; وجاءت سكرة الموت | مجلة المجتمع

العنوان وجاءت سكرة الموت

الكاتب أم عدي

تاريخ النشر الثلاثاء 20-يونيو-1978

مشاهدات 20

نشر في العدد 400

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 20-يونيو-1978

الأسرة

إشراف: بدرية العزاز

شعارنا

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النحل: 97)

وجاءت سكرة الموت

كنت ذاهبة لتقديم العزاء فإذا بي أجد شقيقة المتوفاة تنوح وتبكي، وتندب حظها، وتتفوه بكلمات تنم عن جهلها بحكمة الله وتدبيره، كانت هناك محاولات من بعض الحاضرات لتهدئتها فتقابلها هستيريا من البكاء والتشنج شعرت معها بأن تلك الفتاة قد فقدت ثقتها بالحياة الدنيا ولم تعد تهزها، أو تجذبها إليها، وقلت في نفسي هل سيتضح مفهوم الدنيا لها فتعرض عنها ولا تعاملها إلا بمقتضى قدرها؟ أم سيكون ذلك مجرد عابر سيئ مر في حياتها استطاعت الأيام أن تحثو التراب عليه فتغمره فتعود إلى ما هي عليه من انغماس واغترار بالدنيا وزخرفها؟

ظاهرة كثيرًا ما تتكرر والجميع يلمس أبعادها، فيحدث أختي المسلمة أن تذهبي إلى إحدى الأسر لحمل التعازي والمواساة في فقيدهم فلا تجد إلا الولولة والنياح، وقد يصل الأمر إلى درجة إبداء الاعتراض، ورفض الواقع بما فيه ويستمر هذا الحال لمدة وجيزة ثم ينتهي إلا من فترات تنساب فيها قطرات الدمع ليأتي لهو ما فيمسحها، ولكن هل للموعظة والعبرة من سبيل؟ -ماذا وراء الموت؟ 

ماذا حملت معي استعدادًا لهذا الموقف هل كان سعيي من أجل الله تبارك وتعالى أم من أجل نفسي؟ -الموعظة قد لا ينتفع بها الجميع فنجد هذه المرأة التي كانت منذ أيام تنوح وتبكي وتحارب الدنيا بما فيها تخرج سافرة متعطرة متبرجة كأن لم يكن هناك من يحزنها ويضيق عليها حياتها فترتاد السينما وتلهو في النادي ويحلو لها الطعام في أحد المطاعم أو الفنادق وتستمر بها الحياة إلى أن يأتي قوله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾ (ق: 19)

فالمتمعن معنا في هذا الموضوع سوف يستنتج أن وفاة عزيز تأخذ عند كثير من الناس خطًا مخالفًا لما أراده الله عز وجل فالموت يحل ثم يتبعه اعتراض وعدم رضى بما حل ثم ينتهي إلى التسليم بالأمر الواقع ومن ثم العودة إلى ما نهوا عنه.

ولكن الله جل وعلا يرى من وراء تلك المصائب إيقاظ القلوب من غفلتها وإزالة الحجب عنها وكشف الحقيقة الحتمية لها. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم -يقول: تذكروا هادم اللذات ومفرق الجماعات. ويقصد به الموت.

فالعزيز الجبار أراد من الموت، ومفاجأة البشر به غاية أبعد مما يعتقد أو يظنه كثير من الناس، ولكن هؤلاء البعض جهلوا هذه الغاية بسبب انغماسهم بملذات الدنيا وشهواتها يقول تعالى: ﴿كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (المطففين: 14)

فالله يقصد بالموت تنبيه البشر لمصائرهم ليعملوا بموجب هذا المصير وبمقتضاه، فالكل يعلم أن نهاية المطاف في هذه الحياة الدنيا ترك الحياة بما رحبت، والموت في حكم الإسلام جرس إنذار لأخذ الحيطة والحماية من ابتلاء أعظم منه وأفدح فكأنه يقول قم أيها النائم فما عاد ينفعك نومك، واصح أيها الغافل فلم تعد تجديك غفلتك، قم وابن لنفسك صرحا تجعله لك وجاء من العذاب المقيم.

اللهم مالك الملك تخلق عبادك ولا تذرهم ضائعين تائهين، بل توجههم إلى صراطك المستقيم بكتبك ورسلك الأكرمين وتحذرهم من ويل عظيم وترشدهم إلى حيث جنة النعيم.

-اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين اللهم آمين.

أم عدي

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

بستان المجتمع

نشر في العدد 2109

32

السبت 01-يوليو-2017

آراء حرة (العدد 53)

نشر في العدد 53

19

الثلاثاء 30-مارس-1971

هذه دنياكم أيها السادة

نشر في العدد 400

19

الثلاثاء 20-يونيو-1978