; وقفة.. مع آيات من كتاب الله - دین الحق.. وظهوره علی الدین کله | مجلة المجتمع

العنوان وقفة.. مع آيات من كتاب الله - دین الحق.. وظهوره علی الدین کله

الكاتب الدكتور مصطفى عبد الواحد

تاريخ النشر الثلاثاء 12-مارس-1974

مشاهدات 47

نشر في العدد 191

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 12-مارس-1974

وقفة.. مع آيات من كتاب الله

دین الحق.. وظهوره علی الدین کله

بقلم الدكتور مصطفى عبد الواحد

كلية الشريعة- قسم اللغة العربية- مكة المكرمة

الدكتور مصطفى هو المشرف المسؤول على الزميلة مجلة «التضامن الإسلامي» التي تصدرها وزارة الحج والأوقاف بالمملكة العربية السعودية.

ويسر «المجتمع» أن يزدهر التعاون الإسلامي بين العاملين للإسلام في هذا الحقل.

إن اختيار الموضوع الأنسب في هذا اللقاء الكريم.. لما يمثل عناء بالنسبة للمتحدث.. إذ لا يدري ماذا يأخذ وماذا يدع من هذا الفيض من الخواطر المتداعية والأفكار المتجمعة.. هل يتحدث عن الماضي المجيد بمثله وقيمه وروائعه.. أم يتناول الحاضر ومشكلاته.. بما فيها من أمل وتفاؤل وبقدر ما ينبغي لها من عزم وإصلاح ..

أم يصبو إلى التطلع نحو المستقبل المرتجى لهذه الأمة التي قاومت المحن.. وثبتت في اختبار الفتن، والتي بشرها الرسول الكريم بهذه البشرى التي تجلب إلى القلوب الثقة وتبعث في النفوس الأمل والرجاء، في قوله- صلى الله عليه وسلم-:«ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»..

 أقول: هذه هي الآفاق التي تتجاذب المتحدث إلى إخوانه المسلمين في رحاب هذا اللقاء الكريم.. وهي الآفاق التي تحد الحياة الإنسانية في كل أجيالها، وهي أبدًا تتوارد على الأذهان، ويستاثر بعضها بالاهتمام، وقد يطغى على البعض الآخر.. لكن الحل الأمثل أن يأخذ كل منها مكانه، وأن يقوم بدوره في الانتقال بالإنسانية من حال إلى حال.. وفي انتشالها من وهدة اليأس.. أو استنقاذها من مهاوي الردى والعثار.

فلا ينبغي أن يطغى الماضي بذكرياته وأمجاده على الحاضر ومشكلاته، بمعنى أن ترديد مفاخر الماضي فحسب لا يغني عن مجابهة أخطار الحاضر، والتصدي لعداوات أهل الباطل..

كذلك فإن إغفال التاريخ وقطع علائق الماضي المجيد والغفلة عن عبر الأمس

البعيد.. لا ينبغي لأمة ذات تراث عريق ونسب في المجد قديم، كهذه الأمة المسلمة..

بل ينبغي أن نأخذ من الماضي ما يصلح عبرة للحاضر، وما يزودنا بالأمل في المستقبل.

كنت أعيش في هذه الخواطر باحثًا عن معنى يصلح للحديث في هذا اللقاء..

أحاول الترجيح بين موضوع وآخر حتى حسم الأمر حين سمعت آيتين من كتاب الله سبحانه يتلوهما قارئ شجي الصوت خاشع الأداء عقب صلاة الجمعة بالمسجد الحرام..

فأضاءت لي حين سمعتهما هذه الومضات التي سارعت إلى تسجيلها بعد اقتناع فكر وانشراح صدر.. أما الآيتان فهما قوله- تبارك وتعالى- في سورة الفتح: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا( الفتح: 28)، ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (الفتح: 29)

فدعونا أيها الإخوة نعش في ظلال هذا الهدى النازل من السماء ودعونا من الألفاظ والمصطلحات المستحدثة والتسميات المقتبسة من الثقافات الدخيلة.. ولنتفق على وضع عنوان لهذه الصورة المثالية الجامعة التي تضمنها هذا الذكر الحكيم، وليكن هذا العنوان:«المثل الأعلى لكل مسلم»، وهو العنوان الذي اخترته لهذا الحديث.

وما أحوجنا إلى أن نبرز هذا المثل الأعلى حتى يكون جليًا واضح التفاصيل في نظر كل مسلم ينضوي تحت راية التوحيد، ويختار الإسلام منهجًا له في الحياة.. ما أحوجنا إلى ذلك حتى نقطع السبيل على الزيغ والجهالة والفتنة التي قد تجعل مسلمًا بعيدًا عن حقيقة دينه يختار له مثلًا أعلى من أفق مادي حقير.. أو من بطولة غربية أو شرقية زائفة.. كما كنا نرى أحيانًا من يتحدث بإعجاب عن هذا أو ذاك من رجال الحضارة الغربية بألوانها المتعددة.. فإذا ذكرت بطولات المسلمين الأولين وإذا صورت نماذج حياتهم المشرقة.. إذا بهذا المسكين يلوي وجهه معرضًا.. لا يجد في نفسه صدى لهذا الحديث بل إن أمير الشعراء في العصر الحديث شوقي حين قال في إحدى قصائده:

الله أكبر كم في الفتح من عجب

 يا خالد الترك، جدد خالد العرب

 تصدى له في هذا الوقت أديب عربي وصف فيما بعد بأنه عميد الأدب العربي، وأخذ يسخر من شوقي الذي ما يزال يستشهد بخالد بن الوليد.. ويغفل عن الأبطال الحربيين في معارك التاريخ الفاصلة..! كان خالدًا في نظر هذا الأديب العميد لا يستحق أن يقرن بهؤلاء الأبطال.. مع أن عبقرية خالد بن الوليد الحربية تسمو فوق كثير من بطولات التاريخ.. ولكنها الفتنة بالتقليد.. والصدود عن حضارة الإسلام، وفي القرآن الكريم:﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (سورة الزمر: 45)

وأبدأ بالتأمل في الآية الأولى وهي قوله تبارك وتعالى:﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا ( الفتح: 28).

فإنها تبدأ القصة من أولها وتؤسس القاعدة المتينة لهذا المثل الأعلى الذي يصوره الكتاب الكريم.. إنها النبوة.. وليست العبقرية.. ولا المواهب البشرية الفائضة. ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ.

لقد أراد الحق- تبارك وتعالى-  للإنسانية الرشاد والهداية والأمن في الدنيا والآخرة؛ فأرسل رسوله.. لم يكن لهذا الرسول الكريم تطلع إلى الرسالة قبل أن يؤتاها.. هذه شهادة القرآن الكريم ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ ( الشورى: 52)، ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ( سورة الضحى: 7)  أي باحثًا عن الحق والإيمان فهداك إليه. ثم هدى الناس بك.. وهذه أيضا حقيقة التاريخ وشواهد البيئة أن محمدًا- صلى الله عليه وسلم- لم يجلس إلى معلم.. ولم يقرأ في كتاب ولم يجادل في مسائل الدين قبل أن يكرمه الله ببعثه إلى الناس كافة..﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ۖ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ( سورة العنكبوت: 48).

والذي نريده من وراء هذا التأمل لتلك الحقيقة أن المثل الأعلى لكل مسلم.. وهو محمد- صلى الله عليه وسلم- والذين كانوا معه على الحق والهدى.. هذا المثل يختلف عن كل مثل أرضي وعن كل بطولة مادية.. بمعنى أنه مثل فذ لا يسمو إلى أفقه مثل آخر مهما كان شأنه ومهما كان الأساس الحضاري الذي يعتمد عليه.. ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ.

تأکید ما بعده تأکید لصدق هذا المثل وأصالته وتفرده.. فالآية تبدأ بالضمير هو.. أي الخلاق العظيم- تبارك وتعالى-، وتخبر عن الضمير باسم الموصول وصلته «الذي أرسل» وتجعل المفعول مشتقًا من الفصل «أرسل» وهو «رسوله»؛ تأكيدا وتثبيتا..

وقد صدق العباس بن عبد المطلب- رضي الله عنه- حين أجاب يوم الفتح أبا سفيان.. حين قال له أبو سفیان: یا عباس، لقد أصبح ملك ابن أخاك عظيمًا.. فقال له العباس: إنها النبوة.. فقال أبو سفیان: هي إذن..!

نعم، إنها النبوة إنها مصدر هذا الخير الذي عم الجزيرة العربية حين أضاءت بنور الله سبحانه بعد أن دخل الناس في دين الله أفواجًا.. وهي أيضًا مصدر هذا الخير الذي عم كثيرًا من الآفاق وانتشر في شرق الأرض وغربها وما يزال يضيء للبشرية طريق الرشاد..

ومن هنا ندرك الخطأ الذي تردى فيه أولئك الذين كتبوا ويكتبون عن محمد-صلى الله عليه وسلم- بوصفه زعيمًا عربيًا أو قائدًا عبقريًا، أو مصلحًا اجتماعيًا.. ويغفلون- أو يتغافلون- عن مدلول هذا القول.. وعن مناقضته الصريحة لنص القرآن.. وحقيقة الإسلام ودلالة التاريخ..

فإذا عرفنا الأساس الذي يقوم عليه مثلنا الأعلى وهو النبوة المؤكدة والرسالة الخاتمة.. فلا بد أن نتأمل مضمون هذا المثل وأن نتدبر في أهدافه وغاياته وهذا ما نراه في هذه الجملة من الآية الكريمة:﴿بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ (سورة التوبة:33). هذا هو المضمون.. وذلك هو محتوى الرسالة.. وحقيقة المثل.. کلمتان جامعتان تندرج تحتهما كل حقيقة.. وكل عقيدة صحيحة.. وكل منهج للحياة كريم.. الهدي ودين الحق.. أوجز عنوان وأجمعه لحقيقة الإسلام الذي بعث به محمد- عليه الصلاة والسلام-.

والهدى هو الدلالة إلى الحق والإيصال لطريق الخير، وهو يأتي في مقابلة الضلال الذي هو الزيغ والحيرة والانحراف والتخبط في المتاهات.. وقد جاءت كلمة الهدى في كتاب الله- سبحانه وتعالى- في أكثر من ثمانين آية، كقوله سبحانه عن القرآن:

﴿ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (سورة البقرة:2).

وقوله عن المؤمنين المتقين:﴿أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (سورة البقرة: 5).

وليست هناك هداية للبشر إلى ما يصلح أمرهم ويقيم على الطريق خطاهم .. إلا من جهة الوحي السماوي الذي أنزله الحق- تبارك وتعالى- على أنبيائه.. قال سبحانه:﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورة البقرة:38).

وقال سبحانه:﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (الأنعام: 71) .

فمحمد- صلى الله عليه وسلم- إنما صار مثلًا أعلى للبشرية الراشدة لأن الحق- تبارك وتعالى- أرسله بالهدى.. وخلصه من الحيرة ونجاه من الضلال فصار دليلًا إلى الصراط المستقيم وهاديًا إلى واحته الطمأنينة والنجاة.. كما قال عنه أحكم الحاكمين:﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (الشورى:52).

فلیس اتباع المسلم لرسوله- صلى الله عليه وسلم- ولا استمساكه بهدیه، ناشئًا عن تقليد أعمى، أو انقياد عاطفي لا عقل وراءه.. بل هو اتباع للهدى الذي بعثه الله به وانقياد للمبادئ التي حمل لواءها، ومن هنا قال القرآن الكريم للبشر جميعا: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (آل عمران:31).

﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ( آل عمران:32).

 ومن هنا فلا يمكن أن يقارن اتباع المسلم لرسوله باتباع آخر لزعيم أو قائد على مر التاريخ..

ولقد شهد بذلك سهيل بن عمرو بعد أن رجع من لقاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلح الحديبية- وكان سهيل إذ ذاك مشركًا- فقال لقومه: ما رأيت أحدًا يحب أحدًا.. كحب أصحاب محمد محمدًا، فهي محبة مبادئ ومثل.. محبة للهداية.. محبة لنور السماء الذي أوتيه خير أهل الأرض..

﴿ الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إلىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (إبراهيم:1)

وهذا الرسول الهادي بإذن ربه.. أوتى دين الحق.. أي الدين الذي هو حق.. وهذا الوصف يحدد أمامنا مجال التأمل الهادئ في دين الإسلام؛ لنقنع به العقول قبل أن نثير العوآطف فأمامنا كلمتان: كلمة الدين.. وكلمة الحق.. وهناك أديان كثيرة عرفتها البشرية منذ فجر التاريخ.. لأن حاجة الإنسان إلى الدين حاجة فطرية وضرورة اجتماعية.. فإن لم يكن هناك اهتداء للدين الحق في بيئة من البيئات.. فإنها تتجه إلى دين من الأديان.. قد تخترعه اختراعًا .. أو تبتدعه ابتداعًا أو تحرفه عن أصله.. أو تبدله عن فطرته.. فالإنسانية في كل عصورها عرفت الدين.. وما زالت تعرفة في كل بيئاتها.. ولكنها لم تعرف الدين الحق.. إلا على ألسنة الأنبياء الكرام فيما بينوه عن ربهم- تبارك وتعالى-..  و بذهاب الأنبياء كانت معالم الأديان تتبدل وتتحول.. حتى بعث محمد- صلى الله عليه وسلم- فجمع الله له في رسالته إلى البشرية حقائق الأديان السماوية جميعًا.. واختصه بحفظ الكتاب الذي أوحى إليه، حتى يظل علم دينه مرفوعًا وسمات فطرته واضحة.. ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر:9).

فمن شاء أن يعرف حقيقة الدين كما يرضاه الحق - تبارك وتعالى- فذلك ميسور أشد اليسر في دين الإسلام، فليس من قبيل العصبية أن نقول للإنسانية جميعا: لاحق إلا في الإسلام.. بل تلك هي الحقيقة الكبرى التي أعلنها القرآن في قوله- تبارك وتعالى-: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ (سورة آل عمران:19).

وقوله سبحانه:﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (سورة آل عمران:85) .

وهنا نشير إلى انحراف بعض من ينتسبون إلى الدعوة الإسلامية في عصرنا حين يرددون نغمة مخادعة ممالئة.. فيقول بعضهم: إن الأديان جميعًا تدعوا إلى كذا وكذا.. وإنه لا فرق بين دين وآخر في الغاية.. وإن اختلفت الوسيلة.. وإن هناك زمالة وتعاونًا بين الأديان المعاصرة في حربها للإلحاد إلى آخر ما نقرأه لبعض الأقلام من هذا الطراز، وأولئك قلة بحمد الله، في أمتنا الإسلامية المعاصرة..

ولكننا ننبه إلى خطأ تلك الفكرة وخطرها.. فإنه لا ينبغي التسوية في أمر الدين بين الحق والباطل.. وإذا كان كتابنا الكريم قد أوضح لنا تلك الحقيقة أجلى ما تكون؛ فلا عذر بعد ذلك لمتزلف أو متملق يحاول بشقشقة اللسان أن يحرف القول عن مواضعه.

محمد- صلى الله عليه وسلم- أرسله ربه- تبارك وتعالى- بالهدى ودين الحق.. في وقت لم يكن فيه للدين الحق على ظهر الأرض وجود..

أتيت.. والناس فوضى لا تمر بهم إلا على صنم.. قد هام في صنم.. وفي قصة إسلام سلمان الفارسي التي رويت في العديد من المصادر الإسلامية الموثوق بها.. نرى كيف هام سلمان على وجهه يبحث عن الدين الحق فلا يجده.. وكلما اتصل بأهل دين من الأديان وجد باطنهم خرابًا.. ووجد الدين عندهم حرفة.. حتى صارحه راهب أشرف على الموت بأنه لا جدوى من التماسه الدين الحق بين أهل الأديان الموجودة قبل البعثة المحمدية جميعًا.. وكان هذا الراهب يقرأ في التوراة والإنجيل البشارة بمحمد- صلى الله عليه وسلم- فأوصى سلمان بأن يخرج إلى أرض العرب.. فقد أوشك ظهور نبي وكان ما بشره به الراهب.

الرابط المختصر :