العنوان وهم النصر والحسم عام 2003 م
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003
مشاهدات 19
نشر في العدد 1533
نشر في الصفحة 23
السبت 04-يناير-2003
سيناريو الحسم: بعد انتخابات الكنيست والانتهاء من أمر العراق.. على الجيش أن ينزع عن نفسه كل لجام وأن يقتحم المدن والأحياءالفلسطينية دون كوابح.
تكاليف الخطة 150مليون دولار والهدف إلحاق الهزيمة بالانتفاضة وكسر إرادة الفلسطينيين
محللون سياسيون: القيادة السياسية والعسكرية تخدع الإسرائيليين حين تغذي الوهم بأن الفلسطينيين على وشك الانكسار وأن النصر سيتحقق خلال فترة قصيرة
أطلق قادة عسكريون وسياسيون صهاينة الوعود، بأن يكون العام الجديد ٢٠٠٣م عام حسم المواجهة مع الفلسطينيين. موشيه يعلون قائد الجيش ورئيس هيئة الأركان، استخدم تعبير «عام الحسم»، مرات عدة خلال الأسابيع الأخيرة. وفي الاتجاه ذاته، تحدث وزير الدفاع شاؤول موفاز ولكن بصورة أقل تفاؤلًا، مؤكدًا «السعي إلى الحسم».
صحيفة هأرتس العبرية قالت: إن هذا التعبير عام الحسم بات يحظى بزخم كبير في صفوف جيش الاحتلال، وكشفت النقاب عن خطة له «الحسم»، ناقشها الجيش مؤخرًا، وبلور خطوطها العريضة خلال ورشة عمل نظمها، وأضافت أن تكاليف تنفيذ الخطة الهادفة إلى حسم المعركة مع الانتفاضة، وكسر إرادة الفلسطينيين، وتحقيق الأمن للمحتلين تقدر بنحو ١٥٠ مليون دولار.
مصدر الوهم
وينطلق يعلون وموفاز وقادة كبار في الجيش الصهيوني في توقعاتهم الإمكان حسم المواجهة مع الانتفاضة من ثلاثة اعتبارات:
1-أن الضربة الأمريكية المتوقعة للعراق، ستهيئ مناخات مواتية وفرصة لتنفيذ خطة الحسم.
٢ - أن سياسة اجتياح المدن، واستخدام قدركبير من العنف ضد الفلسطينيين، ستؤدي إلى تحطيم معنوياتهم، وكسر إرادتهم، وإلحاق أضرار كبيرة بقدرتهم على الصمود ومواصلة انتفاضتهم ومقاومتهم، في ظل أوضاع معيشية صعبة يمرون بها، تفوق القدرة على الاحتمال.
3-بروز بعض الأصوات الفلسطينية التي تنتقد استمرار الانتفاضة، وتدعو إلى وقفها، يزعم أنها الحقت خسائر كبيرة بالفلسطينيين وقضيتهم. ويقف على رأس هؤلاء ،الرجل الثاني في منظمة التحرير أمين سر حركة فتح محمود عباس «أبو مازن» وسري نسيبة، وعدد من رموز تيار التفاوض.
ويعزو قادة الاحتلال بروز هذه الأصوات إلى حملات القمع والضغط المتعاظمة على حياة الفلسطينيين ويستنتجون من ذلك، أن مزيدًا من الضغط والعمليات الهجومية للجيش داخل المدن الفلسطينية، سيؤدي في نهاية المطاف إلى أن «ينكسر الطرف الفلسطيني»، وهو ما عبر عنه موفاز بقوله: «ينتصر من يستغل الوقت في صالحه».
ينتظرون فرصة
ووفق ما يرى قادة الجيش، ويتفق معهم على ذلك شارون وقادة سياسيون آخرون، فإن الفرصة المناسبة ل«الخلاص» من الأزمة الراهنة، ولحسم المعركة مع الفلسطينيين ستحين بعد انتهاء الانتخابات العامة، وبعد انتهاء أمريكا من أمر العراق حيث يتم استغلال حدث قاس وعملية فدائية كبيرة، يفضل أن تنفذها كتائب شهداء الأقصى المحسوبة على فتح، لتبرير إعلان ساعة الصفر للجسم عندها «ولا يستطيع ولن يرغب أحد بوقفنا»
لكن إلى أن تحين تلك الفرصة ،يرى قادة عسكريون أن على الجيش ألا يكتفي بتشديد الضغط على الفلسطينيين كما يجري الآن، بل عليه أن ينزع عنه كل لجام، وأن يقتحم جميع المدن والأحياء الفلسطينية بكل عنف، وأن يتجاهل بشكل نام نتائج إطلاق النار في المناطقالفلسطينية المكتظة بالسكان.
خطة الحسم، يتوقع لها أن تشمل خطوات عدة، تهدف في نهاية المطافإلى إلحاق الهزيمة بالفلسطينيين وإخضاعهم للتعاطي مع التصورات الإسرائيلية للوضع النهائي ويقترح وزير الدفاع تغيير القيادة الفلسطينية. وتحطيم السلطة، «وطرد ياسر عرفات عندما تلوح الفرصة لذلك»، في ظل اضطراب في الوضع السياسي في المنطقة، يمكن أن يحدث في مرحلة ضرب العراق وإسقاط نظامه.
عسكريون إسرائيليون يؤكدون أن العملية ستقود في نهاية الأمر إلى عملية عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة ،على غرار حملة اجتياح مدن الضفة الغربية في عملية «الجدار الواقي»، في شهر أبريل الماضي، فيما لا يستبعد رئيس الحكومة شارون وعدد من أعضاء القيادة السياسية، خيار التخلص من مئات آلاف الفلسطينيين عبر عملية ترحيل جماعي قسري «ترانسفير»، خارج الأراضي الفلسطينية.
وقد أثار الحديث المتزايد عن «الترانسفيره» مخاوف الأردن الذي طلب من الحكومة الإسرائيلية خلال الأسابيع الماضية، تعهدًا بعدم استغلال الحملة العسكرية ضد العراق في تنفيذ مشروع تهجير الفلسطينيين إليه، كما ناشد المسؤولون الأردنيون الإدارة الأمريكية التدخل لدى شارون التقديم مثل هذا التعهد.
لكن شارون، كما نقلت صحيفة ها ارتس العبرية رفض تقديم هذا التعهد. محللون صهاينة يؤكدون أن القيادة السياسية والعسكرية، تمارس عملية خداع حين تغذي الوهم بأن الفلسطينيين على وشك الانكسار، وأن النصر سيتحقق خلال مدى زمني قصير فهم يدركون عدم واقعية الوعود التي يطلقونها بهدف التخفيف من معاناة الإسرائيليين، مثلما فعلوا طوال السنتين الماضيتين.
ومما يثير السخرية من تلك الوعود، بحسب أحد المحللين الإسرائيليين، أن شهر نوفمبر الماضي الذي سبق إطلاق الوعود به «الحسم»، شهد اجتياح العديد من المدن الفلسطينية، واعتقال أكثر من ٧٠٠ ذلك لم يحلدون قتل أكثر من ٤٠ صهيونيًا،ليكون أحد الشهور الفاعلة خلال الانتفاضة.
ويتحدث المحلل السياسي عوفر شيلح بسخرية عن وعود شارون وموفاز ويعلون، ويقول: «هذه هي صورة الوضع بحلول عام الحسم، الجيش يشم النصر مرة أخرى، والحكومة تسير في أعقاب الجيش، والرأي العام الذي من الصمود وإحصاء عدد قتلاه يشرب بظمأ كل حديث عن مستقبل وردي الذاكرة الجماعية تتجاهل أنه لأكثر من سنة يعدوننا بذات الوعد،مع بعض التغيير اللفظي، ولا يزال لا يوجد أي مؤشر حقيقي على التغيير في مثل هذه الظروف لا يمكن لنا أن تعرف-إذا كان لنا أن نعرف-إذا كان هذا العام سيكون النصر. وإذا لم يكن هذا العام عام الحسم، فإن يعلون لن يضطر حتى إلى الاعتذار، بوسعه أن يعدنا بالظفر أو بأي مفهوم آخر العام المقبل».
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل