنجاز استقلالها الاقتصادي؛ فإن موسكو مازالت تسيطر على مصادر الوقود، والمواد الأولية اللازمة لنمو الصناعة في رومانيا.. ولا شك أن أقوی سلاح يهدد رومانيا واستقلالها هو آلة الحرب السوفيتية الهائلة.. وقد أظهر الروس مؤخرًا استعدادهم لممارسة قعقعة السيوف بقصد التخويف.. ففي أواخر هذا الشهر سـوف تسافر ثلاث فرق من الجيش الأحمر إلى بلغاريا لمناورات حلف وارسو التي حدد مكانها؛ بحيث تكون ملاصقة لحدود رومانيا الجنوبية..
والزعماء السوفيت يعتقدون أن الضغوط الاقتصادية والعسكرية وحدها لن تدفع الرئيس الروماني إلى حظيرة الكرملين.. ولكن يبدو أن الروس يعتمدون على أن مجرد ممارسة هذه الضغوط سوف تحطم من قبضة الزعيم الروماني في الداخل، وتنال من سيطرته على الأمور الداخلية في رومانيا.
وعلى الرغم من أن هذا احتمال بعيد، إلا أن بعض المحللين الغربيين يشيرون إلى السخط المتزايد بين بعض الرومانيين حول التغيرات التي طرأت على سياسة الرئيس الروماني، وإلى استعداد موسكو لإلقاء ثقلها لمساندة منتقدي النظام والساخطين في رومانيا.
وقد علق أحد المراقبين الغربيين قائلًا: «إن أمل السوفيت الوحيد في الوقت الحاضر هو قلب النظام في رومانيا من الداخل.. وإنك تستطيع أن تراهن بكل ثقة أن موسكو لو وجدت بعض الجياد السوداء داخل النظام في رومانيا؛ فسوف تساندهم بكل ما تستطيع».
في سلسلة الانقلابات الاجتماعية الفاشلة.. وتجارب عدم الصدق مع الفطرة
عندما سادت موجة تحرر المرأة، وكسبت أنثى الإنسان حق التصويت السياسي وحق العمل.. إلخ.. كان الكثيرون يتنبأون -على سبيل المزاح- باليوم الذي سيبقى فيه الرجل في المنزل ليؤدي الأعمال التقليدية للمرأة، بينما تذهب المرأة إلى العمل لتكسب لقمة العيش للأسرة.. ولكن يبدو أن المزاح والفكاهة قد انقلب إلى جِدٍّ.. فهذا الأسبوع نقلت أحد الصحف الإنجليزية تجربة بعض العائلات في هذا المجال؛ حيث انقلبت الأوضاع، فأصبحت المرأة تخرج مع الصباح إلى العمل، بينما يبقى الرجل ليقوم بالأعمال المنزلية من غسيل، وطبخ، وعناية الأطفال.. إلخ، وحتى يزيل المحرر الشك من نفوس القراء.. زود الريبورتاج بالصور والأسماء.. فماذا قال هذا المحرر تحت عنوان: «الآباء في المنازل والزوجات إلى العمل»؟
يجب أن تمعن النظر في أي رجل تراه يدفع عربة أطفال في الحديقة المجاورة، فربما يكون أحد الأفراد الذين يشاركون في ثورة اجتماعية جديدة!! وربما لو كنت من سكان الأرياف، فسوف تری زوجة تقود شاحنة كبيرة، فهي أيضًا جزء من هذه التجربة الجديدة.. لأنه في جميع أنحاء بريطانيا اليوم هناك نساء يذهبن إلى العمل في المصانع أو المكاتب تاركات خلفهن أزواجهن في البيوت؛ ليغيروا ملابس الأطفال، أو يرضعوهم أو ينشغلوا: ماذا يقدمون في الغداء للسيدة عند رجوعها من العمل!! وهؤلاء الرجال يرون أنفسهم كطليعة تغيير اجتماعي في الأدوار التقليدية للرجل والمرأة، ويقولون إن هذه الرياح سوف تجتاح كل التقاليد المحافظة القديمة؛ حتى أن الحياة في قلعة الرجل الإنجليزي لن تعود كما كانت من قبل..
فهل سيحدث هذا فعلًا على مستوى الأمة كلها؟ وماذا تقول إذا وجدت فجأة جارك قد خرج من السباق من أجل لقمة العيش، وبقي في المنزل مع الأطفال، وأرسل زوجته تعمل بدلًا منه؟!
لقد قابلنا بعضًا من هؤلاء الرواد.. ومنهم الرجل الذي تكسب زوجته أكثر منه، والمرأة التي تحب العمل ومتزوجة من رجل يسأم من العمل ويضيق به، والأم التي يفضل أطفالها رُفقةَ أبيهم عنها..
وقد ادعى معظمهم أن هذه الخطة ناجحة!! ولكن مهما كانت الأسباب التي دفعتهم إلى تغییر أدوارهم في الحياة، فإن جميعهم وجدوا أنفسهم في مواقف لم يتفقوا عليها منذ البداية، وعندما كتب عقد الزواج..
وكانت أولى لقاءاتنا مـع السيدة فيونا ميلتون.. وقد أقنعت هذه السيدة زوجهـا السيد بريان بأن يتركها تكسب قوت الأسرة؛ حتى يستطيع هو أن يكرس وقتًا أكثر للحياة العامة.. وبذلك أصبحت عائلة ميلتون جزءًا من هذه التجربة التي تحولت فيها إلى المسئوليات الاجتماعية التقليدية..
والسيد بريان يبلغ الثامنة والعشرين، كان قد هزم في الانتخابات الإقليمية لنيل منصب زعيم الشباب الأحرار.. وقد شجعه أصدقاؤه على تخصيص جزء أكبر من وقته للحياة العامة، لأنهم يرون أنه بذلك سيحقق مستقبلًا سياسيًّا عظيمًا..
وبناءً على ذلك بدأت زوجته في اليوم التالي تذهب إلى العمل، بينما بدأ بريان يذهب في الصباح إلى السوق لشراء حاجيات المنزل، ثم يبدأ في تجهيز الطعام.
وتقول السيدة فيونا: «إنني لا أدري هل أخذ كل منا دور الآخر، أم أننا مزجنا بينهما.. على أي حال؛ إنني سعيدة بهذا الوضع، وكذلك زوجي بريان».
وقرارها بأن تكون هي التي تكسب لقمة العيش جاء نتيجة لولائها وحبها لزوجها، ولكنه كاد أن ينتهي إلى نتيجة مُرة بالنسبة لعلاقاتهما الجنسية.. وقد علقت فيونا على ذلك قائلة: «إنني تعودت أن أسخر من صورة الرجل الذي يأتي من عمله مجهدًا يحتاج للراحة في كرسي وثير، ويَنشُدُ الاسترخاء بعد عودته من العمل بدون أي رغبة في الجنس مع زوجته» ولكنني وجدت الأمر لا يدعو إلى الضحك أبدًا، عندما بدأت أذهب إلى العمل وزوجي في المنزل.. ففعلًا وجدت أنني ليس لدي أية رغبة في مشاركة زوجتي علاقاتنا المشروعة، لأنني غالبًا ما أكون في غاية الإرهاق»
ولكن إذا وصل الأمر إلى هذا الحد في العلاقة الجنسية للزواج؛ فكيف يدار البيت؟ أي من له الكلمة الأولى في شئون الأسرة؟.. تقول السيدة فيونا إنها ليس لديها أية نية أو تفكير لتلعب دور الشخص الأول في المنزل «إن حقيقة أنني مصدر رزق الأسرة لم يعطني أي حق أكثر من أي زوجة أخرى لا تعمل، في اتخاذ القرارات في المنزل.. إن كل قراراتنا نأخذها مشاركة بعد المناقشة، وأحيانًا بعد مشاجرات عنيفة، وبأمانة أستطيع أن أؤكد أنه لا يوجد شخص مسيطر في البيت، لا أنا، ولا هو»..
ولكن ماذا عن مرتب الزوجة.. ألا يخلق ذلك حَسَّاسِيَّاتٍ معينةً؟ تقول فيونا إنها عادةً تسلم بریان زوجها مرتبها كله، وهو يتولى تنظيم الصرف وتدبير أمور العائلة بطريقة ممتازة.. ولا يحترم المال كثيرًا إلى حد قد يصل إلى عدم الاكتراث..
وتواصل الزوجة العاملة التي تَعُول زوجَها كلامَها عن المشاكل، فتقول: «إن أهـم مشكلة تواجهنا هي حياة بريان السياسية ومستقبله في هذا المجال.. والسؤال هو: هل هناك تقدم ملموس في بناء هذا المستقبل؟ أم أن زوجي يكرِّس وقته فقط للأعمال الخيرية، التي لن تعود عليه وعلينا بالفائدة في المستقبل؟ وعلى أي حال أمامنا عدة شهور أخرى قبل أن نعرف الإجابة على ذلك.. ولا شك أن القرار بالاستمرار في هذا النشاط سنتخذه مَعًا» والمشكلة الأخرى هي موقف آباء كل من الزوجين.. فهم يعارضون بشدة أسلوبَ حياتنا الجديد، ودائمًا يُلِحُّون أن هذا أمر غير طبيعي، ولا بد لكل منا أن يأخذ دوره ومسئوليته الاجتماعية المألوفة.. ولكنهما في النهاية قرروا أنه ما دام الزوجان سعيدين بذلك فإنهم لن يتدخلوا.. كما أن الأصدقاء دائمًا ينتقدون هذه التجربة الغريبة..
وتختتم الزوجة حديثها بقولها: إن أكبر مشكلة سوف تواجههم عندما يقررون إنجاب طفل جديد.. «إننا سوف نجرب في هذه الحالة الطريقة السويدية؛ حيث يعمل كل منا نصف الأسبوع حتى يكون واحد منا مع الطفل دائمًا.. ولكني لا أدري إن كانت هذه الطريقة مُجدِيَةً أو ستكون عملية..»
وهناك عينة أخرى من الرجال يمارسون هذه التجربة مع زوجاتهم.. فالأخوان جوبينز –مثلًا- قررا منذ فترة أن أجرهما الذي يصل إلى ١٥ جنيهًا استرلينيًّا في الأسبوع، ليس هو الأجر الذي يكفي الرجل، ولكنه يكفي المرأة..
ولذلك قررا البقاء في المنزل، وأرسلا زوجتيهما للعمل بدلًا منهما؛ على أن يتولى كل منهما تقديم طعام الإفطار في الصباح لزوجته عند استيقاظها، ويتولى تنظيف المنزل، ثم شراء الحاجيات من السوق، وإعداد الطعام قبل أن تحضر الزوجة من العمل..
والغريب أنهما يؤكدان أن هذا التغيير في الأدوار الطبيعية قد فرض عليهما، نتيجة للأجر الضئيل الذي يعطى للرجل.. وربما كان أمر السيدة فيونا -التي ذكرت قصتها أولًا- هينًا لأنها تذهب للعمل في مكتب، ولكن زوجات الإخوة جوبينز يذهبن للعمل في المزارع.. والأدهى من ذلك، أن كلًّا منهما قد أرسل زوجته للقيام بعمل لم يَرضَه هو لنفسه.. ويقول تاري جوبينز الأخ الأكبر: «قد أرسلت زوجتي للعمل في مزرعة، حيث تتقاضى ١٥ جنيهًا في الأسبوع.. وبقيت أنا في المنزل للعناية بالأطفال، إنني طباخ ماهر وقد تعودت بسرعة على أداء أعمال البيت، والغسيل بإتقان، إنني لن أسامح نفسي لو عملت لقاء ١٥ جنيهًا أسبوعيًّا.. إن هذا الأجر يمثل السخرة بعينها.. إنهم يدفعون الأجور التي تناسب النساء، ليستبعدوا الرجال، ويحصلوا على النساء فقط في المزارع..» واستدرك قائلًا «لا تظن أنني كسول، أعطني العمل المناسب بالأجر المناسب، وستجدني أذهب إليه كالصاروخ..»
واعترف السيد تاري بأنه وزوجته غالبًا يتشاجران حول تدبير مرتب الزوجة.. ولكنه يجد أن الأسوأ من ذلك هو أن يذهب إلى مكتب إعانة العاطلين ليأخذ المساعدة الشهرية التي تقدمها الدولة لأمثاله.. والعجيب في الأمر أنه يفسر ذلك بقوله إنه يحترم نفسه، والوقوفُ في الطابور لاستلام مساعدة الدولة الشهرية لا يتماشى مع شعوره بكرامته..!!
أما الزوجة، فهي أيضًا تختلف عن السيد فيونا التي يبدو أنها متمتعة بالتجربة؛ فقد اعترفت السيدة مارجريت زوجة تاري، فتقول: «إنني لم أقبل فكرة ذهابي إلى العمل، بينما يبقى زوجي في المنزل.. فالتجربة لا تبدو لي لطيفة أو طبيعية، وقد تشاجرنا كثيرًا لهذا السبب..» ولكني لم أقبل هذا الوضع، ولم أقبل حتى تأكدت أن تاري يقوم بأعمـال المنزل خير قيام..
أما شقيق السيد تاري فقد اختار أيضًا أن يكون ربة بيت بمحض اختياره؛ ولأنه هو الأخر يرفض أن يعمل في الحقول لقاءَ ١٥ جنيهًا في الأسبوع، ولكنه -على عکس شقیقه- يقول: «إن بعض الناس قد يعتقدون أنني أعيش حياة سارة ولطيفة، إنهـم مخطئون ولا شك.. إن حياتي في المنزل تسبب لي السَّأَمَ والضَّجَرَ من طلوع الشمس حتى نهاية اليوم».
في سِلسلة
الانقلابات الاجتماعية
الفاشلة.. وتجارب
عدم الصدق
مَع الفطرة