العنوان ولادة العباقرة المبتكرين
الكاتب د.عبدالحميد البلالي
تاريخ النشر السبت 16-ديسمبر-2006
مشاهدات 17
نشر في العدد 1731
نشر في الصفحة 59

السبت 16-ديسمبر-2006
الابتكار طعم آخر للحياة
تناولنا في الحلقتين السابقتين ٢٤ طريقة من طرق تهيئة بيئة الابتكار، ونتناول في هذه الحلقة أهمية بيئة الابتكار في ولادة العباقرة المبتكرين.
بين الرصافة والجسر
يروى أن الشاعر الفحل علي بن الجهم جاء من الصحراء وحياة البدو، ودخل على الخليفة المتوكل، وأراد مديحه بأبيات شعر، قال فيها:
أنت كالكلب في حفظك للود
وكالتيس في قروع الخطوب
فلم يغضب الخليفة، ولم يعاقبه على ما قال، لأنه بحصافته عرف أن هذا البيت ما كان يقصد منه الشاعر الهجاء ولا الذم، بل كان حقًا يقصد المدح، حيث إنه جاء من بيئة لا ترى مخلوقًا أكثر وفاء من الكلب، ولا مقدامًا عند الخطوب مثل التيس، فأمر أن يخرجوه إلى مدينة الرصافة في بغداد عاصمة الخلافة العباسية، عندما كانت بغداد في أوج مجدها وسؤددها، فعاش فترة من الزمن في تلك الحضارة الراقية، ثم جاء بعدما تشبع بالبيئة الجديدة فأنشد بين يدي الخليفة رائعة من روائع الأدب عندما افتتحها بقوله:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
خليلي ما أحلى الهوى وأمره
أعرفني بالحلو منه وبالمر!
كفى بالهوى شغلًا وبالشيب زاجرًا
لو أن الهوى مما ينهيه بالزجر
بما بيننا من حرمة هل علمتها
أرق من الشكوى وأقسى من الهجر
العقول المهاجرة
إن الظروف القاهرة، والإحباط المتنامي، والتثبيط العام، وانعدام التشجيع ليس على مستوى مؤسسات الدولة، بل حتى في بداية التنشئة، وضعف أو انعدام التقدير للكفاءات، كلها عوامل قاتلة للإبداع، ولهذه العوامل النصيب الأكبر في العالم الإسلامي، مما سبب الكثير من هجرة العقول العربية والإسلامية، وقد جاء في مقالة: «هجرة العقول بين الاستنزاف والاستثمار» في موقع البلاغ، نقلًا عن إحصاءات جامعة الدول العربية، ومنظمة اليونسكو، ومنظمة العمل العربية، وغيرها من المنظمات ذات الاهتمام «أن الوطن العربي يسهم بثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية، أي ما نسبته ۳۱٪، وأن ٥٠٪ من الأطباء، و۲۳٪ من المهندسين و١٥٪ من العلماء يهاجرون متوجهين إلى أوروبا والولايات المتحدة وكندا بوجه خاص، وأن ٥٤٪ من الطلاب العرب الذين يدرسون بالخارج لا يعودون إلى أوطانهم، ويشكل الأطباء العرب العاملون في بريطانيا حوالي ٣٤٪ من مجموع الأطباء العاملين فيها» «1».
إحصاءات الجهاز المصري
و«يقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصريين المتميزين من العقول والكفاءات التي هاجرت للخارج بـ٨٢٤ ألفًا وفقًا لآخر إحصاء صدر عام ٢٠٠٣م، من بينهم نحو ۲٥۰۰ عالم، وتشير الإحصاءات إلى أن مصر قدمت نحو ٦٠٪ من العلماء العرب والمهندسين إلى الولايات المتحدة الأمريكية» «٢».
أهم أسباب الهجرة: وبعد قراءة تلك الدراسة قراءة متأنية وجد أن أغلب الأسباب هذه العقول إلى الهجرة هي:
1- عدم توافر الظروف المادية والاجتماعية التي تؤمن مستوى لائقًا من المعيشة لأصحاب الكفاءات.
2- ضعف الاهتمام بالبحث العلمي وعدم وجود مراكز أبحاث علمية.
3- الاضطهاد وعدم الاستقرار السياسي.
4- سياسات الدول الصناعية في اجتذاب المهارات من مختلف الدول.
5- الريادة العلمية والتكنولوجية للبلدان الجاذبة ومناخ الاستقرار والتقدم الذي تتمتع به تلك البلدان.
6- إتاحة الفرص لأصحاب الخبرة في مجال البحث العلمي في الدول الجاذبة.
7- توفير إمكانيات البحث العلمي في الدول الجاذبة.
8- وجود الجماعات العلمية المحفزة للإبداع العلمي.
9- عوامل الجذب والميزات والمغريات التي تقدمها الدول الجاذبة للمهاجر «۳».
ولادة العباقرة
ولهذه الأسباب ولد العباقرة العرب المسلمون في بيئة الإبداع التي هيئتها الدول الغربية، وبرز عندهم عدد من العلماء والمخترعين أمثال د. زويل، ود. فاروق الباز، ود. مجدي يعقوب، وغيرهم كثير، بينما كان أضعاف أضعاف هذا العدد من العلماء يولدون كل يوم في عالمنا الإسلامي عندما كانت بيئة الابتكار موجودة.
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالصحابـــــي الجليــــل دحيــــــة الكلبـــــي.. ودرس فـــي علــــــم القيـــــــــادة
نشر في العدد 2178
761
السبت 01-أبريل-2023


السفيرة التركية بالكويت عائشة هلال صايان كويتاك لـ"المجتمع": انتقلنا من تركيا التي تتأثر بأي هزة تشهدها إلى تركيا القوية
نشر في العدد 2150
11
الثلاثاء 01-ديسمبر-2020
