; يوميات المجتمع - العدد 28 | مجلة المجتمع

العنوان يوميات المجتمع - العدد 28

الكاتب جمال النهري

تاريخ النشر الثلاثاء 22-سبتمبر-1970

مشاهدات 20

نشر في العدد 28

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 22-سبتمبر-1970

رقصات جديدة على شاطئ البحر الأبيض

هذا الكلام المكتوب ليس نقلًا عن صحف ألمانية أو إنجليزية أو أمريكية، ولكنه منشور في صحف عربية، ٩٠ ٪ من سكانها مسلمون، والمكتوب يسجل واقعًا وليس خيالًا. والسؤال المحير أو الأسئلة المحيرة: هل نحن أمة تحارب حقًا؟! وإذا كانت تحارب، فبمن تحارب؟ بالخنافس وبالرقص؟! هل هذا هو أسلوب الإعداد للمعركة؟ هل هذا الشباب يمكن أن يرى طريقه إلى المعركة؟! إنني أقول إن قلبه قد عمي تمامًا: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ (الحج: ٤٦).

هل يستطيع هذا الشاب أن يحمل بندقية؟! إنني أشك في قدرته على مهام الرجال، بعد أن أنهك جسده بالرقص في أحضان النساء، وأشك بعد ذلك في صلاحيته ليكون رب أسرة، أو رائدًا في عمل، أو حتى موظفًا يجلس خلف مكتب. والفتاة التي دفعناها في أحضان الشباب في هذا السن المبكر هل تصلح بعد ذلك كزوجة وكأم وكمربية؟ إننا نقول للمسؤولين في نصيحة مخلصة لوجه الله: احفظوا على أمتكم شباب أبنائها، ولا تهلكوهم بإطلاق شهواتهم ونزواتهم، ولا تنظروا إلى المجتمع القائم على الشاطئ الشمالي للبحر الأبيض، إنه مجتمع انتهى وتحطم، وصار ركامًا من ظلام.

بالإسلام وحرمته نناشدكم أن تفتحوا طريق الخير أمام شباب الأمة، فهو تراثها وذخرها وذخيرتها، وتوصدوا أمامه مسالك السوء والباطل. بالإسلام نناشدكم! ثلاث ساعات يقضيها الشباب في صراخ ورقص مجنون، وهم حفاة على شاطئ المنتزه في صباح الجمعة والأحد من كل أسبوع. «حوالى ألفى» شاب وفتاة مكدسين في الحلبة الصغيرة التي أقيمت بجوار فندق فلسطين يرقصون على أنغام فرقة «القطط الصغيرة»! يقوم بالغناء شاب صغير عمره ١٧ سنة، أطال شعره على طريقة الهيبيز اسمه: صبحي بدیر-وهو نجل بطل الرماية المعروف شكري بدیر- وصبحي طالب في المعهد العالي للموسيقى، بقية الفرقة كلهم متخرجون من الجامعة، وأحدهم وهو: هاني شنودة -عازف الأرغن- يعمل مدرسًا في مدرسة الجزيرة التحضيرية بالزمالك. جمل، فيشار، وبطاطس! الرقصات كلها جديدة، الجيرك والسايكو أصبحت رقصات قديمة، الرقصات الجديدة أسماؤها غريبة وأشهرها: رقصة البوب كورن أي: «الفشار»، وماش بتیتوس أي: البطاطس المهروسة، وكامل ووك أي: مشية الجمل!! الشبان يلبسون بلوجنيز ومشرشر عند الركبة، صدورهم عارية ويعلقون في رقبتهم قطعة من الخشب أو الخزف مكتوبًا عليها قبليني، أو «حبيني»، أو «حظ سعيد»!

وبعض الشبان يلبسون بنطلونات «رجل الفيل»، وهي بنطلونات ضيقة جدًا عند الوسط، وواسعة جدًا عند آخر الساق.

الهنود الحمر.

أما البنات فيلبسن ملابس غريبة، كلها تقاليع جديدة، مثلًا: الماكسي وهو الفستان الطويل الذي يغطي أرجلهن، ولكنه مفتوح من الجانبين من أول الوسط، ويربطن شريطًا عريضًا حول رؤوسهن وفوق جباههن -على طريقة الهنود الحمر- وانتشرت بين الفتيات تقليعة تعليق دوائر صغيرة ملونة مكتوب عليها بالإنجليزية كلمات غريبة مثل: «قبلني»، و«قابلني على انفراد»، أو يرسمن على أحد خدودهن قلبًا باللون الأحمر. والمشروب المفضل بين الشباب أثناء الاستراحة التي مدتها خمس دقائق هو البيرة، ويشربونها من الزجاجة مباشرة.

 

هنا رقص.

قال لي حسن السعيد -مدير فندق فلسطين-: على الرغم من كثرة الشباب المحصور في مكان ضيق، فهم لا يسببون أي متاعب أو إزعاج؛ لأن كل همهم وطاقتهم موجهة للرقص، ولا شيء بعد ذلك، وبعد انتهاء الرقص يفترقون وكأنهم لا يعرفون بعضهم، فالرقص عندهم هو كل شيء!

 

امرأة حاكمة.. تحارب الانحلال في بلادها

وافقت الحكومة السيلانية التي ترأسها السيدة «باندرانيكة» على توصيات المجلس الاستشاري الأعلى التي تتضمن اعتقال كل سيدة أو فتاة تظهر في «مينى جوب»، ومصادرة كل فيلم أو مجلة تنشر أو تعرض صورًا عارية، وقصصًا جنسية مثيرة.

 

خبر محزن ومؤسف

 مؤسف ومحزن أن نقرأ هذا الخبر: «كويتية تفوز بلقب ملكة جمال الصيف في لبنان» ويُتَوَّجُ الخبر بصورة لملكة الجمال حاسرة عن ساقيها. إذا نظرنا للخبر من خلال ديننا لما وجدنا إلا هذا الحكم من خلال كتاب الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا﴾ (النور: ١٩). وإذا نظرنا إليه من خلال مصيبتنا في أرضنا وديارنا وأعراضنا المستباحة في فلسطين، لما وسعنا إلا أن نجلل رؤوسنا بالسواد!

 

الفاتيكان يرعى الشباب اللاجئ من القناة

اقرأوا هذا النبأ جيدًا: «الموسينيور بروندهايم» سفير الفاتيكان في القاهرة له جمعية فيها، الجمعية اسمها «کارتیاس مصر» أي: جمعية المحبة والخير، وهي جمعية تبشيرية بطبيعة الحال.

والجمعية تزاول نشاطها حاليًا في أوساط الشباب المهاجرين من القنال، وقد أقامت أخيرًا دوري كرة قدم في مراكز التهجير التي بلغ عددها ٣٠ مركزًا، لماذا؟! لشغل أوقات الفراغ!
أبناء القنال من الشباب يُهَجَّرُون بدلًا من أن يُقَاتِلُوا، ويلعبون كرة القدم بدلًا من التدريب على السلاح، وتشرف عليهم وعلى أوقات فراغهم جمعية تبشير مسيحية يرأسها الموسينيور بروند هایم سفير الفاتيكان.

والجمعية أُنشئت عام ١٩٦٧ بعد النكسة، وأصبح أعضاؤها ۲٥٠ عضوًا في مصر! یا مسلمون استيقظوا! یا وزارات الشباب، ويا مجلس الشؤون الإسلامية، خذوا بالكم من شبابكم! ودعوهم يقاتلوا عن صميم عقيدتهم وأرضهم وبيوتهم.

 

المشاكل اليومية.. وجامعة الكويت الإسلامية!

ماذا يحدث في الكويت سنة  ١٩٨٠؟

• الانغماس في «المشاكل اليومية» خطر داهم يصيب أفراد المجتمع، إذ يصبح السؤال عن المستقبل: ماذا يحدث فيه؟ ومن يعالجه؟ يظل سؤالًا بلا إجابة.

فهل يستطيع أحدنا أن يجيب عن السؤال: ماذا يحدث في الكويت بعد عشر سنوات؟ ما هو مصير الاتجاه الإسلامي في الكويت؟ ينمو أم ينكمش؟ ينتصر أم يندحر في العشر سنوات المقبلة؟ هذه الأسئلة الأساسية عن مستقبل الإسلام في الكويت مَن يجيب عنها؟ مَن المجتمع الذي يتكون مني ومنك والذي تنقضي حياتنا فيه على ذلك النحو الهادئ الذي نعرفه؟ كل منا مشغول بوظيفته أو تجارته، ومستقبل هذه الوظيفة أو هذا المال، وما يتبقى من ساعات العمر في هذا اليوم أو ذاك نفرغه في أحاديث مع الأهل أو الأصدقاء في «الديوانية»، أو في مكان العمل عن الإسلام ومشاكل البلاد الإسلامية، وفي بعض الحسرات على «فساد الناس وتدهور الخلق، ومهما كان هذا الحديث فيما تبقى من سويعات قضينا معظمها في مصالحنا الخاصة مخلصًا، فهل تعتقدون أنه يجيب على تلك الأسئلة الأساسية التي تشمل المستقبل؟

وفي الوقت الذي يرتفع فيه صوت المناقشات العامة، يصبح الواجب على «النخبة الإسلامية» أن تتخلص من أثر الواقع المباشر؛ لتبحث عن ملامح المستقبل وأخطاره.

وإلماحًا لفكرة «الخطر» -وهي فكرة يعيها من تنطبق عليهم تسمية «المثقفين الإسلاميين»- فإنني أقول إذا كانت قوة عمل النشاط المعادي للإسلام في منطقة كالخليج، دفعت بشعوبه إلى حد التفسخ في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والخلقية فيما لا يزيد عن خمسة وعشرين عامًا، أقول إذا كانت هذه قوة الخصوم في العمل، فإنه لا يردع أن نبدأ في التفكير لإنشاء مدرسة «للتربية الاسلامية» ننشئها متمهلين في سنة أو سنتين.

بل إن الواجب يتحدد في إنشاء «جامعة إسلامية أهلية» يُرْصَدُ لها من الأموال والأوقاف مالا يقل عن مائة مليون دينار؛ لتكون أساسًا للدفاع الإسلامي، وقلعة ثقافية في المنطقة بأسرها، ألم يأن لنا أن نختار العمل المناسب ونسارع بتنفيذه؟ قبل أن نخسر العقيدة والأرض والمال، ورؤوس الشر هنا وهناك تنذر بذلك!

وما أحوجنا للتفكير، وللمزيد من التفكير، وأن ننتزع أنفسنا من الدوامة اليومية التي قد يحصد نتاجها الشيطان في نهاية الأمر.

 

قصة الأطفال.. وقصة الأبطال

 ماذا يفعل رجل بلغ الخامسة والأربعين؟ كيف يتصرف ولديه خمسة أبناء؟ يفكر في تنمية أعماله، في ترقية مناسبة، في منزل يضم عائلته، في المدارس والكليات التي سيذهب إليها أبناؤه، ولكن لماذا يترك كل هذا؟

العمل الناجح، والأبناء الطيبين، والزوجة الفاضلة؟

لماذا يغادرنا في سن الاستقرار في نهاية الحلقة الخامسة؟

ويذهب هناك بعيدًا في الصحراء الجافة، وتُدمي قدميه الأشواك؛ ليتدرب، ومن بعد كي يقاتل.

تؤرقه العقيدة ونداءاتها، تنبعث من هنا وهناك في أعماقه: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ (النساء:75)

ويذهب ويقاتل ويقتل، هكذا ببساطة.

بجوار المسجد الأقصى حيث تطأه أقدام الفتيات اليهوديات، وتلطخه عصابات حزب حيروت بشعاراتها على أرض فلسطين، وبينما تحاصرها شعارات الاستسلام والسلام من كل جانب، ومنذ شهر مضى تقريبًا أو أكثر قليلًا، رأيته بسماته الرجولية الصلبة كان يحدثني عن الأطفال، ليس عن أطفاله، ولكن عن كل الأطفال.

قال: إن الأمل هناك، ولكنهم يسرقون أطفالنا؟!

قلت: من؟

قال: كثيرون.

قلت: ماذا نفعل؟

قال: دائمًا نتحدث عن الواجب، ولا ندري كيف نفعله؟

سأكتب للأطفال! أنا لم أمارس الكتابة للأطفال، ولكني سأكتب لهم. وشرع يكتب قصة للأطفال، وتَسَنَّى لي أن أستمع إليها، ولشدة ما بهرني دقة تعبيرها عن رموز الشر والخير كما أرادها، وروعة الخيال فيها. وقال: لقد قرأتها على أبنائي كتجربة، فرأيتهم في كل مرة مشتاقين للحلقة التالية، وأظن أن هذه القصة كانت تنتظر أن يسجل الشهيد نهايتها بقلمه في أحد أدراج منزله بحي السالمية، ولكن قصة «صلاح حسن» كما أمضاها هو بدمه على أرض فلسطين كتبت قصة أخرى أكثر روعة، فأنهى قصة الأبطال، ولم ينه قصة الأطفال.

ولن تُحْفَظ هذه القصة في الأدراج الخشبية، ولكن في قلوب ملايين المسلمين الذين يرجون الله له أن يكون اليوم مع النبيين والصديقين والشهداء ﴿وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا. (النساء:69)

جمال النهري

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الجامعة والأساتذة الزائرون[1]

نشر في العدد 42

32

الثلاثاء 05-يناير-1971

هل نستجيب؟

نشر في العدد 5

30

الثلاثاء 14-أبريل-1970