العنوان ردًّا على توسيع عضوية حلف الناتو: يلتسين يعرض الوحدة مع بيلوروسيا والبرلمان يبحث عزله
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 11-فبراير-1997
مشاهدات 14
نشر في العدد 1238
نشر في الصفحة 42
الثلاثاء 11-فبراير-1997
روسيا
- نتائج آخر استطلاع للرأي لتحديد المائة الأوائل من السياسيين الروس تشير إلى تراجع شعبية يلتسين وتشيرنوميردن في المقدمة.
موسكو: المجتمع
اقترح الرئيس الروسي بوريس يلتسين الذي يواصل العلاج بعد إصابته بالتهاب رئوي في السابع من يناير الجاري، إجراء استفتاء شعبي في جمهوريتي روسيا الاتحادية وبيلوروسيا لإقرار الوحدة الكونفيدرالية بينهما.
ودعا الرئيس الروسي، في رسالته بهذا الشأن نظيره البيلوروسي في الرابع عشر من يناير الجاري، إلى تعميق الإصلاحات الاقتصادية وتطوير قوانين الضرائب والجمارك، واحترام الحريات وحقوق الإنسان تمهيدًا لإعلان الوحدة السياسية الكاملة بين البلدين.
وتضمنت اقتراحات الرئيس الروسي إنشاء هيئات ومؤسسات فوق القومية لإدارة «الدولة الجديدة» التي لم يتم تسميتها بعد.
وكانت روسيا وبيلوروسيا قد وقعتا على اتفاقية ثنائية، في الثاني من أبريل الماضي لتعميق التكامل بينهما، ردًّا على قرار البرلمان الروسي بإلغاء معاهدة حل الاتحاد السوفييتي السابق التي وقعها زعماء روسيا وبيلوروسيا وأوكرانيا في الثامن من ديسمبر عام ١٩٩١م والتي أنهت وجود الدولة السوفييتية على الساحة الدولية.
وكان مجلس الفيدرالية الروسي قد صادق في الثالث أكتوبر عام ١٩٩٥ قرار يدعو لتحقيق الوحدة بين من روسيا وبيلوروسيا، وذلك ردًّا على الاستفتاء العام الذي نظمه الرئيس البيلوروسي ألكسندر لوكاشينكو في بلاده، في الرابع عشر من مايو عام ١٩٩٥م، والذي أيدت نسبة ٨٠٪ من المشاركين فيه الوحدة مع روسيا الاتحادية، وحينذاك تجاهل الرئيس الروسي يلتسين دعوة مجلس الفيدرالية ونتيجة الاستفتاء الشعبي في بيلوروسيا والنداءات المتكررة من جانب الرئيس البيلوروسي لوكاشينكو لتعميق التكامل، وصولًا إلى الوحدة الكاملة بين البلدين.
لقد فجرت دعوة يلتسين للاستفتاء الشعبي حول الوحدة بين روسيا الاتحادية وروسيا البيضاء موجات متلاحقة من الانتقادات العنيفة في الداخل والخارج، فقد بادرت المعارضة القومية واليسارية الروسية (التي دعت مرارًا لتعميق التكامل بين بلدان الاتحاد السوفييتي السابق وصولًا إلى إعادة بعث الدولة السوفييتية المنهارة) بوصف اقتراح الرئيس الروسي للوحدة مع بيلوروسيا بأنه ضرب من المراوغة السياسية، وأعادت إلى الأذهان تجاهل الرئيس يلتسين لنتيجة الاستفتاء العام الذي نظمه الرئيس السوفييتي الأسبق جورباتشوف في ١٧ مارس عام ۱۹۹۱م، والذي أيد فيه ٦٤٪ من المواطنين السوفييت الإبقاء على الدولة السوفييتية موحدة، كما شكك الديمقراطيون الروس في جدوى الوحدة مع بيلوروسيا والاندماج الكامل معها، وأشاروا إلى عواقب تعزيز «الحزام الأحمر» (ويقصد به المناطق المؤيدة للشيوعيين تقليديًّا) بعد انضمام المقاطعات البيلوروسية الست إلى نظيرتها الروسية (۸۹ مقاطعة) في أعقاب الوحدة المرتقبة، وحذر البعض الآخر من التأثير السلبي للوحدة على مستوى معيشة المواطنين الروس، نظرّا للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المأساوية الراهنة في بيلوروسيا، ويشير هؤلاء إلى ضياع مليارات الدولارات على روسيا (كمقدم ثمن للوحدة) في حالة الوحدة مع بيلوروسيا ، في صورة الديون المستحقة للأولى على الثانية، والدعم المرتقب لإنقاذ الاقتصاد البيلوروسي المتردي.
في هذه الأثناء يضرب الغموض فكرة الرئيس الروسي ودوافعه الآنية إلى الوحدة مع بيلوروسيا، حيث لم يعلن الهدف النهائي منها، وما إذا كانت تستهدف دمج الدولتين في دولة واحدة.
الأوضاع المعقدة
على كل حال يربط المراقبون بين اقتراح الرئيس الروسي المفاجئ بإعلان الوحدة الكونفيدرالية مع بيلوروسيا وبين الأوضاع الداخلية والخارجية المعقدة التي تمر بها روسيا في الوقت الراهن، فعلى صعيد الجبهة الداخلية، يرمي التعجيل بالوحدة مع بيلوروسيا إلى رفع أسهم الرئيس الروسي بعدما بدد مرضه الأخير الآمال في إمكانية معافاته وعودته إلى ممارسة صلاحياته بصورة كاملة، فقد أشار استطلاع للرأي أجرته صحيفة «ينزافيسيمايا» (المستقلة) الروسية في عددها الصادر في الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي، إلى تدنِّي شعبية الرئيس الروسي بصورة كبيرة، وطبقًا لنتائج استطلاع الرأي المذكور، والذي استهدف تحديد المائة الأوائل من السياسيين الروس، شغل الرئيس الروسي يلتسين المرتبة الثالثة، بينما جاء رئيس الحكومة فيكتور تشيرنوميردن في المرتبة الأولى، ورئيس ديوان الكرملين أناتولي تشوبايتس في المرتبة الثانية، وتقدم زعيم المعارضة البرلمانية جينادي زوجانوف ليشغل المرتبة الخامسة، وجاء وزير الخارجية بريماكوف في المرتبة التاسعة وسكرتير مجلس الأمن القومي إيفان ريكي في المرتبة الحادية عشرة، والزعيم الشيشاني المرشح للانتخابات الرئاسية أصلان مسخادوف في المرتبة السادسة عشرة، وسكرتير مجلس الأمن القومي الأسبق الجنرال ليبيد في المرتبة الرابعة والعشرين، والزعيم القومي المتطرف جيرينوفسكي في المرتبة السادسة والعشرين.
ولم تمهل المعارضة اليسارية الرئيس الروسي فترة كافية لترد على اقتراحه لتحقيق الوحدة مع بيلوروسيا بطريقتها، ليس احتجاجًا على المبدأ، بل لقطع الطريق عليه والحيلولة دون استخدام هذه الورقة لرفع أسهمه داخل المجتمع، وفي اليوم التالي لرسالة الرئيس الروسي لنظيره البيلوروسي حول الوحدة، كشف رئيس البرلمان والعضو القيادي في الحزب الشيوعي الروسي يجنادي سيليزنوف النقاب عن مشروع تعده اللجنة البرلمانية للأمن القومي يقضي بعزل الرئيس الروسي من منصبه لدواع صحية، والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.وتوقع سيليزنوف أن تستغرق عملية الإعداد لعزل الرئيس الروسي من جانب المعارضة بعض الوقت قبل طرح مشروع القانون المقترح للتصويت عليه من جانب النواب، مشيرًا إلى العقبات الجمة على هذا الطريق، نظرًا لغياب النصوص الدستورية القاطعة والآلية الدقيقة لإقالة رئيس الدولة لأسباب صحية.
الدستور وعزل الرئيس
المعروف أن المادة ٩٣ من الدستور الجديد تحدد آلية معقدة لعزل الرئيس الروسي، وفي حالةواحدة تتمثل في اتهامه بالخيانة العظمى وتعريض الأمن والمصالح القومية للخطر، وتشترط المادة ذاتها تأييد ثلثي أعضاء البرلمان ومجلس الفيدرالية على قرار عزل الرئيس وصدور حكم من المحكمة العليا يؤكد التهم المنسوبة إليه، وحكم من المحكمة الدستورية يقر بدستورية «الإجراءات» المتبعة لإصدار القرار قبل أن يصبح نافذ المفعول.
ويأتي اقتراح لجنة الأمن القومي داخل البرلمان (يترأسها العضو القيادي في الحزب الشيوعي فيكتور إيليوخين بعزل يلتسين من منصبه لدواعٍ صحية بعد ٤٨ ساعة على دعوة رئيس مجلس الفيدرالية يجور ستروييف بإجراء تعديل عاجل للدستور يرمي إلى انتزاع بعض صلاحيات الرئيس لصالح الهيئة التشريعية، وقد أرجأ النواب بحث الاقتراح الخاص بعزل الرئيس الروسي عن منصبه في انتظار تقرير لجنة الشرعية والقانون داخل البرلمان حول مدى أحقية وقانونية قرار البرلمان بإقالة رئيس الدولة لأسباب صحية، وتجتهد اللجنة المذكورة في تفسير المادة ٩٢ من الدستور التي تنص على إمكانية إقدام الرئيس الروسي على الاستقالة من منصبه (بإرادته وبمبادرة منه) والتوقف عن ممارسة صلاحياته لأسباب صحية.
وفي حالة التقييم الإيجابي من قبل لجنة الشرعية والقانون وتأييدها لحق البرلمان في النظر في مسألة عزل الرئيس الروسي من منصبه لدواع صحية، يتوقع المراقبون أن يحوز اقتراح إقالة يلتسين والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على تأييد عدد كبير من النواب، بعد أن اقتصر تأييد القيادة الروسية وسياساتها داخل البرلمان على المجموعة النيابية لحزب السلطة «روسيا – بيتنا» والتي لا تتخطى نسبتها ١٠٪ من إجمالي عدد النواب، وكانت المعارضة اليسارية والقومية قد حاولت مرارًا طرح عزل الرئيس عن منصبه لأسباب مشابهة وذلك قبل إجراء العملية الجراحية في الخامس من نوفمبر الماضي.
وعلى صعيد الجبهة الخارجية، يأتي اقتراح الوحدة مع بيلوروسيا ضمن الإجراءات الجوابية التي هدد الكرملين باتخاذها ردًّا على توسيع عضوية حلف الناتو، فكثيرًا ما هدد المسؤولون الروس بإعادة نشر الأسلحة النووية في الجمهوريات السوفييتية السابقة خاصة بيلوروسيا، وبعث حلف وارسو المنهار، ردًّا على انضمام بلدان شرق ووسط أوروبا إلى الحلف واقترابه من الأراضي الروسية.
ومن بين الإجراءات الأخرى التي هددت القيادة الروسية باللجوء إليها ردًّا على توسيع عضوية حلف الناتو:-الانسحاب من معاهدة تقليص الأسلحة التقليدية في أوروبا.
-عدم المصادقة على معاهدة ستارت الثانية، لتقليص الأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة، ووقف التفاوض حول معاهدة «ستارت الثالثة» لبلوغ مستوى أدنى من التسلح النووي.
-إحياء حلف عسكري بين روسيا وبعض جمهوريات رابطة الكومنولث وبلدان أوروبا الشرقية المتضررة من توسيع عضوية حلف الناتو.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل