العنوان يوميات المجتمع (29)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 29-سبتمبر-1970
مشاهدات 98
نشر في العدد 29
نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 29-سبتمبر-1970
بأية حال عدت يا ذكرى الإسراء؟! وكيف وجدت الأقصى وصخرة المعراج؟
•غاض الحياء، وماتت الغيرة!!
•وارتفعت صيحات النفاق.
•يمدها «إبليس» بزفير من أنات ضحايا النكسات والنكبات!!
•لتعلو بضجيجها المصنوع، على صوت الحق.
•منادية بالتحرير والعودة، «والغضب الثائر»، «وليس بغير صليل السيوف».
•ومعاهدة كل عام منذ ثلاث سنوات، إننا كلنا «صلاح الدين»!؟
لكن الله أراد هذا العام أن تعودي أيتها الذكرى.
-لتكشفي للعالمين أننا منافقون!! وإننا حولنا السلاح الذي جمعناه من أثمان أقواتنا!! إلى صدورنا بدلًا من صدور أعدائنا.
-وإن الدماء المهراقة أنهارًا لم تنزل من «قمم» محاربينا، وإنما نزفت من سفوح وادينا.
-وإن الجثث المنتنة تحت الأنقاض من صواريخنا!! وإنها لأمهاتنا وأطفالنا!!
-وإن الذين مزقوا بأسنانهم ملابسهم، وهم يئنون في ساعة الحشرجة جوعًا وعطشًا!! هم آباؤنا من العجائز، وإخوتنا من المرضى!!
-وإن الرصاص الذي ينزل وابلًا، حتى على الأشباح والخيالات مصدرة ثكناتنا، وأسطح منازلنا، في قرانا ومدننا!!
-وإن الحرائق المشبوبة في كل مكان من بيوتنا وأشجارنا ومزارعنا، فتائلها من صنع أيدينا وقذائف مدافعنا!!
لقد أراد الله أن تعودي يا ذكرى الإسراء، لتسمعي أهازيج الفرح وطبول النصر في أرجاء «فلسطين المحتلة»، ولترين كؤوس الشراب، وأنخاب الطرب تدار وتقرع، في ساحة «الأقصى»!!
ولتشهدي نشوة الصهاينة وهم يرون العرب والمسلمين وقد وفروا عليهم صفقات «الفانتوم، والسكاي هوك» وادخروا لهم قواتهم لمزيد من التوسع في نكبات مقبلة، فرحماك يا رب رحماك.
«والله يا رسول الله لا نعطيهم إلا السيف»
قالها رجل مسلم لا يملك إلا هذا السيف وأرضًا صغيرة جدًا يقف عليها وخندقًا محفورًا بالفأس والمعول.
لم يكن للمسلمين إلا مدينة واحدة في مواجهة الجزيرة العربية كلها وجاءت جيوش الأحزاب الجرارة بأعداد لا قبل للمسلمين بها وتمركزت حول المدينة لا يمنعها إلا خندق، وتآمر اليهود في حصونهم داخل المدينة مع الأحزاب وكان الهول عظيمًا والشدة لا يمكن تصورها.
•فماذا كان موقف المسلمين داخل هذا الحصار المخيف؟
استفتى الرسول أصحابه -وهو القائد النبي- وكان من بين من استفتاهم «سعد بن معاذ» فطلب رأيه في التنازل عن نصف ثمار المدينة للأحزاب حتى يعودوا من حيث أتوا فما كان من سعد إلا أن رفض كل تسوية سلمية وأبى أن يعطيهم إلا السيف.
لم يكن سعد يعتمد على جيش جرار في البر والبحر والجو ولا على أبواق دعاية تملأ الدنيا صراخًا وضجيجًا، ولم تكن دولة الفرس تمده بالسلاح ولا دولة الروم تمونه بالقمح، بل كانت كل الدنيا في جانب وهذه الفئة القليلة في المدينة في جانب آخر.
ولكن سعدًا كان واثقًا من أنه على الحق وكان قويًا بإيمانه قويًا بربه فثبت ورفض كل تسوية ولم يكن يحرص على الحياة، بل كان يحرص على العزة، فوهبت له الحياة ووهبت له العزة، فهل يعطينا هذا الإخلاد إلى الذل عزة كعزة سعد، إلا أن سعدًا اعتز بربه ونحن اعتززنا بالطاغوت، فأين نحن من سعد وعزة سعد.
كيف تنزلق الفتاة الكويتية إلى النهاية!؟
•ربما لم يكن يخطر ببال كويتي أو غير كويتي منذ عشر سنوات، أن يرى الفتاة الكويتية تنشر صورها على أغلفة المجلات وأن تعرض عارية الأفخاذ راقصة في نوادي المدارس حينًا وفي مراقص الفنادق حينًا آخر.
•ولعل أكثر الناس تشاؤمًا لم يكن يتصور أن يأتي عام 1970 فتنتخب كويتية ملكة جمال للمصيف في لبنان.
والجميع يعرفون أن «ملكة الجمال»! لا تختار إلا بمقاييس يتأكد منها فللخصر مقاس وللصدر مقاس، إلخ.
•هؤلاء الفتيات لم يرم بهن البحر إلى شواطئنا.
ولم يصعدن من مواسير المجاري وإنما هن صناعة ونتاج خطة، فبناتنا يصنعن على أيدي المدرسة والإذاعة والتليفزيون والفيلم السينمائي.
•وحين اطلعت على مجلة الكويت «التي تصدرها وزارة الإرشاد والأنباء» ورأيت غلافها، ومررت بالصفحات حتى سقطت عيني على تحقيق «النوادي الصيفية» ورأيت صور الطالبات الراقصة فوق المسرح كنتاج يفخر به نادي إشبيلية، ورأيت إلى جوارهن صورة رئيسة نادي إشبيلية «خديجة حافظ» تساءلت بحق: ماذا يدور في رأس هذه المشرفة؟
هل هي تفكر في قتل وقت هؤلاء الفتيات وتسليتهن؟
أم تفكر في بناء شخصيتهن وعقولهن وأرواحهن وبماذا؟
•هؤلاء الفتيات إنهن يعزلن عن مجتمعهن ومشاكله.
هؤلاء الفتيات يتعلمن الرقص وفتيات وأطفال عربيات مثلهن يقتلن في عمان.
وفتيات يهوديات في مثل أعمارهن يدربن على السلاح وعلى خدمة إمبراطورية إسرائيلية مرتقبة!! إن المسؤولية ليست على هؤلاء الفتيات بقدر ما هي على المشرفات المنفذات وبالأكثر على وزارة التربية.
مناجاة
في ظلال ذكرى الإسراء والمعراج
سيدي يا رسول الله صلى الله عليك وعلى آلك وصحبك وسلم.
لا نملك يا سيدي في كل ذكرى من ذكرياتك العطرة إلا أن نقف بين يديك، وقفة التلاميذ المقصرين البائسين أمام أستاذهم العظيم، طالبين المعذرة للتقصير، راغبين في المزيد من التذكير والتوجيه، واستنباط العبر من سيرتك الطاهرة، ولكنا نعلم يا سيدي أننا قد نتطفل على حضرتك الزكية، فقد درست معالمنا الإسلامية إلا من أشكال وأشباح أعمال لا تكاد تكمن وراءها معان حقيقية.
لقد جاهدت فتخاذل أكثرنا.
وكنت شجاعًا وسوادنا جبان.
وكنت جوادًا وجلنا بخلاء وكنت أجود بالخير من الريح المرسلة، وفينا كل مناع للخير معتد مريب.
وعرجت إلى أعلى سماء ونحن نهوي إلى أسفل درك!
لقد قلت يا سيدي: «هذا الإنسان بنيان الله، ملعون من هدم بنيانه»
وما أكثر من هدموا بنيان الله فينا، وهم ينتسبون إليك ويظنون أنهم مسلمون! كنت يا سيدي رحيمًا بالأطفال شفوقًا بهم وصدق من سماك «الرؤوف الرحيم» كنت وأنت في صلاتك تحمل الحسن والحسين رضي الله عنهما، وهما طفلان تحملهما على كتفيك، وتقول «نعم الجمل جملكما، ونعم الراكب أنتما» وكانا -أو أحدهما- يركب على عنقك الشريف وأنت ساجد فتظل ساجدًا حتى يقوم عنك!
كل ذلك إكرامًا للطفولة، أسرعت مرة في صلاتك لأنك سمعت بكاء طفل، لكي تسرع أمه إليه وترضعه، وتلميذك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كم بكى لأنه وجد أطفالًا جائعين ظن أنه سبب جوعهم، وأسرع إلى إغاثتهم يحمل لهم الدقيق والسمن على ظهره ويطبخه بنفسه.
وها هي الأمة المنتسبة إليك يا سيدي، تحتوي نماذج من المتوحشين الذين يتلذذون بسماع أنات الأطفال والنساء وبمناظرهم وهم يموتون جوعًا وعطشًا ونزيفًا وخنقًا وتحت الردم، حتى تتعفن جروحهم وتنتن جثثهم ويشربوا بولهم! ويموت أكثرهم.
والأمة التي تسمى «أمتك» تتفرج عليهم ولا تفطن لإغاثتهم أو لا يسمح لها بذلك إلا بعد أكثر من أسبوع وفي ظل «الصليب الأحمر»!
ومع ذلك فلا زلت تدعي أنها أمتك.
ولا زال أولئك يظنون أنهم مسلمون، ولم يرتكبوا إثمًا.
يا سيدي الحبيب..
إننا نبرأ مما يفعلون، وإننا نؤمن بقول الله تعالى ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾. (إبراهيم: ٤٢-٤٣).
ولنا بصيص أمل، ألا يؤاخذنا الله بما فعل السفهاء والمبطلون، وأن يعاملنا بما هو أهله لا بما نحن أهله، فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.
وأن يعيننا على أنفسنا، وعلى واقعنا الجاهلي، وييسر لنا الجهاد في سبيله، إعلاء لكلمته، ونصرًا لدينه وتطبيقًا لكتابه، وإقامة لدولته في الأرض لتملأها عدلًا كما ملئت جورًا.
عسى أن لا تنزلق أقدامنا وأنت تمد إلينا يديك الكريمتين لنرد حوضك يوم القيامة، وصدق الله العظيم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾. (المائدة: ٥٢-٥٣).
عبد الله خليل شبيب
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
بسرعة الصاروخ.. كيف سرَّعت دول عربية التغيير فـي المناهـج الدراسيــة لمصلحــة اليهــود؟
نشر في العدد 2180
19
الخميس 01-يونيو-2023

