العنوان وفاة المستشار الدكتور علي جريشة.. بعد حياة حافلة بالعطاء والجهاد
الكاتب جمال الشرقاوي
تاريخ النشر السبت 07-مايو-2011
مشاهدات 31
نشر في العدد 1951
نشر في الصفحة 46
السبت 07-مايو-2011
د. محمد عمارة: الراحل كان كتيبة فكرية مجاهدة في سبيل عودة الشريعة الإسلامية للحكم
فقدت الأمة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين والفكر الإسلامي علماً بارزاً من أعلام الأمة ومفكريها ودعاتها: هو المستشار الدكتور علي جريشة، بعد حياة حافلة بالعطاء والجهاد وخدمة الإسلام، قاضياً وفقيها ومفكراً إسلامياً كبيراً، وأستاذاً للشريعة الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، حيث وافته المنية بدولة اليمن يوم ٢٧ أبريل الماضي ودفن فيها.
كان ميلاد الراحل الجليل - يرحمه الله في إحدى قرى ديرب نجم، بمحافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية عام ١٩٣٥م، وتعرف مبكراً على دعوة الإخوان المسلمين، وانتقل إلى القاهرة ليدرس الثانوية العامة نظام ال5 سنوات، ثم تخرج في كلية الحقوق ليعين وكيلا للنائب العام في السويس، وعمل بمجلس الدولة لمدة ٤سنوات.
واعتقل في السجن الحربي لمدة ٨ سنوات ما بين ١٩٦٥م و ١٩٧٣م، وهي الفترة التي يُطلق عليها البعثة، ليسافر بعدها إلى السعودية، ليعمل أستاذاً للشريعة الإسلامية: حيث كانت السعودية محطة انطلاق له ليجوب أكثر بلاد العالم، وعلى رأسها أمريكا التي له فيها ذكريات رمضانية، أبرزها إلقاؤه خطبة باللغة الإنجليزية في أول جمعة لشهر رمضان في مسجد الأمم المتحدة بنيويورك. وتعرض الراحل الجليل لعسف الأنظمة المستبدة وظلم الطغاة، وحكم عليه في قضية تنظيم "٦٥" بـ 12 سنة، وكان عمره حينها ٣٠ عاما، وكان يعمل نائبا بمجلس الدولة.
مؤلفاته
من مؤلفاته: الإعلام والدعوة الإسلامية» و«الإيمان الحق، والمبادئ الخمسة» و«الاتجاهات الفكرية المعاصرة وأساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي ومنهج التفكير الإسلامي»، و«الأساليب التبشيرية في العصر الحديث».
كتيبة فكرية
وأجمع مفكرون وعلماء على أن مصاب الأمة كبير في وفاة المستشار علي جريشة بعد حياة حافلة بالعطاء والدفاع عن الفكر الإسلامي ضد الغزو الفكري الغربي للأمة العربية والإسلامية، مؤكدين أهمية اقتفاء أثره والاهتمام بإنتاجه الفكري وإحياء ذكراه دائماً، ومواقفه في مواجهة الاستبداد والباطل.
وأكد المفكر الكبير د. محمد عمارة، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الفقيد - يرحمه الله - كان كتيبة فكرية مجاهدة في سبيل عودة الشريعة الإسلامية، لتكون القانون الحاكم في مصر والعالم العربي والإسلامي.
وأوضح أن الفقيد أمضى حياته مجاهداً على ثغور الفكر الإسلامي بالقلم واللسان والموقف، وكان صاحب قضية ورسالة عاش من أجلها كريما، ولقي الله بها سعيدا، رحمه الله رحمة واسعة وعوض الأمة الإسلامية عنه خيرا.
وقال المستشار طارق البشري المفكر الإسلامي، ونائب رئيس مجلس الدولة الأسبق: إن المستشار علي جريشة - يرحمه الله - كان زميلا لنا في مجلس الدولة مشهوداً له بالكفاءة والاستقامة، وكنا نعتز به جميعا.
وأضاف خسرت الأمة رجلاً عزيزاً وقاضياً جليلاً ومفكراً وعالماً، يشرف العالم بعلمه وفكره حيث تميز بدماثة خلقه وحصافة رأيه وعلمه الوفير، والتقوى الربانية والحجة الواضحة، والمنطق الحكيم. وأكد د. عبدالرحمن البر، عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، أن المستشار علي جريشة سلسلة من الجهد والجهاد المتواصل في سبيل رفعة الدين وخدمة الدعوة الكريمة، سواء في ساحات العلم أو ساحات القضاء.
وأوضح أن الفقيد قدم عدداً كبيراً من المؤلفات والكتب الكثيرة التي حملت على عاتقها الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية والشأن العام والتصدي للغزو الفكري الغربي لها، مؤكداً أن الفقيد خاض معارك كثيرة ضد خصوم الشريعة ودافع عنها دفاعاً قوياً.
وأضاف: إن الفقيد ظل طوال حياته لا يتوانى عن الوقوف بجانب قضايا الأمة وحقوقها داخل مصر وخارجها؛ حيث التقى به في المنصورة عدة مرات، شهد خلالها أدبه الشديد، وتواضعه الجم وفكاهة روحه، رغم أستاذيته ونبوغه.
وشدد على أن الفقيد كان يجوب البلاد للتحذير من الغزو الفكري ما دفع الأزهر الشريف إلى تدريس كتبه ومؤلفاته بالكليات الشرعية وخاصة كتاب الغزو الفكري الذي تميز فيه بالحجة القوية الدحض أباطيل المعتدين.
وقال د. عبد الحي الفرماوي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن، ووكيل كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة سابقاً: أول ما عرفته في مصر، وتوثقت علاقتي به في المدينة المنورة، ثم توثقت أكثر خلال وجودي معه باليمن، وكنت أقرأ له وأتتلمذ على كتبه. وأضاف: كان الفقيد فارساً مجاهداً عظيما في حياته، رغم الطغاة مرشداً إلى الخير، وقال كلمة الحق في وقت ما كان أحد يستطيع قولها، وأوذي في سبيل الله، وفي آخر ليلة من حياته، بشهادة ذويه أعلن مسامحته لكل من ظلموه من الطغاة وغيرهم، قائلا: «سامحت جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك، على ظلمهم لي»، وهذا يدل على نفسه الصافية والمشرقة والطيبة.
وتابع: إن الفقيد قبيل ارتقاء روحه لباريها في اللحظات الأخيرة ظل ينطق الشهادتين، وأحسب أنه من سكان الأعلى، والله حسيبه، مؤكداً أن الفردوس الفقيد طلب منه مشاركته في إعداد كتاب لتفسير القرآن الكريم برؤية جديدة، ولكن لم يمهله القدر. وأوضح أنه التقى الفقيد - يرحمه الله - في اليمن بأحد المؤتمرات، وكان جوادا بالخير، مطاوعا لإخوانه وأحبابه، كريم الخلق طيب النفس، كان يدعوني وإخوانه لزيارته في منزله باليمن ومصر. وكان يسعدنا بجوده وحديثه العذب رحمه الله تعالى، وأسكنه الفردوس الأعلى، والحقنا به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل