; واشنطن تدرس سيناريوهات الإطاحة بصدام حسين | مجلة المجتمع

العنوان واشنطن تدرس سيناريوهات الإطاحة بصدام حسين

الكاتب د. رشا الدسوقي

تاريخ النشر الثلاثاء 03-مارس-1998

مشاهدات 46

نشر في العدد 1291

نشر في الصفحة 31

الثلاثاء 03-مارس-1998

اجتمعت اللجنة الثانوية للعلاقات الخارجية الخاصة بالشرق الأدنى وجنوب آسيا الكونجرس يوم الثاني من مارس الجاري لمناقشة خطة التخلص من الرئيس العراقي صدام حسين وقد دعت اللجنة كلًا من أحمد شلبي رئيس المجلس القومي العراقي، وجيمز وازي، مدير المخابرات الأمريكية المركزية سابقًا «١٩٩٣٠ – 1995م» وزلي خليلزاد، مدير البرنامج الاستراتيجي للمؤسسة رائد، وريتشارد هاس من معهد بروكينج للدراسات الخارجية لعرض الوسائل المختلفة لتنفيذ تلك الخطة، ومازالت جميعها تحت الدراسة والتمحيص لاختيار أحسنها.

وقد تقدم شلبي بخطة تنفذ على مرحلتين أو من خلال خطوتين إحداهما عملية والأخرى سياسية، وإن كانتا متداخلتين، والخطوة الأولى هي عمل مظلة عسكرية لحماية الأكراد، وقد عرض شلبي لتاريخ تقاعس الولايات المتحدة في حل المشكلة الكردية شمال العراق، واستند إلى خطاب كان قد أرسله نائب الرئيس الأمريكي عام ١٩٩٣م يؤكد التزام دولته بعد هجمات الرئيس العراقي، والخطوة الثانية هي تشكيل حكومة عراقية جديدة في المنفى تمثل الشعب العراقي بدلًا من الحكومة الحالية، وأن تورد لهذه الحكومة عوائد النفط المصدر من العراق والذي تتلقاه مقابل الغذاء المستورد، كما طالب بإدانة صدام دوليًا وإعطائه لقب مجرم حرب.

 ومن أجل تنفيذ الخطوة الثانية لابد من تصعيد الحملات الإعلامية لبيان حقيقة صدام للشعب العرقي، بينما يحاصر من الشمال والجنوب بفرض الحظر الجوي عليه ليخسر المنافذ البحرية المستخدمة لتصدير النفط وبهذا سيشك من حوله في قدرته على القيادة وتنفيذ برنامج «النفط مقابل الغذاء» وطالب شلبي أمريكا بتنفيذ تلك الخطوات دون شرذمة الشعب العراقي بين سنة وشيعة وأكراد.

 ثم عرض جيمز ولزي الأهمية منطقة الخليج التي تحوي ٨٠% من احتياطي النفط في العالم بينما المخزون الباقي يقع قريبًا منها في بحر قزوين، وأوضح أن أهمية العراق تكمن في تشكيله خطرًا على المنطقة باقتناء أسلحة الدمار الشامل، وأيد ولزي تقديم صدام للمحكمة دولية وتجريمه والاعتراف بحكومة بديلة، كما أيد حماية شمال العراق وجنوبه، ومنع تسريب النفط من هذين المنفذين، وطالب باتخاذ سياسة حاسمة، والتهديد بقصف بغداد وبتدمير الدفاع الجوي العراقي وتحطيم البنية التحتية والحرس الجمهوري وحث على قصف الأماكن التي تخفي فيها أسلحة الدمار الشامل بالصواريخ إذا ما أخل صدام باتفاقية التفتيش مع الأمم المتحدة، كما طالب بتحويل جميع الأموال المجمدة وتكريسها لتمويل العمليات الحربية الحماية المعارضة، وأيد رفع الحظر الاقتصادي حيثما أمكن، وأكد أنه بما أن المخابرات المركزية تدير محطة الإذاعة الأوروبية المسماة Radio Free Europe فإنها ستتولى الحملات الإعلامية الموجهة للشعب العراقي ضد صدام.

وقام وازي بعرض عدة محاذير أهمها عدم الانخداع بالاتفاق الحالي بين صدام والأمم المتحدة، وعدم القيام بإشراك القوات البرية في حالة الغزو المحتمل، وعدم التجهيز لعملية اغتيال صدام أو إحداث انقلاب وذلك لفقدان قاعدة إمداد كالتي وجدت في باكستان أثناء حرب أفغانستان كما أن اغتيال صدام يخل بالدستور الأمريكي ويجدي فقط وقت الحروب، وضرب مثلًا لعدم القدرة على تنفيذ أي عملية مماثلة حتى في وقت الحرب بمحاولة اغتيال هتلر في الحرب العالمية الثانية، وكاسترو عام ١٩٦٠م، وبذلك حبذ خطة الإطاحة التدريجية بصدام عن طريق الترويج للديمقراطية، وختم حديثه بأن ذلك قد يستغرق سنين طويلة، وحين سئل عن إمكانية تصدير حكومة المنفى للنفط العراقي، أجاب أن ذلك سيحتاج إلى عملية إصلاح ضخمة سريعة ومكثفة للبنية التحتية شمالًا وجنوبًا، وذلك بمعاونة الأتراك.

 أما خليلزاد فقد أيد بقوة عدم غزو العراق بريًا وبحريًا للإطاحة بصدام من خلال عملية عسكرية شاملة واستبعد خطة إحداث انقلاب بسبب قوات الحماية المحيطة بصدام والتي تقدر بعشرات الآلاف من العسكريين والمدنيين كما عزا فشل المحاولات السابقة إلى تحركات صدام السريعة واستخدام الأشياء لتفادي قتله، وقد شكلت تحركاته صعوبات جمة في الماضي فلم يتمكن أحد من تحديد موقعه مباشرة قبل شن حملات القصف المتوالية عليه، وشكك خليلزاد في ضمان ولاء النظام البديل المنبثق عن الانقلاب وأيد تفعيل حركة ديمقراطية داخلية واحتواء كبار الضباط العسكريين لتشكيل معارضة ناجحة، كما حدث عام ١٩٩١م، والتي كان من الممكن استخدامها في ذلك الوقت لشل حركة الطيران العراقي بأكمله.

ويستند اعتراض خلیلزاد على إحداث انقلاب إلى فشل أمريكا السابق منذ حرب الخليج، وقد تكبدت الملايين التي أنفقت على الإعلام والدعاية المضادة لصدام، كما أن المعارضة الكردية لم تحظ بالمساندة العسكرية الملائمة ولم تتمكن أمريكا من إقناع تركيا والكويت والأردن بأن حماية المعارضة في مصلحتهم، وقد أدت تلك المحاولات غير الكاملة من قبل أمريكا في زعمه إلى موت المئات من الأكراد وترحيل المئات وطالب خلیلزاد بشن حملة إعلامية لكسب ثقة الشعب العراقي وإقناعه بصدق نوايا أمريكا في الإطاحة بصدام مرة أخرى بعد المحاولة الفاشلة السابقة. 

كما أنه لابد لأمريكا من تشجيع العرب والأكراد على المقاومة الداخلية وامتدادها إلى الغرب القبلي، ولابد لها أيضًا من الدعم العسكري والسياسي والإعلامي واحتواء المنطقة المحيطة وحماية حكومة المستقبل داخل العراق.

أما ريتشارد هاي فقد عرض لخطة احتواء صدام وذلك بعزله ومحاصرته، واستند إلى تجارب الاحتواء العملية أثناء الحرب الباردة، وفي كوريا والخليج، وأوضح هاس أن الشعب الأمريكي والشعوب العربية سترفض بشدة منطق إحداث انقلاب واستبدال النظام الكائن بآخر جديد، ولن يقبل أحد أن تصبح هذه السياسة مثلًا يقتدى به دوليًا، كما أنه ليس هناك أي ضمانات لمساندة القطاعات العراقية المعارضة، وكي تنجح سياسة الاحتواء لابد من الحصول على المساندة العربية كما أنه لابد من تجميد أرصدة النفط ورصدها الحماية المفتشين ومنع استخدام الأموال لاستيراد السلاح.

وتحدث هاس عن أهمية تنشيط عملية التسوية في الشرق الأوسط ورأى أنها من أخطر العوامل التي تحدد نتائج تلك الأزمة وأنه أيضًا لابد من العمل على توسيع دائرة الأحلاف الدولية مثل حلف الناتو، وإيجاد طرق جديدة للحظر الاقتصادي وحين سئل ماس عن تجميد الأرصدة المالية مقابل النفط وما إذا كان ذلك سيزيل الحافز لالتزام صدام بتنفيذ اتفاقياته، أجاب بأن صدام لابد من أن يعطي قائمة تحدد مجالات إنفاق دخله من عائد النفط وسوف يوافق عليها دون مقاومة بما أنه وافق على غيرها من الاتفاقيات الضعيفة بعد محاصرته وعزله.

 وحين سئل عن مدى نجاح الحملات الإعلامية في إثارة الشعب أجاب هاس بأن ذلك لابد من أن يتم عن طريق الإذاعة المحلية، ولابد من التفكير الدقيق في الرسالة المقدمة للشعب والتي من شأنها إحداث انتفاضة شعبية، ولكن قد يستخدم صدام ذلك في كسب عاطفة شعبه وفك الحصار المضروب عليه وهنا أضاف وازي أن الولايات المتحدة لابد لها من العمل على البث المباشر داخل العراق عن طريق الموجات الإذاعية القصيرة. 

الرابط المختصر :