; ولنَا مع الدعَاة وقفَة | مجلة المجتمع

العنوان ولنَا مع الدعَاة وقفَة

الكاتب یونس حمدان مطر

تاريخ النشر الثلاثاء 08-أبريل-1975

مشاهدات 23

نشر في العدد 244

نشر في الصفحة 43

الثلاثاء 08-أبريل-1975

روى أبو داود أن معاذ بن جبل كان لا يجلس مجلسًا للذكر إلا قال: «الله حكم قسط! هلك المرتابون! أن وراءكم فتنًا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة، والصغير والكبير والحر والعبد فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى ابتدع لهم غيره» فإياكم وما ابتدع فإنما ابتدع ضلالة وأحذركم زلة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم و يقول المنافق كلمة الحق».

إنما قدمت لحديثي بهذه الكلمة الجليلة لأحذر أخواني الدعــاة من أن تنطبق عليهم هذه الكلمة ولقد شاع في الناس اليوم أقوال باطلة و أحاديث مكذوبة ومن العجيب أن شيوع الحديث المكذوب و القـــول المفترى أكثر من شيوع الحـديث الصحيح ولعله قد يلتمس العذر للدهماء ولكن ما عذر بعض الدعاة الذين إنما راجت الأحاديث الموضوعة بسببهم وبسبب عدم تحريهم الدقة فيما ينسبونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوال أن بعضهم يتحرى الدقة ولكن آخرين منهم يلقون للناس بالأحاديث من غير تثبت ولا روية وأنهم بذلك يجلبون أعظم البلاء على هذه الأمة ويدخلون في الدين ما ليس فيه وينقصون من الدين ما هو فيه وأقسم غير حانث أن أحدهم سئل يومًا عن النصراني يسهم في بنـاء مستشفى فتنحنح وتعالم وقال وبئس ما قال«نعم أنه يدخل الجنة وربما قبل المسلم الذي لا يتصدق» هكذا بلا تدبر وبلا علم يصدر بعضهم الفتاوى وقد كان الإمام مالك رضي الله عنه يقول «من قال لا أدري فقد أفتى».

ومن أمثلة ما يعزونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قولهم «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر» يعنون بذلك جهاد النفس وقولهم  «إياكم وخضراء الدمن قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله قال الفتاة الحسناء تنبت في منابت السوء» وهذه الأحاديث متفق على كذبها وإنها لم تصدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وربما وقف الواحد منهم يعظ الناس بمثل هذه الأحاديث الباطلة ولقد سمعت كثيرًا من الخطباء الواعظين يذكرون الأحاديث بغير إسناد متصل إلـى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنهم إذا أرادوا أن يذكروا حادثة في صحيفة نقلوا لمستمعيهم رقم العدد وتاريخ الصدور ورقم الصفحة والعمود فلم الاستهانة بسنة صلى الله عليه وسلم وهي المصدر الثاني بعد القرآن الكريم ولم لا نهتم بالثبت من صحة ما نروى من هذه السنة المطهرة وهل علم هؤلاء المخاطر والبلايا التي جروها إلى الدين وعلى المسلمين بفضل جهلهم بالسنة أن العامة يقتدون بهم ويأخذون أقوالهـم على أنها حقائق مسلمة فإذا قـال أحدهم حديثًا فإنه ينطبع في ذاكـرة الناس وإذا حاولت أن تقنعه بعدم صحة هذا الحديث أحتج لك بقول فلان وأنه سمعه منه في يوم كذا وإذا أفهمته أن فلانًا هذا لم يستوثق مما ورى رد عليك بفظاظة أو أنت أعلم من فلان هذا فيصعب عليك أن تقف أمام أقواله أو ترد فتياه ومن هنا تدخل الفتن على المسلمين ويدخل مع الفتن تحريف للدين وقد قال ابن الجوزي قال شيخنا أبو الفضل الهمداني «مبتدعة الإسلام والواضعون للأحاديث أشد من الملحدين لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج وهؤلاء قصدوا إفساده من داخل فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله والملحدون كالحاضرين خارج فالدخلاء يفتحون الحصن فهو شر على الإسلام من غير الملابسين له» أ.هـ.

فهل يرضى الدعاة أن يسهموا في مصيبة هذه الأمة وقد علموا أنها قد اجتمعت لها من المصائب ما لا يجتمع لسواها من الأمم أعلم أن الدعاة لا يرضيهم  وهم إن شاء الله أحرص على هذه الأمة وأخلص لدين اللـه ولكنهم في حاجة إلى ما يمكنني أن أسميه نهضة حديثية ومن أجل ذلك أتقدم إلى السيد وزير الأوقاف بهذا الاقتراح «أن تقوم وزارة الأوقاف بتجنيد فريق من العلماء المتخصصين في السنة وأن تنظم لهم لقاءات بالدعاة لتعليمهم السنة وتدريبهم على التمييز بين الحديث الصحيح وغيره وأن يوضع لذلك منهج متكامل يلتزم به الدعاة ويتخرجون بعده وقد فقهوا معرفة علل الحديث وطرقه المختلفة»

وبعد فليتقي الله من جند نفسه لدعوة الله وليعلم أنه يبلغ بالحق ما لا يبلغه بالباطل وكان الإمام مالك رضي الله عنه يقول «إن هذا العلم دين فأنظروا عمن تأخذون دينكم».

الرابط المختصر :