; المجتمع التربوي.. عدد 1746 | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع التربوي.. عدد 1746

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 07-أبريل-2007

مشاهدات 11

نشر في العدد 1746

نشر في الصفحة 50

السبت 07-أبريل-2007

وأُغلقت.. الحانة

سمية رمضان أحمد

ذكرت الداعية أنها قد أسلمت نفسها وكذلك أخواتها إلى آيات القرآن وحركة الرسول ﷺ بها وأحاديثه ﷺ ومرت عدة سنوات عدة على ذلك وقد تغيرت الأخوات واستجبن لأوامر الرحمن، بل كن يتنافسن في سبيل تطبيق آية أو إحياء سنة، وكأنما أراد الله أن يختبر جديتهن فإذا بمحل خمور يفتح أبوابه قريبًا من مسجدهن وفي حيهن وأسقط في أيدي الجميع، فإن محل بيع الخمور مرخص من سلطات البلد وليس لأحد الاعتراض عليه وكان يؤذي الداعية على الأخص، حيث كان أمام منزلها بالتحديد، فيخرج الرجال والنساء سكارى- وهي تسبح بحمد ملك الملوك كما أمر- قبل أذان الفجر، وكان هذا أمرًا يتنافى مع حركتهن جميعًا بالقرآن، بالطبع لسن من أمرن بفتحه ولا يرضين ذلك، ولكن أين تغيير المنكر الذي دعا إليه ﷺ؟

يروى عن رسول الله ﷺ حديثه الذي أخرجه مسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».

أخذ الحديث يتردد على مسامع الداعية ليل نهار، لا تستطيع منه فكاكًا، وأخذ الشيطان يثنيها عن فعل أي شيء، فلديها أطفال ولن تقف السلطات مكتوفة الأيدي إن اعترضت على ما سمحوا به حتى انتصرت على نفسها وأرادت أن تختبر صدق نيتها وأخواتها في حرصهن على أن يكن بحق آيات متحركات.

ففي يوم الدرس قالت لهن: ألم يحرم الله الخمر في كتابه؟ وكان الرد من الجميع بالإيجاب. فقالت: أليس هذا بيت الله؟ فرددن بالإيجاب، ثم ألقت إليهن بما تريد بقولها: لا بد من غلق هذا المحل. فسكتن ولم يجبن من المفاجأة، ثم أكدت ما قالت: نعم سيغلق هذا المحل بقدرة الله وليس بقدرتنا، هل من معين؟! فردت أغلب الموجودات نحن بعد الله معين، وبدأت في شرح خطتها بعد أن أوضحت هدفها، وقالت: سنتحرك هذه المرة بحديث الرسول ﷺ وسيكون هو قائدنا ﷺ فقد أوضح لنا أن تغيير المنكر يكون. باليد، فإن عجزنا، فباللسان، فإن عجزنا، فبالقلب.

التغيير بالثلاثة

وسنتحرك نحن بالثلاثة عسى إحدانا تغير بإحدى الثلاث فيكون النصر للجميع. فبالنسبة لليد سنكتب للمحافظة والمجلس المحلي والصحف ما يسببه لنا هذا الماخور من إيذاء ولأولادنا من سبيل للانحراف.

وبدأت الأخوات يوزعن بعضهن البعض كفريق للعمل، إحدى الأخوات قالت: سأذهب للمحافظة، ووقع الحضور على ورقتها، وذهبت لكل المساكن التي بجانب المسجد للحصول على التواقيع، بل وأيضًا للمحلات المفتوحة بجانبه وكذلك فعلت الأخريات وأصبحن جميعًا كخلية النحل في العمل. تعاون رائع لإحياء الحديث وإخراجه من الكتب المغلقة عليه إلى حركة فعلية، وكن متحمسات سعيدات، وباللسان سألتهن شرح ما في الخمر من مضار وتلاوة آيات التحريم مع كتابتها وتعليقها على الحيطان والحديث مع الأسر المتواجدة بجانب المحل عن خطر وجود ما يغضب الله بينهن وسكوتهن على ذلك، مع شرح ذلك لأزواجهن حتى يتعاون الجميع على إزالة هذا المنكر فيشارك الجميع في نيل الأجر من الله.

وبالفعل أصبح هناك فريق للعمل الإرشادي، يجوب أماكن التجمع والبيوت الموثوق في أمن دخولها، مع إلقاء الداعية الدروس مكثفة عن أم الخبائث وما حولها من آيات وأحاديث تكون لهن عونًا في حديثهن مع الأخريات.

واتفق الجميع على قيام الليل بطوله يستغثن بالله ويسألنه التوفيق، فتم تقسيم الليل بحيث تقيم هذه وتذهب لتنام في قيام الأخرى بحيث تسمع السموات والأرض والملائكة طوال الليل: «اللهم أغثنا، اللهم أجب دعاءنا» مع تعظيم المولى والتذلل إليه.

وقد استجابت الأخوات استجابة منقطعة النظير حتى إن بعضهن لم يكن يقمن الليل قبل ذلك، وكانت بدايتهن مع حركتهن بهذا الحديث الشريف فنزلت عليهن بركات الرحمن وفضله، واستمررن على تلك العادة التي شرفهن الله بها حيث إن قيام الليل شرف المؤمن.

ومرت الأيام ثقيلة، ففي كل لحظة ولا نقول كل يوم.. تنتظر الأخوات الفرج وكان الأمر يحتاج إلى صحبة الصبر والاستمرار وهذا هو ما فعله الجميع حتى شاء من بيده كل أمر وكل شيء، اتصلت أخت بالداعية وهي تقول إن زوجي محام.. وهناك قانون لتلك البلد يقول: إن كان هناك مسجد على بعد مائة متر من محل خمور، فلا بد أن يغلق المحل، انشرح صدر الداعية ولكن عند ذهابها للمسجد خاب أملها، حيث إنه يبتعد عن الخمارة بأكثر من مائة متر، إذن عليهن إقناع صاحب العمارة التي تجاور بائع الخمور بأن يبني مسجدًا في الجراج الملحق ببنايته ولكن كيف ذلك والمال على الإنسان عزيز؟ وبدأت المفاوضات والدعاء.

خطوات عملية

وكانت المفاجأة التي أهداها الله لهن... فقد قرر صاحب البناية بالفعل تحويل جراجه إلى مسجد.. وبدأ الخطوات العملية لتحقيق ذلك. وكان معه فريق آخر من جند الله الذين لا يعلمهم إلا هو كانوا يعملون على تغيير هذا المنكر.. وكان أمرًا رائعًا، ففي خلال ثلاثة أشهر كان المسجد قد تم بناؤه وفي يوم عيد الأضحى والمسلمون يهللون: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. لا إله إلا الله.. كان محل الخمور قد أغلقت أبوابه وقد كتب عليه: «أغلق بأمر رئيس الحي»، وإن شئنا الدقة قلنا أيضًا: «أغلق بأمر الله ثم أمر رئيس الحي».

 أي فضل وأي نعمة وأي كرم قد أكرم الله به الجميع وتحقق حديث رسول الله ﷺ بعد أن خضع الجميع لتلبية دعوته فأزال الله به الغمة، فكم من الحانات في ديار المسلمين لا بد لها أن تغلق ما دام الأذان يصدح بالتكبير وإعلان الولاء لله ورسوله ﷺ ويدعو العباد إلى الصلاة والفلاح.

 إن أمر التحرك بالقرآن والسنة والإحساس بقدرة الله وهيمنته على كل شيء ما زالت جديدة على كثير من الناس، فبعد أن أغلق الله بفضله أبواب هذه الحانة، فإذا بأخت تطلب أن تقابل الداعية، وبعد اللقاء أخذت تشرح لها مشكلتها وفوجئت الداعية بقول الأخت لها: أرجو أن ترفعي شكواي للرجل الكبير الذي استعنت به في أمر غلق الخمارة، وقد كان هذا الأمر فوق الخيال وحدث.. فما بالك بمشكلتي أنا هذه الصغيرة؟ أرجو أن تذكريني عنده.. ابتسمت الداعية وقالت لها: سمعًا وطاعة، ولكن ألا تودين مقابلته لتخبريه بنفسك بهذه المشكلة؟! تهلل وجه الأخت فرحًا وبشرًا، وقالت: حبًا وكرامة متى نذهب إليه؟ قالت لها الداعية: بل هو موجود الآن.. أقرب إليك من حبل الوريد يجيب دعوة المضطر إذا دعاه. فنحن لم نلجأ إلا لله فسخر لنا العباد، وقد رأيت بأم عينيك قدرته التي تحدثت عنها منذ برهة.. فلتكن ثقتنا قوية بالله فهو ملك السموات والأرض وما بينهما ورب المشارق ورب المغارب لا إله سواه.

ولقد أصبحن جميعًا أكثر تصديقًا وأكثر يقينًا بأن كثيرًا من الأمور والمشاكل التي يتعرضن لها ترجع إلى عدم تحركهن بآيات بالكتاب أو أحاديث الرسول ﷺ أو جهلهن بهما.

وأردفت قائلة: إن أنسى لا أنسى أختًا فاضلة كانت سعيدة في حياتها الزوجية محبة لزوجها وقد امتلأت حياتهما بالود والتراحم نراها دومًا مبتسمة الثغر هانئة البال، وجاءتني في يوم وقد تبدلت هيئتها فوجهها عابس وقد علاه السواد ونفسها مضطربة. ومع دموعها المنهمرة بدأت شكواها وآهاتها. ولم أفهم مما تقول سوى أن زوجها قد قرر الزواج.. وممن سبحان الله من صديقتها الحميمة، قلت لها: أليست هي فلانة التي تذكرينها بكل الخير في كل مجلس تجلسينه ولا يكاد حديث خير تذكرينه إلا وهي معه؟ قالت: نعم هي!!! فقد كنت كثيرًا ما أذكرها له وأذكر محاسنها وأصف له معالمها من حبي وولعي بها حتى تعلق هو بها وبدأ يبحث عمن يدله على أهلها.

 ولم يتردد في التقدم للزواج منها ولم تراع هي صداقتي لها وكأن كل شيء من الحب بيننا كان سرابًا في سراب.

في حقيقة الأمر هالني ما أسمع خاصة وقد تذكرت قولًا للرسول ﷺ يوصينا فيه عليه السلام ويحذرنا نحن نساء الإسلام- حبًا لنا وخوفًا علينا، ولكن وآه من لكن! لم نسمع وإن سمعنا لا نفهم وإن فهمنا لا نطبق.

ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: «لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها»...

قالت: وا حسرتاه، فهذا الحديث مقرر علينا هذا العام في دراسة الشريعة وأحفظه ولكن لماذا لم أستجب؟ وأسرت الندامة، ولكن بعد فوات الأوان، ومضت الأيام سريعة متلاحقة وأصبحت صديقتها هي الزوجة بعد أن أصبحت هي الطليقة..

وقفات ومحطات.. مع أسمائه الشريفة وصفاته الحميدة ﷺ  - وللحبيب أسماء.. «1»

  • 300 اسم للرسول الكريم ذكر بعضها في القرآن

    إيمان مغازي الشرقاوي

عفوًا إن تجاوزت قدري فتحدثت عنه.. إذ كيف تجرؤ النفس الآثمة أن تتحدث عن الطُهر والكمال! وهل تستطيع الأرض مهما بلغت أن تطاول عنان السماء؟.. وأنى لترابها الميت أن يكون كغيث الحياة؟.. إنما أردت فقط أن يطهر لساني المذنب بذكره الطاهر، وأن يحيا قلبي الغافل حين يعرف سجاياه، وأن تتشوق الروح للقياه متى ذكرت فضائله، وتأنس النفس بسيرته وكأنها تراه، فتحن له وتشتاق، وتتأسى به سعيًا للفكاك.

ومعذرة إن تعديت منزلتي فكتبت عنه.. أو تطاولت بعنقي فنظرت إليه.. فإنما هو نظر للعلم، ومعرفة للطريق، واسترشاد بالنور للوصول إلى الغاية المنشودة، والفوز بالنعمة العظيمة.. نعمة الإحياء وذلك بعد أن أحيا الله به الموات، كما تحيا الأرض الميتة بغيث السماء فتهتز وتربو، ويشتد عودها، فتخرج طيب الثمرات..

وقفات ومحطات

مع الهادي البشير.. والنبي المعصوم- ﷺ- لنا وقفات طيبات، ومحطات متعاقبات.. مع أسمائه الشريفة وصفاته الحميدة كما علمنا إياها عليه الصلاة والسلام، نقف فيها مع سيدي وسيد العالمين.. أشرف الخلق والمرسلين.. سيدنا محمد بن عبد الله.. رسول الله ﷺ... القائل: «أنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر» الترمذي.

إن كنا حقًا نحبه..

تعالوا بنا نتعرف على أسماء رسولنا- ﷺ- إن كنا حقًا نحبه، وهل يجهل الحبيب حبيبه أو ينساه فيغفل عن ذكره واتباع خطاه؟! لا شك أن من هذا حاله إنما يؤكد ضعف إبصاره وعدم إخلاصه في ذلك الحب المزعوم، بعد أن فترت همته فانطفأت معها جذوة الحب التي تدفئ حرارتها قلوب المحبين ليصير بعدها بلا قلب، وإن توهم وادعى خلاف ذلك.

إن المحب لا يفتأ يذكر اسم حبيبه ليل نهار، لا يمل من تكرار، ولا ييأس من طول انتظار، فتجده واقفًا على باب معرفته يطرقه بصبر وإصرار، يطلب بذلك مادة الحياة والإبصار، وهو مع هذا الجهد المبذول يجد في حبه لذة تفوق كل اللذات. وإشباعًا لما تحتاجه الذات، وإمدادًا لروحه بالزاد.. فيتحول إلى إنسان غير الذي كان متبعًا لا مبتدعًا عاملًا مخلصًا، لا كسولًا مسوفًا، يحب ويكره تبعًا لحبيبه، ويعطي ويمنع بأمر حبيبه، شعاره في ذلك: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» (متفق عليه)..

 كل همه ومبتغاه رضا حبيبه عنه، والقرب منه، وكما قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران: 31).

 فإذا سمعت أيها المحب اسم حبيبك- ﷺ- فتخيل أنك تراه.. وإذا طرق سمعك ذكره فتذكر جميل سجاياه، تنفعك الذكرى وتتهيأ نفسك للتأسي وحسن الاقتداء فتحقق المحبة وتفوز بالرضوان، وهذا غاية ما نرجوه ونتمناه.

أسماء النبي ﷺ

هناك أسماء اختص بها النبي ﷺ وأسماء أخرى ذكرت في القرآن الكريم، أو ذكرها النبي ﷺ لأصحابه وعرفنا إياها.

فعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: «لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب، والعاقب الذي ليس بعده نبي» (رواه البخاري).

 قال الحافظ: والذي يظهر أنه أراد أن لي خمسة أسماء أختص بها لم يسم بها أحد قبلي، أو معظمة أو مشهورة في الأمم السابقة لأنه أراد الحصر فيها.

وقال عياض: حمى الله هذه الأسماء أن يسمى بها أحد قبله، وإنما تسمى بعض العرب محمدًا قرب ميلاده، لما سمعوا من الكهان والأحبار أن نبيًا سيبعث في هذا الزمان يسمى محمدًا، فرجوا أن يكونوا هو فسموا أبناءهم بذلك.

وجاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: سمى لنا رسول الله ﷺ نفسه فقال: «أنا محمد، وأحمد والمقفى والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة» (مسلم).

٣٠٠ اسم

وأسماء النبي ﷺ ليست محصورة في الحديث المذكور، وإنما هي أكثر من ذلك، كما قال دحية في تصنيف له مفرد في الأسماء النبوية: قال بعضهم: أسماء النبي ﷺ عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعون اسمًا. قال: ولو بحث عنها باحث لبلغت ثلاثمائة اسم.

ومما وقع بالاتفاق من أسمائه في القرآن «الشاهد، والمبشر، النذير المبين، الداعي إلى الله، السراج المنير». وفيه أيضًا: «المذكر، والرحمة، والنعمة، والهادي، والشهيد، والأمين، والمزمل، المدثر»

 ومن أسمائه المشهورة: «المختار، والمصطفى، والشفيع، والمشفع، والصادق، المصدوق».

كما يطلق عليه ﷺ: الضحوك، والمتوكل، والفاتح، والأمين، والخاتم، والمصطفى، والنبي، والرسول، والأمي، والفاتح، وقثم «أي المجتمع الخلق الجموع للخير».

إستلهام العبرة

وفي كل حلقة من الحلقات التالية من هذه السلسلة- إن شاء الله- سنكون على موعد مع اسم من أسماء الحبيب ﷺ، لنعلم أن للحبيب أسماء.. نتنسم من خلالها عبير النبوة الزكي وعبقها الطيب، ونستلهم منها العبرة، ونتعرف من خلالها على أفضل الخلق أجمعين عليه الصلاة والسلام، وقد ارتقى في شخصه الكريم كما ارتقى في أسمائه المختارة وصفاته الحميدة، وأخلاقه الكاملة، وجسده الطاهر، فلم يدانه في الفضل والمنزلة أحد- بأبي هو وأمي- ﷺ...

 كيف ترقى رقيك الأنبـــيـــــاء

                                    يا سماء ما طاولتها سمــــاء!

 لم يساووك في علاك وقد

                                       حال سنا منك دونهم وسناء.

خصائص رسالة الرسول ﷺ

ونعني بها تلك الخصائص التي ميز الله بها رسالة محمد ﷺ، وأفردها بها عن غيرها من الرسالات.

- ويأتي على رأس هذه الخصائص..

القرآن الكريم: فقد كانت معجزة القرآن الكريم على رأس خصائص رسالة الإسلام التي أكرم الله بها نبيه ﷺ قال تعالي: (وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الشورى: 52). وقال ﷺ: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله أمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة» رواه البخاري ومسلم.

- وإذا كان القرآن الكريم في مقدمة خصائص الرسالة التي أكرم الله بها رسوله الله ﷺ، فإن حفظ الله سبحانه لهذا الكتاب من التبديل والتحريف خصوصية أخرى لهذه الرسالة. فقد أخبر سبحانه بأنه تولى وتعهد بنفسه حفظ القرآن، قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر:9).

في حين أن الكتب السماوية الأخرى لم يتعهد سبحانه بنفسه أمر حفظها، بل ترك ذلك إلى أهلها.

- ومن خصائصه رسالة الإسلام ورسوله ﷺ ذكرهما في الكتب السابقة، والتبشير بقدوم النبي ﷺ. قال تعالى مخبرًا عن ذلك: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) (الأعراف: 157).

- ومن خصائص رسالته ﷺ أنها رسالة عامة للناس، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ (سبأ: ۲۸). في حين كانت رسالات الأنبياء السابقين خاصة بأقوامهم، كما أخبر عن ذلك قوله ﷺ: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» رواه البخاري ومسلم. 

وقد أخبر ﷺ أنه اختص بكثرة الأتباع، وكثرة المؤمنين برسالته، في حين أن الأنبياء السابقين لم يؤمن بهم إلا القليل من الأتباع، ولم يصدقهم إلا القليل من الأنصار.

وقد ثبت أن بعض الصحابة رضي الله عنهم طلب من الرسول ﷺ أن يدعو على المشركين، فأجابهم قائلًا: «إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة» رواه مسلم. 

وأخبر أيضًا أنه جاء رحمة وهداية للناس أجمعين، لا كما يصفه بعض الظالمين بالقسوة والإرهاب وكان شعاره الذي رفعه عبر سنوات جهاده: «إنما أنا رحمة مهداة» رواه الدارمي وغيره.

وأخيرًا، فإن من خصائص رسالته ﷺ أنه خاتم النبيين وآخر المرسلين، فلا نبي بعده، فيه ختم الله الرسالات السماوية، وبشرعه أتم الله دينه قال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ ﴾ (الأحزاب: ٤٠)، وجاء في الحديث: «وختم بي النبيون» رواه مسلم.

هذه جملة من خصائص الرسالة التي اختص الله بها رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام، وهي ولا شك تبين مكانة هذا الرسول الكريم بين الرسل وتبين كذلك منزلة شريعة الإسلام بين الشرائع السماوية، وهي في الوقت نفسه تلقي مزيدًا من الضوء على قوله تعالي: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ (المائدة: ٣).

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل