العنوان «الزمالة» بين الجنسين.. بين الانضباط والانفلات
الكاتب إحسان السيد
تاريخ النشر السبت 03-يونيو-2006
مشاهدات 19
نشر في العدد 1704
نشر في الصفحة 58
السبت 03-يونيو-2006
كم من الجرائم ترتكب باسمها!
د. صلاح عبد المتعال أستاذ علم الاجتماع: المناخ الثقافي والاجتماعي يحدد معنى الزمالة.. والنفعية والأنانية تهددان هذه القيمة.
د. صلاح السرسي خبير علم النفس: في غيبة قواعد العمل.. تتحول الزمالة إلى تسيب وسلوكيات مرفوضة.
الزمالة بين الجنسين، سواء كانت زمالة دراسة أو عمل.. في أحيان كثيرة؛ لا يفهم البعض المعنى السامي لها، ومما تتطلبه من احترام وتقدير كل طرف للآخر، والالتزام بالضوابط الدينية والأخلاقية في التعامل.
وهذا الفهم الخاطئ للزمالة جعلها ترتبط بسلوكيات تخالف قيمنا الإسلامية، وتوقع البعض في دائرة المحظور، فهذه زوجة تطلب الطلاق من زوجها لتتزوج زميل العمل الذي يعاملها بلطف ورقة، وهذا رجل متزوج «يفضفض» لزميلته بمشاكله مع زوجته فتتعاطف معه، والباقي معروف.. أما شباب الجامعة فقد تحولت الزمالة عند عدد منهم إلى علاقات مشبوهة وزواج عرفي ومعاملات مفتوحة.
الزمالة مفهوم مظلوم.. ترتكب كثير من الجرائم باسمه، وحول الزمالة ومعناها الصحيح وخطورة عدم إدراك هذا المعنى يدور هذا التحقيق:
د. صلاح عبد المتعال -أستاذ علم الاجتماع- يحدد معنى الزمالة قائلًا إنها تعني: الجماعة والرفقة وتبادل المنافع والمساندة والتعاون، ويضيف: الزمالة قيمة معنوية تضبط العلاقات الاجتماعية، وهي في الوقت ذاته عملة ذات وجهين: الحقوق، والواجبات مثلها في ذلك مثل سائر العلاقات الاجتماعية كالجوار مثلًا.
وقد حث الإسلام على أداء كل طرف لواجباته تجاه الطرف الآخر، فتقوم المساندة بينهما على صعيدين:
في العمل؛ لأن الهدف واحد يدور حول تعظيم الإنتاج أو تقديم الخدمة في أحسن حال.
خارج العمل من خلال العلاقات الاجتماعية والأسرية الواسعة التي تشمل أفراد كل أسرة من أسر زملاء العمل، وهذا المستوى يُعد نتاجًا طبيعيًا لطبيعة العلاقة داخل العمل، فإذا كانت علاقة الزمالة قائمة على الإخلاص والالتزام والتعاون للمصلحة العامة أنعكس ذلك على توطيد العلاقات الاجتماعية خارج نطاق العمل.
الزمالة والمناخ الثقافي
ويشير د. عبد المتعال إلى أن الزمالة تخضع للمناخ الثقافي السائد، سواء كان هذا المناخ تسوده المادية والصراعات على الترقي في العمل أو التعاون والتناصح للمصلحة العامة.
وفي الوقت ذاته؛ فإن الزمالة لها بُعد اجتماعي آخر؛ لأنها تتصل بعلاقات أشخاص، وهو ما يجعل السياق الاجتماعي يؤثر بشكل فعال على معنى الزمالة ومضمونها وحدودها.
والزمالة إذا قامت على أساس من النصح والإخاء وصدق التعامل والمشورة فإنها يمكن أن ترتقي إلى مرتبة الصداقة، لكنها تكون في خطر حينما تظهر قيم النفعية والأنانية بين الزملاء فيسعى زميل ليتسلق على الآخرين ويتجاوزهم، بل قد يهدمهم.
أما د. صلاح السرسي -خبير علم النفس بمركز الطفولة جامعة عين شمس- فيرى أن القاعدة الأساسية التي تحكم علاقات العمل والزمالة هي نظام العمل من حيث التنظيم والإدارة وقواعد ومعايير الجودة والإنتاجية والرقابة والثواب والعقاب.
وفي غياب القواعد الأساسية لحركة العمل؛ فإن الشخصيات التي لا يكون لديها التزام داخلي تجد في هذا المناخ فرصة لمزيد من التسيب تحاول اختباره ببعض السلوكيات الدراسة مردودها على الرؤساء والزملاء.
فالانضباط عندنا لا يخرج عن مجرد توقيع الحضور والانصراف، أما ما بينهما فيتراوح بين الأحاديث الجانبية والنميمة، وقليل من الوقت هو الذي يخصص للعمل المطلوب، مما ينعكس سلبًا على الإنجاز والإنتاجية، ومن ثم على تطور المؤسسة بموظفيها.
اتقوا الله ما استطعتم
ويؤكد د. زين العابدين أحمد الزويدي -أستاذ علوم القرآن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر- أن الاختلاط ينبغي أن يكون في حدود الضرورة فقط، وإن وجد فاتقوا الله ما استطعتم.
فالمؤمن أيًا كان ذكرًا أو أنثى مأمور بغض بصر، قال تعالي: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (سورة النور: 30) وقال بعد ذلك:﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾ (سورة النور: 31) إلى آخر الآية، فعلى الشباب أن يتبعوا التوجيهات القرآنية الرشيدة، فيبتعدوا بأنفسهم عن كل ما يؤدي للمنظر إلى ما حرّم الله.
وقد قال رسول الله ﷺ: 《لا تتبع النظرة النظرة؛ فإن الأولى لك، والثانية عليك》، وحد الأولى أن يعرف أنها امرأة فينتهي، والاختلاط والتمادي في حدود الزمالة يؤدي إلى سلوك يرفضه الدين.
أما د. عاطف أبو زينة -أستاذ التربية ومناهج التدريس بكلية التربية بجامعة بني سويف- فيرى أن الإعلام يرصد علاقات الزمالة بين الجنسين رصدًا سلبيًا، فالنماذج المقدمة نماذج سلبية، وغير واقعية، حيث توضح أن النموذج السلبي هو النموذج الذي ينبغي الاقتداء به وتقليده.
ويرى أنه لا بد من عرض الإيجابيات والسلبيات معا بصورة موضوعية وواقعية ومتوازنة، وعرض ما يتناسب ويتوافق مع قيمنا، سواء في المسلسلات والأفلام، أو في الإعلانات.
ويؤكد وجود تقصير كبير في معالجة البرامج الدينية لعلاقة الزمالة في الجامعة، حيث تهتم هذه البرامج بالموضوعات الدينية المتصلة بالعقيدة وأصول الدين، في حين تهمش القضايا الاجتماعية إلى حد كبير، رغم أن الإسلام دين شامل لكافة مناحي الحياة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل