العنوان ولد «فال».. و«الفأل» الحسن!
الكاتب شعبان عبد الرحمن
تاريخ النشر السبت 17-مارس-2007
مشاهدات 12
نشر في العدد 1743
نشر في الصفحة 15
السبت 17-مارس-2007
سماؤنا العربية الملبدة بسحابات الدكتاتورية الخانقة.. أحيانًا تفاجئنا ببوارق أمل.. ولكن على فترات متباعدة, وأرضنا التي صارت مشبعة بالكبت والظلم والجبروت حتى جدبت وتصحرت سياسيًا وإبداعيًا.. أحيانًا تفاجئنا بنبتة خضراء تشق الصخر، وتغالب التصحر والجدب.. لتبلغنا رسالة: اطمئنوا.. مازال هناك أمل في الحياة!
أقول هذا الكلام بينما نشاهد من بعيد «بارقة أمل» عند شواطئ المحيط الأطلسي على أرض موريتانيا.. ذلك البلد الصغير الذي وصفه أحد الرؤساء العرب «بأنه شعب قبلي.. لا يعرف شيئًا عن الانتخابات».. لكنه «عرف» ومارس الديمقراطية ونجح فيها.
هناك وفي العسكر بقيادة ولد فال بما قطعوه على أنفسهم– يوم قاموا بانقلابهم «التصحيحي» في 3/8/2005م – بترك السلطة بعد ۱۹ شهرًا وإجراء انتخابات رئاسية حرة.
وقد عاش الشعب الموريتاني يوم الأحد 11/3/2007م يومًا من أندر أيامه؛ حيث تنفس الصعداء بعد طول عناد من الحكم العسكري الدكتاتوري الذي تتابع عليه وكبت على أنفاسه ما يقرب من نصف القرن.. ويبقى أن يكمل ولد فال المهمة بنجاح يوم الخامس والعشرين من مارس لتدخل موريتانيا عصرًا جديدًا من حكم الشعب لنفسه بحق.
ويبقى على المؤسسة العسكرية – ومعها الشعب «صاحب الكلمة الأولى اليوم»– الالتفاف حول ذلك الإنجاز الكبير الذي أنعش الحياة السياسية وأحيا الأمل، ودفع بهواء الحرية النقي إلى شرايين الحياة عامة.. يبقى عليهم أن يلتفوا حول ذلك المولود ليرعوه ويستميتوا في الدفاع عنه حتى ينمو ويكبر، وتكون موريتانيا منارة عند شاطئ الأطلسي بإذن الله.
إن ذلك الإنجاز الكبير لم يتحقق من فراغ، وإنما سبقه تاريخ طويل من التضحيات قدمه أولئك الذين يتنسمون اليوم نسمات الحرية.. قدموه من حرياتهم وقوتهم واستقرارهم.. وإن أقبية السجون والمعتقلات وغرف التحقيق تشهد على ما لحق بهؤلاء, وفي القلب منهم الإسلاميون.. الشيخ محمد الحسن ولد الددو.. الداعية الكبير المحبوب الذي كاد يلقى حتفه في سجون الجنرال معاوية ولد الطايع، ومحمد جميل ولد منصور الذي عاش فترات طويلة من حياته بين سجون العسكر حينًا وسجون الغربة والتشرد أحيانًا.. وغيرهما كثيرون من أبناء موريتانيا الشرفاء.
إن العلاقة بين الحرية والاضطهاد أشبه بمعادلة رياضية.. فلا حرية بلا ثمن.. والثمن اضطهاد بكل ألوانه؛ بدءًا من التضييق حتى دفع الحياة ثمنًا لها.
إن تجربة موريتانيا اليوم.. تحرج أنظمة دكتاتورية في المنطقة، وتجعل الكثير من العسكر الذين يطبقون على رقاب العباد ويجرثمون على أنفاس البلاد منذ سنوات طويلة, تجعلهم يطاطئون رؤوسهم حتى لا ترمق أعينهم ذلك المشهد الجليل، ولن تسعدهم أبدًا تلك التجربة وربما يطيش صواب بعضهم فيحاول العبث هناك!
وهكذا جاءت «بارقة الأمل» هذه المرة من موريتانيا.. بعد طول غياب دام أكثر من عشرين عامًا عندما قام المشير عبد الرحمن سوار الذهب بثورته التصحيحية في السودان في أبريل من عام ١٩٨٥م... يومها وعد الشعب بتسليم السلطة بعد عام، وقد وفي وسلم السلطة لحكومة منتخبة ديمقراطيًا.. وقد قال لي الرجل: «كانت هناك محاولات من البعض لتزيد المدة لكننا أصررنا على ألا نزيد يومًا واحدًا عما تعهدنا به».. يومها كان الحدث فريدًا ومثار إعجاب واحترام الشعوب العربية، بل والعالم.. لكن سحائب الدكتاتورية النكدة واصلت تغطية سماءاتنا عشرين عامًا، حتى جاءت البارقة من موريتانيا.. بعد طول غياب.. ترى هل ننتظر عشرين عامًا أخرى حتى تأتي البارقة.. أم تقصر المدة أم تطول؟!
كلنا أمل في حدوث المفاجأة الكبرى.. أن تطلع الشمس دون غياب.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلتونس.. خطاب «سعيّد» علامة فارقة على طريق الانتقال الديمقراطي
نشر في العدد 2137
8
الجمعة 01-نوفمبر-2019
في أحدث دراسة.. كاتب صهيوني يعري عقيدة المتطرفين اليهودية الدموية: حمير المسيح!
نشر في العدد 1352
11
الثلاثاء 01-يونيو-1999
الموقف الغربي بين ثورتي اليمن وسورية! من يسقط أولًا.. «صالح» أم «الأسد»؟
نشر في العدد 1967
15
السبت 27-أغسطس-2011